خاص : كتبت – هانم التمساح :
من المنتظر أن تشهد الأيام الخمسة المتبقية من مهلة التكليف، حوارات مكثفة بين مختلف القوى السياسية لاختيار مرشح جديد لتشكيل الحكومة، وسط توقعات بأن يُعلن عن المكلف الجديد في غضون 72 ساعة، مع تنامي حظوظ “مصطفى الكاظمي”، رئيس الاستخبارات العراقية، ووسط اتساع قائمة المرشحين.
ووفقًا للدستور العراقي، فإنّ على رئيس الجمهورية تكليف مرشح بتشكيل الحكومة خلال 15 يومًا من فشل أو اعتذار المكلف السابق، ما يعني أن المهلة الدستورية بدأت مطلع آذار/مارس الحالي، وتنتهي منتصف الشهر.
وتحاول قوى سياسية، موالية لـ”إيران”؛ تُثبيت مبدأ جديد في مفاوضات اختيار رئيس الوزراء العراقي، يُنص على استبعاد جميع الأسماء التي طُرحت سابقًا لهذا المنصب من جولة المفاوضات الحالية.
وفي حال تحقق هذا المبدأ، فإنّ “الكاظمي” ربما يكون خارج السباق، على اعتبار أن اسمه طُرح خلال جولات تفاوضية ماضية.
اتساع قائمة المرشحين..
واتسعت قائمة المرشحين لمنصب رئيس الحكومة التي طُرحت للنقاش، حيث شملت المسؤول في ديوان رئاسة الجمهورية، “نعيم السهيل”، ومحافظ النجف الأسبق والنائب عن تحالف (النصر)، “عدنان الزرفي”، وسفير العراق السابق لدى واشنطن، “لقمان الفيلي”.
كما تضمنت القائمة أسماء أخرى، تشمل المستشار العسكري في رئاسة الجمهورية والنائب، “هيثم الجبوري”، ووزير الداخلية السابق، “قاسم الأعرجي”.
وترى المصادر أنّ القوى الشيعية الموالية لـ”إيران” ربما تميل إلى تأييد “السهيل” لمواجهة حظوظ “الكاظمي” الكبيرة، مشيرةً إلى أنّ حظوظ “الزرفي” قائمة أيضًا.
لماذا تتنامى حظوظ “الكاظمي” ؟
الأجواء السياسية تُشير إلى أن “الكاظمي” ربما يُعوّل على أمرين؛ الأول حاجة الأطراف الشيعية إلى تجاوز لحظة الفراغ الحكومي الحالية وتشكيل حكومة قادرة على تهدئة الشارع الغاضب، الذي يتظاهر ضدها منذ خمسة أشهر، والثاني إنشغال “إيران” بتداعيات تفشي فيروس “كورونا” في أراضيها، ومحدودية قدرتها حاليًا على التأثير الخارجي، وهو ما بدا جليًا عندما تركت المكلف، “محمد توفيق علاوي”، يسقط، على الرغم من أنه مرشح من قوى عراقية صديقة.
وفي حال تضافر هذان العاملان، قد تتزايد حظوظ “الكاظمي” في نيل تكليف تشكيل الحكومة، في وقت تُحجم مختلف القوى عن اقتراح أي بدلاء، بسبب التعقيدات الداخلية والتطورات الإقليمية.
وأكتسبت فكرة ترشيح رئيس جهاز الاستخبارات العراقي، “مصطفى الكاظمي”، لمنصب رئيس الوزراء، المزيد من الأهمية، بسبب السجال العلني الذي يخوضه ضد أخطر مليشيا عراقية شكلتها “إيران”، وهي (كتائب حزب الله)، التي تتهمه بالوقوف وراء عملية اغتيال قائد (فيلق القدس)، التابع لـ”الحرس الثوري” الإيراني، “قاسم سليماني”، ونائب رئيس هيئة (الحشد الشعبي)، “أبومهدي المهندس”، بالرغم من ضحد “إيران”، ذاتها، لهذه الاتهامات، خلال زيارة مدير الأمن القومي الإيراني، “علي شمخاني”، لـ”العراق”؛ ولقائه بـ”الكاظمي” !
السجال الذي دار بين “الكاظمي” و(كتائب حزب الله)؛ ألهب مشاعر كثيرين في “العراق”، إذ أنها تُعد المرة الأولى التي تتصدى فيها مؤسسة حكومية عراقية لميليشيا بهذه القوة، يقودها “الحرس الثوري” الإيراني مباشرة، على حد وصف المدون العراقي، “مصطفى سعدون”.
وبرز اسم “الكاظمي” بقوة، عقب اعتذار رئيس الوزراء المكلف، “محمد توفيق علاوي”، عن تشكيل الحكومة، بعدما حاول مرارًا إقناع البرلمان بالإنعقاد للتصويت على كابينته، من دون جدوى.
تُعد أبرز السمات التي تمنح “الكاظمي” قوة؛ أنه ليس طرفًا سياسيًا ولا ينتمي إلى أي تيار أو حزب، ولم يسبق له أن شغل منصبًا حكوميًا أو سياسيًا، قبل أن يتولى قيادة جهاز الاستخبارات في عهد رئيس الوزراء السابق، “حيدر العبادي”.
وقد حظي “الكاظمي” بدفعة قوية، على المستوى الشعبي، خصوصًا عندما اعتبرت (كتائب حزب الله) أن ترشيحه لمنصب رئيس الوزراء قد يتسبّب في إحراق البلاد.
واتهمت (الكتائب)، “الكاظمي”، علنًا بأنه سهّل عملية اغتيال “سليماني” و”المهندس”، في غارة أميركية استهدفت “مطار بغداد الدولي”، في الثالث من كانون ثان/يناير الماضي، بينما جاء الرد من جهاز الاستخبارات بأن هذه الاتهامات تُمثّل: “تهديدًا صريحًا للسلم الأهلي”، مؤكدًا على أن مهام عمله “ليست خاضعة إلى المزاجات السياسية، ولا تتأثر باتهامات باطلة يسوّقها بعض من تسوّل له نفسه إيذاء العراق وسمعة أجهزته الأمنية، بل تستند إلى مصالح شعب العراق الآبي وحجم وقيمة الدولة العراقية في المنطقة والعالم”.
جهاز الاستخبارات العراقي بدوره؛ شدّد على: “حقه في الملاحقة القانونية لكل من يستخدم حرية الرأي لترويج اتهامات باطلة تضرّ بالبلاد وبسمعة جهازه الأمني، وواجباته المقدسة بحفظ أمن العراق وسلامة شعبه”، لافتًا إلى أن واجباته: “تُحددها مصالح البلد لا إنفعالات واتهامات الخارجين عن القانون”.
قوى تدعم “الكاظمي” .. وسط ترحيب كُردي وصمت سُني !
ويحظى “الكاظمي” بدعم قوى سياسية شيعية طرحت فعليًا خيار تكليفه بتشكيل الحكومة المقبلة في العراق، مشيرةً إلى أن هذا الخيار قوبل بترحيب كُردي وصمت سُني.. على عكس “محمد توفيق علاوي”، الذي طرح بدون ظهير و”فيتو” كُردي واعتراض برلماني.
وتتمثل القوى السياسية الشيعية، التي تدعم ترشيح “الكاظمي”، وفق مصادر، في ائتلاف (النصر)؛ بزعامة “العبادي”، وتيار (الحكمة)؛ بزعامة “عمار الحكيم”، في حين أن زعيم (التيار الصدري)، “مقتدى الصدر”، الذي يرعى كتلة (سائرون)، كبرى كتل البرلمان العراقي، لم يُمانع عندما طُرح عليه هذا الخيار، “لكنه لا يزال منفتحًا على سماع خيارات أخرى”.
كذلك لقي ترشيح “الكاظمي” ترحيبًا من الزعيم الكُردي البارز، “مسعود بارزاني”، في حين لم يُبدِ رئيس البرلمان، “محمد الحلبوسي”، اعتراضًا على الخيار، على الرغم من المؤشرات التي أوحت بأن دعم الأخير لرئيس جهاز الاستخبارات، ربما يكون مشروطًا.
“الفتح” يرفضه..
وتبدو خريطة الداعمين لـ”الكاظمي” أكثر من كافية كي يضمن نيله ثقة البرلمان؛ في حال كلّفه رئيس الجمهورية، “برهم صالح”، بتشكيل الحكومة الجديدة. لكن الحقيقة، أن “الكاظمي” يفتقر لتأييد المليشيات، فمعظم الأحزاب والتيارات المتكتلة في تحالف (الفتح)؛ بزعامة “هادي العامري”، الذي يُوصف بأنه الممثل السياسي لمصالح “طهران” في “بغداد”، يقف ضد ترشيح رئيس جهاز الاستخبارات، أو أنه ليس متحمسًا له على الأقل.
لذا قد يواجه الكثير من العقبات، لا سيما أن تحالف (الفتح) يملك ثاني أكبر عدد مقاعد في “البرلمان العراقي”.
أما على المستوى الشعبي، فقد يكون هذا الوضع مثاليًا لـ”الكاظمي”؛ إذ إنه قد يحظى بثقة أكبر من الشارع، كلّما أبتعد عن “إيران”.