لم يكن يتخيل العراقيون في عام 2003، حتى معارضي النظام السياسي الحالي، أن تمر عشر سنوات دون أن يطرأ أي تحسن على الوضع الاقتصادي بعد ما لايقل عن 700 مليار دولار من العوائد النفطية. وهم يؤكدون اليوم أن واقع الاقتصاد والبنية التحتية في وضع أسوأ مما كانت عليه قبل 10 أعوام.
و تشير التقديرات المتحفظة الى أن عوائد النفط العراقية ستبلغ العام الحالي أكثر من 100 مليار دولار. وإذا بقيت أسعار وصادرات النفط الحالية عند مستوياتها الحالية فإنها يمكن أن تصل لأكثر من 120 مليار دولار.
وبحسب البيانات الحكومية فإن بلغ الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي نحو 127 بليون دولار، لكن الانتاج النفطي يشكل ما لا يقل عن 80% منه، أي أن الناتج المحلي الاجمالي خارج القطاع النفطي لا يزيد على 26 مليار دولار، وهو رقم يكشف الواقع المتردي للاقتصاد. ووفقا لوزارة التخطيط فأن موازنة العام الحالي التي لا تزال معطلة في البرلمان تبلغ 113 مليار دولار، تأكل الميزانية التشغيلية المترهلة نحو 70% منها.
ومن المتوقع تحقيق فائض كبير في الموازنة التي قدرت سعر برميل النفط عند 85 دولاراً وتصدير 2.6 مليون برميل يوميا. في وقت يتحرك فيه سعر النفط فوق 110 دولارات للبرميل، وتبلغ صادرات النفط نحو 3 ملايين برميل يوميا حاليا. لكن العراقيين لا يتوقعون أن تنعكس الفوائض على حياتهم مثلما حدث في الأعوام الماضية.
ويكاد يكون حديث الفساد هو الموضوع الرئيسي في أوساط العراقيين، من المسؤولين الحكوميين الى ساسة المعارضة والخبراء والمحللين، وصولا للموطنين العاديين. لكن رغم الحديث لم تسفر التحقيقات عن أي إدانة تذكر.
22 مليار دولار من الأموال “القذرة” الناتجة في الغالب من الفساد يتم تهريبها خارج العراق سنويا بحسب منظمة النزاهة المالية العالمية
ويطل المسؤولون والبرلمانيون بتصريحات عن اختفاء مئات مليارات الدولارات، وصرف أخرى دون مستندات. وتشير التقارير الدولية الى تزايد الفساد عاما بعد عام، رغم أن مكافحة الفساد هي الشغل الشاغل لجميع العراقيين.
وبحسب تقرير لمنظمة النزاهة المالية العالمية نشر العام الماضي فان الأموال “القذرة” الناتجة عن الفساد المالي، والتي تم تهريبها في عام 2010 ارتفعت لنحو 22 مليار دولار. وترجح أن يكون حجمها قد ارتفع في العامين الماضيين.
وتشير بيانات الأمم المتحدة الى أن نسبة البطالة بين العراقيين تبلغ نحو 15% وهي تقديرات متواضعة في رأي المحللين، الذين يشاطرهم معظم العراقيين الرأي بأن نسبة البطالة قد تزيد على ضعف تلك النسبة.
وتقر الحكومة بوجود 7 مليون عراقي تحت خط الفقر، ونحو 8 مليون يتيم وارملة، وتؤكد أن 63 شركة قطاع عام مفلسة. وتؤكد الحكومة أنها تشغل نحو 5 ملايين عراقي في الاجهزة الأمنية ومؤسسات الدولة، إضافة الى مليوني متقاعد عراقي بحسب البيانات الرسمية.
ويقول محللون إن العراق يعاني من مخلفات الحروب التي تعرقل النشاطات الاستثمارية، خاصة الألغام التي تعرقل المشاريع النفطية، المحرك الاساسي للاقتصاد.
وتقر وزارة النفط العراقية بصعوبة العمل في حقول النفط قرب حدود إيران وإقليم كردستان، لكنها تؤكد أن عقود الشركات الأجنبية تتضمن اجراء فحص للحقول قبل العمل فيها.
وتعترف الحكومة بأنها لا تملك أي احصاءات أو خرائط واضحة لمخلفات الحروب والالغام، الأمر الذي يرفع درجة المخاطرة عند تطوير الحقول النفطية.
وأشار تقرير لوزارة البيئة العراقية الى وجود حوالي 20 مليون لغم موزعة على 13 محافظة من اصل 18، وهي لا تتوقع أن يتمكن العراق من إزالتها قبل عام 2018.