خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في حين يستعد الفلسطينيون لـ”يوم الأرض” نهاية هذا الشهر؛ لتلبية الدعوى التي دعت إليها الفصائل تحت فعالية “مسيرة العودة الكبرى”، تستعد إسرائيل جيداً كذلك.
فقد شرع المئات من الفلسطينيين بحفر سواتر ترابية على طول الحدود في “قطاع غزة” بهدف حماية المسيرات، وتهدف هذه السواتر الترابية؛ والتي تزامن معها البدء بنصب خيام العودة على مقربة من الحدود، لحماية المتظاهرين والخيام من رصاص الاحتلال، وخاصة بعد أن أعلن جيش الاحتلال عن الدفع بكتائب عسكرية مزودة بأسلحة متطورة بهدف قمع تظاهرات يوم الأرض الخالد، وعدم السماح للمتظاهرين الفلسطينيين بإقتحام الحدود.
حق قانوني..
“اللجنة التنسيقية الدولية لمسيرة العودة الكبرى”، أكدت أن حق العودة هو حق قانوني وحقوقي وإنساني، مشيرةً إلى أنها لا تتدخل بالجوانب السياسية، وينحصر عملها في تنسيق وإسناد ودعم وحماية مسيرة العودة الكبرى وصولاً لعودة كافة اللاجئين الفلسطينيين الراغبين بالعودة وتمكينهم من أرضهم وممتلكاتهم وديارهم والتعويض لمن تضرر منهم كما نص عليه القرار.
وأوضحت اللجنة في بيان لها، أنها انتهجت نوعاً جديداً من المقاومة التي تتبنى سياسة اللاعنف، والذي يشكل تحدياً للجميع واختباراً حقيقياً لنيات الجميع تجاه هذه القضية القانونية والإنسانية العادلة.
حق العودة لا يسقط بالتقادم..
في السياق؛ قال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، “داوود شهاب”، إن: “مسيرات العودة التي ستبدأ في يوم الأرض هي الرد الحاسم على كل من يحاول المس بالحقوق والثوابت الوطنية الفلسطينية، فالجماهير الفلسطينية سترسل رسالة بأن حق العودة، لا يمكن أن يسقط بالتقادم وهو حق مقدس، وأن طريق المقاومة هي الطريق الوحيد لتحرير فلسطين”.
من جانبه قال القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، “منصور حسين”: “إن المسيرات التي ستنطلق في كل أماكن الوجود الفلسطيني في غزة والضفة وسخنين، سترسل رسالة لترامب وغيره بأن القدس وحق العودة لا يمكن أن يفرط فيهما الشعب الفلسطيني، ولا يمكن أن يسقط حق العودة”.
وأكد “منصور” أن تنظيم تظاهرات “يوم الأرض” على مقربة من الحدود؛ هي رسالة بأن الشعب الفلسطيني لم ولن ينسى وطنه على الإطلاق على الرغم من كل محاولات التصفية الأميركية والصهيونية للحقوق الفلسطينية.
الدفع بتعزيزات عسكرية..
في سياق التحضيرات الإسرائيلية لقمع مسيرات العودة الكبرى، قرر الجيش الإسرائيلي الدفع بتعزيزات عسكرية إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، بـ”الضفة الغربية والقدس وعلى الشريط الحدودي مع قطاع غزة”، فيما يواصل إستنفار جنوده من مختلف الوحدات العسكرية مع فرض الإغلاق والطوق الأمني على “الضفة وغزة”.
وقرر الجيش الدفع بتعزيزات عسكرية إلى الضفة الغربية وحدود “قطاع غزة”، تزامناً مع فرض إغلاق عسكري على الضفة الغربية، عشية حلول “الفصح العبري” نهاية الشهر الجاري.
وستتواصل حالة الإستنفار والاستعداد العسكري الإسرائيلي حتى الخامس عشر من شهر أيار/مايو القادم، حتى “ذكرى النكبة”، التي تعد خلالها الفصائل في “غزة” لتنظيم مسيرات العودة صوب الحدود.
ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن مصدر عسكري إسرائيلي كبير قوله: إن “الجيش سيعزز قواته بعدة كتائب في الضفة الغربية ومحيط قطاع غزة، استعداداً للمظاهرات المرتقبة”.
ووفق المصدر الإسرائيلي العسكري، فإن جيش الاحتلال سينشر قوات خاصة تضم قناصة، وسيتم تزويد الجنود بوسائل لتفريق المظاهرات وإنشاء سواتر رملية.
وصادق رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي، “غادي أيزنكوت”، على خطة عملياتية، واستعرض مع قادة الجيش التعليمات الخاصة بإطلاق النار.
ويقول الجيش الإسرائيلي إنه سيعمل على منع نشطاء “حماس” من التخفي وسط المتظاهرين لزرع عبوات ناسفة، كما حدث في مرات سابقة مما أسفر عن وقوع إصابات في صفوف جنود الاحتلال.
وواصل منسق أعمال الحكومة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، “يوأف مردخاي”، التحريض على المقاومة الفلسطينية، وقال إن “حركة حماس” ستحاول دمج بعض عناصرها العسكريين في “مسيرات العودة الكبرى”.
مخطط لمنع الفلسطينيين من الوصول إلى السياج الحدودي..
كما كشفت تقارير إعلامية إسرائيلية، عن مخطط إسرائيلي يهدف إلى منع الفلسطينيين من أهالي “قطاع غزة” الوصولَ إلى السياج الحدودي الفاصل، خلال مشاركتهم في تظاهرات “يوم الأرض”.
وقد اقترح وزير الطاقة الإسرائيلي، “يوفال شطاينيتس”، إلقاء “مساعدات” طبية وغذائية في عمق “قطاع غزة”، تُخصم من أموال الجمارك التي تجبيها إسرائيل من “السلطة الفلسطينية”، وذلك لـ”إغراء” سكان القطاع، وجعلهم يتدافعون لإلتقاط المساعدات، ما قد يشغلهم عن المشاركة في “مسيرات العودة الكبرى”.
وطلب “شطاينيتس”، خلال اجماع للمجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، عُقد الأحد الماضي، أن “يقوم الجيش الإسرائيلي بإنزال مظلات تحمل “مساعدات” طبية وغذائية على قطاع غزة بواسطة طائرات مسيرة وأخرى مروحية”، وقال: إنه “يتوقع أن يقوم الفلسطينيون بالتدافع وينقضون على المساعدات ما قد يثنيهم عن التوجه للشريط الحدودي للمشاركة في مسيرات العودة المليونية”.
وزعم “شطاينيتس”، أنه بتنفيذ الخطوة التي اقترحتها سوف تكسب إسرائيل أمرين؛ الأول بأن تقوم بتمويل المنتجات التي سيتم إنزالها من السماء بأموال سيتم خصمها من الرئيس الفلسطيني، “محمود عباس”، بالإضافة إلى أن الغزيين سوف يدركون من يغدق عليهم بالمساعدات ومن الذي يحرمها من الكهرباء.
وأشارت التقديرات التي وردت في التقارير العبرية، إلى أن تنفيذ اقتراح كهذا يبدو بعيدًا كل البعد عن الواقع، لكنه يظهر جليًا كيف يؤرق الوضع الأمني الذي “قد يتفجر” في أي لحظة بـ”قطاع غزة”، الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، ويثير مخاوفها.
قد تدفع إسرائيل ثمن المصالحة الفلسطينية..
حول هذا قال خبير عسكري إسرائيلي بصحيفة (معاريف)؛ إن المخاوف الإسرائيلية تزداد من النتائج الكارثية لمسيرات الفلسطينيين على حدود “غزة” بعد أيام، بحيث قد يسقط العشرات بين قتيل وجريح، زاعماً أنها تعبر عن يأسهم من الواقع الذي يعيشونه، مما يعني أن إسرائيل قد تدفع ثمن فشل المصالحة الفلسطينية، لأن طرفيها، “فتح” و”حماس”، لم يعد لديهما ما يخسرانه.
وأضاف “آلون بن دافيد”، في مقالة له، إن إسرائيل منذ إنتهاء حرب غزة الأخيرة، “الجرف الصامد” 2014، تشعر أنها تقترب من مواجهة عسكرية جديدة، ناقلاً عن “ميشكا بن ديفيد”، رجل الموساد السابق في كتابه (القرش)، توقعه باندلاع حرب مع الفلسطينيين عقب محاولتهم، من خلال مسيرات جماهيرية واسعة احتلال مدينة “عسقلان”، والوصول لمشارف “أسدود”.
وأكد “بن دافيد”، وهو وثيق الصلة بكبار قادة الجيش الإسرائيلي، أن هذا السيناريو كان غائباً عن أنظار الجنرالات والضباط منذ سنين طويلة، ويبقى التحدي أمامهم: “كيف نوَقف آلاف المدنيين الذين يحاولون إجتياز الحدود الإسرائيلية ؟”.
وأضاف: “لا أعلم إن قرأت حماس ذلك الكتاب، لكن الحركة ستكون سعيدة لو نجحت بالتشويش على احتفالات إحياء إسرائيل بذكرى تأسيسها السبعين، والزيارة المتوقعة للرئيس الأميركي دونالد ترامب”.
تدريبات ميدانية للتعامل مع المسيرات..
كشف أن جميع قادة هيئة أركان الجيش الإسرائيلي وصلوا قبل أيام لقاعدة “تسآليم” العسكرية للوقوف عن كثب على طبيعة التدريبات الميدانية للتعامل مع المسيرات، سواء باستخدام القناصة، وسائل تفريق المتظاهرين، وضع أسلاك شائكة، تجهيز دبابات، المكلفة بوقف تقدم هؤلاء المتظاهرين.
وختم بالقول: “صحيح أنه ليس هناك من مخاوف بنجاح هذه المسيرات الفلسطينية من إعادة احتلال إحدى المستوطنات، لكن المخاوف الجدية تتعلق بإمكانية سقوط عشرات الضحايا، مما سيترك آثاره المستقبلية”.
تستدرج الفلسطينيين لردود أفعال معينة..
كما قال المحلل السياسي الفلسطيني، “طلال العوكل”، إن إسرائيل قلقة الآن من النوايا الفلسطينية والتحذيرات التي خرجت من حركة “حماس” في إطار تسيير مسيرات حق العودة السلمية يوم الجمعة القادم، “لذلك إسرائيل تقوم بحشد قوات وأحياناً تستدرج الفلسطينيين لردود معينة حتى تجد مبرراً لمنع وصول هذه المسيرات إلى الحدود”.
وأشار “العوكل” إلى أنه حتى الآن لا توجد مؤشرات حقيقية على نية إسرائيل لشن حرب جديدة على “قطاع غزة”، “إلا إذا تطور الوضع على الحدود وأطلقت إسرائيل النار الحي على الفلسطينيين، لأنه ليس في أجندة حركة “حماس” التصعيد العسكري مع إسرائيل”.
ووصف “العوكل” في هذا الإطار التوتر الحاصل بين حركتي “فتح” و”حماس”، بأنه يشبه الطلاق البائن، مشيراً إلى أن هناك مصلحة إستراتيجية لإسرائيل في هذا التوتر، “وتحاول أن تولي قدراً من الاهتمام الإنساني بسكان قطاع غزة وهو اهتمام كاذب”، حسب قوله.
وأكد “العوكل” على أن حركة “حماس” قامت هذه المرة بإجراء مناورات أوسع من الاستعراض العسكري الذي تعودت عليه؛ لهدفين، الأول هو إيصال رسالة إلى حركة “فتح” بأنها تمتلك إمكانات كبيرة، ولا يمكن تجاهلها، والسبب الثاني هو نفس الرسالة؛ ولكن إلى إسرائيل للتحذير من إقدامها على أي عمل عسكري.
خيارات إسرائيل للتعاطي مع المسيرات..
حول خيارات إسرائيل للتعاطي مع مسيرات العودة يقول، “د. حسام الدجني”، أنه توجد خمسة خيارات أمام دولة الاحتلال لمواجهة مسيرات العودة؛ وهي:
1 – خيار المتابعة والمراقبة عن بعد وتقدير الموقف بشكل يومي: حيث من المؤكد أن إسرائيل ستعمل على مراقبة المشهد عن بعد من خلال أدواتها الأمنية، ومراقبة حجم الحشود، فكلما زادت الحشود تزداد حالة الإرباك لدولة الاحتلال، وعليه ستحدد إسرائيل خياراتها وفقاً لتقديرات الموقف التي تقدمها أجهزة الاستخبارات المختلفة في إسرائيل.
2 . خيار الفض الناعم للجماهير: من المحتمل أن تعمل إسرائيل على استخدام أدوات الفض الناعم مثل: “المياه العادمة والغاز المسيل للدموع، والرصاص المطاطي” لتفريق المتظاهرين؛ وعدم السماح باقترابهم من منطقة الحدود مع تحديد منطقة أمنية عازلة.
3 . خيار السماح للجماهير بإقتحام الحدود: قد يكون هذا الخيار مستبعداً، ولكنه ممكن بحيث تسمح إسرائيل بإجتياز المتظاهرين للسياج الفاصل، وسيكون المشهد على النحو التالي:
الصورة الأولى: اعتقال بعض الشبان وترحيل بعضهم الآخر لغزة بعد إنتهاء التحقيق معهم.
الصورة الثانية: تعلن إسرائيل أمام العالم أجمع أنها سمحت بتطبيق قرار (194)، وسمحت بعودة بضع مئات أو آلاف، وتوظف تلك الصورة أمام المجتمع الدولي بأنها لم تصد زحوف المهاجرين غير الشرعيين من وجهة نظرها، وقد تطالب بمساعدات مالية من الأمم المتحدة.
4 . خيار الإفشال قبل الوصول للسياج، ويندرج تحت هذا الخيار عنوانين هما:
- الأول: الإفشال من خلال الطابور الخامس عبر صناعة أزمات، ونشر إشاعات، وإرباك المشهد بما يضمن تقليل نسبة الحضور والمشاركة في تلك المسيرات.
- الثاني: أن تعمل إسرائيل فوراً، وبالتعاون مع المجتمع الدولي، ودون أدنى اعتبارات لموقف “السلطة الفلسطينية”، خطة إغاثة لقطاع غزة، تضمن فتح باب العمالة في إسرائيل، وفتح المعابر بشكل دائم، وبما يضمن تدفق البضائع من وإلى “غزة”، وتسهيل الحركة من وإلى “قطاع غزة”، وزيادة مساحة الصيد، ودعم إقامة مشاريع مستدامة في قطاع غزة، وقد تذهب إسرائيل لتحويل أموال المقاصة الضريبة، وقيمتها مليار وثلاث مئة مليون دولار سنوياً. وبعنوان عريض: رفع الحصار بشكل كامل عن “قطاع غزة”، وتجاوز معضلة من يحكم قطاع غزة.
5 . خيار الفض الخشن: خيار محتمل بأن تعمل إسرائيل على إطلاق النار أو القذائف المدفعية على كل من يقترب من الحدود؛ غير مكترثة من حجم الخسائر، وستوظف حجم العنف السائد بالمنطقة العربية لتبرير عنفها ضد شعبنا. ولكن قد يتدحرج هذا الخيار لمعركة عسكرية مع المقاومة الفلسطينية، وهو ما لا تريده إسرائيل في الوقت الراهن، التي تطمح تل أبيب بالاستفادة من المناخ السائد والداعم لعملية تطبيع بينها وبين بعض الدول العربية التي تعادي “إيران”.
وأوضح “الدجني” أن مسيرة العودة الكبرى، بمراحلها المختلفة، هي أحد أهم إبداعات الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده، وهي الخيار الأمثل الذي بدأ يحرك العالم أجمع للعمل على إنقاذ “غزة” من خلال رفع الحصار الظالم عليها، لذا فإن المشاركة الواسعة تساهم بشكل كبير في النهوض بالمشروع الوطني الفلسطيني، (العودة والتحرير)، وتعزيز الوحدة الوطنية، وتساهم أيضاً في دفع العالم للتحرك بإتجاه رفع الحصار وإنقاذ “غزة”.
ما هو “يوم الأرض” الفلسطيني ؟
“يوم الأرض الفلسطيني” هو يوم يُحييه الفلسطينيون في 30 آذار/مارس من كل سنة، وتعود أحداثه إلى، آذار/مارس 1976، بعد أن قامت السلطات الإسرائيلية بمصادرة آلاف الدونمات من الأراضي ذات الملكية الخاصة أو المشاع في نطاق حدود مناطق ذات أغلبية سكانية فلسطينية، وقد عم إضراب عام ومسيرات من “الجليل” إلى “النقب” وأندلعت مواجهات أسفرت عن سقوط ستة فلسطينيين وأُصيب واعتقل المئات.
ويعتبر “يوم الأرض” حدثاً محورياً في الصراع على الأرض وفي علاقة المواطنين العرب بالجسم السياسي الإسرائيلي، حيث أن هذه هي المرة الأولى التي ينظم فيها العرب في فلسطين، منذ عام 1948، احتجاجات رداً على السياسات الإسرائيلية بصفة جماعية وطنية فلسطينية.