يُنذر بحرب باردة تحت المحيطات .. “بوسايدون” أحدث أسلحة موسكو التي تخشاها واشنطن !

يُنذر بحرب باردة تحت المحيطات .. “بوسايدون” أحدث أسلحة موسكو التي تخشاها واشنطن !

وكالات – كتابات :

يُمثل دخول غواصة (بيلغورود)؛ المسلحة بطوربيدات (بوسايدون) النووية الشبحية، إلى الخدمة في الأسطول الروسي نقطة تحول في صراع البحار والمحيطات، فما مواصفات وإمكانيات الغواصة الأطول في العالم ؟

رصد تقرير لشبكة (سي. إن. إن) الأميركية؛ ما يعنيه دخول الغواصة الروسية إلى الخدمة، بعد تسليمها لـ”البحرية الروسية”؛ خلال تموز/يوليو الجاري، سواء بالنسبة للحرب الحالية في “أوكرانيا” أو بالنسبة لموازين القوى العالمية بشكلٍ عام.

تقرير الشبكة الأميركية، وعنوانه: “غواصة البحرية الروسية الضخمة الجديدة قد تُمهد الطريق لحرب باردة جديدة”، ركز على الإمكانيات التسليحية للغواصة الروسية من جهة، ومهامها القتالية من جهة أخرى. فالغواصة الروسية هي الأطول في العالم، ويصفها أحد صُناعها بأنها سفينة أبحاث، لكن يقول آخرون إنها منصة للتجسس وربما أسلحة نووية.

طوربيدات نووية فائقة الحجم..

في وقتٍ سابق من تموز/يوليو الجاري، حصلت “البحرية الروسية” على غواصة (بيلغورود)؛ في “ميناء سيفيرودفينسك”، وفقًا لأكبر شركة بناء سفن في البلاد (Sevmash Shipyard).

ويقول الخبراء إنَّ تصميمها هو نسخة مُعدّلة من الغواصات الروسية ذات الصواريخ المُوجّهة من فئة (أوسكار-2)، لتصير أطول بهدف استيعاب أول طوربيدات شبح مُسلّحة نوويًا في العالم ومعدات لجمع المعلومات الاستخباراتية.

إذا تمكنت (بيلغورود) من إضافة تلك القدرات الجديدة إلى الأسطول الروسي بنجاح، فقد تُمهد في العقد القادم الطريق للعودة إلى مشاهد “الحرب الباردة” تحت المحيط، مع تتبع الغواصات الأميركية والروسية ومطاردة بعضها البعض في مواجهات محتدمة.

وتُعد (بيلغورود)، التي يبلغ ارتفاعها أكثر من: 184 مترًا، أطول غواصة في المحيط اليوم – وهي أطول حتى من غواصات الصواريخ (الباليستية) والمُوجّهة، فئة (أوهايو) التابعة لـ”البحرية الأميركية”، التي تأتي على ارتفاع: 171 مترًا.

ذكرت وكالة أنباء (TASS) الحكومية الروسية؛ أنَّ (بيلغورود) طُرِحَت؛ في عام 2019، وكان من المتوقع تسليمها لـ”البحرية الروسية”؛ في عام 2020، بعد التجارب والاختبارات، لكن تأجّل التسليم بسبب جائحة فيروس (كورونا) المُستجد. ولم يُحدَّد جدول زمني للنشر الأول للغواصة.

وما يُميز (بيلغورود) عن أي من الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية في الأسطول الروسي – أو عن أي من الغواصات النووية التي تعمل في أي مكان في العالم – هو مهمتها.

ذكرت (TASS) أنَّ الغواصة ستحمل طوربيدات (بوسايدون) النووية قيد التطوير، المُصمَّمة لإطلاقها من على بُعد مئات الأميال والتسلل عبر الدفاعات الساحلية من خلال السفر على طول قاع البحر.

