25 أبريل، 2024 7:59 م
Search
Close this search box.

“يديعوت أحرونوت” : رئيس سوريا الحقيقي هو فلاديمير بوتين

Facebook
Twitter
LinkedIn

كتب – سعد عبد العزيز :

يرى الكاتب الإسرائيلي “يارون فريدمان” متعجباً من أن “بشار الأسد” لا يزال يطلق على نفسه “رئيساً”، وهو في الحقيقة لم يعد رئيساً ولم تعد سوريا دولة. “فبعد 6 سنوات من الحرب لم يعد فيها سوى أرض مدمرة تحوي في باطنها مئات آلاف القتلى ونزح عنها ملايين اللاجئين، ولم تعد معظم الأراضي السورية تحت هيمنة بشار، وربما لم يعد أحد يخضع لسلطته. وبينما لا تبدو في الأفق نهاية للحرب في سوريا، فإن الرئيس السوري مُصرّ على الاستمرار في تقمص دور الرئيس، وكأنه مازال مسيطراً على زمام الأمور”.

مضيفاً، عبر أحدث مقالاته التي نشرتها صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، أنه على الرغم من التدخل العسكري الروسي منذ العام ونصف العام، إلا أن سوريا لا تزال ممزقة بين النظام والثوار وتنظيم داعش. ولا تسيطر قوات النظام إلا على المناطق الغربية، كما كان الحال قبل التدخل الروسي. “فكيف تحقق روسيا مصالحها دون إرسال قوات إضافية؟”.

مشيراً “يارون فريدمان”، إلى أن الشمال السوري على وشك أن يشهد تغييرات دراماتيكية، وكل الدلائل على الأرض تشير إلى ذلك؛ فقوات النظام قد سيطرت على حلب، كما قامت تركيا بغزو بعض المناطق، ومؤخراً أنزلت الولايات المتحدة بعضاً من قواتها على الأراضي السورية. متسائلاً “لماذا يتدخل الأميركان بشكل مباشر؟.. وما هو الوضع الحالي ميدانياً؟.. ومن بالفعل الذي يحكم سوريا؟.. وهل حُلم بشار الأسد لا يستند إلى الواقع؟.. وكيف ستبدو السنة السابعة من الحرب الاهلية في سوريا؟.. وماذا ستكون تداعياتها على إسرائيل؟”.

حرب بطيئة: ثلاث سنوات تقريباً ولا جديد

فلاديمير بوتين

يقول فريدمان: “إذا نظرنا إلى خريطة الحرب في سوريا فلن نرى اختلافات كبيرة خلال السنوات الثلاث الماضيات. إننا نلاحظ بين الفينة والأخرى تحركات لبضعة كيلومترات هنا أو هناك، ولكن لم تحدث إلى الآن أية عمليات يمكن أن تؤدي إلى حسم لصالح طرف على الآخر، باستثناء المعركة الأخيرة في حلب والتي لم تنتهِ بعدُ بشكل كامل. صحيح أن التدخل الروسي قد حال دون سقوط نظام الأسد، ومكنه من التحول من موقف الدفاع إلى موقف الهجوم، ولكن بالنظر إلى الفترة الطويلة للحرب، فإن الروس يحققون أهدافهم ببطء شديد. فيجب أن نتذكر أن الروس قد دخلوا صراحةً إلى سوريا في حزيران/يونيو عام 2015، بما يعني أن احتلال حلب قد استغرق قرابة عام ونصف، بعد قصف متواصل لشرق المدينة وتدمير كامل لبنيتها التحتية. وبهذا المعدل فإن الاستيلاء على كامل الأراضي سوريا سيستغرق عقوداً”.

التدخل الروسي لم يغير من الموازين

فصائل المعارضة التي توصف بالمعتدلة لا تزال بعيدة عن أن تستسلم، وهي مازالت تسيطر على ثلاثة مناطق واسعة، فإن كانت تلك الفصائل حقاً قد فقدت حلب، إلا أنها ما تزال تسيطر على محافظة “إدلب” بكاملها، وهي أكبر من حلب بمرات عدة. أما في الجنوب، فتسيطر على غالبية مناطق محافظتي “القنيطرة” و”درعا”، المحاذيتين للجولان والأردن. كما تزال تسيطر على المناطق الواقعة شرقي دمشق، وأغلب هذه المناطق واقعة في الصحراء السورية. ولا يبدو أن الثوار في هذه المحافظات الثلاثة وفي جيوب المقاومة في بقية المدن يعتزمون الاستسلام قريباً. ولا تزال الحرب مستمرة في جميع المدن السورية تقريباً، وحتى بالقرب من معقل العلويين في اللاذقية. فهل كانت روسيا تتوقع ذلك بعد العام ونصف العام من تدخلها العسكري في سوريا؟

خطط الخداع الروسية

ربما لم تكن روسيا تتوقع أن تتورط لفترة طويلة في وحل المستنقع السوري في الوقت الذي لا تلوح في الأفق نهاية قريبة لذلك. ولأن شركاء روسيا أضعف من أن يساعدوها على حسم الحرب، ولأن روسيا غير راغبة في الدفع بقوات كبيرة خشية أن تُمنى بخسائر فادحة، فإنها تعتمد خططاً ماكرة تهدف إلى إضعاف فصائل المعارضة.

رئيس سوريا الحقيقي هو “فلاديمير بوتين”

إن السبب في طول أمد الحرب السورية يرجع إلى انخفاض المستوى القتالي للقوات الداعمة للنظام، فهي ليست أفضل كثيراً من فصائل المعارضة. لذا فلن يتحقق الحسم إلا بمساعدة القصف الروسي، ولذلك فإن روسيا تعتبر صاحبة الأمر في غرب سوريا، بحيث أنها ترسم مجرى الأحداث كما تريد. ميدانياً، تعتبر القوات الإيرانية التي تقاتل بمشاركة حزب الله, هي العامل الأكثر تأثيراً. أما قوات النظام فتعتمد اعتماداً كلياً على روسيا وإيران، وبالتالي لم تعد تستطيع توجيه دفة الأمور. وإذا كان الرئيس السوري يدير شؤون البلاد فيما مضى، فهو الآن بات في أسفل هرم السلطة بعد روسيا وإيران، حتى أن المفاوضات بشأن مصير غرب سوريا لا تتم في دمشق، وإنما في موسكو وطهران.

إن الأسد لا يظهر في أي حوار أو مفاوضات بشأن مستقبل سوريا. وربما يكون سبب الإبقاء عليه رمزياً لا أكثر؛ لأنه يمثل النظام القديم الذي تحاول روسيا وإيران الحفاظ عليه. فالأسد مجرد رمز تستخدمه روسيا وإيران لتوحيد القوات التي تقاتل المعارضة.

بشار الاسد

تفتيت المعارضة من خلال المؤتمر الوهمي

إن أعظم نجاح حققته روسيا هو عقد مؤتمر “أستانا” في كازاخستان الشهر الماضي، في ظل غياب المعارضة السورية. حيث تمكنت روسيا من توريط تركيا وإشراكها في المفاوضات كراعية لفصائل المعارضة. وهكذا أحدثت موسكو شرخاً لا يندمل بين فصائل المعارضة المعتدلة التي تمثلها تركيا وبين الفصائل الإسلامية التي ترفض الجلوس إلى أية مفاوضات. وقد أدى هذا الخلاف الحاد إلى اشتعال جبهات جديد من المعارك بين فصائل المعارضة ذاتها. وفي الوقت نفسه، لم تثمر مباحثات أستانا شيئاً، وربما لم يرد الروس أن يكون لها أية ثمار حقيقية.

إن فشل مؤتمر أستانا ينبئ بفشل مؤتمر جنيف أيضاً؛ لأن نقاط الخلاف العالقة لا يمكن حلها مثل: استمرار الأسد على رأس السلطة، وإشراك المعارضة في الحكم مستقبلاً، وإعادة اللاجئين، وإنهاء التدخل الإيراني … إلخ. ولا تعتزم روسيا أن تجري مفاوضات حقيقية، وإنما كل ما تريده هو الاستمرار في المسار العسكري.

الخداع في تدمر

قبل شهرين، عندما كان حلفاء الأسد منهمكين في احتلال حلب، ذكرت وسائل الإعلام المختلفة أن مقاتلي داعش استغلوا الفرصة لاحتلال مدينة تدمر الأثرية. ووقعت كميات كبيرة من الأسلحة غنيمة بين يدي عناصر داعش، ولم يتمكن الروس من إخراجهم من المدينة. وقبل أسبوع فوجئنا بأن قوات النظام السوري استولت مرة أخرى على المدينة في أقل من 24 ساعة. فهل من الممكن أن نصدق التقارير الميدانية؟.. ولماذا استغرقت روسيا شهرين لتقرر استعادة السيطرة على تدمر؟.. ولماذا لم تدمر داعش الآثار الباقية في تدمر كما هددت مراراً؟.. وكيف تم استرداد المدينة في يوم واحد على الرغم من أهميتها الاستراتيجية الكبيرة لداعش؟

كل هذه الأسئلة أعادت طرح النظرية القديمة القائلة بوجود تعاون سري بين النظام وبين داعش ضد المعارضة المعتدلة. حيث يقول محللون إن تدمر لم تُحتل، وإنما تم تسليمها يداً بيد، بما يفسر بقاءها سليمة نسبياً. وفي الواقع، قام النظام السوري بإعطاء أسلحة إلى داعش ليقوم بمحاربة المعارضة المعتدلة وتعويق المساعي الأميركية والتركية لاحتلال شمال سوريا.

تداعيات الحرب السورية على إسرائيل

بالنسبة لإسرائيل، فإن ما يسعدها هو أن سوريا التي كانت تشكل تهديداً وجودياً لها وتمتلك صواريخ وأسلحة كيميائية وبيولوجية لم يعد لها وجود بعد ست سنوات من الحرب الداخلية. وعلى الرغم من أن إيران استغلت الحرب في سوريا للسيطرة عليها، إلا أنه خلال العام ونصف العام الماضيين كانت روسيا هي صاحبة الأمر والنهي ميدانياً، وإسرائيل تنسق العمليات معها.

مؤكداً الكاتب الإسرائيلي في نهاية مقالته، قائلاً: “أما ما يقلق إسرائيل فهو أن حزب الله يتدرب على الساحة السورية منذ ست سنوات، وبالإضافة إلى القواعد الدائمة التي يقيمها على أراضيها، فهو يمتلك بمرور الوقت الأسلحة والخبرة القتالية. فقد أكسبت الحرب السورية مقاتلي الحزب دافعا قويا, لأن الحزب يعتبرها نصراً عظيماً، ليس لأنه لم ينهزم، بل لأنه إنقذ نظام الأسد وحمى الحدود اللبنانية من المنظمات الإرهابية السنية”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب