30 دولة يقررون مصير ليبيا السياسي في “باريس” .. فهل تجد “طرابلس” خطواتها نحو الاستقرار بعده ؟

30 دولة يقررون مصير ليبيا السياسي في “باريس” .. فهل تجد “طرابلس” خطواتها نحو الاستقرار بعده ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

بمشاركة نحو 30 بلدًا ومنظمة؛ ينعقد في “باريس” مؤتمرًا جديدًا للدفع من أجل إجراء انتخابات في “ليبيا”؛ بحلول نهاية العام، وإقرار الجهود لإخراج القوات الأجنبية من البلاد؛ رغم الانقسام السياسي الكبير. ومن خلال المؤتمر، يسعى المجتمعون إلى الاتفاق على إجراءات لدفع العملية الانتخابية وتوجيه إنذارا لكل من يُحاول عرقلة العملية من أنهم قد يواجهون عقوبات.

وقد تم تحديد، 24 كانون أول/ديسمبر المقبل، موعدًا لانتخابات “ليبيا” عبر خارطة طريق تدعمها “الأمم المتحدة”، العام الماضي، شكلت أيضًا حكومة وحدة مؤقتة لتولي السلطة من إدارتين متنافستين في الشرق والغرب متحاربتين منذ سنوات.

وذكرت القوات المتمركزة في شرق “ليبيا” أنها وافقت على ترحيل: 300 من المرتزقة الأجانب من الأراضي الخاضعة لسيطرتها، وذلك بعد طلب من “فرنسا”.

عقوبات على معرقلي الانتخابات..

وجاء في مسودة نتائج “مؤتمر باريس” بشأن “ليبيا”، أمس الجمعة، أن من يُحاولون عرقلة الانتخابات والانتقال السياسي في البلاد سيُحاسبون وقد يواجهون عقوبات من “الأمم المتحدة”.

وحثت المسودة كافة الأطراف على الإلتزام بجدول زمني للانتخابات الرئاسية والبرلمانية في “ليبيا”؛ التي من المقرر أن تبدأ في 24 كانون أول/ديسمبر.

كما دعت أيضًا إلى تنفيذ خطة قائمة لسحب المرتزقة والقوات الأجنبية من “ليبيا” دون تأخير.

توسيع دائرة الدول المشاركة..

ويركز المؤتمر، الذي يُعقد برئاسة مشتركة: “فرنسية-إيطالية-ألمانية”، إضافة إلى “الأمم المتحدة”، على توسيع دائرة الدول المشاركة، وخصوصًا المعنية بالشأن الليبي.

ودعيت: 30 دولة ومنظمة للمؤتمر، بينها دول جديدة معنية بالأزمة الليبية؛ مثل: “تشاد والنيجر ومالطا”، بحيث أنه أصبح أوسع من سابقه الذي عُقد في “برلين”، بحسب مصدر رئاسي فرنسي.

من الناحية السياسية؛ ستكون أولوية “مؤتمر باريس” حول “ليبيا”، حشد الدعم لإنجاح الانتخابات، المقررة في 24 كانون أول/ديسمبر المقبل.

وعلى الصعيد الأمني، من المنتظر أن تُقر الدول المجتمعة تقديم دعم دولي لخطة العمل الليبية لانسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة؛ التي اعتمدتها اللجنة العسكرية، (5+5)؛ بإدراج تنفيذ هذه الخطة كأولوية أمنية.

أما على الجانب الاقتصادي، فسوف يعمل المؤتمر على التأكيد على توزيع عادل للثروة وتنفيذ إصلاحات هيكلية للقطاع المالي؛ والعمل على توحيد المؤسسات المالية الليبية.

فرض العقوبات يمنع الصراعات..

تعليقًا على إنعقاد المؤتمر؛ قال أستاذ العلوم السياسية، “يوسف الفارسي”؛ إن: “مؤتمر باريس حول ليبيا؛ يأتي في إطار الاستعدادات والدعم الدولي لإجراء الانتخابات في موعدها، نهاية شهر كانون أول/ديسمبر المقبل”.

وأشار إلى أن: “ما يحدث على أرض الواقع يشي إلى مزيد من الخلافات والصراعات حيال إجراء الانتخابات؛ نتيجة اعتراض الأطراف التي تُريد عرقلة إجراء الانتخابات القادمة، التي لن تكون في صالحها؛ بسبب تخوفها من خسارة المشهد السياسي الليبي القادم”.

وأضاف: “يمكن لمؤتمر باريس أن يضغط باتجاه دعم المجتمع الدولي ومجلس الأمن في محاولة فرض عقوبات على معرقلي العملية الانتخابية، لكن غير ذلك سوف نكون في صراع حقيقي”.

ولفت “الفارسي” إلى أن الجماعات المسلحة والسياسية؛ التي تدعمها: “تتخوف من شخصيات بعينها في أن تصل لسدة الحكم؛ ويعتبر هاجسًا لها، خاصة من قائد الجيش المشير خليفة حفتر، الذي حارب الإرهاب وحرر مناطق كبيرة من ليبيا”.

وشدد أستاذ العلوم السياسية، على أن تأجيل العملية الانتخابية: “صعب جدًا”، مرجعًا ذلك إلى: “رغبة الشعب الليبي والمجتمع الدولي في إجرائها في موعدها المحدد”. لكنه أشار في نفس الوقت إلى: “إمكانية تأجيلها في موعد آخر، لكن عدم إجرائها أمر صعب ومرفوض”.

فضح نوايا المعرقلين..

ويرى المحلل الليبي، “حسين المسلاتي”؛ أن مخرجات “باريس” جاءت لتعزيز جميع التفاهمات الدولية السابقة؛ وتثبيت مخرجات مؤتمري: “برلين” الأول والثاني؛ وقرارات “مجلس الأمن الدولي” بشأن “ليبيا”، مشيرًا إلى أن رسالة المؤتمر الأساسية كانت عقد الانتخابات في موعدها، وإجهاض كل المحاولات لعرقلتها، مع التلويح بمساءلة من يُحاولون العرقلة ووضعهم على قائمة العقوبات الدولية.

وأوضح “المسلاتي” أن مخرجات “باريس” هي دعم للاستحقاق الانتخابي المقبل، محذرًا من أن أي تلكؤ ستكون عواقبه وخيمة على الشعب الليبي، وسيلقي بظلاله على دول الجوار؛ لأن التلاعب يعني الدخول في نفق الفوضى المظلم.

وأكد الخبير أن: “مخرجات مؤتمر باريس؛ فضحت نوايا المعرقلين من خلال تحفظهم على عدد من البنود، وأقصد تركيا تحديدًا، التي قالت إنها ما زالت لديها بعض التحفظات على سحب القوات من ليبيا، فيما أبدت روسيا استعدادها لدعم سحب متبادل للقوات من هناك”.

وبالنسبة له؛ فإن “تركيا” ترى في وجودها بـ”ليبيا” مكسبًا إستراتيجيًا لا يمكن التفريط فيه بسهولة أو بدون تحقيق مكاسب اقتصادية ومشاريع عملاقة، معبرًا عن أسفه من أن المجتمع الدولي غير متفق على “ليبيا” بنسبة كبيرة.

محاولات “الإخوان” في عرقلة الانتخابات..

وعن إمكانية إلتزام “جماعة الإخوان المسلمين” بعدم عرقلة الانتخابات، قال المحلل الليبي إن: “التنظيم؛ عودنا على إصراره على عرقلة أي عملية سياسية تكشف ضآلة حجمهم الشعبي”، مشيرًا إلى أن التنظيم سيستمر في عملية العرقلة بحجج مختلفة، ولن يستكين بسهولة إلا في حالة وجد أن المجتمع الدولي جاد في معاقبته.

أما عن الرابح من مخرجات “مؤتمر باريس”، فأكد “المسلاتي”؛ أن الشعب الليبي هو الرابح أولاً؛ لأنه يُريد أن يرى سلطة جديدة هو من يختارها وتُمثله وتُعبر عنه وتُنهي الانقسام السياسي والمؤسساتي، فيما أن تيار “الإسلام السياسي” وتنظيم “الإخوان” ومن يدور في فلكهم من تيار الفوضى والدول الداعمة لهم هو الخاسر الوحيد.

مشيرًا إلى أن إخراج المرتزقة قبل الانتخابات أمر صعب جدًا، لكن الخطوات التي تقوم بها اللجنة العسكرية المشتركة إيجابية؛ ويمكن البناء عليها.

تجميد الأرصدة لمنع استخدام المال الفاسد..

من جانبه؛ يرى المحلل السياسي الليبي، “العربي الورفلي”؛ أنه رغم محاولة أطراف عدة عرقلة الانتخابات وتأجيلها، إلا أن “مؤتمر باريس” جاء ليدعم الجدول الزمني المقرر للانتخابات، ويؤكد ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها وإخراج كل المرتزقة من الأراضي الليبية.

موضحًا أن الأطراف الأخرى حاولت عرقلة ذلك من خلال الطلب بضرورة تعديل قوانين الانتخابات ليتمكنوا من الترشح، إلا أن المؤتمر نجح في تحشيد رأي عام دولي بشأن دعم الانتخابات لإنتاج سلطة جديدة في “ليبيا”.

وأشار “الورفلي”، الذي يُقيم في “باريس”، إلى أن تنظيم “الإخوان المسلمين” معروف بوقوفه ضد إرادة الشعوب، لأنه حريص على تحقيق مصالحه الخاصة، وبالتالي لن يتوقفوا عن عرقلة الانتخابات والتشويش عليها، لكن المجتمع الدولي كان حاسمًا وجادًا هذه المرة بتهديده بمعاقبة كل المعرقلين.

وأكد أهمية ضغط المجتمع الدولي للمساعدة في إبعاد المعرقلين للانتخابات، مشيرًا إلى أهمية فرض عقوبات دولية؛ وخاصة تلك التي تتعلق بتجميد الأرصدة، لمنع الأطراف من استخدام المال الفاسد في إفشال الانتخابات.

إخراج المرتزقة على أجندة “مجلس الأمن”..

وبحسبه؛ فإن الإشارة إلى قرارات “مجلس الأمن”؛ التي تتوعد المعرقلين لم تكن صدفة، ما يعني أن هناك جدية في معاقبة المعرقلين إذا استمروا في نهجهم المعيق للانتخابات الرئاسية والتشريعية في موعدها؛ وأيضًا إلزامية القبول بنتائجها.

مشيرًا إلى أن المؤتمر أقر خطة لجنة (5+5) العسكرية؛ التي وضعت جداول زمنية محددة لإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية الموجودة على الأرض الليبية بدون أي استثناء، في تطور “مهم” بالموقف الأميركي والألماني.

وأكد المحلل الليبي؛ أن خطة إخراج القوات الأجنبية، والتي أكد عليها المؤتمر ستكون على أجندة “مجلس الأمن الدولي” في جلسته القادمة حول “ليبيا”.

معارك موجهة تُحدد مواقع في الانتخابات..

وترى الباحثة “أسماء خليفة”؛ أنه: “يمكن الافتراض، أن باريس تراعي في الانتخابات الرئاسية القادمة، في ليبيا، مصالحها الخاصة”، ورغم أن “فرنسا” تلعب دور رئيسًا في السياسية الأوروبية تجاه “إفريقيا”، لكن: “مصداقيتها كوسيط تبقى محل تساؤل”.

وتقول “خليفة” إن هذه الخطوة تتماشى مع القواعد المعتادة للعبة، في حال وصول حكومة جديدة إلى السلطة لفترة معينة من الزمن. هذا يظهر مستوى الصراع على السلطة والنفوذ في “ليبيا” بين القوى الفاعلة والأفراد، ووفقًا لخبيرة الشؤون الليبية؛ فإن: “الهدف هو إضعاف المنافسين في هذه المرحلة الزمنية؛ حتى يُتمكن لاحقًا من ممارسة تأثير أكبر. أولاً، يتعلق الأمر بمعارك موجهة وتحديد المواقع في سياق الانتخابات”.

يساهم في الإبقاء على الصراع..

وفي ظل هذا النقاش؛ هناك أيضًا مؤشرات على أن رئيس الوزراء المؤقت، “عبدالحميد دبيبة”، الذي تم تعيينه في منصبه، في شباط/فبراير الماضي، يهدف على ما يبدو إلى الترشح للرئاسة، فبحسب مسؤول حكومي رفيع المستوى؛ قال إنه يُريد الترشح لانتخابات 24 كانون أول/ديسمبر.

بالنسبة للاتفاقات المبرمة ستُمثل هذه الخطوة إشكالية، تقول الباحثة “خليفة”: “فترشح رئيس الوزراء الحالي؛ لم يكن متفقًا عليه. مثل هذه الخطوة تظهر تجاهلاً للاتفاق الذي تم التوصل إليه بجهد كبير. بهذه الطريقة، يُساعد دبيبة في الإبقاء على الصراع”.

أهداف المؤتمر يُحققها إجراء الانتخابات بسلاسة..

وتضيف أنه بالنسبة لأهم نقاط “مؤتمر باريس”، التي سبق ذكرها بحضور، “جان إيف لودريان”؛ في اجتماع “طرابلس”، وهي: استعادة السيادة الوطنية ووحدة الأراضي والانسحاب النهائي للقوات الأجنبية، فإن تحقيق هذه الأهداف يشترط أن تجري الانتخابات بسلاسة، ويجب قبول نتائج الانتخابات من قبل الفاعلين الرئيسيين.

كما ترى “خليفة” أنه يجب إقناع المشاركين في “مؤتمر باريس” بأهميتهم وأهمية إعادة تأهيل “ليبيا”؛ وتقول: “يجب على الوسطاء الدوليين أن يوضحوا للمشاركين أن تطور البلاد بطريقة شفافة بعد الانتخابات سيصب بصالح كل الأطراف”.

مصالح مشتركة..

وإذا ما نجحت الأطراف في تحقيق ذلك، ستعود الفائدة على “ليبيا” والدول الأوروبية وكل دول الجوار، بحسب مطلعين، فالاستقرار السياسي يعني ارتفاع فرص استثمارات الشركات الأجنبية في “ليبيا”، والذي يدفع لتعزيز الاقتصاد. كما أن استقرار “ليبيا” وقوتها يعني قدرتها على مكافحة الجماعات الإرهابية، وبكل تأكيد سيدفع ذلك إلى إيجاد حلول لمشكلة المهاجرين واللاجئين وهو ما يهم “أوروبا”.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة