مجتمعات الأمة وصلت إلى مستويات غير مسبوقة في القتل الذاتي لوجودها , وبعثت السعادة في صدور الطامعين بها , لأنهم إكتفوا بأبنائها لتحقيق أهدافهم الكبرى , فالهدف المطلوب يأكل نفسه ويحقق تطلعات الحالمين بإمتلاكه.
دول الأمة تأكل نفسها , كما في السودان واليمن وليبيا ولبنان وسوريا والعراق والقادم أفظع.
سايكس بيكو كانت حلا فحولناها إلى مشكلة ووسيلة للتدمير الذاتي والموضوعي , وقميصا لتبرير عجزنا المعاصر.
قضايانا من أصغرها إلى أكبرها تعقدت بجهود حكامنا وتفاعلاتهم السلبية الساعية للتعضيل والتدمير , لكي يدوموا في السلطة.
فلا يوجد عقل فاعل فيما جرى للأمة في القرن العشرين ولحد اليوم.
كلها إنفعالات وعنتريات وأوهام وشعارات طوباوية , ودولنا خاوية على عروشها , لا تزرع ولا تصنع , وتتقهقر إلى ما وراء الوراء , وتحسب الإندحار بالغابرات قوة وفلاح.
الكراسي القائدة كالبالونات الفارغة تطير محلقة في فضاءات الأوهام , وبنغزة أبرة تنفجر وتكون نسيا منسيا , بل بعضها يمرغ في وحل المذلة والهوان.
وفي زمننا المعاصر المجتمعات المتقدمة منشغلة بثورات الذكاء الإصطناعي وتكنولوجيا المعلومات , والإبتكارات المذهلة , ولا تزال الكراسي منهمكة بما عفا عليه الزمان وبالت على رأسه الأيام , والكل ينبش في القبور يبحث عن الرميم ويتوهم الأجداث أحياء.
إنها مسيرة موت إنقراضية , وتوحل في أطيان الويلات والتداعيات , وتغطيس للرؤوس في رمال العاديات , والكل يرى ما يتخيل ولا يريد النظر في واقع عليه أن يواجهه ويتحداها , ويتمسك براية ” الحاجة أم الإختراع” , وأكثرهم مَن عبّر عن الإختراع بمعنى الرعب والخوف , أي الخشية من مواجهة واقع مدثر بالحسرات والأنين.
بشر بلا حقوق ولا قيمة ولا يتجاوز كونه رقما على يسار كراسي الفواجع والخطايا والآثام.
فهل يجوز مقارنة الثرى بالثريا؟!!
جرادٌ في مطامرها يُبادُ
وأرقامٌ بها بشرٌ يُقادُ
منابرها بتضليلٍ أباحتْ
إذا نطقتْ مواجعها تٌعادُ
بدنيانا مراكبها بسبْقٍ
تبشرنا بمُبتكرٍ يُرادُ
د-صادق السامرائي