خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
أريد الاستفادة من مفهوم، “البيان السياسي”، في تحليل الوضع الراهن، على فرض أنه بمقدورنا التركيز في أسلوب “البيان السياسي”؛ على الرؤى الشعبية المختلفة والمتعارضة وصولًا إلى النتائج المستهدفة.
وأحد مشكلات الناشط السياسي في السلطة؛ أو الناقد المخلص، (داخل السلطة وخارجها)، إنما تكمن في مواجهة الأصوات الشعبية المتفرقة.
والحقيقة؛ يمكن القول إن هدف “البيان السياسي”؛ هو صناعة الحشد بغرض تحفيز الجماهير على أداء عمل سياسي في إطار الهياكل القائمة. وأحيانًا يقوم الأصوليون بالحشد، وأحيانًا أخرى الإصلاحيين، وأحيانًا المستقلين؛ أمثال: “فائزة هاشمي”، التي تعتبر نفسها مخلصة لأحد الوجوه الأساسية بالثورة، (أي والدها). بحسب “أحمد غلامي”؛ في صحيفة (شرق) الإيرانية.
التيارات والشخصيات السياسية فقدت قدرتها على جذب الجماهير..
والتيارات والوجوه السياسية، التي ذكرنا في إطار هذا التقسيم، تواجه تحديًا صعبًا؛ إذ يفتقر الشعب، في الوقت الراهن، إلى مفهوم “الثبات السياسي”.
وهم مثل القطع تتحرك على الرقعة، وفق مصادمات عارضة، يجلسون متجاورين أحيانًا ويتواجهون أحيانًا أخرى دون سبب واضح. وهذا الوضع سببه أن الحكومة، والتيارات السياسية، بل والشخصيات المنفردة؛ فقدت هيمنتها ولم تُعد قادرة على جذب الجماهير، ومن ثم القيام بالعمل السياسي.
وهذا الوضع مؤلم للإصلاحيين؛ أكثر من التيارات الأخرى. فقد أقنعوا الجماهير بهيمنتهم فترة طويلة.
وكانت سنوات السيد “محمد خاتمي”، الرئاسية، بمثابة العصر الذهبي للإصلاحيين، فلم يكونوا، آنذاك، مجرد تيار مهيمن، وإنما كان بعضهم يبحث عن مكانة خاصة داخل هذه الهيمنة.
لذلك نهض أمثال هؤلاء لتقديم هوية مستقلة عن طريق “البيان السياسي”؛ في إطار الإخلاص لإنتمائاتهم الحزبية.
فقد قدرة الإصلاحيين..
مع هذا؛ فقد تجاهل التيار الأساس للإصلاحيين هذه الهيمنة، ورفض القوة السياسية. ووفق “فلاديمير لينين: “طالما تتجاهل الماركيسية أو تعجز عن فهم فكر الهيمنة، فهي ليست طبقة أو لم تصل إلى هذه المرحلة على الأقل، وإنما هي مجرد نقابة أو مجموعة من النقابات”.
وأضحت أفكار “لينين”، بعد فترة أساس، “أنطونيو غرامشي” الفكري: “فقدت النقابات والاتحادات قدرة التغيير؛ بسبب المصالح الاقتصادية”.
والمشكلة الأساسية للإصلاحيين؛ لا تكمن في خسارة الهيمنة، وإنما في عجزهم عن مناهضة الهيمنة، ولذلك فإنهم يقتربون من الأصوليين.
المجتمع المدني..
تحدث الإصلاحيون سنوات عن المجتمع المدني، لكنهم يعجزون عن تحويله إلى أداة سياسية.
ووفق “غرامشي”؛ يحظى مفهوم المجتمع المدني بأهمية خاصة، وهو يفرق بين المجتمع المدني ومؤسسات الدول العامة. وهو يصنف المنظمات الخاصة والتطوعية، من مثل “الاتحادات العمالية”، و”الأحزاب السياسية”، و”الكنيسة”، و”الجمعيات الخيرية”، كمجتمع مدني.
وعليه يستدل “غرامشي”، بفرض هيمنة الطبقات المسيطرة على المجتمع المدني: “إقناع الطبقات الدنيا بقبول قيم وأفكار الطبقات المسيطرة”.
وبغض النظر عن سنوات “بناء”، “هاشمي رفسنجاني”، فقد بلغت “إيران” الوضع المرغوب، في فترة “محمد خاتمي”، الرئاسية.
حيث نجح “التيار الإصلاحي” في مناهضة الهيمنة، بينما كان مهيمنًا. وقد إنهارت هذه الهيمنة بين التيارات السياسية، وخاصة الإصلاحية، ثم الشخصيات السياسية التي كانت ذات حضور فعّال داخل هذه التيار، وأضحى من الصعب عليهم إبداء “بيانهم السياسي”.
والواقع أن “البيان السياسي” لا يرتبط بالضرورة بالهيمنة، وإنما قد يعمل بمعزل عنها. ولا عجب أن تقوم “فائزه هاشمي”؛ بإنتاج: “بيانها السياسي”؛ على وفي هذا التيار، لأن “البيان السياسي” يعتمد بالأساس على الآراء والأفكار التي تستند إلى الخصال والفضائل الفردية؛ مثل الشجاعة والفصاحة.. ورغم أن “فائزة” لا تسعى للهيمنة، لكنها تتشوق للبحث عن نفسها وأسرتها في قالب آخر، تعتبر نفسها ووالدها أحق به من الآخرين.
ولو انتهى مسار “فائزة” الجديد إلى السلطة، أو عدم استفادة الإصلاحيين منها في الوصول إلى السلطة، فستكون “فائزة” أقرب إلى الجماهير أكثر من أي وقت مضى، هذا القرب الذي سبق وأن وضع قدميها على رأس مسار جديد.