23 ديسمبر، 2024 5:42 ص

فوز ندى شرارة بلقب احلى صوت The Voice في موسمه الاخير ضربة مزدوجة بالعظم للتزمّت الديني والانفلات الفني معا. فالشابة المحجبة حجابا شرعيا محترما غنت اجمل الاغاني الخالدة في تراثنا وتفوقت على أقرانها من المتسابقين بالاحساس المميز والتقنية الفنية والحضور الرصين.

لم يكن الخبر سهلا وعابرا على الفريقين  دعاة التزمت الديني القائم على المتاجرة بالخوف وبيع الطمانينة للبسطاء والمغفلين  وانتاج شبكة عنكبوتية من المحاذير، وفريق رعاة الانفلات الفني وهو يشطب معايير المهارة والموهبة والمقاييس الفنية لصالح فوضى استعراض مفاتن الجسد للمغنيات او الصراخ العواطفي  للمغنين ومنح لقب الفنان بارخص الاثمان للنصّابين وبائعات الهوى . وهما معا – التزمّت والانفلات – بدآ يخسران قاعدتيهما أمامَ الاعتدال والرصانة والتميّز بوصفها قيما لاتتعارضُ مع التقوى وايضأً لا تنبذ الابداع الانساني والتعبير عن النفس البشرية بالفن الرفيع.

فالحجاب في The Voice أضفى على الغناء وقارا وأقرّ للفن  المتقن بهيبته . فيما أبطلَ الغناء أشاعة التجهم الصارم ودعاوى السلوك المَرَضي والتعقيد التي ترمى بها عادة قداسة الحجاب.

تصريح شرارة  بكون الحجاب هويتها  ، جدد الجدل مرة اخرى في الشارع العربي لاسيما بين الشباب ولدى الجاليات في الخارج  ، هل الاسلام دينٌ وهوية ام هو دين فقط ؟، و”هل ان الحجاب لباس  شرعي حصرا ام أصبحَ زيا قوميا لمنتسبي الامة الاسلامية حتى من غير الملتزمين دينيا ؟ . وماذا عن أجيال من الشباب المسلمين ممن يقدمون صورا ايجابية عن  الاسلام  الطليعي المتغيّر مع العصر، المُعَد لجميعِ البشر في جميع المراحل ، هل هم خارجون عن تعاليم التزمّت التقليدي وهم يحاصرون التطرّف وعبادة التفاسير الاحادية للنصوص والاستعاضة عن الانبياء والائمة والصحابة ، بمفسرين غالبا مايكونون مرضى  تحرّكهم دوافع نفسية وحوداث تاريخية ومآرب سياسية ، لترسيخ مبدا التطرف الديني ؟.

جدل ايجابي مهم هو في حقيقتة  نتاج  جيل مأزوم بالمحرمات والتهديد الديني الذي يقيدّ مبادرات شبابنا، وهم يشعرونَ بالذنب دون ذنب ، والخوف من العقاب دون جريمة ، في وقت تعجز الادبيّات والارشادُ عن المواجهة التي يتبناها المجتمع ومنه باحثون وطلبة مراكز دينية طليعيون والسبب أن ادوات المتطرفين الاعلامية والدعائية تتطور مع اخر تقنيات عرض الافكار والمعرفة ، فيما تظل انشطة المواجهين لهم في حدود الندوات التقليدية والاعمال التطوعية العشوائية التي لاتاثير لها.

على اية حال هناك من يرى ان فوز الشابة الاردنية المحجبة ندى شرارة  تفوقٌ للفن على حساب الرمز الديني الشائع – الحجاب ، فيما رآه آخرون – عكْس ذلك – اقتحاما من قبل الدين مجال الفن ومن اكثر اشكاله شهرة وتاثيرا – الغناء . وهناك رأي آخر يقول : اتركوا الاشياء كما هي ، لاتعقدوا الامور اكثر مما هي معقدة ولايصح الا الصحيح.