23 ديسمبر، 2024 9:47 م

يطل بشبحه الأسود .. فشل الحكومة العراقية في التخطيط لمرحلة ما بعد “داعش” تسبب في عودته !

يطل بشبحه الأسود .. فشل الحكومة العراقية في التخطيط لمرحلة ما بعد “داعش” تسبب في عودته !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

عاد تنظيم (داعش) الإرهابي لممارسة نفوذه في “العراق” مرة أخرى بتنفيذ هجمات انتقامية؛ يوضح من خلالها عودته وبقوة من جديد، وهو الأمر الذي يثير العديد من التساؤلات حول أسباب عودته وكيفية مواجهته.

أمس الاول؛ أعلن التنظيم عن مسؤوليته عن هجوم استهدف حافلة قرب مدينة “كربلاء” العراقية، وأسفر عن مقتل 12 شخصًا.

ونقلت وكالة (رويترز)، أمس، عن وكالة (أعماق)، التابعة للتنظيم، إن: “تنظيم الدولة الإسلامية يعلن مسؤوليته عن تفجير حافلة؛ أودى بحياة 12 شخصًا قرب كربلاء العراقية”.

وأفادت خلية الإعلام الأمني العراقي، بمقتل وإصابة 17 شخصًا، إثر إعتداء إرهابي استهدف مدخل مدينة “كربلاء”، وسط البلاد.

وأوضحت الخلية، في بيان، أن انفجار عبوة ناسفة داخل سيارة نوع (غمبي) قرب “النقطة الأمنية الرئيسة 54” لمدخل محافظة “كربلاء”، وسط “العراق”، أسفر عن مقتل 12 مواطنًا.

وأضافت الخلية، قائلة: “حسب ما وردنا من صحة كربلاء، فإن الحادث، أسفر أيضًا عن إصابة 5 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، وهم حاليًا يتلقون العلاج في مستشفياتها”.

وتُعتبر محافظة “كربلاء”، في وسط “العراق”، من المدن المقدسة ذات الطابع الديني، والمستتبة أمنيًا، والتي تشهد سياحة دينية مستمرة على مدى العام، ولا سيما في الأشهر الحرم مطلع العام الجاري.

يُذكر أن “العراق” كان قد أعلن، في كانون أول/ديسمبر 2017، تحرير كامل أراضيه من قبضة تنظيم (داعش) بعد نحو 3 سنوات ونصف من المواجهات مع التنظيم الإرهابي؛ الذي احتل نحو ثلث البلاد معلنًا إقامة ما أسماها “الخلافة الإسلامية”.

فيما تواصل القوات العراقية عمليات التفتيش والتطهير وملاحقة فلول (داعش) في أنحاء البلاد، لضمان عدم عودة ظهور التنظيم وعناصره الفارين مجددًا، بينما تتمركز قوات “الحشد الشعبي” على الشريط الحدودي مع “سوريا” للتصدي لمحاولات تسلل عناصر التنظيم الإرهابي المتكررة.

لم يتم القضاء عليه نهائيًا..

وتعليقًا على ذلك؛ قال الباحث في الشأن السياسي والأمني، “نجم القصاب”، إن “تنظيم (داعش) لم يتم القضاء عليه بكل صوره ومصادره في العراق، رغم إعلان إنتهاء المعركة”، لكنه شكك في مصداقية الأرقام التي ذكرتها بعض التقارير عن عمليات (داعش) في “العراق”.

حيث يروج التنظيم إنه نفذ 73 هجومًا في “العراق”، خلال أسبوع، في حين جاءت “سوريا” بفارق كبير في عدد الهجمات عند 43 هجومًا.

وأضاف أن: “التنظيم الإرهابي تراجع، ولم يستطع أن يحتل كيلومترًا واحدًا حتى في المناطق الصحراوية”.

تقوم بعمليات إنتقائية..

فيما قال الكاتب والباحث السياسي، “إياد العناز”، إن الاستراتيجية التي تعتمدها العناصر الإرهابية في (داعش) الآن؛ هي القيام بعمليات إنتقائية واستهداف بعض الإرتكازات الأمنية والقبائل المتعاونة مع الأمن، مع إبتعادهم عن المدن وعدم الإحتفاظ بالأرض، “فهذه العناصر تبحث عن كهوف وأماكن اختفاء”.

وشدد “العناز” على أهمية “الأمن التنموي داخل المدن التي طالتها العمليات العسكرية وعاشت سنوات من التعسف”، قائلًا: “على الحكومة أن تبادر بإعادة الثقة للمواطن بعد سنتين من إنتهاء العمليات العسكرية”.

هدف استراتيجي لتحريك خلاياه النائمة..

من جهته؛ قال “أحمد الشريفي”، الخبير الاستراتيجي العراقي، إن: ” تنظيم (داعش) الإرهابي لديه رغبة في تحريك خلاياه النائمة، من خلال تفخيخ المدنيين أو نقاط السيطرة الأمنية”.

وأشار “الشريفي” إلى أن: “هذا الأمر كان متوقعًا على اعتبار أن المنطقة الواقعة بين كربلاء والحلة مكتظة في هذا التوقيت بالمدنيين، نظرًا للزيارة الدينية الحالية، وبالتالي تلقائيًا فالمكان هدف استراتيجي للتنظيم الإرهابي”.

وأضاف “الشريفي”: “ما يهمنا الآن أن عمليات تنظيم (داعش) الإرهابي كانت قد انحصرت في مناطق معينة، والآن تعود في مواقع أخرى، وربما تكون عملية تفجير حافلة كربلاء مقدمة لعمليات أوسع، ما يستدعى رفع لمنسوب الجهد الاستخباري، فضلًا عن معالجة بعض الثغرات، التي مازالت تؤمن موارد للتنظيم الإرهابي، خاصة في المناطق الحدودية”.

“المحاصصة” سبب رئيس في عودة التنظيم..

وأشار إلى أن حالة الإرتباك السياسي داخل “العراق”، فضلًا عن تراجع الأداء الأمني والعسكري بسبب “المحاصصة”، “وهذا يستثمره التنظيم لإعادة إنتاج نفسه، مفضلًا استهداف مناسبة دينية شيعية لإحداث شرخ اجتماعي جديد”.

وعن أسباب الإرتباك السياسي في “العراق”، قال “الشريفي” إن المنظومة السياسية العراقية فشلت في إحداث توافق بين المؤسستين الأمنية والعسكرية وإخراجهما من “المحاصصة”؛ ووضعهما في أيدي عراقية أمينة، بعيدًا عن الجهات المتحزبة، واصفًا عمليات “العراق” العسكرية للقضاء على فلول التنظيم الإرهابي؛ بأنها مجرد مطاردة لعناصر إرهابية في مناطق نائية، تأتي في إطار الأسلوب التقليدي المكلف والغير مجدي.

وأستنكر “أحمد الشريفي”، المحلل الاستراتيجي العراقي، إصرار الكيانات السياسية العراقية على استثمار المؤسسات الأمنية والعسكرية في “المحاصصة”، من أجل استغلال الموارد المالية للمؤسستين في أغراض انتقامية حزبية، مشددًا على أهمية رسم استراتيجيات واضحة لهذه المؤسسات، والتخلي عن أنانية الكيانات الحزبية.

الحكومة لم تنجح في إدارة مرحلة ما بعد “داعش”..

وبحسب مستشار المركز العراقي للدراسات السياسية، “مؤيد الونداوي”، فإن هناك أسبابًا كثيرة لمواصلة (داعش) عملياته في “العراق”، أبرزها حجم المنطقة الجغرافية الكبيرة التي ينشط فيها من “بغداد” وصولًا إلى “سوريا”، الأمر الذي مكّنه من الظهور عبر “خلايا نائمة”، عملت على تدمير البُنى التحتية وترويع المواطنين.

لافتًا إلى أن الحكومة العراقية لم تنجح في إدارة مرحلة ما بعد (داعش)، فضلًا عن عجزها عن تطبيق برامج خاصة بالمجتمعات التي عاشت تحت حكم التنظيم المتطرف لسنوات، بالإضافة إلى فشل السياسات الاقتصادية في استقطاب هؤلاء وتأمين حياة كريمة لهم.

ودائمًا ما يؤكد المتابعون للشأن العراقي والخبراء أن الحكومة العراقية لم تنجح في إدارة مرحلة ما بعد (داعش)، فسطوة الميليشيات الطائفية على المشهد تمثل أحد أهم أسباب عودة التنظيم، كما أن غياب قوات أمنية وجيش قوي تدعمه أجهزة استخبارية نظامية وكفوءة يمثل أرضًا خصبة للتنظيم المتشدد.

وقال “الونداوي” تعليقًا على مسؤولية المنظومة الأمنية العراقية في القضاء على (داعش)؛ أن ملف مناطق التنظيم سلّم لأشخاص غير محترفين، منهم قادة من ميليشيات “الحشد الشعبي” والميليشيات الطائفية الأخرى، والتي استفادت من ذلك في أغراض سياسية وتنفيذ عمليات انتقام، هذا إلى جانب استغلال الأمر لتحقيق استفادة مالية، والعمل بهذا الملف بما يتوافق وأجندة “إيران” التوسعية الخاصة بالمنطقة.

وحول الإجراءات التي تستدعيها عملية القضاء نهائيًا على (داعش)، أشار “الونداوي” إلى ضرورة عمل الحكومة العراقية على تنفيذ سياسات اقتصادية ترمي لتأهيل المجتمعات التي كانت تحت قبضة التنظيم، وتفعيل مشاريع إعادة الإعمار في المناطق التي دمرها.

تحذير من عودة أكثر خطورة..

سبق وأن حذر تقرير أميركي صدر في، حزيران/يونيو الماضي، من عودة أكثر خطورة لتنظيم (داعش) الإرهابي، مؤكدًا على أنه: “يحضر لاستعادة أراضٍ في سوريا والعراق، وبشكل أسرع”.

وأوضح التقرير، الذي أعده “مركز دراسات الحرب” بـ”واشنطن”، أن (داعش) لا يزال يحتفظ بشبكة مالية عالمية تمول عودته، وتمكنه من إعادة هيكلة عملياته للعودة، مضيفًا أن زعيم (داعش)، “أبوبكر البغدادي”، كان “يعمل بشكل ممنهج على إعادة تشكيل التنظيم، للتحضير لموجة جديدة من العنف في المنطقة”.

وتمكن التنظيم الإرهابي من المحافظة على عدد كاف من الأسلحة والتجهيزات في شبكة من الأنفاق ومناطق دعم أخرى، بهدف تجهيز قوات جديدة.

كذلك فرض (داعش)، وفق التقرير، ضرائب على السكان، مما أدى إلى نزوح عدد كبير منهم، وبذلك سيطر على جيب صغيرة من الأراضي في “العراق” بحكم الواقع.

وأكد التقرير أن التباطؤ في مكافحة (داعش)، منحه فرصة للتخطيط للمرحلة الثانية من الحرب، مؤكدًا على أن هذا التباطؤ قد يساعد على تمدد التنظيم في كل من “سوريا” و”العراق” مرة أخرى.

وحذر التقرير من أن (داعش) أعاد تشكيل قدراته الأساسية، نهاية العام الماضي، مما قد يمكنه من شن هجمات أكبر في الأشهر المقبلة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة