6 ديسمبر، 2024 2:21 ص

اللوبيات البيروقراطية ورفوفها العالية !!

اللوبيات البيروقراطية ورفوفها العالية !!

الندوات التي يعقدها الوزراء وكبار المسؤولين في الدولة تأتي عادة في باب العلاقات العامة بين مؤسساتهم والاعلاميين والصحفيين منهم بشكل خاص لتبني جسورا من التواصل الحقيقي بين المؤسسات البيروقراطية المعروفة بتحنط روتينها واطرها المغلقة بالرغم من كل ما تعرضه وتبثه من شعارات و يافطات جذابة ، وبين الرأي العام والجمهور بكل شرائحه المتمايزة وتوجهات اطيافه .. وتلك قضية واردة ومألوفة في مجتمعات التخلف اوالتقدم والديمقراطية على السواء .
العديد من المسؤولين الذين نلتقيهم بمناسبات احتفالية او غيرها نتلمس فيهم وفي وجوههم ” البشوشة ” طروحات وخطابات بليغة جميلة المظهر في اهمية ادامة جسور التواصل هذه وتعميقها معاوسع القطاعات الاجتماعية بسبل التواصل المتعارف عليها !! .. لكن هذا الأمر سرعان ما ينقلب الى العكس او العودة الى الاعتكاف في الابراج العاجية بمجرد انفضاض تلك المناسبات بشكل يعكس ازدواجية مفاهيم هؤلاء و تعاليهم الفوقي غير المبرر الا بالانغماس في زوايا وكواليس مجتمعاتهم المخملية الخاصة ولوبياتهم ” كروباتهم ” الشللية التي تقيّد توجهاتهم وقناعاتهم الجاهزة المقولبة ضمن حدود لايحيدون عنها مجسدة خطابات كتلهم واحزابهم بلا ريب دونما سعي الى التطور والتغيير ايجابيا بالنقاش الموضوعي والاصغاء الفعلي الى وجهات النظر والاراء المتباينة المبنية على الوقائع والمنطق الواقعي .
 في العيد الوطني الفرنسي الذي صادف 14 تموز الماضي دعينا لحفل حضره العديد من هؤلاء المسؤولين والتقيناهم وجرت معهم بعض الحوارات ، ولكنهم من جانبهم ابدوا الضجر من العزلة ” الرسمية ” التي يعيشونها واهمية ادامة هذه اللقاءات في محاولة لاخراجهم من التقوقع الذي يغلفهم بجدار عازل !! وبالرغم من ترحيبنا بمثل هذه العروض الاستثنائية من بعض المسؤولين ، ولكن كنا واثقين انه كلام ومزاعم .. مجرد كلام او هواء في شبك يندرج ضمن باب العلاقات العامة بصيغها التجميلية وتزيين الصورة لاغير . وهو ما يحصل فعلا كل مرة.
كذلك الامر في عيد الاضحى ظهر بعض “اصدقائنا ” من المسؤولين وكبار الشخصيات على الفيس بوك وحينما فتحت معهم بعض قنوات الجات بهدف النقاش الهادف تملصوا بذرائع مختلفة منها انهم في مناسبة العيد لايزجون انفسهم بمثل هذه النقاشات .. وغير ذلك من ذرائع !! المهم ان العديد من مسؤولينا والقادة السياسيين لهم طقوسهم الخاصة في ” الحوار ” الذي غالبا ما يكون حوار الطرشان المنيع الذي يدلي كل بدلوه ورأيه الجاهز مسبقا دونما اصغاء حقيقي وعملية حوارية ترتقي بالافكار بشكل جدلي حقيقي  .
      لكنني اود ان اسجل التقدير العالي لبعض الحوارات المثقفة التي تتلمس الجرح وتضع عليه بلسما  ، كالحوار الذي اجري مع السيد علي الاديب وزير التعليم العالي والبحث العلمي مؤخرا وتفاعله الحقيقي مع اطراف النقاش والتساؤلات التي لم يبد اي تذمر او حصانة ازاءها .. مما اعطانا صورة جليّة عما  يدور في هذه الوزارة المهمة المحصنة دوائرها تحصينا محكما من الخارج والداخل بشكل ” مقفل ” والتي تنظم حراك الجامعات والكليات والمعاهد العالية وتخطط لاستراتيجياتها ومعايير جودتها وعلاقاتها .. الخ . خلال حديثه المسترسل الثري منحنا الاستاذ الاديب صورة مغايرة عن تلك الصورة المترسبة في النفوس عن واقع هذه الوزارة التي مازال يلفها بعض الغموض والتراكمات المتقادمة التي يعلو رفوفها العالية غبار السنين الغابرة ، ولاسيما بتأكيده على اهمية تطوير المستوى العلمي الجامعي على وفق معايير دولية اكاديمية معروفة ، وتفعيل دور الاعلام والصحافة في الجامعات والكليات بما يدعم الحراك الاكاديمي والبحث العلمي ، وضرورة توثيق ارتباط المخرجات الجامعية كما ونوعا مع احتياج سوق العمل ومعطياته الاقتصادية والاجتماعية في العراق ، وتشجيع الاستثمار بشكل رصين  في رأس المال البشري والفكري الذي يشكل عصب الحياة ونهضتها المعاصرة والذي اسهم في الانتقالة النوعية لبعض الدول الناهضة الطموح وجعلها في مصاف الدول الراقية التي اصبحت تصدر المعرفة والتقنيات المتقدمة .
ما احوجنا الى مكاشفات حوارية جادة وحية مع المستويات الرفيعة من المسؤولين الذين يقبعون في اعلى المستويات البيروقراطية محاطين بطوابير الحاشيات والسكرتاريات ووعاظ السلاطين .. والذين مازالوا يخشون مواجهة الاقلام الصحفية وجها لوجه .. بل يخولون عادة من ينوب عنهم ” الناطقون الاعلاميون ” او بعض المستشارين .

أحدث المقالات

أحدث المقالات