12 أبريل، 2024 4:06 م
Search
Close this search box.

يفتخر بعدم سماحه بإقامة دولة فلسطينية أبدًا .. كيف يترجم نتانياهو شعار “من النهر إلى البحر” ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات- كتابات:

لطالما عارض رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “بنيامين نتانياهو”، إنشاء “دولة فلسطينية مستقلة” مهما كان حجمها على الأرض، ولم يتوانَ الرجل اليميني المحاط بالجدل والانتقادات عن الاعتراض طيلة سنوات على إقامة دولة لملايين الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي، بل وعمل على تقويض الحركة الوطنية الفلسطينية بترسّيخ الانقسام بين حركة (حماس) في “غزة” والقيادة الضعيفة لـ”السلطة الفلسطينية” في “الضفة الغربية”، وتحالف “نتانياهو” كذلك مع حركة الاستّيطان اليهودية اليمينية المتطرفة التي جعلت منهجها قطع الطريق على إقامة “دولة فلسطينية” في المستقبل، وتقويض أي فرصة لها في التمكين والحياة.

“لن نسمح أبدًا بإقامة دولة فلسطينية”..

تقول صحيفة الـ (واشنطن بوست-The Washington Post) الأميركية؛ إنه بينما تُشّن “إسرائيل” الآن حربها العقابية على سكان “قطاع غزة”، إذ بالنداءات الدولية تعود لحثِّ “نتانياهو” على المضيّ قدمًا في مسّار إحياء “حل الدولتين”، أي إقامة دولتين منفصلتين، واحدة للإسرائيليين والأخرى للفلسطينيين. ويُشيّع تبّني هذا الحل في أوساط ما يُعرف بالمجتمع الدولي، ومنه “الولايات المتحدة”.

في غضون ذلك؛ أوضحت الحكومات العربية أنها لن تستثمر في إعادة إعمار “غزة” وتوطيد الاستقرار بها بعد الحرب – التي قتلت “إسرائيل” فيها حتى الآن أكثر من: (25) ألف فلسطيني وسوَّت معظم مباني القطاع بالأرض – إلا إذا انخرطت “إسرائيل” في مسّار سياسي ذي مغزى مع الفلسطينيين.

ويؤيد “البيت الأبيض” كذلك، ولو بالكلام على الأقل، ما يصفه: بـ”تطلعات الشعب الفلسطيني”، ويُريد أن تُدير “السلطة الفلسطينية”؛ “غزة”، بعد الحرب ضمن تسّوية واسعة تُحيي إمكان “حل الدولتين”، وتُعّزز اندماج “إسرائيل” في جوارها العربي.

وقدم كبار مسؤولي إدارة الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، هذه الخطة بعيدًا عن العلن إلى نظرائهم الإسرائيليين والعرب. وأوردت التقارير أن “بايدن” تطرق في مكالمته الهاتفية مع “نتانياهو”، يوم الجمعة 19 كانون ثان/يناير، إلى فكرة إقامة دولتين على أساس أن تكون “إسرائيل”: “مضمونة الأمن” في هذا المسّار.

غير أن تحقيق هذه الفكرة يعني مواجهة “نتانياهو” شكوكه طويلة الأمد بشأن الخطر الذي يُشّكله أي كيان فلسطيني مستقل على: “إسرائيل”. وحين سأل أحد الصحافيين الرئيسَ الأميركي؛ يوم الجمعة، عما إذا كان “حل الدولتين” مستحيلاً في ظل حكم “نتانياهو”، أجاب “بايدن”: “لا، ليس كذلك”.

إلا أن “نتانياهو” لم يتمهل إلا بضع ساعات في الرد على “بايدن” وسارع بمناقضة ونفي ما قاله الرئيس الأميركي، فكتب على وسائل التواصل الاجتماعي يوم السبت 20 كانون ثان/يناير: “لن أساوم على السّيطرة الأمنية الإسرائيلية الشاملة على كامل المنطقة الواقعة غرب (نهر) الأردن، وهذا أمر يتعارض مع (إقامة) دولة فلسطينية”، وهكذا وأد “نتانياهو” تصريحات “بايدن” المستّبشرة في مهدها.

ثم أصدر “نتانياهو” بيانًا باللغة العبرية في اليوم التالي، أشار فيه إلى سجله الحافل في إحباط “حل الدولتين”. وقال: “إصراري هو الحاجز الذي منع – على مر السنين – إقامة الدولة الفلسطينية التي لو أقيمت لكانت خطرًا وجوديًا على إسرائيل”. و”ما دمت أنا رئيسًا للوزراء، فأنا عازم أشد العزم على منع ذلك”.

كان “نتانياهو” قد صرح يوم الخميس 18 كانون ثان/يناير، أي قبل التحدث مع “بايدن”، بأنه يُعارض مسّاعي “البيت الأبيض” في هذا السّياق. وقال في مؤتمر صحافي: “على مدى (30 عامًا)، كانت تصريحاتي (في هذا الموضوع) متسّقة للغاية، وما أقوله واضح تمام الوضوح”، وهو أن أي كيان فلسطيني ذي سيّادة يُمثل خطرًا أمنيًا غير مقبول على “إسرائيل”؛ لأن: “هذا الصراع لا يدور حول عدم وجود دولة، أي دولة فلسطينية، بل حول وجود دولة، وهي دولة يهودية”.

ولم يلبث أن أيَّد تصريحات “نتانياهو” على وسائل التواصل الاجتماعي طائفة من نواب (الكنيست) المنتمين إلى ائتلافه اليميني، ووافقوه جميعًا في رفضه لإقامة “دولة فلسطينية”، وتُعلل بعضهم بالهجوم الذي نفذته (حماس)؛ في 07 تشرين أول/أكتوبر. وقال “ميكي زوهار”، وزير الثقافة والرياضة الإسرائيلي، في تغريدة على موقع (إكس)؛ “تويتر” سابقًا: “أقولها بوضوح لكل من لا يزال عالقًا في يوم 06 تشرين أول/أكتوبر: لن نسمح أبدًا بإقامة دولة فلسطينية”.

ما الذي يُريد “نتانياهو” إقامته من النهر إلى البحر ؟

من جهة أخرى؛ أثار شعار: “من النهر إلى البحر”، جدلاً في كل من “إسرائيل” و”الولايات المتحدة”، فقد رفع المتظاهرون المؤيدون لـ”فلسطين” هذا الشعار، وقالوا إنه نداء مطالبةٍ بالحرية والحقوق للفلسطينيين الذين يعيشون بين “نهر الأردن” و”البحر المتوسط”. إلا أن كثيرًا من الإسرائيليين يزعمون أن هذه المطالب تعني السّعي إلى محو الدولة الإسرائيلية، وتحجَّجوا بأن (حماس) كانت تتداول هذا الشعار كذلك. وبناءً على ذلك، طالب بعض أعضاء “مجلس النواب” الأميركي بتشّريع يُنسّب هذا الشعار إلى: “معاداة السّامية”.

ومع ذلك؛ فإن “نتانياهو” وحزبه الحاكم؛ (الليكود)، لديهما تصور راسّخ عن الكيان الذي لا بديل عن وجوده بين النهر والبحر، فالبرنامج الأصلي لحزب (الليكود) يُشّدد على أنه: “لا سيّادة بين البحر المتوسط ونهر الأردن إلا السيّادة الإسرائيلية”. أما الواقع الذي ترسّخ في ظل حكومات “نتانياهو” المتعاقبة، فهو واقع تفوق اليهود على غيرهم من الأجناس، وتوطيد السّيطرة الإسرائيلية على أكبر عدد ممكن من السكان الفلسطينيين، وتكبيل معايشهم بالضرورات الأمنية الإسرائيلية.

في المقابل؛ بات كثير من المسؤولين الدوليين يرون أن هذا المسّار في التعامل مع الفلسطينيين غير مقبول. وقال الأمين العام للأمم المتحدة؛ “أنطونيو غوتيريش”، هذا الأسبوع: “إن رفض حل الدولتين للإسرائيليين والفلسطينيين، وحرمان الشعب الفلسطيني من حقه في إقامة دولة، أمر غير مقبول”، “فالشعب الفلسطيني لديه الحق في بناء دولته، ويجب أن يُقر الجميع بهذا الحق”.

وذكرت صحيفة الـ (فايننشيال تايمز-The Financial Times) البريطانية؛ أن مسؤولين بـ”الاتحاد الأوروبي”، تداولوا وثيقة قبيل اجتماع مقرر لوزراء خارجية الاتحاد؛ يوم الاثنين 22 كانون ثان/يناير، يدعو فيها دول الاتحاد إلى التفكير في الخطوات التي يُجدر بالاتحاد اتخاذها إذا تمسّكت حكومة “نتانياهو” برأيها في منع إقامة “دولة فلسطينية”. وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن: “بروكسل اقترحت أن تُحدد الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي؛ العواقب التي تتصور حدوثها سواء بالمشاركة أم عدم المشاركة في خطة السلام المقترحة”.

“نتانياهو” يراوغ الجميع حتى عودة “ترامب” !

يُكافح “نتانياهو” للبقاء في سُدة الحكم؛ بينما تتزايد الاحتجاجات المطالبة باستقالته. وينتقد كثير من الإسرائيليين سياساته التي بثَّت الانقسام بين الإسرائيليين؛ قبل هجوم 07 تشرين أول/أكتوبر، وقد ساءهم قلة اكتراثه لعائلات المحتجزين الإسرائيليين في “غزة”.

قال نائب بارز في التيار المحافظ بـ (الكنيست) الإسرائيلي، لمراسل مجلة الـ (نيويوركر-The New Yorker) الأميركية: “لطالما روّج (نتانياهو) نفسه سياسيًا في صورة (رجل الأمن)، إلا أن هذه الصورة طُمست في السابع من تشرين أول/أكتوبر”، ومن ثم فهو يقدم نفسه الآن في صورة: “الرجل الذي يقف في وجه أميركا التي تُريد أن تُفرض علينا دولة فلسطينية. إنه يراوغ، لأنه يحتاج إلى رواية جديدة عن نفسه بعد النكسة التي وقعت. وهو يُحاول أن يروج للناس أن المؤسسة الأمنية هي التي أخفقت، وليس هو، بل هو الوحيد المؤهل لقتال المسّاعي المطالبة بإقامة دولة فلسطينية”.

لطالما وصف “نتانياهو” بالخبث السياسي، وقد يرى الرجل أن سبيله للتشّبث بالسلطة هو إبقاء الحرب مشّتعلة في انتظار العودة المحتملة لصديقه، الرئيس السابق “دونالد ترامب”، إلى منصبه، وتغيّير النظام السياسي في “واشنطن”. وفي الوقت نفسه، يرى منتقدو إدارة “بايدن” من التيار اليساري أن “البيت الأبيض” متواطيء على الدمار الهائل الذي أنزلته “إسرائيل”؛ بـ”قطاع غزة”، وأن الإدارة الحالية أضعف من الوقوف في وجه خطة “نتانياهو” اليمينية المتشّددة.

كتب “دانييل ليفي”، مفاوض السلام الإسرائيلي السابق، في مقال بصحيفة الـ (واشنطن بوست-The Washington Post) الأميركية: “على الولايات المتحدة أن تأخذ على محمل الجد الرفض القاطع لحكومة (نتانياهو) لإقامة دولة فلسطينية، وأن تنّتبه إلى البنود الواردة في اتفاق الائتلاف الحكومي الإسرائيلي القائم”، والتي تُشّدد على أن: “للشعب اليهودي حقًا حصريًاًوغير قابل للتغيّر في أراضي إسرائيل كافة”، و”ما يُجدر بواشنطن فعله أن تتحدى إسرائيل وتقدم مبادرة تضمن المسّاواة وحق التصويت والحقوق المدنية الأخرى لجميع الناس الذين يعيشون تحت سّيطرتها”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب