يقظة متأخرة .. أوروبا تنتفض ضد “الإسلام السياسي” والنمسا تبدأ إجتثاث تنظيم “الإخوان المسلمين” !

يقظة متأخرة .. أوروبا تنتفض ضد “الإسلام السياسي” والنمسا تبدأ إجتثاث تنظيم “الإخوان المسلمين” !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في انتفاضة ضد ظاهرة “الإسلام السياسي” في  القارة العجوز، بدأت “النمسا” برفع التدابير الأمنية تجاه الجماعات المتطرفة، والتي من ضمنها “جماعة الإخوان المسلمين”.

قالت (سكاي نيوز) عربية إن الخطوات التي اتخذتها النمسا تجاه الجماعات المتطرفة، ومن بينها “الإخوان”، ستقدم عليها العديد من الدول الأوروبية الأخرى في القريب العاجل.

ونقلت (سكاي نيوز)، عن الكاتب في صحيفة (كرونين) النمساوية، “عمرو البياتي”؛ قوله بإن النمسا لا تستهدف إيذاء المسلمين بدليل وجود قانون خاص برعاية شؤون المسلمين منذ عهد القيصر، وفي السنوات الأخيرة سن قانون جديد أطلق عليه قانون الإسلام.

وقف أشكال التمويل الحكومي لـ”الإخوان”..

وفي أيلول/سبتمبر الماضي، قررت حكومة مقاطعة “النمسا العليا” شمالي النمسا، وقف جميع أشكال التمويل الحكومي لـ”الإخوان” وغيرها من تنظيمات الإسلام السياسي، وتشكيل لجنة خبراء لرصد تحركاتها وهياكلها.

وقال حاكم مقاطعة “النمسا العليا”، “توماس ستيلزر”: “على الرغم من جهودنا لإدماج الأشخاص من ذوي الخلفية المهاجرة في المجتمع، تلعب الجمعيات والمنظمات الإسلامية المتطرفة مثل الإخوان وغيرها، دورًا سلبيًا لإعاقة الإندماج”.

التحركات النمساوية الأخيرة أخذت شكلاً جديًا بعد هجوم وسط “فيينا” وقع، في 2 تشرين ثان/نوفمبر الجاري، وأسفر عن مصرع 4 وإصابة 22 شخصًا بعد هجوم بالسلاح الآلي لإرهابي من أصول مقدونية؛ وقد أرداه رجال الشرطة قتيلاً على الفور، على إثره قامت “وزارة الداخلية” بنشر قوات مكافحة الإرهاب في مختلف ميادين مدن النمسا تحسبًا لهجمات إرهابية جديدة.

وتشكل النمسا حاضنة مهمة لتنظيم “الإخوان المسلمين” في أوروبا، لا سيما وأن النمسا تعترف بالإسلام ديانة رسمية، وقانونها القضائي يسمح بالشراكات المتعددة بين الدولة والمجتمعات الدينية. وقد اتخذ “الإخوان” من النمسا مقرًا للممارسة نشاطهم بشكل مريح، ودون أيّ ملاحقات حقيقية، لذا استطاعوا تنفيذ نشاطات تجارية وخيرية علنية، وأخرى سرّية، بدعم من قيادة الجماعة في المنطقة العربية.

حظر رموز الجماعة الإرهابية..

بداية المواجهة كانت، في شباط/فبراير 2019، عندما أصدرت الداخلية النمساوية قانونًا يحظر رموز “جماعة الإخوان المسلمين”، وعددًا من التنظيمات الإرهابية الأخرى، دخل حيز التنفيذ بعدها بشهر واحد.

وتشمل قائمة الرموز المحظورة نحو 13 علمًا ورمزًا مختلفًا، ويأتي شعار “جماعة الإخوان” باللون الأخضر، “سيفان يتوسطهما كلمة وأعدوا”، كأول رمز في قائمة الحظر.

وخلال العام الأول لتطبيق القانون، رصدت السلطات النمساوية 71 مخالفة لقانون حظر رموز “الإخوان” الإرهابية وميليشيا (حزب الله) اللبنانية، و”الذئاب الرمادية” التركية، خلال عام من تطبيق القانون.

مصادرة أكثر من 20 مليون يورو من أموال تمويل الإرهاب..

وفي أحدث الضربات التي تلقتها الجماعة الإرهابية، ما أعلن عنه وزير داخلية النمسا، “كارل نيهامير”، من مصادرة أكثر من 20 مليون يورو، (23.6 مليون دولار)، من أموال “جماعة الإخوان” ومعظمها أصول والباقي أموال سائلة، مشيرًا إلى أن التحقيقات أثبتت أن هذه الأموال تستخدم في “تمويل الإرهاب”.

وقال وزير داخلية النمسا، حسبما نقل عنه موقع (كورير)، أمس الأول؛ إن: “أكثر من 20 مليون يورو من الأصول تمت مصادرتها وتجميدها في المداهمات التي تم شنها على مقرات لجماعة الإخوان المسلمين”، مضيفًا أن: “الأموال كانت تستخدم في تمويل الإرهاب”.

وأكد “نيهامر”، أنه: “تم التحقيق مع هذه الشبكات لأكثر من عام ومراقبة أعضائها لأكثر من 21000 ساعة، وأكثر من 1.2 مليون صورة لاجتماعات وتجمعات لأشخاص مشبوهين تحتاج الآن إلى التقييم”.

عملية “رمسيس”.. مداهمات وتحقيقات..

مداهمات قوية شنتها الشرطة النمساوية ضد أهداف لـ”الإخوان المسلمين” وحركة (حماس) في 4 ولايات، وجرت المداهمات في إطار “العملية رمسيس”، المعنية بمكافحة التطرف والإرهاب، وشارك فيها 1000 ضابط وجندي من الشرطة والاستخبارات الداخلية، واستهدفت على نطاق واسع جمعيات يشتبه في علاقتها بـ”جماعة الإخوان” و(حماس)؛ وقال وزير الداخلية، “كارل نيهامر”: “إننا نتخذ إجراءات ضد هذه المنظمات الإجرامية والمتطرفة واللاإنسانية بأقصى درجات الصرامة وبكل إمكانيات سيادة القانون”.

وجاءت العملية وسط تأكيدات بعزم الحكومة على مكافحة التطرف.

ففى خلال الـ 20 شهرًا الماضية؛ اتخذت النمسا إجراءات لمواجهة “جماعة الإخوان” في فيينا، ولم تكن مداهمة عناصر من الشرطة النمساوية مداهمة مقار للإخوان الأولى من نوعها، فقد نفذت الشرطة النمساوية مداهمات في 4 ولايات اتحادية، بينها “فيينا”، ضد أشخاص وجمعيات مرتبطة بـ”الإخوان الإرهابية وحركة حماس الفلسطينية”.

وخلال المداهمات، فتشت الشرطة 60 شقة ومنزلاً ومقرًا تجاريًا وناديًا، وألقت الشرطة القبض على 30 شخصًا، مثلوا أمام السلطات “للاستجواب الفوري”.

ونقلت صحيفة (دير ستاندرد) النمساوية، عن مصادر أمنية؛ قولها: “التحقيقات تجري مع المشتبه بهم بشأن الانتماء لمنظمات إرهابية، وتمويل الإرهاب، والقيام بأنشطة معادية للدولة، وتشكيل تنظيم إجرامي وغسيل الأموال”.

ووفقًا لمكتب المدعي العام، فإن المداهمات تأتي بعد “تحقيقات مكثفة استمرت أكثر من عام”؛ من قبل “هيئة حماية الدستور” ومكافحة الإرهاب “الاستخبارات الداخلية”.

إستحداث جريمة جنائية باسم “الإسلام السياسي”..

وفي خطوة منها للقضاء على تلك الظاهرة بشكل جذري، أعلنت النمسا أنها تنوي إستحداث جريمة جنائية تسمى: “الإسلام السياسي”.

ووافق مجلس الوزراء النمساوي برئاسة المستشار، “سيباستيان كورتس”، الأربعاء الماضي، على مجموعة واسعة من الإجراءات التي تهدف إلى سد الثغرات الأمنية، في أعقاب الهجوم الذي شنه متطرف في “فيينا” وقتل به 4 أشخاص.

وقال “كورتس”، في تغريدة عقب اجتماع مجلس الوزراء: “سنستحدث جريمة جنائية تسمى الإسلام السياسي؛ حتى نتمكن من اتخاذ إجراءات ضد أولئك الذين ليسوا إرهابيين، لكنهم يخلقون أرضية خصبة لهم”.

وأوضح أن القانون الذي يدعم إقراره في بلاده، سوف يسمح باتخاذ قرارات بإقفال مراكز للعبادة وتنظيم سجلات الأئمة وتجفيف قنوات الدعم المالي للأنشطة الإرهابية.

كما تشمل المقترحات القدرة على إبقاء المدانين بجرائم إرهابية خلف القضبان مدى الحياة، والمراقبة الإلكترونية للمدانين بجرائم تتعلق بالإرهاب عند إطلاق سراحهم، وتجريم التطرف السياسي بدوافع دينية.

وقال “كورتس” إن الإجراءات، التي ستعرض على البرلمان، في كانون أول/ديسمبر المقبل، للتصويت عليها، تتخذ نهجًا ذي شقين، وتستهدف كلاً من الإرهابيين المشتبه بهم؛ وأيضًا الإيديولوجية التي تحركهم.

وتتضمن إجراءات “فيينا” أيضًا اقتراحًا بتجريد الأشخاص من الجنسية النمساوية، إذا أدينوا بجرائم تتعلق بالإرهاب.

إنشاء مركز توثيق جرائم “الإسلام السياسي..

وكانت وزيرة الإندماج النمساوية، “سوزان راب”؛ قد أعلنت قبل أسابيع عن البدء في تأسيس مركز توثيق “الإسلام السياسي”، على غرار مركز توثيق اليمين المتطرف، وخصصت ميزانية أولية بقيمة نصف مليون يورو للمركز الذي يتولى مراقبة “الإخوان” والتنظيمات التركية وغيرها في البلاد، بما يشمل المساجد ومواقع التواصل الاجتماعي.

ووفق صحيفة (كرونه) النمساوية “خاصة”، يسير مشروع “مركز توثيق الإسلام السياسي” على الطريق الصحيح، إذ تراهن “فيينا” على عقول أفضل الخبراء في هزيمة “الإخوان” والتيارات الإسلامية المتطرفة.

الصحيفة أوضحت: “أكتملت هياكل المركز وجرى تعيين قياداته”، ناقلة عن “سوزان راب” قولها: “نحن نؤسس منارة ضد الراديكالية والتنظيمات الإسلامية المتطرفة”.

وتابعت “راب”: “خبراء كبار في شؤون التنظيمات المتطرفة يديرون المركز”، مضيفة: “أنا فخورة بأن المركز يجذب أبرز العقول المتخصصة في مكافحة الإسلام السياسي”؛ للمساهمة في هزيمة التنظيمات المتطرفة.

ويقود المركز، “مهند خورشيد”، الأستاذ في جامعة “مونستر” الألمانية، وأهم خبير في الإسلام السياسي في الدول الناطقة بالألمانية، ويتمثل دور المركز في تحليل اتجاهات الإسلام المتطرف وخاصة “الإخوان”، وتوثيق جرائمها.

ويضم هيكل المركز 8 خبراء عالميين، أبرزهم: “ليزا فيلهوفر”، أهم خبيرة في شؤون الإندماج في النمسا، وواحدة من أوائل من طالبوا بتأسيس المركز، لرصد وتحليل تنظيمات وقيادات التنظيمات المتطرفة في البلاد.

كما يضم المركز، الخبير الأميركي ذا الأصول الإيطالية، “لورينزو فيدينو”، أهم باحث غربي في شؤون الإخوان ورئيس مركز التطرف بجامعة “جورج واشنطن” الأميركية، ومؤلف دراسة (الإخوان في النمسا)، المنشورة في 2017، بالتعاون مع هيئة حماية الدستور “الاستخبارات الداخلية”.

مؤسسات إخوانية فاعلة في النمسا..

وكانت النمسا قد أعلنت، في تشرين أول/أكتوبر 2017، عن إنشاء مركز متخصص في مكافحة ظاهرة التطرف ومساعدة الأفراد الذين وقعوا في شرك التطرف على التخلص من الأفكار المتشددة، كجزء من استراتيجية الهيئة المشرفة على نشاطات المسلمين، وأشارت إلى وجود تعاون وثيق وتنسيق مباشر مع حكومة النمسا، وكشف تقرير أعده المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ ألمانيا وهولندا، بعض المؤسسات التي تتبع تنظيم “الإخوان” في النمسا، والتي تشكل – فيما يبدو – حسرًا للتطرف في المجتمعات الأوروبية، ومن هذه المؤسسات التي ذكرها التقرير :

الهيئة الدينية الإسلامية فى النمسا: وهي تخدم مقاطعات “فيينا” و”النمسا المنخفضة” و”بورغنلاند”، وطالبت دائرة الرقابة المالية النمساوية الاتحادية، فحص السجلات المالية للهيئة، وهي المرة الأولى التي تقوم فيها هذه الدائرة باتخاذ مثل هذه الإجراءات نحو هيئة دينية في النمسا.

“منظمة الشباب النمساوي المسلم”: حيث تُعد التركية، “دودو كوتشكغول”، أحد أهم كوادرها، وقادت حملة إعلامية قوية ضد “تعديل قانون الإسلام في النمسا”، وهي على صلة قوية بشخصيات إخوانية وتحت تأثير “جماعة الإخوان المسلمين”.

“جمعية المللي غروش”: وهي هيئة إسلامية تركية، وتعني بالتركية، “الرؤية الوطنية”، لها عدة فروع في أوروبا، يتواجد مقرها الرئيس في “كولون” الألمانية، وتعمل بثلاثة ثوابت أولها: “أمرهم شورى” و”أدع إلى سبيل ربك بالحكمة”، “وجعلناكم شعوبًا وقبائل للتتعارفوا”.

“المجمع الإسلامي للحضارات”: يتعاون مع الاتحاد الإسلامي التركي، “المللي غروش”، ولهم مساجد يعترف بها رسميًا لدى الهيئة الإسلامية الرسمية، ولدى المجمع عشرة أئمة يقف على مقربة من أفكار “الإخوان المسلمين”، وساهم الأئمة الأتراك في تنفيذ الأجندة التركية في النمسا، وهو ما أدخل الكثير من الأفكار المتشددة إلى المجتمع النمساوي، نحو نمو تيارات الغلو والتطرف.

3 إجراءات مستقبلية ضد الجماعة..

تعليقًا على التحركات الأوروبية، توقع الخبير والأستاذ في قسم الدراسات الشرقية في جامعة فيينا، “رودغر لولكر”، اتخاذ السلطات النمساوية إجراءات قوية ضد “الإخوان”.

وحدد “لولكر” 3 إجراءات مستقبلية ضد الجماعة، هي وضعها تحت رقابة الاستخبارات الداخلية، والنأي عن أي حوار سياسي معها، ومحاولة إيجاد ممثل للمسلمين للتحاور معه بعيدًا عنها.

ومن جانبه، قال الخبير في شؤون الإخوان، “لورينزو فيدينو”، إنه: “يوجد رغبة قوية داخل أروقة الحكومة النمساوية لفعل المزيد من أجل مواجهة خطر الإخوان، ومن المحتمل أن تتخذ مزيدًا من الإجراءات ضد الجماعة”.

يقظة أوروبية متأخرة..

ويرى الخبير في الجماعات المتطرفة، “أحمد بان”، أن هناك يقظة متأخرة في الداخل الأوروبي، لكنها بدأت قبل ذلك في “النمسا”.

مضيفًا، في حديث إلى (سكاي نيوز عربية)؛ إن الحضور الإخواني في أوروبا موجود منذ أكثر من 6 عقود، تغلغل فيه عناصر التنظيم في المجتمعات الأوروبية، وعملوا على تأسيس منظمات لم تكن سوى واجهات لهم.

وكان تقرير أوروبي يحاول التثبت من نشاط “الإخوان”، في عام 2014، خلص إلى أن: “تنظيم الإخوان يُشكل جسمًا محتملاً للتطرف”.

واعتبر “بان”؛ أن العبارة في التقرير البريطاني: “مراوغة، وأكدت على حالة الإرتباك تجاه نشاط التنظيم”.

ولفت إلى أن الهجمات الإرهابية نبهت السلطات إلى حقيقة الأخطار المحدقة ببلادها، ومنها “تنظيم الإخوان”.

ورأى الخبير في الجماعات المتطرفة؛ بأن مقترحات “النمسا” تُعد نقلة نوعية، “خاصة أنها تأتي في مواجهة تنظيم خطير”.

يُشكل خطرًا على أوروبا..

وبعد عقود طويلة من القدرة على إخفاء حقيقة هذا التنظيم، أتضح للأوروبيين أن تنظيم “الإخوان” بات يُشكل خطرًا على وجود الدول الأوروبية، فعناصر “الإخوان” يؤمنون بالروابط الأممية على حساب الدولة الوطنية ويؤسسون لفكرة الانفصالية، التي تحدث عنها الرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”.

وقال “بان”؛ إن القمة الأوروبية الأخيرة شهدت تعبير زعماء الدول عن رغبتهم في التعاون لسد الثغرات أمام التنظيمات الإرهابية، متوقعًا أن تشهد القمة الأوروبية المقبلة درجة أكبر من التعاون أمنيًا وفكريًا في مواجهة هذا التنظيم، مثل سن تشريعات تقطع الطريق عليه.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة