خاص : ترجمة – آية حسين علي :
تحولت “ثورة العراق” إلى احتفال كبير يسعى الجميع إلى المشاركة فيه، ورغم أن المظاهرات بدأت سلمية إلا أنها تحولت إلى ساحة معركة ولطخت بالدماء بسبب تجاوزات الشرطة، بحسب صحيفة (البايس) الإسبانية، وشهدت مظاهرات، الجمعة، مشاركة هائلة في عدة مناطق جنوبي “العراق”؛ بعدما رفض الشعب الغاضب محاولات الحكومة لإسكاته، وبات كثير من المتظاهرين يرفضون أيضًا الزعماء الدينيين.
علاقة طبيعية تتوتر ساعة الهجوم..
أشارت الصحيفة إلى أن العلاقة بين الشباب، الذين يحرسون “ساحة التحرير” بالعاصمة العراقية، “بغداد”، وقوات مكافحة الشغب تبدو طبيعية، إذ يلقون عليهم تحية الصباح، كما يعطونهم بعض المشروبات الباردة، لكن هذا لا يمنع الجنود من الإنصياع إلى أوامر الجهات المعينة بإطلاق طلقات الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت؛ كما لو كانوا يواجهون جماعة خطرة من المتمردين، وفي المقابل يلقي الشباب الحجارة وزجاجات المولوتوف من أجل الحيلولة دون فض المظاهرة، وفي بعض الأحيان يتوجهون ناحية “جسر الجمهورية”، الذي يؤدي إلى “المنطقة الخضراء”، حيث تقع مقرات الرئاسة والحكومة والبرلمان.
يسير الشاب، “أحمد نوري حسن”، (27 عامًا)، في الصف الثاني من الشجعان، ويقوم بمساعدة عدد من أصدقاءه بجمع خراطيش الغاز المسيل للدموع التي تطلقها الشرطة، ثم يلقونها بجسر شارع “سعدون” لتجنب أن تصيب المتظاهرين بأي أذى، يرتدون ثياب تشبه فيلم (بليد رانر)، حيث نظارات الغطاسين وخوذات ركاب الدرجات النارية وقفازات البستاني؛ وأي شيء آخر يمكن أن يحميهم من الأذى، وهتف “أحمد”، لمراسل الصحيفة الإسبانية: “نحن مستعدون للموت هنا”، ويُعد العمل الذي يقوم به خطيرًا؛ إذ أودت تلك القذائف بحياة نحو 3 مئات شخص منذ بداية الحراك، في الأول من تشرين أول/أكتوبر الماضي.
سلمية سلمية !
أضافت الصحيفة: “رغم أنه يبدو على المتظاهرين طابع الشراسة؛ إلا أنهم يؤكدوا أنهم لن يتقدموا بالقوة وأنهم فقط سوف يعبرون الجسر عندما تتراجع قوات الشرطة، كما يهتفون (سلمية سلمية !)”.
وذكر الشاب، “حيدر”، (22 عامًا)، الطالب بكلية الفنون الجميلة: “لا ننوي الذهاب إلى المنطقة الخضراء، إنها خطوة خطيرة، إننا نريد فقط الحصول على حقوقنا، لأن الوضع الحالي للبلاد ليس له مستقبل”، وتُعتبر المطالب الأبرز هي؛ “تغيير النظام السياسي ومحاسبة الفاسدين وتوفير فرص عمل للشباب”.
يبيت مجموعة من الشباب المسؤولين عن حراسة “ساحة الحرير” في الشارع، منذ أكثر من 6 أيام، ورغم أن المتطوعون يمدونهم بالطعام والماء إلا أن مظاهرهم الخارجية بدأت تشحب، لذا تطوع الشاب، “حسام”، وغيره بقص شعورهم وتهذيب ذقونهم مجانًا، كما تطوع عدد آخر بتجميع القمامة من الميدان.
ثورة من أجل الجيل الجديد..
أوضحت السيدة، “هيدا”، (45 عامًا)، أنها تشارك في المظاهرت من أجل مستقبل أبناءها، وأشارت: “نريد أن يصبح العراق بلدًا نفتخر به”، ووفرت الأجواء المليئة بالود الفرصة لكثير من السيدات للمشاركة في الحراك الشعبي، كما أصطحب عدد من الآباء أبناءهم إلى الميدان.
وأشار الزوجان، “حيدر” و”رشا”، (35 عامًا)، إلى أنهما جاءا إلى الميدان من أجل ابنهما، “علي”، (10 سنوات)، وأضافا: “أتينا من أجل أبناءنا؛ لأنه إذا استمر السياسيون الحاليون في الحكم لن يكون هناك مستقبلًا للعراق، لم يفعلوا أي شىء رغم مرور 16 عامًا”، ويعمل “حيدر” في الجيش منذ 10 أعوام، كما تعمل “رشا” مدرسة للمرحلة الثانوية، ومع ذلك أكدا أن رواتبهما لا تكفي؛ وحتى الآن يعيشون في شقة إيجار، وأضافا: “مافيا السياسة استولوا على الأراضي العامة ورفعوا أسعار الشقق”.
وقال “أسد عبدالغفور”، (26 عامًا): “نريد الحصول على خدمات عامة، المستشفيات الحكومية أصبحت تشبه القمامة”، ويعمل الشاب في صيانة الهواتف المحمولة، كما أضافت خطيبته، “راندا سعد”، (20 عامًا)، التي تدرس في كلية طب الأسنان: “حتى إذا طلب، آية الله علي السيستاني، أن تتوقف المظاهرات؛ فإننا لن نطيع توجيهات السلطات الدينية سواء شيعية أو سُنية”، وأردف الشاب: “ماذا فعل الزعماء الدينيين خلال 16 عامًا ؟.. لا شيء”.
ذكرت الصحيفة الإسبانية أن مراسلها التقى مجموعة من شيوخ القبائل، وصرح الشيخ “رزاق البوية” له بأن: “نريد نفس المطالب التي يعلنها الجميع، أن ترحل الحكومة، إذا لم يحدث ذلك اليوم ننتظر للغد، لكن هذا الوضع يجب أن يتغير”، كما التقى أيضًا بالرسام، “كريم جابر”، الذي أخذ يرسم وجوه مناضلين حول العالم، بينهم الكاتب الإسباني، “فيديريكو غارثيا لوركا”، الذي قُتل رميًا بالرصاص بسبب معارضته للديكتاتور، “فرانكو”، كما استمع إلى فرق من المطربين يغنون الأغاني الوطنية التي تشعل الحماس في نفوس المتظاهرين.
جهود حثيثة لإخلاء الميدان..
ورغم الهدوء النسبي في الميدان، منذ الأربعاء الماضي، إلا أنه لا يزال يمثل خطرًا على حياة المتظاهرين؛ إذ تسعى قوات مكافحة الشغب إلى إخلاء الميدان من المتظاهرين الذين يبيتون في الميدان من أجل إغلاقه والحيلولة دون عودة التجمعات، وأوضح الطبيب، “يوسف”، أن أسوأ فترة تكون عادة ما بيت الثالثة والرابعة فجرًا، عندما تحاول القوات إخلاء الميدان وإخراج العدد الباقي من الشباب، لذا يتجمع مجموعة من طلاب الطب والتمريض من أجل عمل إسعافات أولية للمصابين.
وطلب “يوسف” من مراسل الصحيفة الإسبانية عدم إلتقاط صور للطلاب الذين يشاركون في إسعاف المصابين؛ لأنهم تلقوا تحذيرات من الجامعة من المشاركة في المظاهرات.