يُظهر انقسام القيادات الإيرانية .. التسريب الصوتي لـ”ظريف” يُهدد الانتخابات الرئاسية المقبلة !

يُظهر انقسام القيادات الإيرانية .. التسريب الصوتي لـ”ظريف” يُهدد الانتخابات الرئاسية المقبلة !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

يعيش النظام الإيراني حاليًا أزمة سياسية جديدة، بعد تسريب صوتي لكبير دبلوماسيي “الجمهورية الإسلامية”، انتقد خلاله القائد العسكري الراحل، “قاسم سليماني”، الذي تعتبره، “طهران”، أيقونة في البطولة والتضحية.

التسجيل الصوتي المسرب، انتقد فيه وزير الخارجية الإيراني، هيمنة قائد (فيلق القدس)، في “الحرس الثوري” الإيراني، الراحل “قاسم سليماني”، على الدبلوماسية الإيرانية، واعترف “ظريف”؛ بأن تأثيره شخصيًا على السياسة الخارجية الإيرانية كان في بعض الأحيان معدومًا، وهو ما جعل “البرلمان الإيراني” يستدعي وزير الخارجية.

هذه التصريحات؛ جاءت خلال مقابلة اعترفت، “وزارة الخارجية” الإيرانية، بأن “ظريف” أجراها، في آذار/مارس الماضي، لكنها تقول إنه تم تشويهها من خلال اقتباسات انتقائية.

وقالت الوزارة؛ إنه خلال المقابلة: “تحدث الوزير، ظريف، باحترام وتقدير عن الجنرال، سليماني، وخلفيته وعلاقاته الوثيقة معه، كما أشاد بدوره في السلام وتخطيطه الإقليمي وحكمته وشجاعته”.

وقال متحدثًا باسم “وزارة الخارجية” الإيرانية، إنه تم انتقاء بعض أجزائه. فالشريط الذي تبلغ مدته: 3 ساعات؛ كان جزءًا من محادثة استمرت: 7 ساعات، بين “ظريف” وخبير اقتصادي، وكان الهدف منه السرد التاريخي، ومن المفترض أن يكون سريًّا.

ولم يكن التسريب من مقابلة صحافية، وإنما من حوار يتم مع جميع مسؤولي الحكومة لحفظه في أرشيفها، بهدف نقله للحكومة القادمة؛ لأخذ الفائدة ومعلومات منه، وهو الأمر الذي أثار ضجة أكبر في “طهران”، حيث كان التسريب داخليًا على ما يبدو.

وترتب على التسريب ردود فعل واسعة، حيث قرر “البرلمان الإيراني”؛ استدعاء “ظريف” لحضور اجتماع مزمع عقده، خلال أيام، قائلًا إن ذلك بغرض توضيح ما ورد في التسجيل الصوتي المُسرب، والذي تضمن انتقادات لقائد (فيلق القدس) في “الحرس الثوري”، الذي قُتل أوائل العام الماضي؛ بقصف موكبه قرب “مطار بغداد الدولي”.

لإحداث بلبلة ببرنامج إيران النووي..

وعلق الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، أمس الأربعاء، على التسريبات الصوتية لوزير الخارجية، “محمد جواد ظريف”، قائلاً: “إنها تهدف إلى إحداث بلبلة، خلال المحادثات المتعلقة ببرنامج إيران النووي”.

وقال “روحاني”، إنه كان من المقرر بث قسم من مقابلة وزير الخارجية، “محمد جواد ظريف”، التي سُربت، والإحتفاظ بجزء منها للتاريخ، لا يطلع عليه إلا بعض المسؤولين، معتبرًا أن من سرب التسجيل الصوتي: “معادٍ لإيران ومصالح الشعب الوطنية”.

التحقيق بشأن تسريب الملف..

من جهتها، أعلنت السلطة القضائية الإيرانية، يوم الثلاثاء، التحقيق بشأن تسريب الملف الصوتي للوزير، واعتبر المدعي العام في “طهران”؛ أن: “التهمة الرئيسة”، في هذه القضية؛ هي نشر ووضع معلومات سرية للدولة تحت تصرف أشخاص غير مؤهلين.

كما طالب “روحاني”، ووزير الاستخبارات والأمن في حكومته، “محمود علوي”، بالتحقيق العاجل في كيفية نشر وتسريب مقابلة وزير الخارجية السرية إلى وسائل إعلام أجنبية. وتعهدت الحكومة بمحاسبة من يقف وراء التسريب.

رسالة غاضبة من أسرة “سليماني”..

فيما علقت ابنة الجنرال الراحل، “زينب سليماني”، على الانتقادات الموجهة لوالدها بشكل مقتضب، لكن تعليقها بدا كرسالة بليغة وغاضبة من أسرة القائد العسكري، حيث نشرت الصورة الشهيرة ليد والدها بعد قصفه، (بها الخاتم الذي أكد هويته)، وكتبت عليها: “تكلفة الميدان في سبيل الدبلوماسية”.

“ظريف” يحاول تجميل الصورة !

بينما حاول “ظريف” تدارك الأمر؛ بالقول في منشور؛ إنه طالما أشاد في الداخل والخارج بشجاعة وثبات وإنسانية القائد، “قاسم سليماني”، وسعيه للسلام. وقالت الوزارة؛ إن “ظريف” تحدث، خلال الحوار باحترام وتقدير عن، “سليماني”، وإنه يجب النظر لكلامه ككل وليس بشكل انتقائي.

قدم استقالته بسبب مسلسل !

ولم تكن هذه المرة الأولى التي يُثير فيها “ظريف” صخبًا سياسيًا، يأتي بردود من الرأي العام بهذا الشكل، حيث سبق وأن هدد، في آب/أغسطس عام 2019، وزير الخارجية، بالاستقالة من منصبه بسبب مسلسل إيراني أذاعه التلفزيون الرسمي.

وضم مسلسل (غاندو)، شخصية الوزير “ظريف”، حيث صورت في المسلسل على أنها شخصية سياسية مخترقة، تميل للغرب، فيما أظهر المسلسل “وزارة الخارجية” كأنها جهاز يعمل ضد المؤسسات الأمنية والمصالح الوطنية الإيرانية.

ووقتها، هددت الحكومة الإيرانية بتقديم شكوى ضد “مؤسسة الإذاعة والتلفزيون”؛ ومسلسل (غاندو)؛ لما يحمله من اتهامات خطيرة، أبرزها تهمة التجسس ضد مسؤولين مهمين في الدولة الإيرانية.

المسلسل من إعداد مؤسسة الشهيد “آويني”، التي تخضع لإشراف “بسيج الإذاعة والتلفزيون”، التي يتولى إدارتها، “مهدي طائب”، شقيق رئيس استخبارات (الحرس الثوري)، “حسين طائب”.

وبعث وزير الخارجية الإيراني، إلى المرشد الأعلى للثورة الإسلامية، في “إيران”، “علي خامنئي”، برسالة احتجاج على ما جاء في مضمون المسلسل، قائلاً: “حتى لو كان هناك جزء مما جاء في المسلسل صحيحًا، فأنا لا أستحق شرعًا البقاء في منصب وزارة الخارجية”.

وجاء رد المرشد، على رسالة “ظريف”، مقتضبًا، وقال “خامنئي”: “أنا لن أكون راضيًا بإطلاق أي إهانة ضدك”.

تقديم الاستقالة لزيارة “الأسد” طهران دون علمه..

كما  أعلن “ظريف” استقالته من منصبه، في شباط/فبرايرعام 2019، وقال في رسالة: “شكرًا جزيلاً لكرم الشعب الإيراني الطيب والشجاع، ولسلطاته على مدى الـ 67 شهرًا الماضية. أعتذر بصدق عن عدم القدرة على مواصلة الخدمة وعن جميع أوجه القصور أثناء الخدمة”.

وجاءت هذه الاستقالة على الأرجح؛ بسبب وصول الرئيس السوري، “بشار الأسد”، إلى “طهران”، واجتماعه بالرئيس، “حسن روحاني”، دون علم أو حضور “ظريف”.

وهو ما رد عليه الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، برسالة يؤكد فيها رفضه الاستقالة، فيما علق قائد (فيلق القدس) الراحل، “قاسم سليماني”، بالقول إن تلقى الدعم من كبار المسؤولين، وعلى رأسهم المرشد الأعلى، “علي خامنئي”، شرف كبير.

وأضاف أن لـ”ظريف”: “إنجازات قيمة لتأمين المصالح القومية الإيرانية على عدة مستويات، وهو يتمتع بالدعم الكافي في طريق مقارعة أعداء إيران”.

وبعد رفض استقالته، قال “ظريف”، في أول ظهور علني له إن: “هؤلاء المعجبين بالغرب؛ لا يمكنهم المضي قدمًا في الحياة دون الغرب، بالمقابل لدينا الكارهون للغرب أيضًا، وكلاهما محور حياتهما حول الغرب”.

ثم أستأنف، الوزير، نشاطه الدبلوماسي، بعدما تلقى رسالة رئيس البلاد، “حسن روحاني”، التي أكد فيها رفضه قبول الاستقالة. وقالت وسائل إعلام إيرانية، إن وزير الخارجية تراجع عن استقالته بعد ذلك.

تستهدف ثني المواطنين عن الانتخابات..

وردت وكالة أنباء (فارس) الإيرانية، المقربة من (الحرس الثوري)، على التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف”، عبر عدد من المقالات.

وقالت الوكالة، في أحد هذه المقالات؛ إنه: “لم يكن خافيًا على أحد المواقف واختلافات، ظريف، مع التوجه العام للثورة الإيرانية، وبالطبع أصبحت أكثر وضوحًا بهذا التسريب الصوتي”.

وكتبت وكالة (فارس)، في هذا المقال؛ أن: “ظريف، في هذا التسريب؛ وعبر مواجهته بطل الميدان، أي قاسم سليماني، وصل إلى حدود الدمار السياسي”، وأضافت أن: “لصوص وناشري هذا الملف الصوتي؛ سعوا وراء هدفين، الأول إلقاء اللوم على الميدان، أي دور (الحرس الثوري) في المنطقة، في حال فشل مفاوضات الاتفاق النووي، والثاني إظهار أن رئاسة الجمهورية لا دور لها في إدارة البلاد، وأن المشكلات لا تُحل بتغيير الرئيس”.

وقالت الوكالة؛ إن الهدف النهائي للتسريب هو: “ثني المواطنين عن الاقتراع في الانتخابات”.

بدورها، کتبت وكالة أنباء (تسنيم)، المحسوبة على (الحرس الثوري)، إنه بحسب ما أكده “ظريف”، مرارًا وتكرارًا في المقابلة، لم يكن من المفترض نشر هذه المحادثة، في الوقت الحالي، أو على الأقل تم إخباره بذلك. لكن السؤال: كيف تم تسريب هكذا مقابلة بهذه الأهمية والمحتوى الذي يمكن أن يُعكر الأجواء السياسية في البلاد ؟.

هل السيد “حسام الدين آشنا”، وهو من الشخصيات الأمنية في حكومة، “حسن روحاني”، لا يُدرك أهمية هذا الملف الصوتي ويتجاهل حمايته، أم أن تسريب هذا الملف مخطط له بشكل غير رسمي، للتأثير على انتخابات الرئاسة المقبلة ؟.

يُذكر أن “مرکز الدراسات الإستراتيجية”، الذي أجرى اللقاء؛ يديره “حسام الدين آشنا”، مستشار الرئيس الإيراني.

وكان “جمال عرف”، رئيس اللجنة الانتخابية في “إيران”، في وقت سابق من يوم الأربعاء، إن الحكومة و”وزارة الداخلية”؛ ليس لديهما خطط لتأجيل الانتخابات الرئاسية، مؤكدًا أنها ستجرى، في 18 حزيران/يونيو المقبل.

كشفت طبيعة الانقسامات في القيادة الإيرانية..

فيما رأت صحيفة (ذي تايمز) البريطانية؛ أن التسريب الصوتي لوزير الخارجية، “محمد جواد ظريف”: “كشف طبيعة الانقسامات الحادة في القيادة الإيرانية، فقد أصبحت الانقسامات واضحة للغاية، من خلال التسريب الصوتي الذي أشتكى فيه وزير الخارجية من تجاهله، وتعرضه للتهميش على يد (الحرس الثوري) الإيراني، والجنرال الراحل قاسم سليماني”.

وقالت الصحيفة، في تقرير نُشر الثلاثاء، على موقعها الإلكتروني: “اتهم، ظريف، في التسجيل، سليماني، بالتعاون مع روسيا من أجل تخريب الاتفاق النووي الإيراني، الموقع في 2015، مشيرًا إلى أنه اضطر مرارًا إلى التضحية بالمصالح الدبلوماسية لصالح العمليات العسكرية الخاصة بالنظام الإيراني”.

وأضافت أن: “ظريف أشار إلى أن (الحرس الثوري) الإيراني؛ كذب عليه فيما يتعلق بإسقاط طائرة الركاب الأوكرانية بالخطأ، في 2020، وأنهم استمروا في نقل الأسلحة والقوات إلى سوريا؛ عبر الطائرات المدنية، رغم تحذيره من أن هذا يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية”.

وأفادت الصحيفة البريطانية؛ بأن: “التسريب الصوتي؛ يؤكد التقارير السابقة بوجود معركة قائمة بين الوزارات الحكومية الرسمية، في طهران، والمؤسسات المتشددة – مثل: الحرس الثوري الإيراني – التي تقوم بتقديم تقاريرها مباشرة إلى المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية، آية الله علي خامنئي”.

وترى الصحيفة؛ أن التسريب: “يُشير إلى أن الانقسامات في النظام الإيراني الحاكم؛ أكثر حدة مما يتخيله كثيرون”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة