365 يوما من القهر.. الإعلاميات العراقيات في مرمى نيران العنف والتحرش والابتزاز

365 يوما من القهر.. الإعلاميات العراقيات في مرمى نيران العنف والتحرش والابتزاز

بغداد – كتابات

لم تسلم المرأة العراقية من التجاهل والعنف والازدراء مرورا بالتمييز والتحرش والابتزاز وما يخجل القلم عن تدوينه وتتحرج الكلمات عن ذكره..

ولأنها في المقام الأول سيدة وامرأة عراقية كغيرها من نساء بلدها طالتها تلك الممارسات، نعم الإعلاميات العراقيات مستهدفات وموضوعات في بؤرة الاغتيال ولا نقصد هنا الاغتيال الجسدي بل هو معنوي ذو فعالية أقسى وأمر من إزهاق أرواحهن.

في اليوم العالمي للصحافة بدلا من تكريم العاملات بهذه المهنة التي تشتهر بأنها مهنة البحث عن المتاعب؛ فهن الباحثات عن المخالفات ومواقع الفساد وإهمال الإدارات ليس حبا في الظهور وإنما من واقع مسؤولية تحملنها دون انتظار لمقابل، فقط تعاملن كنساء وطنيات أردن لعراقهن أن ترتفع هامته بين الأمم..

ممارسات مخجلة!

في هذا اليوم يكشفن كيف تعالت الممارسات السيئة بحقهن على أساس الجنس، بل وتعرض البعض منهن إلى الضرب والتهديد والابتزاز.

تقول الدراسة التي أعدت عن الفترة من آيار 2018 إلى يوم الثالث من آيار / مايو 2019، إن منتدى الإعلاميات العراقيات سجل ضرب وتهديد وترويع مجموعة من الصحفيات من مختلف مدن العراق، إضافة الى سياسة التمييز والإقصاء على أساس النوع الاجتماعي (ذكر أم أنثى).

أكثر من ذلك كشف المنتدى في تقريره السنوي أن هناك حالات رفضن الإفصاح عن ما تعرضن له؛ احتراما لرغبتهن خاصة في حالات متكررة للتحرش والابتزاز فقط تقدم إليهن المساعدات القانونية دون نشر تفاصيل للرأي العام!

قانون غائب

وأرجعن السبب في ذلك إلى ضعف نفاذ القانون وغياب البيئة التشريعية الناجعة التي توفر الحماية للعاملين في الحقل الإعلامي.شمل التقرير عددا من الحالات التي رصدها المنتدى، ومنها ما تعرضت له الصحفية انتظار السلطاني التي تعمل في المكتب الإعلامي لبلدية الحلة في محافظة بابل، من تهديد والإقالة لمرات متكررة بسبب كشفها لملفات فساد مالي وإداري، ومن ثم تعرضها للضرب على يد مجموعة أشخاص مما أدى لنقلها إلى المستشفى وهي في حالة غيبوبة و فقدان للوعي.

حتى الشرطة!

أما الإعلامية ألاء جلال المهداوي فقد تعرضت لمضايقات من قبل شرطة حماية مكاتب محافظ ديالى ومجلس المحافظة؛ لكونها إعلامية وناشطة مجتمعية  وتتحلى بالشجاعة في نقل الحقيقة ولأنها سلطت الضوء على عدد غير قليل من الانتهاكات لحقوق المواطنين – النازحين – تم سحب تخويل ممارسة المهنة منها و بقيت إلى شهر آب / أغسطس 2018 من دون عمل لخوفها من ملاحقة المتنفذين سياسيا في محافظة ديالى.

ومن بين الممارسات التعسفية ضد الإعلاميات العراقيات، ما جرى من طرد لمقدمة البرامج في إذاعة الديوانية أسماء الأوسي من قبل مدير الإذاعة بسبب جرأتها و كشفها لملفات الفساد في 6 تشرين الأول 2018، فضلا عن إحالتها لاحقا إلى القضاء بسبب تغطيتها لتظاهرة قام بها محامين  في مدينة الديوانية؛ وصدر ضدها أمر قضائي بالحبس لمدة سنة واحدة مع وقف التنفيذ بتهمة السب والقذف الموجه إلى السلطة القضائية.

قناة دجلة وتهديدات بالقتل

لم تتوقف التهديدات والملاحقات، إذ إنه في كانون الأول 2018 تعرضت الإعلامية سحر عباس جميل التي تعمل في قناة دجلة إلى تهديدات بالقتل؛ نتيجة عملها في برنامج سياسي  يستضيف محللين سياسيين يتصفون بالجرأة والصراحة.

عسل القيسي

وفي كانون الثاني 2019 تعرضت الإعلامية عسل القيسي التي تعمل في قناة هنا بغداد إلى الضرب من قبل أحد العشائر و تمت محاصرتها في مبنى المؤسسة التي تعمل فيها.

كما تعرضت الإعلامية بتول الحسن منذ كانون الأول 2018 وحتى لحظة كتابة هذه السطور إلى حملة مغرضة ومزيفة في مواقع التواصل الاجتماعي من خلال صفحات وهمية تحمل اسمها و تشجع على الطائفية والعنف.

كربلاء المقدسة أصابها التمييز

وإلى كربلاء، حيث تعرضت الإعلاميات في تلك المحافظة إلى التمييز على أساس النوع الاجتماعي في منح  هويات التصريح الأمني – هويات المحافظة – والتي تسمح  للإعلاميين التصوير في حالات حظر التجوال والترخيص بالدخول إلى المدينة القديمة، إذ اكتفت الجهات المسؤولة إلى منح 3 هويات للصحفيات من أصل 245 هوية  ممنوحة للرجال، إضافة إلى تعرضهن إلى التمييز على أساس النوع الاجتماعي في الحصول على المعلومة .

ولم يتوقف التمييز خلال هذا العام، إذ حرمت أي امرأة من تولي منصب وكيل في وزارة الثقافة، فضلا عن عدم تنفيذ الكوتا في تشكيلة مجلس أمناء شبكة الإعلام العراقي – حتى لحظة كتابة هذه السطور – بما يضمن الثلث للنساء حسب قانون الشبكة، كما تخلو هيئة الإعلام والاتصالات من النساء في تشكيلة مجلس الأمناء.

وفي مجال التشريع ولمدة عام كامل لم يقر أي قانون لصالح الإعلام وحرية التعبير، رغم ارتفاع معدلات العنف ضد العاملين في الوسط الإعلامي ومن كلا الجنسين.

فضلا عن أنه مازال قانون حرية التظاهر والاجتماع السلمي يراوح مكانه في أروقة مجلس النواب، إضافة إلى أن العاملين في الوسط الإعلامي تفاجئوا بطرح مسودة مشروع قانون جرائم المعلوماتية في مجلس النواب العراقي في نيسان 2019 وجاءت مسودة القانون بمضمون يهدد حرية التعبير و يقوضها؛  لحماية المتنفذين من الفاسدين من النقد ومنع كشف ملفات الفساد أمام الرأي العام .

من بين ما ذكره التقرير حجب خدمة الإنترنت في تموز 2018 في أغلب محافظات البلاد، وهو انتهاك للحقوق التي كفلها الدستور العراقي ومواثيق حقوق الإنسان في الحصول على المعلومة وحرية التعبير، كما أنه أدى إلى وقف عمل آلاف الصحفيين والصحفيات وأربك عمل المؤسسات الإعلامية المحلية والدولية المتابعة للشأن العراقي.

تجاوزات رصدها منتدى الإعلاميات العراقيات ووثقها تكشف وتعري مجتمعا يصر على تصدير مفاهيم الذكورية القديمة التي طالما حطت من قدر المرأة رغم أنها ليست فقط نصف المجتمع بل هي المجتمع كله.. الأم .. الزوجة.. الإبنة.. الشقيقة.. الخالة.. العمة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة