في ليلة كروية كانت تُفترض أن تكون عرسًا رياضيًا عراقيًا اصطدم الحلم بالحقيقة وتحوّلت الآمال العريضة إلى خيبة أمل مريرة. فقد خسر منتخبنا الوطني اليوم أمام نظيره الكوري الجنوبي بنتيجة مؤلمة قوامها هدفان نظيفان في مباراة أُقيمت على أرضنا وبين جماهيرنا التي فاق عددها الـ60 ألف مشجع ملأت مدرجات الملعب بأهازيج الأمل والولاء لكنها غادرت بصمت ثقيل ووجع لا يُوصف.
كل الظروف كانت مهيّأة… فأين الخلل؟
من الناحية النظرية كانت جميع مقومات الفوز متاحة:
ملعبنا.
جمهورنا.
دعم معنوي ضخم من العراقيين في الداخل والخارج.
استعدادات مسبقة وتشكيلة تضم لاعبين محترفين في الخارج.
لكن رغم كل هذا ظهر المنتخب الكوري الجنوبي أكثر تنظيمًا أكثر تركيزًا وأكثر إصرارًا على الفوز. سيطر على مجريات المباراة ضغط بشكل ممنهج واستغل الثغرات الدفاعية في صفوفنا بذكاء فسجّل هدفين نظيفين وأغلق المباراة بأريحية.
هل يتحمّل اللاعبون أو المدرب هذه الخسارة؟
الجواب بكل وضوح: لا.
اللاعبون بذلوا ما يستطيعون في ظل المعطيات المتوفرة. لم يقصّر المدرب في التحضير الفني أو التكتيكي. لكن ما يُبنى على أساس ضعيف لا يمكنه الصمود أمام الفرق التي تشتغل لسنوات على مشروع كروي احترافي.
ما نعيشه الآن هو نتيجة تراكمات إدارية وسوء تخطيط ووعود فضفاضة لم تجد طريقها إلى التطبيق الواقعي.
اتحاد كرة القدم.. إلى أين؟
عندما جاء الاتحاد العراقي الحالي بقيادة عدنان درجال وبتواجد نجم المنتخب السابق يونس محمود علقنا عليه الآمال. اعتقدنا أن من عايش الميدان كلاعب سيفهم كيف يُدار الميدان كمسؤول. دعمناه ودافعنا عنه وانتظرنا منه إصلاحًا شاملًا للمنظومة الكروية.
لكن الواقع اليوم مختلف تمامًا.
لا توجد رؤية واضحة لبناء جيل مستقر.
لا يوجد مشروع حقيقي للمواهب والبنى التحتية.
ولا يوجد تواصل فعّال بين الاتحاد والأندية أو حتى الجمهور.
الخروج من تصفيات كأس العالم 2026 ليس مجرد خسارة مباراة. إنه نتيجة طبيعية لتراكمات فوضى إدارية وغياب إستراتيجية رياضية وافتقاد للجرأة في اتخاذ قرارات حاسمة تعيد هيكلة الكرة العراقية.
ما الحل؟ هل نستمر في نفس المسار؟
الوقت حان للمحاسبة وليس للتهدئة.
الوقت حان لاتخاذ قرارات جذرية تبدأ بحل الاتحاد الحالي ومحاسبة القائمين عليه وإنهاء سياسة “الرموز” التي تُكرّس مناصب لمجرد التاريخ أو الاسم. ما نحتاجه الآن هو إدارة علمية تعتمد على الكفاءة لا المجاملة وعلى التخطيط لا العشوائية.
الخلاصة
خسرنا اليوم… نعم.
لكن الخسارة الأكبر هي أن لا نتعلّم من دروس الماضي.
أن نبقى نُحمّل اللاعبين والمدربين الذنب، بينما المتسبّب الحقيقي يختبئ خلف المكاتب والمناصب.
إن كنا نريد مستقبلًا كرويًا حقيقيًا علينا البدء من الآن وبخطوة جريئة تبدأ من رأس الهرم الكروي… اتحاد كرة القدم العراقي.