6 أبريل، 2024 8:13 م
Search
Close this search box.

 2012 .. نذر شؤم من حرب أهلية وتفتت العراق الى ضيعات عرقية

Facebook
Twitter
LinkedIn

 في مثل هذه الظروف المتأزمة سياسيا وأمنيا التي يمر بها العراق حاليا يشير متابعون الى ان العراق مبعث قلق عميق فهو أرض تغلي منذ فترة وسياسة البلاد هي التي قد تقسمها وهناك مخاوف حقيقية من أن ينتهي الأمر الى حرب أهلية أخرى يؤدي فيها لاعبون إقليميون دورا من جديد .. وسط ربيع عربي بدأ يتحول الى خريف مجدب ومخيف.

كانت البداية صفعة وجهتها شرطية تونسية لوجه بائع خضروات فقير في مدينة تونسية فأشعل محمد البوعزيزي النيران في نفسه احتجاجا لتشتعل سلسلة من الحرائق في أنحاء العالم العربي. ولو رأى البوعزيزي الذي توفي منذ 12 شهرا الأوضاع الآن لوجد صعوبة في التعرف على المنطقة التي كان يعرفها جيدا.

فمثلا ما ان طوت القوات الأمريكية علمها وسحبت دباباتها من الأراضي العراقية هذا الشهر حتى تفجرت جولة جديدة من النزاع الطائفي واندلعت أعمال العنف مما يضع الشيعة في مواجهة منافسيهم السنة ويثير شبح الاتجاه من جديد نحو حرب أهلية وتفكك العراق.

جغرافيا تقسم البلاد الى ضيعات عرقية فيعزز الأكراد شبه الاستقلال الذي تتمتع به منطقتهم في الشمال ويهيمن الشيعة على الجنوب علاوة على وضعهم الراسخ في بغداد بينما يفكر السنة فيما اذا كان عليهم إنشاء منطقة شبه مستقلة لطائفتهم في الوسط والغرب.

ويزيد جيران العراق الذين يتنافسون على النفوذ بعد انسحاب القوات الأمريكية من قابلية حدوث اضطرابات في البلاد.

وتتنافس السعودية وايران على النفوذ في العراق الذي يعاني انقسامات عميقة بينما تحاول تركيا ذات الأغلبية السنية لعب دور للتهدئة. لكن حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي التي يقودها الشيعة ازدادت قربا من ايران ربما تحسبا لسقوط الأسد حليف طهران الذي ينتمي للطائفة العلوية الشيعية مما قد يبدل ميزان القوى لصالح الأغلبية السنية في سوريا التي هي على أعتاب العراق .

وأشعل المالكي الذي ينتمي لحزب الدعوة الإسلامي سخونة الأجواء حين حاول إلقاء القبض على طارق الهاشمي النائب السني للرئيس الذي فر الى كردستان العراق مما أثار تهديدات من بغداد ضد حكومة المنطقة شبه المستقلة.

وخلال هذه الأزمات الطائفية يستأنف من يطلق على انفسهم “الجهاديون” السنة تفجيراتهم ضد أهداف حكومية وقد بدأوا بالفعل بسلسلة تفجيرات أسقطت عشرات القتلى هذا الأسبوع. ويثول متابعون للشأن العراقي ان “العراق مبعث قلق عميق .. العراق أرض تغلي منذ فترة فسياسة البلاد هي التي قد تقسمها وهناك مخاوف حقيقية من أن ينتهي الأمر الى حرب أهلية أخرى يؤدي فيها لاعبون إقليميون دورا من جديد.

 وعدا ذلك فمن ساحل المحيط الأطلسي الى شواطيء الخليج اجتاحت الانتفاضات ضد حكام شموليين راسخين المنطقة لتطلق العنان لتغيير كبت لفترة طويلة في عالم تجاوزته الديمقراطية.

ومن الصعب تصديق ما حدث حتى الآن فخلال عام 2011 سقط حكام تونس ومصر وليبيا واليمن وتشهد سوريا انتفاضة شعبية بينما يشعر كل زعيم عربي تقريبا بتوابع الزلزال تحت عرشه.

وبدأ نظام جديد للشرق الأوسط يظهر بصورة فوضوية وقد سجل هذا في صور ما كانت لتخطر ببال قبل عام. جرأت الثورات شعوب المنطقة التي حركتها المعاناة من مشاكل طائفية ودينية وعرقية وسياسية واقتصادية ووحدها مطلب الكرامة لتنتفض ضد عقود من القمع في ظل حكم زعماء شموليين.

والمفارقة أن الزعماء الذين سقطوا في تونس ومصر وليبيا واليمن حل محلهم الإسلاميون الذين عمل هؤلاء القادة على مدى حكمهم على قمعهم وقد وصل الإسلاميون الى الحكم من خلال صناديق الاقتراع.

الجانب المظلم للاحداث التي مازالت تتكشف هو الطريقة التي تتصاعد بها عداءات طائفية ظلت كامنة عبر التاريخ والتي قمعت بشكل ظاهري طوال عقود من الدعوة للقومية العربية وتسببت هذه العداءات في استقطاب واضح في العالم الاسلامي بين السنة والشيعة.

كانت بداية ظهور هذه الانقسامات التي تعود الى عدة قرون الى الوراء في العراق حين تمت الإطاحة بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين وهو سني وصعدت نخبة شيعية حاكمة الى سدة الحكم مما أثار أعمال عنف طائفي داخل البلاد وصراعا على النفوذ بين السنة والشيعة في أرجاء المنطقة وضع السعودية في مواجهة ايران.

ويقول سلمان الشيخ من مركز بروكنجز الدوحة “ستعيد بعض القصص القديمة فرض نفسها سواء في البحرين او العراق الآن. سنشهد صعود الانقسام بين السنة والشيعة مجددا خاصة في الخليج ولبنان.”

وفي حين أطلق على عام 2011 اسم (عام الطغاة) فإن مراقبين يتكهنون بأن عام 2012 سيكون العام الأخير للرئيس السوري بشار الأسد في الحكم لكنهم يحذرون من الثمن الذي سيتكبده السوريون من دمائهم والتداعيات التي قد يسببها سقوطه في المنطقة.

وقال الشيخ “في سوريا لن يتراجع المحتجون. لقد ذهبوا الى مدى بعيد جدا. وايا كان ما يقترحه الأسد فيما يتعلق بحكومة الوحدة او الإصلاحات… فلا أحد يعيره اهتماما.” وأضاف “سيكون عام 2012 عام رحيل الأسد.”

ويشك خبراء في الشأن السوري في أن يتدخل المجتمع الدولي في هذه المرحلة بسوريا ويتوقعون أن ينتظر حمام دم تكون له آثار غير مباشرة على دول الجوار اسرائيل ولبنان وتركيا والعراق والأردن التي تتسم جميعها بأوضاع سياسية حساسة بما قد يبرر إصدار الأمم المتحدة تفويضا للقيام بعمل عسكري.

من ناحية أخرى فإن السوريين أنفسهم على ما يبدو يائسون ومنقسمون على صعيد اعتقادهم بأن الأسد سيتنحى او ستتم الإطاحة به العام القادم. ويتحدى الأسد احتجاجات شعبية مستمرة منذ تسعة أشهر.

وقالت ناتاشا وهي موظفة حكومية في وزارة الزراعة السورية “أتمنى لو أستطيع وقف كل شيء والعودة الى ما قبل الثورة. ضقنا ذرعا بسقوط القتلى من الجانبين والكل يعلم أن الأسد لن يتنحى الا بالقوة او من خلال تدخل أجنبي وليس هذا هو ما نريده.”

وفي حين يصعب التكهن بالنتيجة في سوريا فإن المشاعر في الدول التي سقط حكامها المستبدون بالفعل متضاربة أيضا فلقد حل محل فرحة الجماهير العارمة وسعادتها برحيل زعمائها إحباط وحزن وخوف.

وعلى الرغم من أن تونس تمر بانتقال سلس نسبيا فيما يبدو بعد إجراء انتخابات اتسمت بالهدوء فإن ثورتي مصر واليمن لاتزالان في حالة غليان بينما تحاول ليبيا حتى الآن التوصل الى كيفية اقتسام السلطة في ظل هيكل قبلي معقد اتخذ شكلا ينطوي على مخاطر نتيجة الحرب مع الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.

المدهش في كل هذا هو أن المحتجين الشبان الذين كانوا وقود هذه الثورات شهدوا الجماعات الإسلامية الاكثر تنظيما منهم وهي تجني ثمار الثورة في صناديق الاقتراع.

وفازت حركة النهضة الإسلامية المعتدلة بالانتخابات في تونس. لكن نتائج الانتخابات في مصر حيث تتصدر جماعة الاخوان المسلمين السباق الانتخابي فيما يحصد التيار السلفي نحو ربع الأصوات أثارت قلقا في أرجاء المنطقة.

وقال الشيخ “مصر مثار قلق عميق وقد تخرج عن السيطرة” مشيرا الى الاحتجاجات العنيفة ضد الجيش الذي تباطأ في تسليم السلطة للمدنيين على الرغم من إسقاط الرئيس السابق حسني مبارك.

وفي تكرار لشكاوى الكثير من الشبان المصريين قال محمد عبد الحليم (21 عاما) إنه سعيد لأنه رأى أقرانه يطيحون بواحد من أقدم حكام العالم العربي في 18 يوما فقط لكنه عبر عن قلق عميق بشأن تصاعد حدة العنف وتزعزع الاستقرار. وأضاف أن الثورة استبدلت غضبه من مبارك بمخاوف بشأن المستقبل في مصر.

وقال عبد الحليم الذي اضطر لإغلاق متجر الحلي الذي يملكه قرب ميدان التحرير الذي تتفجر فيه أعمال العنف من حين لآخر “الرعب الذي تواجهه اغلبية المصريين يوميا يتمثل في الاضطرار للتعامل مع سؤال واحد لا يغيب عن أذهانهم. ماذا سيحدث لنا الآن؟” ويشكو من ليال تمر عليه دون أن يرى النوم لقلقه بشأن ما اذا كانت تجارته ستستمر.

وبينما تشكل سوريا ومصر -ناهيك عن اليمن الفقير الذي يعاني من صراعات داخلية- أسبابا جديدة للقلق فإن مشاكل أخرى معلقة تظهر على السطح من جديد تغلفها مشاعر الانتقام.

 

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب