22 ديسمبر، 2024 9:16 ص

السيبليات : سماء وزمن نفسي..

السيبليات : سماء وزمن نفسي..

الروائي اسماعيل فهد إسماعيل في روايته ( السبيليات ..مالم يرد ذكره من سيرة أم قاسم )

2-1
رجلٌ وحمار
رجل ٌ ماتت زوجته ُ مذ سنوات
أولادهُ : الأكبر سَرَق العربة
الأصغر في كانون الثاني سرق المدفأة
رجلٌ وحمارٌ بار
نهض ذات صباح
أقترب من صاحبه
نهق بخفوت :
لولا خوفي عليك من العزلة
لقلتُ لك : بعني
حسنا أجّرني واكسب
ونظل معا حتى…*
(*)
إذا كانت مدام بوفاري هي غوستاف فلوبير،كما أعلن فلوبير ،لماذا لاتكون سبيليات هي: إسماعيل فهد إسماعيل؟ !المتماهي فيها ، تماهي اليومي والحلم في حياة أم قاسم وهي تعود للمكان الرحم..سبيليات المستثناة من الموت جفافا..إسماعيل فهد إسماعيل : قسيم سبليات في الإقتراب والحضور..كلاهما إقتران اللهفة / التوق :الروائي / المكان ..كلاهما المؤتلف والإستثناء : غابات النخيل وتلك الأثلة الصحراوية بوظيفتها العلاماتية تعلن: هنا سبيليات ..أثلة مغروسة أثناء الحكم العثماني ..سبيليات : فضاء مجبول من زهوة الأخضر الخالد ..فضاء يثمل بامواه شط العرب..هنا سبيليات التي ارتعبت غفوتها حين ارتجت المياه / السماء معا : جراء صوت ٌ خاكي محمول ٌ على سيارة جيب (صوت آمر
لايقبل جدلاً مطلوب من الأهالي كافة أن يخلو مساكنهم خلال مدة اقصاها ثلاثة ايام من تاريخه ../7) كان ذلك في آب – ايلول من 1980..
(*)
نحن هنا امام سرد الحرب العراقية – الإيرانية بعد مرور ثلث القرن من خمودها..سيكون سرد الروائي إسماعيل للحرب مبأراً بتوقيت سبيليات ..ومن خلال أفقر خلق الله في سبيليات وأنصعهم خلقا ..أعني عائلة أم قاسم..الآخرون غادروا ، أعني أرغموا على المغادرة، أخذوا معهم ماخف وزنه وغلا ثمنه..وسيعودون قريبا وتحديدا بعد ثلاثة اشهر بشهادة الحكومة نفسها..(..ربما أقل وتعودون إلى بيوتكم وبساتينكم آمنين ..)..في الصفحات الثلاثين الأخيرة ستخاطب أم قاسم الملازم عبد الكريم سلطان ..(وعدتمونا بثقة راسخة في حينه ،ترجعون لبيوتكم خلال ثلاثة أشهر، قاربنا الثلاث سنوات حتى الآن ..هل تدوم حربكم لثلاث سنوات أخرى ../ 176)..بين ثلاثتين ..ثلاثة أشهر وثلاث سنوات ..يتموضع الفضاء والزمن الروائي في رائعة الروائي إسماعيل فهد إسماعيل ..
(*)
الفضاء الروائي : مثلث متساوي الساقين :
(1) السبيليات
(2) النجف
(1) السبيليات
(*)
التهجير العسكري يتميز بإيقاع إستثنائي بالنسبة لعائلة أم قاسم ،حين ننظر للمشهد من شاشة سينما عبر لقطة بعيدة سنرى موكبا من عشرين شخصا : نسوة ورجال وأطفال وحميرعليها عفش ..نتصورنا امام هجرات أسطورية طالعة من عبق كتب عتيقة..ويتأكد هذا التصور حين يموت كبير العائلة ويدفن بين نخلتين أثناء التهجير ..العوائل الأخرى في سلبيات أستعملوا السيارات وقصدوا المحافظات العراقية الأخرى لكن من أين لهذه العائلة مثل هذا ؟!..لأن الرحيل / التهجير مرتهن بمصير وسائل إنتاج حياتهم اليومية..أم قاسم ثمة (سؤال هام استحوذ على ذهنها ،مثلما فعل بزوجها وابنائها الثلاثة وابنتيها ماذا عن مصير حميرنا التسعة../8) والعائلة تجتاز جسر نهر حبابة ،قال قاسم لوكنا بلا حمير لأستأجرنا سيارة ، بعد حوارات عائلية مقتضبة قالت صبيحة : يلزمنا ان نستأجر سيارة شحن كبيرة..توقف الكلام فقد (تدافعوا مع حميرهم المحملة بأتجاه الشمال فجرا…/9).. في النجف وتحديدا على مشارف الصحراء عند الأطراف الجنوبية لمقبرة النجف ستنتعش وسائل إنتاج حياتهم (جاءهم من يطلب إستئجار حميرهم لنقل الطابوق ..) رغيف العيش توّفر ،هاهم أفراد عائلتها يواصلون حيواتهم بالصيغة الممكنة وبالحزن الطارىء وبالفقدان الجارح ..لكن أم قاسم يبهضها أمتيازها الخاص ..(غير هذا كلهُ ، الأمر بالنسبة إليها فقدان الأليف ،عندما تجد حالك من غير الشخص الذي تسكن إليه ولامن سبيل للتعويض في نفسك ان ألمك يتكاثف في غفلة منك يصبح أشبه بكتلة رصاص متوارية في قعر حنجرتك تنفرد بك عندما تأخذ شهيقا
../10)..لو مكثت أم قاسم على مشارف النجف لسارت الرواية مسارا آخر يتصف بالانقطاع عن البصرة..لكن وبشهادة حسب الشيخ في قصيدته (هبوط أبي نؤاس) :
(حين أقتلعنا القدم المتشبث عن البصرة ِ
قلنا ابتعدنا
وحين ابتعدنا
اقتربنا
صار التلفت شيمتنا
والتوجس )
وبهذه الحالة كانت أم قاسم ، وماعدا ذلك ذرائع..هنا يتفنن الروائي إسماعيل ، في تعميق المعنى وتشظيته روائيا..تجلت لها السبيليات ..(أحس بأختناق غريب ) أفراد عائلتها فككوا الشفرة صحيا..لذا أخفت مفتاح شفرتها في قرارها مع نفسها (ان تعود لبيتها البعيد بجهدها الذاتي لهم حياتهم وأنا مسؤولة عن حياتي ../13) مادام (يصعب على البعض فهم ما أشكو منه ../64)
(*)
أثناء العودة الخاصة /السرية الى المكان / الرحم :السبيليات ستبرز شخصية روائية من طراز خاص قرأنا عنها في (حمار الحكيم ) لتوفيق الحكيم..لكن شخصية الحمار هنا في الرواية لها وظيفة مرآوية فأم قاسم لاأحد يفهمها سوى (قدم الخير) حمارها..وسيكون المؤتمن ورفيق رحلتها وسمير وحشتها في السبيليات ومعينها أثناء الشدة وحارس نومها ..وهذه الشخصية الروائية لها فعلياتها الضرورية في الفضاء الروائي..
(*)
للكاتب كلمة
أتأمل ُ في هذا العنوان الفرعي الواعد ، لم يثبّت إسماعيل كلمة للمؤلف بل للكاتب ربما لأن كلمة المؤلف تحيلني الى التأليف وبالتالي الى المخيال وبنسبة مئوية إلى الواقع الميداني ..وتنضيد العنونة الفرعية بالطريقة هذه تعني الكثير ،فهو لم يكتف ِ بمفردة (كلمة) ولم يثّبت العنونة المألوفة في السياق أعني مفردة : مقدمة أو تقديم أو إضاءة …إلخ …..و(كلمة ) في هذا السياق هي مفردة بصيغة الجمع : كلمات والكلمات تعني السرد الروائي الذي يتماهى فيه الميداني والفعل الروائي ..والمحذوف من العنونة الفرعية يمكن تنضيده كالتالي : الأعلام العراقي قال كلمته بالطريقة التي تعاضد سلطته هو ..أما الروائي فكلمته ..كلماته ستعاضد الأرض والفقراء الذين عليها..الفقراء الذين خبزهم كفاف يومهم أو نصف يومهم..تحت هذا العنوان الفرعي الذي هو: هدبٌ مهم من أهداب النص – حسب جيرار جينيت – يحدثنا الروائي إسماعيل فهد إسماعيل عن الاعلام العراقي بعد أيلول 1988..الوفد الأعلامي العربي بسعة ثلاث مروحيات سيرى ماتخلفه الحرب في قامات النخيل وفي الوقت نفسه سيرى..(غابة غنّاء عرضها لايتجاوز كيلومترين تبدأ من شط العرب
وتنتهي عند مشارف الصحراء الغربية .بعدها مباشرة: سيادة اللون الأصفر :هذه قرية السيليات ..لأنها مسقط رأسك ان تكتشف السر ..) مابين القوسين هو تساؤل الصحفي اللبناني الذي يعمل في صحيفة كويتية ..نلاحظ التالي :
*المسافة بين السؤال الاعلامي 1988 والإجابة الروائية للروائية المتأنية التي استمرت طوال هذه السنوات في نحت كتلة الجواب المتألقة بين أعمال الروائي إسماعيل الذي يجاهد دوما لتجاوز نفسه إبداعيا فهو من الذين يعتقدون (الانسان هو التجاوز ) وليس (الإنسان يجب ان يتجاوز) لأن الوجوب هنا يعني التجاوز بالقوة اما الانسان هو التجاوز فتعني التسيير الذاتي المتأتي من قناعة الوعي نفسه بضرورة التجاوز..
(*)
لاقيمة للأشياء بغياب أصحابها / 49 وهذا الكلام هو لأم قاسم وهي واقفة وسط بيتها بعد عودتهما هي وقدم الخير.. حاملة معها عظام زوجها الذي استوحش من دفنه وحيداً في الطريق ..وقولة أم قاسم تعزز قولنا جميعا :المكان بالمكين ..لكن عودتها لم تكن على بساط الريح، بل من خلال جلجلة عراقية..وهنا ستدخل ذاكرة أم قاسم مرحلة جديدة من النشاط ولعودتها وظيفة رئيسة تلوّح بها أمام الملازم عبد الكريم ..(لابد من وجود شخص يشغل هذا المكان ، المنازل المهجورة معرضة للخراب ../64) ستكون المرأة العجوز ضوء بيتها وبيوت سبيليات وماء بيتها وبيوت سبيليات ومثلما هي أم أولادها ستكون أم الجنود ..وبإصرارها النباتي وبتعاضد الجنود العراقيين
ستتصدى للحرب بطريقتها : تخلّص البيوت من وحشتها..تثلم السدود المصنّعة عسكريا
فتستعيد الأرض زهوها الأخضر وفراشات أزهارها فهناك مايستحق البقاء على الأرض حين تكون الأرض هي ذلك الفردوس الرحيم..
مرايا السرد
2-2
يتخذ السرد هيئة مرايا متقابلة ضمن فضاء هو الضيق / الواسع : سعته في عمقه
*سارد عليم
*أم قاسم تسرد الى الملازم عبد الكريم وجيز ماجرى لعائلتها/53 -60
* سرد نائب الضابط صادق / 63
* أم قاسم /66- 76
* أم قاسم تسرد على الملازم أحلامها وزيارة زوجها لها في الاحلام /88
*مايسرده الماء في عطش الارض /69
*البستان يسرد موته /70- 90
*سرد الجندي عبد الامير / 85
*مايسرده أبو قاسم في أحلام أم قاسم
* سرد أم قاسم للعقيد 187
(*)
في ليلة التهجير العسكري ،كان الأرق العائلي سيداً على الجميع ، ولم تفكر أم قاسم بالمكان الذي ستحل به بل بالمكان الذي ستنسلخ منه ..( تتذكر توجيهها سؤالها لزوجها وهي تحيط مساحة بيتها بإشارة يدها من يتولى رعاية المكان في غيابنا ؟../81) هي الآن عادت للبيت
كأنها عادت للمكان الذي ليس المكان نفسه ..(لاحضور لأصوات الليل المعهودة ..) الليل كثير جدا ..ليل الليل وليل النهار الضرير ..أرض عمياء جفت مياه عينيها فكيف ترى في ليلٍ بقنبلة يضاء؟..وأم قاسم تعي جيدا..(الحياة بمظاهرها كافة تحتاج عنصرها الأساسي ، الماء../81)..
وهي في المكان الأضطراري على مشارف مقبرة النجف ، صارت البرتقالات التي عاد بها قاسم من السوق :مركبة ً برتقالية المذاق والرائحة والمكان..وهي في سن الثامنة عشرة وبرتقالات يحملها أبو قاسم من بستان الباشا يوم كانت مريضة ..والآن هي مريضة بالسبيليات
(يحلّق الخيال ليتحقق هناك المكان الطعم والنكهة ،المكان الرؤية والرائحة ،تحس نفسها تهوّم ،
لو إنها كانت حيث عاشت ،تطبّق جفنيها ، ترى زوجها يتحرك بين غرفة الزوجية والنخلة الحلاوية المشرفة على بستان الحاج محمود. تسمع صوته ..تفتح عيناها ، هنا الآن الكل مشغول بحياته ../12) ومن المحذوف من النص : ولا احد منشغل بها..
(*)
من اللافت لفطنة القارىء هو أن أم قاسم بعد ا ن قر قرارها وساررت (قدم الخير ) أحب حميرها اليها ..قامت بما يطلق عليه عسكرياً بالمعايشة مع المكان / الحظيرة من أجل إضافة إلفة ضرورية بينها وبين حميرها التسعة (صارت تتردد على حظيرة الحمير بشكل يومي هادفة لتأكيد نوايا لدى قدم الخير…/15) من خلال تردد ها على الحظيرة حين همت بعد ساعة الجوشن بساعة ..(أرضاها تضامن الحمير معها، أو هذا ماحدسته ُ.لم يبادر اي من التسعة بالنهيق أثناء دخولها حظيرتهم حوالي الساعة الثانية في منتصف الليل ، أكتفوا بان اصدروا حمحمات مكتومة ، وضعت أم قاسم متاعها القليل فوق ظهر قدم الخير، تلفعت بعباءتها ألقت نظرة أخيرة على الحمير الباقية ،همست بصيغة الوعد .سنلتقي قريبا .استدركت ان شاء الله . آثرت ان لاتمتطي ظهر قدم الخير من فورها قالت له أظنك تعرف الطريق ، تركته يمشي أمهامها ../ 15-16) نحن أمام حياة فلاحية حقيقية أصغى لها المؤلف عميقا ثم كتبها..لو كان المؤلف غير إسماعيل فهد لأختصر الأمر بدخول أم قاسم منتصف الليل في الحظيرة وقادت حمارها قدم الخير وغادرت ..
(*)
سرد مثنوي
ماتلتقطه أم قاسم بعينيها وتسرده لنا هو بمنزلة سرد ثان ،اما السرد الاول فهي سرد السلام او سرد الحرب..التقط عينة من السرد الأول مبارأ بعينيّ أم قاسم وهي على مشارف السبيليات
(سمعت هديل حمامة، تأملت موقعها ،هنا خصوصية المكان البصري، التحام مزراع النخيل ببعضها كما لو كانت عائدة لمالك واحد وهذا الاشتباك المذهل لآلاف مؤلفة من الجداول والترع باعتمادها على ظاهرة المد والجزر التي يتفرد بها شط العرب …/34) في هذه الوحدة السردية الصغري بلاغة الأخضر في الماء..ونحن هنا امام لقطة سينمية كبيرة تفترش شاشة السينما وتغمر الرائي بظلها الأخضر ..ثم ينتقل السرد ، بعد ساعة من المشي بتوقيت أم قاسم ، ليشوّكنا سردٌ بغيض موحش يعتصر روح الرائي (تغير لون سعف النخيل، صار يجمع مابين البني الغامق والأصفر الباهت على مد النظر تنبهت الى انتشار نبات الحلفاء بأرتفاع يقارب القدمين في كل الارجاء ، تدري إنه الأهمال …مزارع مهجورة لزمن طويل بما يسمح للحيوانات الوحشية ان تتوافد لتعشش وتتكاثر ،لتعوض عن غياب البشر ،الحال الماثلة لاتستبعد وجود ذئاب أو ثعالب وكذلك ضباع ../35) هنا سرد الحرب في سجل الطبيعة والمكان الذي لم يعد بشريا ..الأشياء بضديدها :البني والاصفر ،لا زهورة الأخضر ..الحلفاء ، بدلا من عشب يتدفق بأزهار وأوراد الحيوانات الوحشية عوضا عن البشر ..هكذا تسرد الحرب مدونتها وينتقلها سردها الى عينيّ أم قاسم لتبث في استجابة التلقي وحين تصل بيتها ثم تقوم بتفقد بيوت جيرانها وتحديدا وهي تدخل من كوة أحدثها (قدم الخير) الى بستان الدليشية تسأل نفسها (لماذا طغيان رائحة الهشيم تخالطه رائحة لاتخلو من حموضة التخمير …/66) وتجيب على سؤالها (يبدو ان للنباتات اسلوبها بالأعلان عن تسليمها للموت..)إذاً ما استروحتها أم هاشم هي رائحة الموت النباتي ….وأم قاسم وحدها مَن لاحظت في الفضاء غياب المكين من المكان وصاغت مارأت سؤالا ميدانيا (ماجدوى البيوت اذا اقفرت من قاطنيها /47) وحدها من تحس (بما يشبه الفراغ في صدرها ) وحدها (ليس بمقدورها مواجهة جيشان مشاعرها اطلقت العنان لنحيبها دقائق قبل ان تستعيد توازنها ) وحدها (تستغرب من قدرة أبنائها وبناتها على التأقلم مع امكنة مستجدة في مايخصها لاتجزم ان السبب يعود لكبر السن وحده ../46)..في محاورتها مع الملازم عبد الكريم وهو يتحرى عن أسباب عودتها الى بيتها الذي ضمن الاهداف العسكرية تحاول هي التذرع بعظام زوجها وافتعال وصية دفنه في البيت ثم تختصر وتخط الحقيقة بخط مستقيم (لاأستطيع العيش بعيداً عن السبيليات ../64)..من خلال تجوال أم قاسم سيكون سرد السبيليات مبأرا بعينيها وذاكرتها وزمنها النفسي الخاص وبدورها ستقوم أم قاسم بإنتاج جديد لرؤية عينيها وفطنة ذاكرتها وهنا ستفرز أم قاسم بين تلقائية العين وقصدية العين وبشهادتها الميدانية ..(أن ترى الموجودات عفواً أو مصادفة شيء وان تعني برؤيتها وهي في موقعها شيء آخر ../66) في ساعة التهجير العسكري لاوقت لإلقاء نظرة أخيرة عن الأمكنة فالعائلة كلها مربكة ..فمن أين لأم قاسم من لحظة تأمل ليتشرب المكان في عينهيا ثم يصعد صوب رفوف ذاكرتها (كانت خلال ظرفها ذاك مأخوذة من داخلها غصبا بفجيعة المفارقة ) لذا فشلت محاولة إستعادة زمنها النفسي ، حين صارت تقيم قرب الآخرة في النجف ، فهي بالسيبليات عاشت المكان بالتماهي وليس من خلال فاصلة بين الذات ———- الموضوع..وهي الآن توفرت لها