قال كل من المسؤولين الأميركيين والروس إنَّ الطوربيدات يمكن أن تُطلق رؤوسًا حربية وزنها عدة ميغا طن؛ مما يتسبب في موجات مشعة تجعل مساحات شاسعة من الساحل المستهدف غير صالحة للسكن لعقود.

في تشرين ثان/نوفمبر 2020، قال “كريستوفر فورد”، مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الأمن الدولي وعدم الانتشار، إنَّ طوربيدات (بوسايدون) مُصمَّمة: “لإغراق المدن الساحلية الأميركية بموجات تسونامي المشعة”.

وذكر تقرير صادر عن “خدمة أبحاث الكونغرس” الأميركي، في نيسان/إبريل، أنَّ طوربيدات (بوسايدون) تهدف إلى أن تكون أسلحة انتقامية، مُصمَّمة للرد على عدو بعد هجوم نووي على “روسيا”.

تشكيك أميركي في طوربيدات “بوسايدون”..

ومع ذلك؛ هناك شكوك حول السلاح، وما إذا كان سيُضَاف في النهاية إلى ترسانة “روسيا”، إذ قال “هانز كريستنسن”، مدير مشروع المعلومات النووية في “اتحاد العلماء الأميركيين”؛ للشبكة الأميركية: “لا تزال هذه التقنية قيد التطوير، سواء الطوربيد أو المنصة”.

واستبعد “كريستنسن” أن تكون طوربيدات (بوسيدون) جاهزة للنشر حتى النصف الثاني من هذا العقد. بدورها، قالت “خدمة أبحاث الكونغرس” الأميركي؛ إنها لا تتوقع نشر طوربيدات (بوسيدون) حتى عام 2027.

وتُشير “كريستنسن” إلى أنَّ (بيلغورود) نفسها هي بالفعل سفينة اختبار لفئة (خاباروفسك) القادمة من الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية، التي يمكن إطلاق أولها هذا العام.

ويدعي المسؤولون والخبراء العسكريون الأميركيون إن الجيش الروسي أظهر أداء ضعيفًا في حربه على “أوكرانيا”، ويُلقي المحللون اللوم في جزء من ذلك الأداء الضعيف على التصميم السييء للأسلحة والفساد الذي أدى إلى إهمال صيانة المعدات العسكرية الروسية. لكن تلك هي الرواية الغربية بطبيعة الحال، والتي ترفضها “موسكو”؛ (والحقائق الميدانية حتى الآن).

وفي هذا السياق؛ قال “كريستنسن”؛ لـ (سي. إن. إن): “أوكرانيا تُمثل تذكيرًا بأنَّ الأسلحة الروسية المتقدمة ليست أسلحة سحرية، لكنها تُعاني من مشكلات الاعتمادية. كل الأسباب تؤدي للإعتقاد بأنَّ طوربيدًا عابرًا للقارات يعمل بالطاقة النووية لن يسلم من المشكلات”.

لكن على الجانب الآخر، يُحذر خبراء آخرون من أي افتراض بأنَّ الغواصة الروسية أو طوربيدات (بوسيدون) قد لا تكون في الحقيقة مطابقة لما يُروج عنها.

“توماس شوغارت”، قبطان غواصة سابق بـ”البحرية الأميركية” ويعمل الآن محللاً في “مركز الأمن الأميركي الجديد”، قال لشبكة (CNN): “إنَّ اتخاذ انطباعات عن القوات البحرية والنووية الروسية بأنها مشابهة للقوات البرية والجوية التكتيكية الروسية – وعلى وجه الخصوص، الانطباعات القائمة على مشاهدة تنفيذ خطة سيئة للغاية في أوكرانيا – يمكن أن يؤدي إلى استهانة خطيرة بكفاءة تلك القوات الإستراتيجية الروسية”.

وأضاف “شوغارت”: “سيكون الأمر أشبه بمشاهدة الانسحاب الفوضوي للولايات المتحدة من أفغانستان؛ وبالتالي ستكون النتيجة التشكيك في قدرة غواصات الصواريخ (الباليستية) على تنفيذ مهمتها النووية”.

لعبة قط وفأر تحت الماء..

قالت “خدمة أبحاث الكونغرس” الأميركي؛ إنَّ (بيلغورود) قد تكون الأولى في أسطول من أربع غواصات يمكنها حمل طوربيدات (بوسيدون)، مع إثنتين منها للخدمة في أسطول “المحيط الهاديء” الروسي؛ وإثنتين في أسطولها الشمالي.

وكتب خبير الغواصات الأميركية؛ “إتش. آي. ساتون”، على موقعه على الإنترنت؛ (Covert Shores)، في عام 2020، أنَّ الغواصات الثلاث التالية المسلحة من طراز (بوسيدون)، فئة (خاباروفسك) المذكورة أعلاه؛ “من المُرجح أن تكون الغواصة المحددة لعقد 2020؛ لأنها تُمثل خصمًا جديدًا وصعبًا”.

وقال “ساتون” عن طراز (خاباروفسك): “من غير المُرجح أن تُحاكي القوات البحرية الأخرى ذلك، لكنها سترغب في مواجهتها. لعبة القط والفأر تحت الماء حيث تٌطارد الغواصات البحرية الأميركية والغواصات القاتلة (البريطانية) الروس يمكن إعادة تنشيطها. ربما نشهد حربًا باردة جديدة في القطب الشمالي وشمال المحيط الأطلسي وشمال المحيط الهاديء”.

وفي حين أنَّ (بيلغورود) قد تكون منصة الإطلاق التجريبية المستقبلية لـ (بوسيدون)، قال “ساتون” إنَّ الغواصة ستعمل على الأرجح بصفتها منصة لجمع المعلومات الاستخبارية.

وكتب “ساتون”: “ستضم في طاقمها أفراد البحرية الروسية؛ لكنها ستعمل تحت إشراف (GUGI)، وهي المديرية الرئيسة السرية لمنظمة أبحاث أعماق البحار”، وستحمل مجموعة من الغواصات الصغيرة والغاطسات: “لأداء مهام خاصة سرية”.

وعلى خلفية الأزمة الأوكرانية والصراع بين “روسيا” وحلف الـ (ناتو)؛ وقبل أن تندلع الحرب، كان الرئيس الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، قد بدأ في الكشف عن المزيد من الأسلحة الأكثر تطورًا، مثل الصاروخ النووي فرط الصوتي (الشيطان) القادر على تدمير “بريطانيا”، والذي أجرت “موسكو” اختبارًا عمليًا له في كانون أول/ديسمبر الماضي.

وقبل اندلاع الحرب الحالية في “أوكرانيا”، كانت “روسيا” قد طلبت من “الولايات المتحدة” ضمانات قانونية مكتوبة بأن “أوكرانيا” لن تنضم أبدًا إلى حلف الـ (ناتو)، إضافة إلى سحب الحلف العسكري الغربي أسلحته الهجومية من دول “شرق أوروبا”؛ كـ”بولندا والمجر”، على اعتبار أن وجود تلك الأسلحة يُمثل تهديدًا لـ”روسيا” لا يمكنها قبوله.

وينطلق موقف “بوتين” من حقيقة تقديم الأميركيين وعدًا قبل أكثر من ثلاثين عامًا بأن حلف الـ (ناتو) لن يتمدد في “شرق أوروبا”، وهو ما لم يحدث؛ إذ ضم الحزب دولاً كثيرة من “أوروبا الشرقية” والباب مفتوح لانضمام “أوكرانيا” أيضًا.

ومع حشد حلف الـ (ناتو)؛ للمزيد من قواته في “أوروبا الشرقية” بالقرب من حدود “روسيا”، أصبح الاستقرار والأمن في “أوروبا” أبعد مما كان عليه قبل اندلاع الحرب، بحسب الخبراء الإستراتيجيين.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة