الامام علي السجاد (ع) والثبات على المبادئ في مقارعة الطاغية والفاسد

الامام علي السجاد (ع) والثبات على المبادئ في مقارعة الطاغية والفاسد

ونحن في أيام عاشوراء أيام الحسين عليه السلام، نستذكر الثورة الحسينية بكل تفاصيلها ونحاول ان نتصور احداثها، لغايات عدة منها ان نعلم الأجيال على ان ثورة الحق لا تنتهي وان ضحى أصحابها بالأنفس، وان نربي انفسنا على ان اتباع الحق ونبذ الباطل يخلد من يعمل بنزاهة ضمير وصفاء قلب وبياض يد، كما تُعلمنا العبر والدروس حتى ننتفع بها في حياتنا، فضلا عن ثواب العَبرة التي تسكب من العيون ويضيئ اضاء الله بها دروب الحق والعدالة،
ولا جديد عندي ان ذكرت دور الامام السجاد (ع) في معركة الحق ضد الباطل، ودوره في أيام المعركة وما بعدها، الا اني أحاول ان استذكر موقفه تجاه ما يؤمن به من مبادي اخلص لها وسار على طريق ابيه الحسين (ع) وجده الرسول الاكرم (ص) ومنهج امير المؤمنين الامام علي (ع)
لكن ما اود ان اعرض له هو موقف الامام السجاد في أيام المعركة وهو العليل الذي خار جسده من شدة المرض، الا ان هذا لم يمنعه من أداء دوره المرسوم له من الله تعالى في المعركة خلال ايامها وما بعدها، ويتجلى موقف الامام السجاد (ع) بمحاولة النهوض ودخول المعركة عندما رأى الامام الحسين وحده في الساحة بلا ناصر الا ان عمته الحوراء زينب (ع) منعته بسبب شدة مرضه، وتقول المصادر التاريخية ان في ذلك حكمة حتى يبقى خط الامامة لأنه الامام المعصوم الذي سيتولى امر الامة من بعد استشهاد الامام الحسين (ع)، وفعلا كان له الدور الأهم في الحفاظ على المنهج المحمدي للإسلام الحنيف، كما انه مارس دوره في مقارعة المستبد والطاغية بعد انتهاء المعركة ولم يهادن ولم يضعف، على الرغم من كل الضغط الذي مارسه الطغاة ضده، وكل الاغراءات التي قدمت له، الا انه لم يرضخ ولم ينسحب من معركة الحق بل استمر، ولم يجعل من مرضه الشديد مبرراً للانسحاب، كما لم يجعل من كل الضغط الذي وجه اليه سبباً للخضوع الى رغبة المستبد والطاغية،
وارى ان السبب يكمن في معرفته لحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، لأنه امام المسلمين، ولابد ان يتصدى لكل ما يحفظ لهم دينهم واموالهم وارضهم وعرضهم، وفي هذه الحوادث يقدم لنا عبرة لابد وان نعتبر منها، بان المسؤولية والمنصب ليس للمنافع والمغانم، وانما المسؤولية عمل فيه مواجهة الظالم والمستبد والطاغية والديكتاتور، ومن الممكن ان تتعرض حياة الامام (ع) وامواله ومصالحه وأهله للخطر،
وهذا ما جعلنا نستذكر واقعة الطف كل عام بل في كل يوم، وعلى وجه الخصوص هذه الأيام التي اشتد فيها ظلم اليهود والكفار على المسلمين في غزة وفي المنطقة، والحكام العرب واغلب الحكام المسلمين والطغاة وسواهم يقفون متفرجين على الإبادة التي حلت بأبناء غزة، بوازع انعدام الحيلة تجاه مقاومة الكيان الصهيوني والغرب الكافر، لكن لو كان هؤلاء قد اعتبروا من موقف الامام السجاد (ع) ومن منهج النبوة لتوفرت لهم أسباب القوة في التصدي والمقارعة، لكن حب الدينا اغشى ابصارهم،
كما ان بعض الذين جعلهم الله في موقع المسؤولية تجاه قيادة الشعب والتحكم بمصير المواطنين، لم يعتبر من موقف الامام السجاد (ع) الذي لم تثنيه كل ما كان عليه من اعتلال في البدن من الوقوف بوجه الظالم والطاغية، ولم يترك موقع المسؤولية بسبب هذا الاعتلال البدني الشديد، ولم ينسحب من المشهد او يمنعه من ممارسة عمله بما يمليه عليه ضميره تحت وازع ضغط السلطة وإغراءاتها، ولم يفكر بان يتوقف ولو لبرهة عن أداء الواجب لان السلطة الاموية في حينه مارست عليه التهديد والوعيد، بل سار في اقدامه على قول الحق والافتاء بما يتفق ومبادئ الشريعة السمحاء تجاه حفظ حقوق العباد والبلاد، ولم يفرط بها لاي سبب كان سواء ضغط السلطة ام اعتلال البدن،
كما انه (ع) أدى دوراً مهما في توجيه الرأي العام وكشف غبار التزييف عن الحقيقة التي غطتها الدعاية الاموية، حيث كشف لعامة الناس الحقيقة كما بين لهم حقيقة من مارس الضغط عليه وأساليب الاغراء، بل حتى الذين بثوا الدعاية على انه (ع) لا يقوى على أي عمل لانه معتل الجسد، وحاولاو تنحيته عن مقامه في الامامة،
هكذا هم أئمة الهدى، فهل نحن اليوم نسير على هداهم، وهل ابصرنا مسعاهم في انارة الدرب لنا بتضحياتهم، وهل كنا على مستوى المسؤولية التي كلفنا بها الائمة الاطهار، وهل نصرناهم من خلال السير على منهجهم المحمدي، ام اننا تعكزنا على ما نزعم بانه اعتلال او خضعنا خنوعاً لرغبة الطاغية والجائر ولا رباب الفساد،
وفي الختام السلام على الامام السجاد (ع) وعلى الائمة الاطهار والصلاة والسلام على نبينا الاكرم محمد (ص) ونسأل الله بشفاعة وجهه الكريم ان يهدي القائمين على أمور البلاد الى سبيل الحق وان يستبدل اشرارهم بأخيارنا، ولان وجه الله الكريم هم اهل بين النبوة، فان شفاعتهم امنية كل مسلم تقي عانى من جور السلطة وظلم الفاسدين
سالم روضان الموسوي
قاضٍ متقاعد