خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في محاولة لإنقاذ الموقف المتدهور داخل أحد أكثر الأنظمة المتعارف عليها بالقوة، خاصة الاقتصادية وحتى صحيًا، إلا أن جائحة “كورونا” أظهرت عكس ذلك، حيث قرر “الاتحاد الأوروبي” الموافقة على تخصيص ما يفوق 3 مليارات يورو، (3.3 مليار دولار)، لتعزيز ودعم الأنظمة والكوادر الصحية في دول “الاتحاد الأوروبي” المتأثرة من تداعيات أزمة فيروس “كورونا” المُستجد.
وأكد “البرلمان الأوروبي”، في بيان؛ أن الدعم سيسمح لـ”الاتحاد الأوروبي” بشراء وتوزيع الإمدادات الطبية؛ مثل أجهزة التنفس ومعدات الحماية، وتوظيف العاملين في مجال الرعاية الصحية وإعادة نشرهم في بؤر الإصابة بالفيروس.
وسيساعد هذا التمويل، دول الاتحاد، على إنشاء المستشفيات الميدانية ونقل المرضى والمعدات في المناطق العابرة للحدود. وتخصص الحزمة أيضًا 350 مليون يورو لمساعدة “اليونان” على التعامل مع ضغوط الهجرة المتزايدة و100 مليون دولار لدعم إعادة إعمار “ألبانيا” بعد الزلزال الذي تعرضت له.
قروض لدعم الأشد تضررًا..
ويعتزم “الاتحاد الأوروبي” إطلاق برنامج بقيمة 100 مليار يورو، (109 مليارات دولار)، في صورة قروض لدعم الدول الأعضاء الأشد تضررًا من أزمة فيروس “كورونا” المُستجد، (كوفيد-19)، في خطوة يمكن أن تُهديء التوترات الناجمة عن رفض “ألمانيا” فكرة إصدار سندات مشتركة لدول “منطقة اليورو”، حسب وكالة (بلومبرغ) للأنباء الأميركية.
وتطالب 9 دول أعضاء، منها: “فرنسا وإيطاليا وإسبانيا”، بإيجاد أدوات مشتركة للإقتراض باسم “سندات كورونا”، لكن هذه الفكرة تواجه معارضة قوية من جانب “ألمانيا” و”هولندا”.
ومن جانبها ترفض “ألمانيا” و”هولندا” تحمل أعباء مادية ناتجة عن “سندات اليورو” المخصصة لدعم الدول أعضاء “الاتحاد الأوروبي” المتضررة من تفشي “كورونا” المُستجد.
وتُجدر الإشارة إلى أن حكومات الدول الأوروبية المتضررة من أزمة “كورونا” تواجه صعوبات في التعامل مع شروط الإقتراض من آلية الاستقرار الأوروبية التي تُعد صندوق إنقاذ مالي لدول “منطقة اليورو” التي تضم 19 دولة من دول “الاتحاد الأوروبي” وعددها 27 دولة.
موارد مادية غير كافية..
تعليقًا على تلك الخطوة؛ قال “مصطفى الطوسة”، المحلل السياسي المقيم في “فرنسا”؛ إن: “الموارد المادية التي خصصها الاتحاد الأوروبي للدول الأعضاء غير كافية لإنقاذ قطاعات تلك الدول الطبية جراء وباء كورونا”.
وأضاف أن: “الدول الأوروبية استوعبت جيدًا أنه على الرغم من تقدمها العلمي والصناعي والاجتماعي والديمقراطي، إلا أن وباء كورونا كشف هشاشة بنيتها التحتية الصحية”.
وتابع: “العديد من الدول وعدت شعوبها، بعد إنتهاء الأزمة، بالمضي قدمًا في استثمارات عملاقة لتقوية القطاع الصحي، استعدادًا لأي جائحات أخرى قد تضرب بلدانهم”.
وأكد على أن: “في فرنسا مثلًا وعد، إيمانويل ماكرون، المواطنين، بخطة استثمارية قوية الهدف منها تقوية القطاع العام الصحي ليكون قادرًا على مواجهة أي أزمة صحية مقبلة”.
مشيرًا إلى أن: “أوروبا أيقنت ضرورة الاستثمار في الصناعات والمعدات الطبية، بعد أن اكتشف الرأي العام الأوروبي أن ليس لديه أي استقلالية عن الصين، حتى بالنسبة للكمامات الطبية البسيطة، ما يستوجب إعادة توطين الصناعات الطبية مجددًا”.
ضرورة إيجاد إستراتيجية لمواجهة الأزمة..
فيما قال “رامي الخليفة العلي”، الباحث في الفلسفة السياسية في جامعة “باريس 10″، إن: “الاحتمال ضعيف وبعيد للغاية لمسائل تتعلق بمصالح الدول، أكثر من تعلقها بتصور إيديولوجي لدى بعض الدول الأوروبية”.
وأضاف أنه: “بعد أزمة انتشار فيروس كورونا؛ ستكون الدول الأوروبية في أزمة اقتصادية كبيرة، خاصة إيطاليا وإسبانيا، وغيرها من الدول التي ستكون بحاجة إلى تضامن أوروبي، وإيجاد إستراتيجية لمواجهة الأزمة”.
وأكد على أنه: “رغم خيبة أمل إيطاليا وإسبانيا من عدم التضامن الأوروبي معها في أزمة كورونا، إلا أن من مصالح تلك الدول العمل مع الدول الأوروبية للخروج من الأزمة الاقتصادية سريعًا”.
وأوضح أنه: “في ظل وجود تكتلات دولية مختلفة، هناك مصلحة لغالبية الدول الأوروبية في وجودها داخل تكتل إقليمي هو الأقوى اقتصاديًا على مستوى العالم، لذلك ستدفع المصلحة تلك الدول التمسك بالاتحاد ومؤسساته”.
مناشدات مستمرة لضرورة العمل المشترك..
إلى ذلك؛ ناشدت “إسبانيا والبرتغال وفرنسا”، بقية دول “الاتحاد الأوروبي”، ضرورة العمل المشترك والتضامن من أجل التصدي لتداعيات فيروس “كورونا” المُستجد، (كوفيد-19).
جاء ذلك بحسب بيان صادر عن “وزارة الخارجية” الإسبانية، مساء الجمعة الماضي، ذكر أن سكرتير الدولة المسؤول عن شؤون الاتحاد الأوروبي، “خوان عونزاليز باربا”، عقد لقاء عبر تقنية الفيديو كونفرانس مع نظيريه الفرنسي والبرتغالي.
وأوضح البيان أن المسؤولين من الدول الثلاث اتفقوا على ضرورة تحرك دول “الاتحاد الأوروبي” بشكل مشترك في مواجهة تداعيات فيروس “كورونا”، وشددوا كذلك على أهمية التنسيق المشترك من أجل مساعدة الشركات والعمال المتضريين من الوباء، وحماية المواطنين الأوروبيين.
وأوضح البيان؛ أن القمتين المقبلتين لوزراء خارجية، ورؤساء دول وحكومات “الاتحاد الأوروبي” المزمعتين، يوما 22 و23 نيسان/أبريل الجاري، “ستكونا اختبارًا لمدى التضامن والمصداقية داخل الاتحاد”.
وتابع قائلًا: “يجب أن تكون أوروبا على مستوى الاستجابة لهذا التحدي التاريخي الذي يتطلب رؤية حقيقية”، مشددًا على: “ضرورة تأسيس استقلالية ذاتية إستراتيجية أوروبية حقيقية في الصحة والزراعة والصناعة”.
كما دعت “إسبانيا وفرنسا والبرتغال” إلى ضرورة تطوير الخطة المالية لـ”الاتحاد الأوروبي” 2021-2027، وإستيراتيجيته الرقمية؛ لتصبح أوروبا أكثر اجتماعية، وقادرة على مواجهة التحديات، وفي مقدمتها تغير المناخ.
ويعقد وزراء خارجية “الاتحاد الأوروبي” قمتهم، يوم 22 نيسان/أبريل، أما قمة رؤساء الدول والحكومات فستكون يوم 23 من الشهر نفسه، وذلك عبر تقنية “الفيديو-كونفرانس”، (دائرة تليفزيونية مغلقة).