هل تشعرون بالفراغ ؟
انه الفراغ الذي يملآ حياتنا بكل تفاصيلها بما في ذلك العائلية ..
فراغ قاتل في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ..
فراغ حتى في حركات الاحتجاج الجماهيرية التي انطلقت ممتلئة بروح الجماهير وغضبها ورغبتها بحياة افضل بلا اقصاء أو تهميش ثم اختطفتها العمائم لتفرغها من محتواها الحقيقي وتمنحها فراغا قاتلا مملا!
اشعر بفراغ سياسيينا وهم يلوكون مفردات وجمل بلا معنى ، فارغة من أي محتوى سوى اللغو الفارغ والتنظيرالبائس غير المفهوم..يكدرون أوقاتنا الفارغة اصلا بربطات اعناقهم الانيقة لكنها غير المتجانسة لفراغ الذوق عندهم حتى في اختيار ما يلبسون .. سياسيون هم فراغ وينفثون الفراغ ويحيلون حياتنا الى فراغ !
اشعر بفراغ الحياة الاقتصادية التي فقدت أرجل انطلاقها بعد ان بترها الارهاب مرّة وهرسها الفساد المالي مرّة ثانية وصارت امنية حامل البكالوريوس ان يحصل على سيارة “سايبه” ل”يسيب” بها في ازدحامات شوارع البلاد الفارغة من الحياة ليوفر لعائلته لقمة الخبز بعد ان نسي الكلية والبكالوريوس والكتاب ورسائل الحب والاشعار !
اشعر بفراغ المسرح الذي امتلآ بالتفاهات وتقديم عروض ملاهي خالية من المعنى والاهداف النبيلة للمسرح .. عروض فارغة لجمهور مسكين يريد ان ينجو بفراغه من تفاصيل الحياة الفارغة ليضحك على الفراغ !
فراغ نشعر به ونشم رائحته قريبا من انوفنا، لكننا نتعامل معه بفراغ أيضا غير مكترثين بتدميره لحياتنا وتفاصيلها الفارغة من الامل ..
كل شيء من حولنا محكوم بفراغ والناس بقدراتهم ورغبتهم ببث الحياة في الفراغ يفعلون المستحيل بغريزة حياتية نادرة ،لكنها تبقى قسرية ثقيلة مرشحة للتلاشي في اي لحظة .. انها قدرتنا الخاصة كعراقيين على ان نقتنص من فراغنا الكابوسي لحظات تجلي لحياة حقيقية ليست فارغة !
لايعتقد احد انها ارهاصات شخصية لحالة تأزم .. ارصدوا فقط ما حولكم لتكتشفوا نوع الفراغ وثقله .. في الشارع ومكان العمل والعلاقات والتفكير بالمستقبل والقبول بارباع الحلول وغياب الامل الحقيقي المشع والمنتج وليس الامل النابع من الفراغ ذاته .. ارصدوا الفراغ في الكلمات والقصائد وعقلية اعادة انتاج الحياة والرؤية الشفافة للاشياء التفصيلية في الحياة .. ارصدوا حتى متابعات الفضائيات .. انها قائمة على مبدأ الفراغ الذي ينتج لنا سلوكا ويكرّس غيره ويغتال فينا الرغبة الحقيقية بالتمتع بالحياة وتفاصيلها ايضا ..
لامجال للامثلة لانها تحكم حياتنا بفراغها ايضا وتكرارها وتنوعها ..
ومع ذلك سنحارب الفراغ بالامل .. يقول مثل يوناني شعبي ” اذا فقدت المرأة كسبت الحرية واذا فقدت المتعة كسبت الصحة واذا فقدت الامل فقدت كل شيء”
لذلك لدينا امل نحارب فيه الفراغ حتى لانفقد كل شيء لاننا ننتظر العاصفة التي قد تاتي بعد هذا الفراغ القاتل !