10 أبريل، 2024 4:39 م
Search
Close this search box.

10 أسباب .. لماذا لا يمكن استنساخ نموذج “الربيع العربي التونسي” في الجزائر ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – لميس السيد :

يُعد الانتقال من نظام استبدادي إلى نظام ديمقراطي؛ هو عملية معقدة، وما تم إنجازه في “تونس” لا يمكن تكراره في “الجزائر”.. هكذا استهلت صحيفة (ميدل ايست إي) البريطانية؛ تقريرها عن تطور الأوضاع في “الجزائر” ومدى قابلية نجاح نموذج احتجاجات “الجزائر”، في 2019، بالشكل الذي وصلت إليه احتجاجات “تونس”، في 2011، بإعتبارها النموذج الأنجح بين ثورات “الربيع العربي”.

منذ استقالة الرئيس الجزائري، “عبدالعزيز بوتفليقة”، في 2 نيسان/أبريل 2019، بعد أسابيع من الاحتجاجات ضد حكمه، الذي دام 20 عامًا، تصاعدت أوجه المقارنات مع بلدان شمال إفريقيا الأخرى التي شهدت انتفاضات، في عام 2011، باسم ما يعرف بـ”الربيع العربي”.

يُنظر إلى “تونس”، على نطاق واسع، على أنها الدولة العربية التي نجحت في إجتياز انتقالها الديمقراطي بنجاح، منذ عام 2011. بعد مرور ثماني سنوات على الاحتجاجات التي أجبرت الرئيس السابق، زين العابدين بن علي”، على الذهاب إلى المنفى، نجحت البلاد في الحفاظ على الاستقرار والوحدة من خلال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

لم ينجح الانتقال في “تونس” نتيجة لإطار سياسي واضح، ولكن لأسباب لا علاقة لها بنموذج الانتقال، خاصة أنه في عام 2011، كان السياق السياسي والاجتماعي في “تونس” مختلفًا تمامًا عن السياق الحالي في “الجزائر”.

لذا نستعرض معكم عشرًا من النقاط المهمة التي تفسر ذلك :

1 – الدعم الدولي..

حظي انتقال “تونس” بتأييد المجتمع الدولي بالإجماع، حيث عملت “فرنسا” و”الولايات المتحدة” و”الجزائر” معًا لجعل التجربة التونسية ناجحة – أو على الأقل لمنع “تونس” من التحول إلى دولة عنيفة.

كان لكل بلد رؤيته وأهدافه، لكن في النهاية الجميع وافقوا على نقطة واحدة؛ وهي تبني “تونس” طريق التحول الديمقراطي، خاصة في ظل هشاشة اقتصاد البلاد للغاية، بحيث لم يعد بإمكانه أن يصبح مركزًا لعدم الاستقرار على الشاطيء الجنوبي لـ”البحر الأبيض المتوسط”، الباعد ببضعة كيلومترات عن “إيطاليا” و”الجزائر” و”ليبيا”.

2 – موقف ودي من دول الغرب..

في هذا السياق؛ تقصد “تونس” نموذجًا مضادًا لـ”سوريا” أو “ليبيا”؛ اللتان قال عنهما بعض النقاد أنهما عوقبوا على موقفهم المعادي للغرب منذ عقود. ونظرًا لتاريخها في استيعاب السياسة الخارجية تجاه “أوروبا” والقوى الغربية الأخرى، فقد نجت “تونس” من هذا النوع من التدخل العسكري المثير للجدل الذي شهدته الدولتان العربيتان الأخريان.

3 – لعب السياسة..

يتمتع التونسيون بسمعة طيبة في معرفة فن التسوية والتفاوض – أو ما يسميه البعض “معرفة كيفية ممارسة السياسة” – وهو ما يتصوره الجزائريون بدرب من دروب الإزدراء والتجاهل.

حصلت “تونس” على استقلالها من خلال اللجوء إلى أساليب “الأخذ والعطاء”، من رئيسها الأول، “الحبيب بورقيبة”، ومن هنا يمكن القول إن المجتمع التونسي مستعد للتغيير تدريجيًا والتطور على مراحل.

أما “الجزائر” تتبع النمط المعاكس أو ما يمكن وصفه بأن “التطرف هو القاعدة”. وقد أدى ذلك إلى دفع البلاد ثمنًا باهظًا لإنجازات مهمة، ولكنها رمزية في بعض الأحيان.

4 – مجتمع متجانس..

المجتمع التونسي منظم جدًا ومتجانس نسبيًا، على عكس المجتمع الجزائري، الذي شهد اضطرابات هائلة في فترة زمنية قصيرة جدًا.

وهذا يجعل الاحتجاجات في كلا البلدين مختلفة في اللهجة وبعض الفروق الدقيقة. التونسيون معتدلون ومتوازنون بل واقعيون، بينما الجزائريين متطرفون، كما يتضح من وسم “فليتنحوا جميعًا”؛ الذي اجتاح مواقع التواصل الاجتماعي في “الجزائر”، ضمن الشعارات الاحتجاجية.

5 – اختلاف النهج العسكرية..

“تونس” ليست دولة مسلحة. ليس لجيشها نفس التراث التاريخي والرمزي ونفوذ الجيش الوطني الشعبي في “الجزائر”، حيث تهيمن النخب المتعلمة على الطبقة السياسية، بينما في “الجزائر”، يشكل المجال السياسي لديها منطق الحرب والعنف، سواء كان ذلك نتاج صدمة استعمارية أو حرب أهلية في التسعينيات.

لم تشهد “تونس” تقريبًا؛ أي حوادث عنف منزلي كبير خلال القرن العشرين، أو حتى من قبل، في حين عانت “الجزائر” من نزاعات دموية، بين عامي 1954 و1962، وفي التسعينيات، لذا فرض تاريخ “الجزائر” إعتقادًا بأنه يجب تسوية النزاعات بالقوة والعنف واعتبار لتفاوض هو مجرد نتيجة رسمية تهدف إلى تكريس النصر العسكري.

6 – بدائل “النظام”..

في “تونس”، كانت قوى المجتمع المنظمة موجودة خارج النظام السياسي المهيمن؛ حتى قبل الانتفاضة، في 2011. اعتمدت أنظمة الشرطة في عهدي “الحبيب بورقيبة” و”زين العابدين بن علي” على الطبقات المتوسطة التي كانت ممثلة تمثيلًا جيدًا في النظام، في صالح الطبقات الدنيا. ومع ذلك، في ظل “بن علي”، ضعفت شمولية النظام التونسي، مما دفع بعض النخب السابقة إلى الهامش.

مع إنهيار نظام “بن علي”، لم يتمكن “الاتحاد العمالي التونسي” و”حزب النهضة السياسي” من إحتواء الاحتجاجات فحسب، بل عرضوا أيضًا بديلاً للنظام المتراجع. لقد نجحوا في تشكيل جزء من الآراء السياسية للسكان على أسس إيجابية وبناءة، نحو هدف يتجاوز مجرد القضاء على النظام.

لكن “الجزائر” ليس لديها ما يعادل “حزب النهضة” أو “الاتحاد العام لنقابات العمال”، لأن نظام “بوتفليقة” قد سحق حركات المعارضة أو المجتمع المدني. ويعتبر الحزب الاسلامي، “حركة مجتمع السلم”، في “الجزائر” هو معادل “الحزب الإسلامي” في “تونس” التي مهدت الطريق بعد الثورة، إلا أن حزب الجزائر يؤخذ عليه التنسيق السري مع الحكومة.

7 – اختلاف التجارب مع الإسلاميين..

لقد تعلم الإسلاميون التونسيون من التجربة الجزائرية، في التسعينيات، وتحايلوا على الأخطاء التي إرتكبتها الحركات الدينية الأخرى في المنطقة. وفي محاولة للسيطرة المطلقة في “الجزائر”، كانت “الجبهة الإسلامية للإنقاذ” في قلب الحرب أهلية القاتلة التي استمرت عقدًا من الزمان.

في حين تمزقت “الجزائر” بسبب النزاع، كان زعيم حزب النهضة، “راشد الغنوشي”، في المنفى في “أوروبا”، حيث لاحظ عواقب تعنت “الجبهة الإسلامية للإنقاذ”، مما عزز معتقداته بأهمية الحريات والحوار.

ربما يرجع ذلك جزئيًا إلى تاريخ “الجزائر” الحديث، فقد رفض “حزب النهضة” – الذي يصف نفسه بأنه حزب لـ”الديمقراطيين المسلمين” – الحكم وحده. واختار الحزب تكليف الرئاسة لـ”منصف مرزوقي”، وهو مدافع عن حقوق الإنسان وله سجل حافل بالإنجازات؛ وكان الغرض هو تجنب توليد توترات غير ضرورية خلال الفترة الانتقالية.

8 – معارضة منظمة..

تلاحظ التحولات الناجحة التي حدثت في البلدان التي كانت فيها بالفعل معارضة منظمة ومتطورة قائمة. حيث ساهمت أعمال كل من “الاتحاد العام التونسي للشغل” و”حزب النهضة” في “تونس”، و”حزب المؤتمر الوطني الإفريقي” في “جنوب إفريقيا”، و”نقابة التضامن” في “بولندا”، في تخفيف حدة العنف، على عكس “الجبهة الإسلامية الجزائرية”، التي أدت إلى تفاقم الوضع في التسعينيات.

9 – منهج كل شيء أو لا شيء..

اختلاف آخر بين “الجزائر” و”تونس” هو حجم المطالب. في “تونس”، كان المتظاهرون على استعداد لقبول حل وسط للتحرك تدريجيًا نحو الأهداف الديمقراطية، شريطة أن ينتهي نظام “بن علي”.

في “الجزائر”، كان المطلب الرئيس هو حذف اسم “بوتفليقة” من الحكم. لقد تم تنحية الأفراد الرئيسيين في حكومته جانبًا أو أنهم في طريقهم إلى ذلك، لكن الشارع زاد من مطالبه. ورفع المتظاهرون عريضة المطالب إلى درجة عالية، بحيث لا يمكن تلبية مطالبهم من خلال المفاوضات، كما كان الحال في “تونس”.

10 – اختلاف رؤساء أركان الجيش..

ساعد أركان جيوش كل من “الجزائر” و”تونس” في الإطاحة بـ”بوتفلقية” و”بن علي”. في “تونس”، لم يكن لدى الجنرال، “رشيد عمار”، طموح، حيث عمل كمسير لرموز الدولة قبل تسليم زمام الأمور للمدنيين، حيث أن “تونس” ليس لها تاريخ في الحكم العسكري.

في “الجزائر”، قرر الجنرال، “أحمد قايد صالح”، أيضًا دعم الشعب، منهيًا إلتزامًا دام 15 عامًا نحو رئيسه “بوتفليقة”.

لكن التشابه ينتهي هنا، حيث أن “قايد صالح” يجسد سلطة كانت تمتلك دائمًا سلطة حقيقية في بلده، بينما ورث نظيره التونسي المسؤولية السياسية عن طريق الصدفة، وسرعان ما تخلص منها.

ومع تطور الوضع في “الجزائر”، تبقى المقارنة بالجارة الشرقية تتبع منهج شديد التبسيط وغير مكتمل للتنبؤ بالمستقبل بشكل كاف.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب