خاص : كتبت – نشوى الحفني :
يبدو أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة في طريقها لإبصار النور، بعد سنوات من عدم الاستقرار السياسي، إلا أن ذلك الأمر لن يكون سارًا بالنسبة إلى “بنيامين نتانياهو”، الذي يحكم “إسرائيل”، منذ عام 2009.
فقد وافق رئيس حزب (يمينا) الإسرائيلي، “نفتالي بينيت”، على الإنضمام إلى حكومة مشتركة مع رئيس حزب (يوجد مستقبل)، بزعامة “يائير لبيد”، بحسب ما أوردت القناة الإسرائيلية (12)، مساء يوم الجمعة.
يأتي ذلك بعد ساعات من إعلان حزبي: (يوجد مستقبل) و(العمل)؛ عن التوصل إلى اتفاق ائتلافي في إطار سعي “لبيد” إلى تشكيل حكومة من خلال: “كتلة التغيير”، بالإضافة إلى توقعات أشارت إلى استعداد “بينيت”، الإنضمام إلى حكومة كهذه.
“حكومةٍ نرأسها معًا” !
ونقلت القناة العبرية، قولَ “بينيت”، خلال لقاءٍ جمعه بـ”لبيد”، جاء فيه: “أعتزم مشاركتك في الاتصالات والجهود المبذولة لتشكيل حكومةٍ نرأسها معًا”.
ووفق الاتفاق، بين “بينيت” و”لبيد”، فإنّ: “بينيت؛ سيُصبح رئيسًا للحكومة، حتى أيلول/سبتمبر 2023، فيما سيخلفه، لبيد، من التاريخ المذكور، وحتى تشرين ثان/نوفمبر 2025”.
وأشارت القناة إلى أن: “أعضاءً في (يمينا)، أقلّ حماسًا للإنضمام إلى هذه الحكومة”، مشدّدة على أن: “الشخصية الثانية في الحزب، الوزيرة السابقة، أييلت شاكيد، على رأسهم”.
وأوضحت القناة إن: “بينيت؛ يعتقد أن معسكر اليمين أو جزءًا منه على الأقل، سينضم إليه عندما تهدأ العاصفة”، لافتة إلى أنه: “من موقع رئاسة الحكومة، كل شيء يبدو مختلفًا”.
وكانت القناة الإسرائيلية؛ قد أشارت، يوم الخميس، إلى أنّ: “شاكيد؛ تفضل تشكيل حكومة يمينية، وترى أنه يجب قبول عرض حزب (الليكود)، الذي يتعلق بتخصيص مواقع لأعضاء (يمينا) على قائمة (الليكود) لخوض الانتخابات المقبلة”.
ومع ذلك، فإن فرص تشكيل حكومة يمينية برئاسة رئيس الحكومة، “بنيامين نتانياهو”، تبقى ضئيلة في ظل عدم توفر أغلبية من 61 عضو كنيست.
تشكيل حكومة “كتلة التغيير“..
وفي أعقاب تصريحات “شاكيد”؛ بأنها تعارض بشدة إمكانية الذهاب إلى انتخابات خامسة، تُشير الترجيحات إلى أن تختار “شاكيد” الموافقة على إمكانية تشكيل حكومة “كتلة التغيير”، إذا ما تمكن “بينيت” من الحصول على عرض جيد للحزب.
وتوصّل “لبيد”، حتى اليوم، قبل سبعة أيام من إنتهاء تفويضه بتشكيل حكومة، إلى اتفاقات ائتلافية مع حزبي: (يسرائيل بيتينو) و(ميرتس) كذلك.
والتقى مع رئيس حزب (تيكفا حداشا)، “غدعون ساعر”، أمس الأول، في إطار الخطوات لتشكيل الحكومة، في حين ذكرت تقارير صحافية أن “نتانياهو” يعتزم، أن يقترح على “ساعر”، التناوب في ما بينهما على رئاسة الحكومة، على أن تكون فترة ولاية “ساعر” هي الأولى، بالإضافة إلى تقييد مدة الولاية في محاولة، في اللحظات الأخيرة، من “نتانياهو”، لمنع حكومة “لبيد-بينيت”.
عملية احتيال..
وعلّق “نتانياهو” على الاتفاق بين “لبيد” و”بينيت”؛ لتشكيل الحكومة الإسرائيلية، بالقول إنها: “عملية احتيال لا يمكن تصورها. إنها انتهاك صارخ لجميع وعود، نفتالي بينيت، التي قطعها على نفسه قبل أسابيع”.
وحذر من أن الحكومة الائتلافية المقترحة؛ ستكون: “خطرًا على أمن” البلاد، وحث “نتانياهو”، الساسة اليمينيين؛ على عدم دعم هذه الخطط.
وفشل رئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتانياهو”، في تشكيل حكومة للمرة الثالثة خلال عامين، حيث انتهت فترة تفويضه من الرئيس، “رؤوفين ريفلين”.
وحصل “نتانياهو”، البالغ من العمر (71 عامًا)، والذي يُحاكم بتهمة الفساد على تكليف من الرئيس الإسرائيلي، “رؤوفين ريفلين”، مدته 28 يومُا؛ لتشكيل الحكومة بعد انتخابات، 23 آذار/مارس الماضي، التي كانت رابع انتخابات غير حاسمة في أقل من عامين.
مناورة لـ”نتانياهو” بتناوب ثلاثي !
وفي مناورة منه لمنع تشكيل “حكومة التغيير”، اقترح “نتانياهو”، على رئيس حزب (أمل جديد)، “جدعون ساعر”، ورئيس حزب (يمينا) القومي، “نفتالي بينيت”، العمل معه كرئيسين للوزراء في فترة مشتركة، وذكرت القناة (12) العبرية؛ أن “نتانياهو” عرض على “ساعر” و”بينيت” تناوبًا ثلاثيًا على رئاسة الحكومة، على أن يكون “ساعر” رئيسًا للوزراء لمدة عام وربع العام، ثم يرأس “نتانياهو”، الحكومة لمدة عامين؛ وأن يكون “بينيت”، الذي يوصف بأنه: “صانع الملوك”، رئيسًا للوزراء لمدة عام وربع العام.
كما اقترح “نتانياهو” قانونًا يُقيد مدة الخدمة كرئيس للوزراء، وأن تكون هذه الفترة له؛ هي ولايته الأخيرة في المنصب، وأكدت إذاعة (كان) العبرية أن: “ساعر” رفض اقتراح “نتانياهو”، ونقلت عن “ساعر” قوله: “إنه ملتزم باستبدال حكم، نتانياهو، وإنه سيواصل العمل على ذلك، ناصحًا الجمهور الإسرائيلي بتجاهل مناورات وألاعيب سياسية سيطلقها حزب (الليكود) اليميني خلال أيام”.
ألاعيب “نتانياهو” ترجيء جلسة “يمينا“..
على إثر تلك الألاعيب، أعلنت كتلة حزب (يمينا) إرجاء جلستها، التي كانت مقررة، صباح اليوم، لتقرر ما إذا كانت ستشكل حكومة تغيير مع “لبيد” أم لا.
وردًا على تلك التطورات، ذكرت القناة (12)؛ أن “نتانياهو” قال، لمقربين منه: “إنه لا ينوي اعتزال الحياة السياسية، وإنما يعتزم قيادة المعارضة، وتحدى، بينيت وشاكيد وساعر”، وقال مصدر فى حزب (الليكود): “لن نمنحهم الراحة، وسنبرهن لهم أن هذه الحكومة لن تكون قادرة على تحقيق إيديولوجيا اليمين”.
أسبوع الحسم..
في تحليله لسيناريوهات تشكيل الحكومة الإسرائيلية، يقول أستاذ الدراسات العبرية، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، “أحمد فؤاد أنور”؛ إن الأسبوع الجاري هو أسبوع الحسم، وتظهر خلاله المؤشرات كافة، موضحًا أن المعارضة تقترب من تشكيل الحكومة.
مشيرًا إلى أن: “السيناريو الأغلب والأرجح؛ هو تمكن منافس نتانياهو، يائير لبيد، (رئيس حزب “هناك مستقبل”، المُكلف من قبل الرئيس الإسرائيلي، في 5 آيار/مايو الجاري، بتشكيل الحكومة)، من تشكيل حكومة ائتلافية في مطلع الأسبوع المقبل، مع إنضمام حزب (يمينا)، بقيادة نفتالي بينيت، بعد أن أعلن الحزب الموافقة على الإنضمام لائتلاف حكومي”.
ويلفت الخبير بالشأن الإسرائيلي، إلى أن: “لبيد وحزب (يمينا) يناقشون الآن بعض التفاصيل المرتبة بضمان عدم هروب أو انشقاق أعضاء من الحزب وإنضمامهم إلى الجبهة الرافضة للتغيير”، موضحًا أن: “الكتلة التي تسعى للتغيير برئاسة، لابيد، اقتربت فعلاً من تشكيل حكومة، هي شبه حكومة وحدة وطنية، بمعنى أن بها يسار وممثل عن اليمين، ممثلاً في نفتالي بينيت وحزبه (يمينا)”.
“نتانياهو” لن يستسلم..
وتشكيل حكومة وحدة وطنية في “إسرائيل”، يأتي في حالات الطواريء، (مثل الحرب والكارثة الطبيعية أو الأزمة الاقتصادية)، وأيضًا في حالة وجود تكافؤ في ميزان القوى بين الكتل الحزبية المتخاصمة، التي تم انتخابها لـ”الكنيست”، الأمر الذي يحول دون تشكيل الائتلاف الذي يتمتع بأغلبية. ويكون رئيس الائتلاف الحكومي: “هو على الأغلب رئيس الكتلة الأكبر في الكنيست، من بين تلك المشاركة في الحكومة”.
وحول ما إن كان “نتانياهو”، الذي يتولى منصبه منذ 2009 وحتى الآن، سيرضخ إلى هذا السيناريو، لا سيما في ضوء قضايا الفساد التي تنتظره لدى خروجه من الحكومة، يوضح “أنور”؛ أن: “دراسة شخصية نتانياهو، تشي لنا بأن هذا السيناريو، (سيناريو تشكيل المعارضة الحكومة)، لن يتم بسهولة، وأنه لن يستسلم”.
تنازلات “نتانياهو”..
ويتحدث عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية بموازاة ذلك عن ما وصفه: بـ”التنازلات”؛ التي قدّمها رئيس الوزراء الإسرائيلي، ضمن مساعيه للبقاء في المنصب، قائلاً: “أخرج، نتانياهو، من جعبته لإفساد هذا السيناريو تنازلاً جديدًا ممثلاً في إعرابه عن موافقه على أن يكون (رقم 2) في الحكومة القادمة، حال ما إذا تراجع شركاء لابيد عن دعمه وعادوا مرة أخرى لمعسكر نتانياهو”.
ويشرح: “نتانياهو؛ أعلن أنه لا مانع لديه في أن يكون رئيس وزراء بالتناوب، وأن يكون هو الثاني بعد من يوافق على التحالف معه، (تكون له بذلك كل الإمتيازات من الديوان والموكب وغير ذلك)، على رغم أنه جرت العادة ألا تكتمل الحكومة في الغالب بعد النصف الأول، وقد كان نتانياهو سابقًا يشترط أن يكون رئيس الوزراء الأول في أي حكومة بالتناوب”.
مشيرًا “أنور”؛ إلى أنه: “بنهاية الأسبوع؛ تكون المؤشرات قد ظهرت بشكل كامل، لا سيما أن هناك مجموعة كبيرة تشعر بأن نتانياهو؛ صار كارتًا محروقًا”، متحدثًا عن ملفات الفساد المتهم فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي، والتي قد تطال عائلته.
ويختتم حديثه بالإشارة إلى أن ما سبق؛ يمثل أبرز السيناريوهات المطروحة حاليًا، بينما: “من حيث الموقف من العرب، ومن حيث المنافسة بين اليمين واليسار، فهي أمور أصبحت أمرًا ثانويًا، فالأمر، (تشكيل الحكومة)، متعلق بإغراءات مالية وإمتيازات وتولي وتوزيع حقائب وزارية”.