خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
تعمل “الهند”؛ باعتبارها دولة هامة في “آسيا”، وتمتلك تاريخ غني وثقافة متنوعة، على تطوير نفوذها تدريجيًا في الشرق الأوسط؛ حيث تمتلك تلك المنطقة المعروفة بكونها واحدة من أهم المناطق الجغرافية والجيوسياسية في العالم، ثروات طبيعية هائلة، ومسّارات تجارية استراتيجية، وتوترات سياسية واجتماعية متعددة، الأمر الذي جعلها محط اهتمام متزايد من جانب “الهند”.
وفي مقال تحليلي أعده “پرهام پوررمضان”؛ دكتوراه في العلوم السياسية، جامعة (طهران)، ونشر على موقع “مؤسسة الدراسات الإيرانية-الأورآسيوية”، ناقش سيناريوهات مستقبل الوجود الهندي في “الشرق الأوسط”..
الأول: تقوية التعاون الاقتصادي والتجاري..
في هذا السيناريو؛ سوف تستمر “الهند” في تقوية التعاون الاقتصادي والتجاري مع دول “الشرق الأوسط”، ومع النمو الاقتصادي الهندي، والحاجة إلى توفير منابع للطاقة، سوف تتجه “دلهي” إلى تطوير علاقاتها مع الدول المنتَّجة للنفط كـ”المملكة العربية السعودية، والإمارات، وإيران”؛ حال إلغاء العقوبات المفروضة عليها.
وقد تكون الاستثمارات في مجالات البُنية التحتية، والطاقة، وتكنولوجيا المعلومات محاور للتعاون المشترك.
ورفع معدلات التبادل التجاري بين “الهند” ودول “الشرق الأوسط” قد يُفضّي إلى تنمية فرص العمل والارتقاء بالمستوي المعيشي للشعوب.
وفي هذا الصدّد تستطيع “الهند”؛ باعتبارها شريك استراتيجي في المشاريع الاقتصادية الكبرى، العمل في منطقة الخليج. ومن ثم ستكون قادرة على تقوية نفوذها في المناطق الجيوسياسية والرئيسة بالشرق الأوسط. وقد يكون هذا السيناريو هو الأكثر نجاحًا مستقبلًا.
الثاني: الهند كوسيط بصراعات الشرق الأوسط..
يعتمد على دور “الهند”؛ بوصفها وسيط في صراعات وتوترات الشرق الأوسط. وتستطيع بتاريخها الطويل في عدم الانحياز والسياسة الخارجية المستقلة، المساعدة في بناء السلام والاستقرار بالمنطقة.
والصراعات بين الدول العربية والكيان الصهيوني، والتوترات في “اليمن وسورية”، وغيرها من الأزمات المتعددة قد تكون مجالًا لنشاط “الهند” كوسيط.
وأن تسعى إلى جمع الأطراف المتصارعة والبحث عن حلول مستدامة. وهذه التوجه قد يقوي دور “الهند” الدولي ويُزيد من ثقة دول الشرق الأوسط في هذا البلد.
علمًا أن سيناريو الدبلوماسية الفعالة والوساطة الهندية في الشرق الأوسط، قد تُفضي إلى تحسّين علاقاتها مع دول المنطقة. وبالنظر إلى الأوضاع الاقتصادية والسياسية المتغيرة بالشرق الأوسط، يتعين على “الهند” باعتبارها طرف فاعل مستقل ومؤثر، تقديم حلول شاملة ومستدامة لحل الصراعات.
الثالث: التحديات والمخاطر..
يبحث هذا السيناريو في التحديات والمخاطر المترتبة على الوجود الهندي بالشرق الأوسط، وقد تشمل التوترات الدينية، والمنافسات الإقليمية، والتحديات المتعلقة بالتطرف والإرهاب.
كذلك فالمنافسة مع “الصين”، التي تعمل حاليًا على تطوير نفوذها بالشرق الأوسط، قد يتحول إلى تحدي جديد بالنسة لـ”الهند”. والاضطرابات الداخلية في دول الشرق الأوسط، وتأثيراتها على القضايا العالمية، مثل التغيرات الإقليمية، واللاجئين، قد تؤثر سلبًا على سياسات “الهند الخارجية”.
وهذه التحديات تتطلب امتلاك “الهند” استراتيجيات مؤشرة وشاملة لإدارة الأزمات وفهم الاختلافات الثقافية والسياسية في المنطقة. وقد تفضي مخاطر الوجود الهندي بمنطقة الشرق الأوسط، إلى اضطراب وعدم استقرار واسع النطاق تدريجيًا.
ومن جملة الحلول التي يمكن أن تساعد “الهند” على إدارة هذه التحديات، تقوية الدبلوماسية، وبناء جسور من التعاون مع دول الجوار في المنطقة، وكذلك الاهتمام بالمتطلبات الإنسانية والاجتماعية.
رابعًا: التعاون الأمني والعسكري..
يتضمن هذا السناريو أن تعمل “الهند” كقوة عسكرية شاملة في الشرق الأوسط، وبالنظر إلى التهديد الأمنية الناجمة عن الإرهاب والفوضى الإقليمية، تستطيع إقامة تعاون أمني وعسكري مع الدول الحليفة ومنها دول الخليج.
والمشاركة في المناورات العسكرية، وتبادل المعلومات، وتدريب القوات العسكرية، قد تساعد على التعاون الدفاعي بين “الهند” ودول الشرق الأوسط.
وقد تساعد هذه الخطوة على في تقديم “الهند” كقوة مستقلة مسؤولة إزاء التحديات الأمنية الدولية. هذا التعاون لن يؤدي فقط إلى الإرتقاء بمستويات الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، وإنما توطيد علاقات الهندي مع الدول الأخرى وتطوير نفوذها على المستوى العالمي.