العراق يدور في دائرة مغلقة .. هل يضطر “صالح” للجمع بين منصبي الرئيس ورئيس الحكومة ؟

العراق يدور في دائرة مغلقة .. هل يضطر “صالح” للجمع بين منصبي الرئيس ورئيس الحكومة ؟

خاص : كتبت – هانم التمساح :

التداعيات الأمنية والسياسية والاقتصادية والتحديات الصحية التي تواجه “العراق” والمنطقة والعالم، تحتم الإسراع في حسم ملف الحكومة المؤقتة، من أجل حماية أمن وسلامة المواطنين والإنطلاق نحو تحقيق مشروع الإصلاح كإستحقاق وطني عراقي.

رئيس الوزراء المستقيل، “عادل عبدالمهدي”، بدوره، كان قد حذّر القوى السياسية من أن آخر يوم له في المنصب سيكون، اليوم 2 آذار/مارس، في حال لم يتم التصويت على حكومة “علاوي”. وفيما يُنص الدستور العراقي على أن السلطة التنفيذية تنتقل إلى رئيس الجمهورية إلى حين تشكيل حكومة جديدة أو اللجوء إلى حل البرلمان من قِبل الرئيس والدعوة لانتخابات جديدة خلال شهرين.

وحسب الدستور العراقي، فإنه يحق لرئيس الجمهورية تولي منصب رئيس الوزراء حال وفاة أو اغتيال أو اختطاف أو مرض رئيس الوزراء الحالي، وفقًا للبند الأول من نص المادة رقم (81) في الدستور.

وبحسب البند الثاني من نفس المادة، فإنها تُلزم الرئيس بتكليف مرشح آخر لتشكيل الحكومة خلال مدة لا تزيد عن 15 يومًا وفقًا لأحكام المادة (76) من الدستور، فهل يضطر الرئيس العراقي، “برهم صالح”، للجمع بين منصبي رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، وهو كُردي في بلد تحكمه المحاصصة الطائفية ؟ .. هذا ما تتخوف منه الأحزاب الشيعية في “العراق”، خاصة تلك الموالية لـ”إيران”، نظرًا لكون “صالح” من الساسة المحسوبين على المعسكر الموالي لـ”الولايات المتحدة”.

وبالرغم من تأكيد مصادر قريبة الصلة برئاسة الجمهورية أن الرئيس، “برهم صالح”، لن يتسلم منصب رئيس الوزراء تحت أي ذريعة، وبالتالي فإن هذا الموقف يستدعي من الكتل السياسية أن تتوافق سريعًا على حل أزمة فراغ منصب رئيس الوزراء، وإلا فإن البلد سوف يدخل في أزمة خانقة؛ وهو ما اعتبره البعض محاولة من الرئيس، “صالح”، ليَ أذرع الجميع للقبول بـ”علاوي”، الذي رشحه.

لكن الحسم هذه المرة جاء من “علاوي” ذاته؛ بعد أن إعتذر عن المنصب ليعيد الكرة مرة أخرى لملعب رئاسة الجمهورية، التي إما أن تنجح هذه المرة في اختيار مرشح توافقي أو يضطر “صالح” لتسلم رئاسة الحكومة مؤقتًا.

بديل “علاوي”..

في السياق نفسه؛ أعلن المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية العراقية، مساء الأحد، عن البدء بمشاورات لاختيار مرشح بديل لـ”محمد توفيق علاوي”، خلال مدة 15 يومًا، وذلك بعد إعتذاره عن منصب رئيس الوزراء المكلف، جراء فشله في تشكيل الحكومة، بعد رفض الشارع له وتهرب البرلمان من حسم أمره.

وقال المكتب في بيانه، إنه: “بالإشارة إلى بیان رئيس مجلس الوزراء المكلف، محمد علاوي، حول عدم تمكنه من تشكيل حكومته خلال الفترة الدستورية المحددة، واستنادًا إلى أحكام المادة 76 من الدستور، يبدأ رئيس الجمهورية مشاورات لاختيار مرشح بديل خلال مدة 15 يومًا؛ في نطاق مسؤولياته الدستورية والوطنية”.

المهم في هذا الأمر من سيكون رئيس الوزراء الجديد وهل سيحظى بقبول أم أنه سيلحق بسابقيه ممن رفضهم الشارع السياسي؛ وعرقلتهم الكتل السياسية ؟.. وهل عقم “العراق” عن تقديم مرشح قادر على خوض التجربة وإنتشال “العراق” من أزمة الفراغ الدستوري وتعطل مصالح الشعب ؟!

الحقيقة الصادمة أن مرحلة الفساد والإفساد في فترة ما بعد الغزو؛ لوثت كل من لهم خبرة سياسية من رجالات الأحزاب والكتل السياسية؛ وبات الحل الأوحد، الذي قد لا يلقى قبولًا لدى الكتل أيضًا، هو الدفع بوجوه جديدة لم تتولى أي منصب سياسي سابق، وإن كانت الفكرة رومانسية وقد تلقى رفض أيضًا.

علاوي” يفضح الكتل السياسية بإعتذاره..

وأعلن “علاوي” إعتذاره عن تشكيل الحكومة، بعدما أخفق “مجلس النواب” العراقي مجددًا في حسم موضوع منح الثقة لحكومته لعدم إكتمال النصاب القانوني.

وقال رئيس الحكومة العراقية المكلف، في تغريدة على موقع (تويتر)؛ إنه إعتذر عن تكليفه بتشكيل الحكومة وأرسل خطابًا بهذا الشأن للرئيس، “برهم صالح”. وأرجعت وكالة (بلومبرغ) للأنباء إعتذار “علاوي” إلى اخفاقه في تشكيل حكومة.

وكتب “علاوي”، في تغريدته: “كنت أمام هذه المعادلة: منصب رئيس الوزراء مقابل عدم الصدق مع شعبي والاستمرار بالمنصب على حساب معاناته”، ليضيف قائلًا: “كان الخيار بسيطًا وهو أن أكون مع شعبي”، حسب تعبيره.

واتهم “علاوي” بعض “الجهات السياسية”، التي لم يسمها؛ بأنها ليست جادة بالإصلاح وبأنها: “وضعت العراقيل أمام ولادة حكومة مستقلة تعمل من أجل الوطن”.

وكان رئيس البرلمان العراقي، “محمد الحلبوسي”، قد رفع جلسة البرلمان الاستثنائية لمنح الثقة على حكومة “محمد توفيق علاوي”، إلى يوم الإثنين؛ لعدم إكتمال النصاب القانوني. وقال “الحلبوسي”، في تصريح صحافي، إن: “يوم غد آخر مهلة لرئيس الوزراء المكلف” لتشكيل الحكومة الجديدة.

وأخفق “البرلمان العراقي”، للمرة الثانية في غضون أيام؛ في حسم موضوع منح الثقة للحكومة الجديدة بزعامة، “محمد توفيق علاوي”. وأعلنت الكتل الكُردية والسُنية و(ائتلاف دولة القانون)، بزعامة “نوري المالكي” و(ائتلاف النصر)؛ بزعامة “حيدر العبادي”، عدم المشاركة في جلسة البرلمان؛ مما أحدث خللًا في النصاب القانوني.

وسبق ذلك؛ تأجيل إنعقاد جلستين الخميس والسبت، لحسم منح الثقة لحكومة “علاوي”. وحضر جلسة، الأحد، 108 نواب فقط من أصل 329 مجموع أعضاء المجلس.

وكلف “علاوي”، الرجل الذي شغل منصبين وزاريين في السابق، تشكيل الحكومة الجديدة إثر ضغوط مارستها الأحزاب السياسية دون الأخذ برأي المتظاهرين الذين أعلنوا رفضهم له. ويطالب المحتجون بشخصية مستقلة لم تشغل منصبًا سياسيًا في السابق، لتشكيل الحكومة، لكن “علاوي” وعد مرارًا بتشكيل حكومة “تاريخية”، من وزراء غير حزبيين وخبراء في مجالهم فقط.

وأجرى “علاوي”، على مدار الأسبوع، تعديلات على قائمة المرشحين لشغل مقاعد في حكومته التي يعتزم تقديمها للتصويت في البرلمان. كما جرت خلال الأيام القليلة الماضية، سلسلة اجتماعات مغلقة في محاولة لإقناع الكتل السُنية والكُردية من التصويت لمنح الثقة للحكومة المرتقبة، إلى جانب النواب الشيعة الذين يدعمون “علاوي”.

وبعد فشله في الحصول على ثقة البرلمان؛ أصبح لرئيس الجمهورية، “برهم صالح”، الحق الدستوري في فرض مرشح جديد لتشكيل الحكومة. وبين المرشحين رئيس جهاز المخابرات، “مصطفى الكاظمي”، وفقًا لمصادر سياسية.

إجراءات مشددة وتواصل التظاهرات..

وفرضت القوات الأمنية إجراءات مشددة حول “المنطقة الخضراء”، فيما خرج مئات المتظاهرين؛ بعضهم وصل من محافظات جنوبية للتظاهر وسط “بغداد”، مطالبين بإصلاحات سياسية واقتصادية وإسقاط نظام المحاصصة.

ودعا “صالح”، القوى النيابية، إلى “العمل الجاد” للتوصل إلى اتفاق بشأن رئيس الوزراء البديل، خلال الفترة الدستورية المحددة.

وكان من المقرر أن تنتهي، اليوم الإثنين، المهلة الدستورية الممنوحة لـ”علاوي” للحصول على موافقة “مجلس النواب” على تشكيلة حكومته.

وبموجب الدستور؛ إذا لم يتمكن رئيس الوزراء المكلف بالحصول على إقرار “مجلس النواب” لحكومته، يتم تكليف شخصية أخرى بتشكيل حكومة.

وتزامنت جلسة أمس، التي لم يكتمل نصابها؛ مع تظاهرات مليونية دعت إليها تنسيقيات الحراك في “العراق”. وتوافد الآلاف، منذ الصباح الباكر، إلى “ساحة التحرير” في العاصمة، من كافة محافظات الجنوب والوسط.

يُذكر أن “العراق” يشهد، منذ الأول من تشرين أول/أكتوبر 2019، احتجاجات حاشدة مطالبة بحكومة تكنوقراط لا ترضخ للمصالح السياسية أو الخارجية للأحزاب والتصدي للفساد المستشري والاقتصاد الفاشل.

ومنذ بداية التظاهرات، قُتل نحو 550 شخصًا؛ غالبيتهم العظمى من المتظاهرين الشبان، بينما أصيب حوالي ثلاثة آلاف بجروح.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة