كتب علي طلال : تتكون القوة المكلفة بحماية مجمع رئيس الجمهورية جلال طالباني في منطقة الجادرية الراقية ببغداد، من لوائين عسكريين، يضم كل منهما 2500 مقاتل، وفيما يشكل الجنود المنحدرون من أصول عربية نحو 70% من عناصر هذه القوة، تقول مصادر في وزارة الدفاع إن “رواتب عناصر هذين اللوائين لا تختلف عن رواتب أي جندي في تشكيلات الجيش العراقي المختلفة”.
وبرزت هذه القوة إلى واجهة الأحداث في العراق، بعد مقتل الصحفي العراقي، محمد بديوي، على يد ضابط فيها، السبت الماضي، في حادث سلط الأضواء على “الجيش الكردي الصغير” الذي يقول مراقبون إن صلته الوحيدة بوزارة الدفاع الاتحادية، هي الرواتب.
وقال مصدر في هذه القوة، لـ “واي نيوز”، إن “ضباط اللوائين الرئاسيين يتلقون أوامرهم من مكتب الرئيس طالباني حصرا، ولا تملك أي جهة أخرى قدرة توجيههم أو تحريكهم”. واضاف إن “تعداد الجنود العرب في هذين اللوائين كبير للغاية، ويشكلون أكثر من 70% من عناصرهما، وليس كما يشاع بأن جميع عناصرهما من مقاتلي البيشمركة الكرد”.
واشار الى ان “اللواءان يعملان بالتناوب، فعندما يتمركز الأول في بغداد، يجب أن يكون الثاني في السليمانية”، من دون أن يوضح ما اذا كانت هذه القوة مكلفة بأي مهام في مدينة الرئيس العراقي.
لكن المصدر رفض الحديث عن عدد الضباط العرب في هذين اللوائين، وطبيعة المهام المكلفين بها، واكتفى بالقول، إن “عدد الضباط العرب كبير في قوة حماية مجمع الجادرية”.
وعن الرواتب والمخصصات، يقول المصدر، “نحن نتقاضى من وزارة الدفاع ما يتقاضاه أي جندي في تشكيلات الجيش العراقي الأخرى”. واستدرك قائلا “قبل شهور كانت رئاسة الجمهورية تمنحنا مخصصات مالية خاصة، لكنها ألغيت منذ مدة، دون أن نعرف الأسباب”.
ويقول ضابط في وزارة الدفاع العراقية، إن “صلتنا بلوائي حماية مجمع الجادرية لا تعدو ان تكون صلة مالية، فهما يتسلمان من الدفاع الرواتب فقط، ولا صلة لنا بأي من شؤونهما الأخرى”.
ويضيف، أن “تجهيزات هذين اللوائين، خليط من تجهيزات وزارة الدفاع وبعض تجهيزات قوات البيشمركة الكردية”، موضحا أن “المستوى التسليحي لهذين اللوائين يكاد أن يكون متطابقا مع تسليح قوات الجيش العراقي الأخرى”.
واثار مقتل الصحفي بديوي غضبا شعبيا وسياسيا كبيرا. وسارعت قيادة عمليات بغداد الى الطلب من القوة الرئاسية مغادرة مواقعها في منطقة الجادرية، عقب مقتل بديوي، لكن الأمور عادت الى طبيعتها، على ما يبدو اليوم الاربعاء.
وطالبت أوساط صحفية، بتسليم قاتل بديوي إلى السلطات العراقية، وسرعان ما حدث ذلك، بعد تدخل مباشر من رئيس الوزراء، الذي ذهب بنفسه الى موقع الحادث بعد وقوعه بساعات، وأعلن أنه “ولي الدم” في هذه القضية.
ويدور جدل، منذ اعتقال المتهم، بشأن مكان محاكمته. وبينما ذكر ساسة في التحالف الكردستاني ببغداد إن حكومة الإقليم لن تطلب من القضاء العراقي نقل محاكمة المتهم إلى كردستان، يقول مراقبون قانونيون، إن طلب نقل مكان التقاضي سيأتي لاحقا من محامي المتهم، حسب الأعراف القانونية.
وكان رد رئاسة إقليم كردستان “قويا” بشأن موقف بغداد من هذه الحادثة، عندما دعت “حكام بغداد إلى الجلوس معا وإنهاء العلاقة المليئة بالمشاكل”، مشيرة إلى أن الشعب الكردي مع تضحياته الجسام ومقتل الآلاف من أبنائه، لكنه لم يقل يوما ما قاله رئيس الوزراء نوري المالكي من أن “الدم بالدم”.
وقالت رئاسة إقليم كردستان، في بيان صدر على موقعها على الإنترنت، واطلعت عليه “واي نيوز”، “نعلن عن أسفنا وحزننا لمقتل الأكاديمي والصحفي الدكتور محمد بديوي الذي فقد حياته في حادث مؤسف بمدينة بغداد يوم (22/3/2014)، ونبدي تعاطفنا مع عائلته وجميع الإعلاميين، آملين أن يتخذ القضاء كافة الإجراءات القانونية العادلة للتحقيق في الحادث وحسم هذه القضية”.
وأشارت إلى أن “الأيام الماضية ومن خلال متابعتنا الدقيقة حول الحادث والتصريحات التي صدرت بشأنه، كنا نأمل أن لا يخرج الموضوع عن إطاره القانوني، وبضرورة أن يؤدي القانون والسلطة القضائية دورهما المحايد بعيدا عن تدخلات السياسيين”.
وأوضحت الرئاسة أن “التصريحات ومواقف بعض الشخصيات السياسية العراقية بعد الحادث، تسببت في خلق أجواء من القلق لدى الشارع العراقي اتسمت بتهديدها للسلام والتعايش بين المكونات العراقية وتعميق الخلافات وخلق الفتنة وشق الصفوف بين المواطنين، وعليه فإننا نرى من الضروري أن نعلن للرأي العام العراقي وجوب أن لا يسمح لأي شخص كان أو طرف ما إحداث شرخا في التآخي بين المكونات العراقية والمتاجرة بقضية الدكتور محمد بديوي”.
وأعربت رئاسة الإقليم “عن أسفها من استخدام رئيس الوزراء العراقي كلمات غريبة وغير لائقة كالدم بالدم، وهي بعيدة كل البعد عن مبادئ سيادة القانون وإدارة الدولة وثقافة التعايش والديمقراطية”. وحملت “مسؤولية كل ما يترتب عن هذا الوضع، هي على عاتق أولئك الذين يريدون استغلال الحادث لأغراضهم السياسية، وإذا كان المتحكمين في السلطة ينظرون إلى الأحداث بهذا المنطق، فهناك أسئلة كثيرة تطرح نفسها من ذات الزاوية”.