18 أبريل، 2024 4:25 م
Search
Close this search box.

“يديعوت أحرونوت” : عشرات المليارات لإعادة إعمار العراق ولا شيء لإعمار سوريا !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز : 

نشرت صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبرية؛ تقريراً للمحلل الإسرائيلي، “يارون فريدمان”، تناول فيه المساعي المبذولة لإعادة إعمار العراق وما أسفر عنه مؤتمر التمويل الذي عُقد في الكويت مؤخراً. وأكد “فريدمان” على إنعدام فرص تمويل إعادة إعمار سوريا طالما ظل نظام “بشار الأسد” باقياً.

إعمار العراق بعد هزيمة “داعش”..

يقول “فريدمان”: “لقد شارك ممثلو دول النفط الخليجية في مؤتمر إعادة إعمار العراق ورصدوا الأموال اللازمة لتلك المهمة بعد دحر «تنظيم الدولة»، رغم أن النظام الحاكم في بغداد ينتمي للمذهب الشيعي. لكن الجميع يعلم أنه حينما سيتطلب الأمر قريباً إعادة إعمار سوريا فإن مندوبي تلك الدول لن تسارع بالمساهمة المالية. وإذا كان مؤتمر الكويت قد أسفر عن الإسهام بـ 30 مليون دولار لإعمار العراق, فلماذا لا نتوقع إنعقاد مؤتمر مماثل قريباً لإعادة إعمار سوريا المجاورة ؟”. 

اندلعت حرب دموية استمرت لعدة سنوات في كل من سوريا والعراق، وقام على أراضي الدولتين ذلك الكيان الداعشي المُرعب. وقامت في الدولتين تحالفات لمحاربة ذلك التنظيم الإرهابي؛ ففي العراق وشمالي سوريا تشكل التحالف الأميركي بالتعاون مع الجيش العراقي والأكراد, أما في سوريا فتشكلت جبهة روسية بالتعاون مع إيران و”حزب الله” وجيش النظام السوري. والنتيجة هي الإنقضاض على تنظيم “داعش” من الشرق والغرب إلى أن تم القضاء عليه. وفي الحقيقة فإن الحرب في العراق قد انتهت تماماً, أما في سوريا فلم تعد قائمة إلا في مناطق محدودة.

واشنطن تتحمل المسؤولة في العراق..

تشعر الولايات المتحدة الأميركية بالمسؤولية عن الوضع في العراق؛ لأنها تدخلت هناك مع بداية الألفية. لكن الأمر مختلف بالنسبة للدمار الذي وقع في سوريا, حيث تنظر الولايات المتحدة إلى الساحة السورية – باستثناء منطقة الأكراد في شمال شرق البلاد – على أنها خاضعة للنفوذ الروسي.

وكانت واشنطن قد خصصت، في عام 2013، مبلغ 60 مليار دولار لإعادة إعمار العراق, كما قررت إطلاق أموال ضخمة، بعدما كانت مُجمدة في عهد “صدام حسين”.

طهران لم تقدم مساعدات خوفاً من الغضب الشعبي..

في الـ 15 من شباط/فبراير الجاري، تقرر في المؤتمر الدولي بالكويت تقديم مساعدات بقيمة 30 مليار دولار لإعادة إعمار العراق بعد انتهاء الحرب ضد تنظيم “داعش”. ومصادر التمويل هي: “دول الخليج وتركيا والبنك العالمي والاتحاد الأوروبي”. أما الولايات المتحدة التي تحملت أغلب تكلفة الحرب, فقد تعهدت بتقديم 3 مليارات دولار. وتأتي المساعدة الخليجية إلى حد كبير بفضل العلاقات الجيدة لرئيس الوزراء العراقي، “حيدر العبادي”، مع المملكة العربية السعودية.

جدير بالذكر أن أحداً من المشاركين في “مؤتمر الكويت” لم يتطرق إطلاقاً إلى دولة سوريا المجاورة. ولم يُسمع نهائياً صوت روسيا أو حتى إيران رغم تورطها في حرب العراق. فهل تخوفت إيران من الإعلان عن تقديم مساعدات للعراق خوفاً من غضب الشارع الإيراني ؟

سوريا: كم ستكون التكلفة ؟

من غير المعلوم؛ كم ستكون تكلفة إعادة إعمار سوريا ؟.. ولكن على ما يبدو فإن ذلك سيبلغ ما يزيد عن 100 مليار دولار. ووفقاً لتقديرات البنك الدولي فإن اقتصاد سوريا قد خسر، خلال 7 سنوات من الحرب الأهلية، ما يقرب من 226 مليار دولار, وذلك جراء تدمير نصف منشآت البنى التحتية وكذلك تدمير ثُلث مباني المدن, بالإضافة إلى مقتل وإصابة مئات الآلاف من السكان.

وتقول التقديرات إن ستة من بين كل عشرة مواطنين سوريين يعيشون في حالة فقر بسبب الحرب، وأن نسبة البطالة بلغت 78%. معنى ذلك أن غالبية الشباب في سوريا لن يجدوا فرص عمل وسيفضلون الهجرة للخارج. كما أن قرابة نصف المنشآت والخدمات الصحية قد تضررت من الحرب، التي ألحقت الضرر أيضاً بالمؤسسة التعليمية مما أدى لحرمان كثير من الأطفال من التعليم أو التدريب أو التاهيل لعدة سنوات, ولذلك سيشكلون عبئاً على الدولة. كما أن سيطرة تنظيم “داعش” على مصادر النفط لفترة طويلة قد أضرت أيضاً باقتصاد سوريا.

أولويات إعمار سوريا..

ستتطلب إعادة إعمار سوريا أولاً، وقبل كل شيء، إنهاء الحرب التي لا تزال دائرة في بعض الأماكن, لا سيما في شمال “إدلب” وفي ضواحي “شرق دمشق” وفي المناطق الجنوبية بالقرب من الحدود الإسرائيلية والأردنية. وبعد ذلك ينبغي إعادة اللاجئين السوريين حتى يشاركوا في عملية إعادة الإعمار، ومن ثم يتم حل مشكلة البطالة. وينبغي أن تكون معظم مشاريع إعادة الإعمار منصبة على مجال العقارات ثم بعد ذلك على مجال الصناعة والخدمات، (لا سيما الكهرباء والماء)، ووسائل المواصلات والزراعة.

وبحسب تقديرات الأمم المتحدة؛ فإن الأمر سيتطلب 30 عاماً حتى يمكن إعادة اقتصاد سوريا إلى ما كان عليه في عام 2011، قبل اندلاع الحرب الأهلية.

لا يريدون مساعدة سوريا..

يرى المحلل الإسرائيل، “فريدما”، أن الدول العربية الغنية, خاصة السعودية والإمارات وكذلك الدول الغربية، غير مستعدة للإسهام في إعادة إعمار سوريا طالما أن الرئيس “بشار الأسد” لا يزال في سدة الحكم. ولذلك سيظل العبء على كاهل داعمي النظام السوري وهم “إيران وروسيا والصين”. ويجدر القول إن دول المحور السني من ناحية، وكل من روسيا وإيران من ناحية أخرى، قد أهدروا أموالاً طائلة على تدمير سوريا وليس على إعمارها. والآن حان وقت دفع الحساب، لكن لا أحد يريد السداد. فرجال الأعمال من القطاع الخاص لن يسارعوا بالاستثمار في دولة قياداتها فاسدة وتعتمد على رجال أعمال مجرمين وتجار مخدرات. وفي واقع الأمر فإن كل من يسهم في إعادة إعمار سوريا يعمل على ترسيخ أقدام نظام “بشار الأسد”, وبذلك يُخاطر بعلاقاته مع السعودية وباقي دول الخليج.

إن الدول السُنية التي دعمت المتمردين في الحرب المدنية, وعلى رأسها “السعودية ودول الخليج وتركيا”, لا تود بالتأكيد إعادة إعمار سوريا في ظل بقاء نظام “الأسد”. وهذا الموقف السعودي والخليجي الرافض لمساعدة سوريا, يحول أيضاً دون قيام دول أخرى في الشرق الأوسط مثل “مصر”, بالإسهام في إعادة إعمار سوريا. فحينما وصل رجال أعمال مصريون إلى سوريا، في عام 2013، لبحث إمكانية التعاون وتقديم المساعدات الاقتصادية, تلقت مصر تحذيرات سعودية بأن ذلك غير مرغوب وسيضر بالعلاقات بين القاهرة والرياض.

العقوبات الغربية عقبة أمام إعادة إعمار سوريا..

بحسب “فريدمان” لا يقتصر الأمر على أن الغرب، (الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة)، لا يود إعادة إعمار سوريا تحت قيادة نظام “الأسد”، بل إنه فرض على ذلك النظام عقوبات منذ عام 2011. ومعظم العقوبات مفروضة على الحكومة السورية والمؤسسات والمصانع التابعة لها. كما تشمل العقوبات أيضاً رجال الأعمال التابعين للنظام. ومما لا شك فيه أن تلك العقوبات ستشكل عقبة كبيرة أمام إعادة إعمار سوريا مستقبلاً, لا سيما أن البنوك السورية التي تكبدت كثيراً من الخسائر لن تكون قادرة على دعم الاستثمارات.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب