خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
كان امتلاك تكنولوجيا رئيسة؛ مثل دورة الوقود النووي والبرنامج الفضائي والصاروخي، أحد أهم ثمار استقلال الإستراتيجية الإيرانية، بعد ثورة 1979م.
وخلال الأعوام الماضية؛ كان العمل على تطوير العلوم والتكنولوجيا، وكذلك العلوم الإستراتيجية، في الداخل بمثابة تحدي للنظام الإيراني. وقد واجه تطوير هذه العلوم وتأثيرها على رفع مستوى الأمان وتدعيم القوة السياسية، العقوبات الغربية والعقبات الأحادية ومتعددة الجوانب.
على سبيل المثال تواجه البرامج العلمية الإيرانية في المجالات المتنوعة؛ ضغوط منقطعة النظير سواءً في مجال شراء المعدات أو التبادل الثنائي، وأغلبها بذرائع سياسية؛ مثل تطوير سلاح إبادة جماعية.
وكان تطوير البرنامج النووي الإيراني أحد أهم برامج توفير الأمان في حوزة التكنولوجيا المحلية، طوال سنوات ما بعد الثورة. ذلكم البرنامج الذي تحول بالنهاية إلى أحد الملفات الدولية المثيرة للجدال. بحسب صحيفة (جوان) التابعة لـ”الحرس الثوري” الإيراني.
البرنامج الذي بدأ مقيدًا..
طُرح موضوع تطوير الطاقة، قبل انتصار الثورة، لكن إرتبطت طبيعة هذا العملية في الغالب بالواردات التكنولوجية.
على سبيل المثال؛ اعتمدت “إيران” في تطوير برنامج التخصيب؛ على الاستثمارات في منشآت التخصيب خارج “إيران”، وتمكنت “إيران”، في العام 1975م، من شراء 10% من أسهم منشآة تخصيب (اليورانيوم)، (يوروديف)، والتي كان من المقرر إنشاءها في منطقة “تريكاستن” الفرنسية.
كانت هذه الأسهم جزء من شركة “فرنسية-بلجيكية-إسبانية-إيطالية”، وتمكنت “إيران”، بموجب الاتفاقية التي وقعها “الشاه”، من الحصول على تكنولوجيا التخصيب.
كذلك حصلت “إيران”، بموجب هذه الموافقة، على مقدار من (اليوانيوم) المخصب، والذي كانت في حاجة إليه لإنتاج النظائر المشعة لمفاعلاتها، فضلاً عن الاستخدامات الطبية.
وبعد انتصار الثورة؛ وجراء السياسيات الغربية العدائية، لم تحصل “إيران” ولا حتى على غرام واحد من هذا (اليورانيوم) المخصب. وبالنهاية اُضطرت “إيران” لبيع هذه الأسهم بأسعار متدنية جدًا.
وبالنسبة لبناء المنشآت؛ فقد اعتمدت “إيران” بشكل أساس على شراء المفاعلات من الخارج.
عمومًا؛ وقعت “إيران”، في الفترة (1974 – 1978م)، مع “منظمة الطاقة” وبعض المقاولين الأجانب، عدد 8 اتفاقيات لإنشاء محطات نووية، أهمها محطة “بوشهر”؛ مع مقاول ألماني، ولكن سرعان ما توقف العمل بسبب عدم رغبة الشركات الألمانية في إنهاء البناء، ما دفع “إيران” للبحث عن شركات روسية.
وبعد انتصار الثورة؛ ومع الأخذ في الاعتبار للعقوبات، سعى النظام الإيراني بكل قوة إلى التطوير المستقل للصناعات النووية بأقل مساعدات أجنبية. بدأ هذا المسار في الثمانينيات بتوجيه، آية الله “الخميني”، باستكمال محطة “بوشهر” ودورة الوقود في “إيران”.
وإنطلاقًا من عدم استعداد الكثير من الشركات الغربية لاستكمال المفاعل، قررت “إيران” الاعتماد على الشركات الروسية.
البرنامج الصاروخ والفضائي الإيراني ثمرة الاستقلال الإستراتيجي..
من الصناعات الأخرى التي وصلت مرحلة البلوغ، بعد الثورة، وأضحت مثار فخر “الجمهورية الإيرانية”، يمكن الإشارة إلى التكنولوجيا الصاروجية والفضائية الإيرانية.
فقد أفتقدت “إيران”، حتى قبل انتصار النظام الملكي، إلى التكنولوجيا اللازمة في تطوير القطاع العسكري، حيث كان اعتماد الصناعات العسكرية الإيرانية على الشراء من الدول الغربية.
في المقابل؛ دفعت هذه العمليات الدول الغربية، وبخاصة “الولايات المتحدة”، للمقاومة بشدة إزاء انتقال أي تكنولوجيا صاروخية أو فضائية إلى “إيران”.
على سبيل المثال؛ فشلت مساعي النظام الملكي في شراء صاروخ (باليستي) بمدى 60 كيلومتر. وبعد انتصار الثورة؛ وبداية الحرب مع “العراق”، استفاد العدو البعثي على نحو واسع من الصواريخ (الباليستية) ضد “إيران”، وبلغ مرحلة أن تم استهداف العاصمة، “طهران”، بقوة.
ورغم مرور 30 عامًا؛ مازال مرشد الثورة يتذكر مرارة هذه الواقعة. لكن سعي النظام الإيراني، آنذاك، للعمل على تطوير البرنامج الصاروخي، وتمكن في فترة قصيرة من الوصول إلى درجات متقدمة من تطوير هذا البرنامج اعتمادًا على الإمكانيات المحلبة.
وسعت “الولايات المتحدة” إلى إحتواء “طهران” بفرض عقوبات على الشركات الصينية والروسية المتعاملة مع “إيران”. مع هذا لم تتوقف المساعي الإيرانية؛ وإنما أضحت “تل أبيب” والقواعد الأميركية في مرمى الصواريخ الإيرانية، منذ العام 1998م، بعد نجاح اختبارات صاروخ (شهاب-3).
وبعد ذلك وضعت “إيران” على عاتقها مهمة تطوير صواريخ الوقود الصلب، وفتح مسار جديد فيما يخص قدراتها الصاروخية.
والاستفادة من الوقود الصلب في الجيل الجديد من الصواريخ (الباليستية) الإيرانية؛ لا يمنح “إيران” فقط فرصة إطلاق هذه الصواريخ في أقصر فترة ممكنة، وإنما يوفر أيضًا إمكانية التخفي طويلة المدة.
وقد تمكنت “إيران” اعتمادًا على الصناعات المحلية والنووية، من تحقيق إنجازات مهمة في مجال الفضاء. وأضحت الدولة المستقلة الوحيدة بالشرق الأوسط، التي تقوم بإطلاق أقمار صناعية، في حين تدفع دول مدعية، كـ”الإمارات”، مبالغ باهظة إلى جميع الدول حتى تتمكن من وضع أقمارها الفضائية في المدار.