خاص : كتب – سعد عبد العزيز :
رغم الدور الكبير الذي تلعبة الولايات المتحدة الأميركية في كل من سوريا والعراق فيما يتعلق بالقضاء على تنظيم “داعش” في إطار مكافحة الإرهاب, إلا أن إيران هي المستفيد الأكبر وهي التي تبسط نفوذها داخل العراق على حساب الدور الأميركي. وفي هذا الإطار علقت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية على زيادة النفوذ الإيراني في العراق لا سيما في ظل الهزائم المتلاحقة التي يتلقاها تنظيم “داعش”.
العراقيون يعتمدون كلياً على إيران..
تقول الصحيفة العبرية: إن إيران تبسط نفوذها على العراق بأشكال متعددة, فإما عبرالأشخاص الموالين لها ممن يتولون مناصب قيادية, أو عبر إرسال السلع التجارية الإيرانية إلى الأسواق العراقية، أو عبر استقبال مواطنين عراقيين لتلقي دورات تأهيل عسكري في إيران، ثم إرسالهم لتنفيذ العديد من المهام في سوريا ولبنان.
وتضيف “يديعوت أحرونوت” أن كل زائر للأسواق العراقية يرى المنتجات الإيرانية تملأ المحال التجارية, وحتى البرامج التليفزيونية العراقية تبدي تعاطفاً مع إيران. وحينما يتم إنشاء مبنى جديد فإن الاحتمال الأكبر هو أن جميع مواد البناء قد تم استيرادها من إيران. بل إن المخدرات التي يتعاطاها المدمنون العراقيون تأتي معظمها مُهربة عبر الحدود من إيران.
فشل الاستراتيجية الأميركية..
أوضحت الصحيفة الإسرائيلية أن الولايات المتحدة عندما قامت بغزو العراق قبل 14 عاماً للإطاحة بحكم “صدام حسين”، فإنها كانت ترى إمكانية تأسيس نظام حكم ديمقراطي عراقي يحمل الطابع الغربي في الشرق الأوسط. ومن أجل تلك الغاية سقط في العراق قرابة 4500 أميركي وتم إنفاق قرابة تريليون دولار، تحملها دافعو الضرائب الأميركيين.
ولكن إيران من جانبها أيضاً كانت تدرك أهمية الدولة المجاورة وكيفية الاستفادة منها. حيث أرادت إيران أن تحول عدوتها اللدود (العراق) إلي دولة ضعيفة سياسياً لكي تسيطر عليها وتبسط من خلالها النفوذ الإيراني على أرجاء المنطقة. وفي هذا الصدد تفوقت إيران على الولايات المتحدة الأميركية.
بسط الهيمنة الإيرانية..
تؤكد الصحيفة الإسرائيلية على أن إيران باتت تسيطر على المجتمع العراقي, فالميليشيات المدعومة إيرانياً هي التي توفر الحماية للمقدسات الشيعية في “النجف” و”كربلاء”, وهي التي ترعى التجارة والسياحة. واذا نظرنا إلى المجالس المحلية العراقية سنجد أن الأحزاب السياسية المدعومة إيرانياً هي التي تحظى بالأغلبية، وهي تؤكد في حملاتها الانتخابية عمق علاقاتها مع رجال الدين في إيران.
وتوضح “يديعوت أحرونوت” أنه عندما بدأت الولايات المتحدة سحب قواتها من العراق عام 2009, حذرت جهات أمنية أميركية من أن إيران هي التي ستملأ الفراغ هناك. وهناك من يقول الآن إنه: “إذا انسحبت الولايات المتحدة مرة أخرى من العراق بعد هزيمة تنظيم “داعش” فستكون النتيجة الحتمية هي تمكين الإيرانيين من حرية التحرك لبسط مزيد من النفوذ في العراق والمنطقة”.
ورغم أن القوات الأميركية في العراق قد عكفت خلال السنوات الأخيرة علي محاربة تنظيم “داعش”, وعاد للعراق أكثر من 5000 جندي أميركي, إلا أن إيران لم تتخلى قط عن سعيها لتحقيق أهدافها المتمثلة في الهيمنة التامة على جارتها العراق, حتى تتأكد من أنها لن تشكل تهديداً عسكرياً مرة أخرى، ومن ثم تستخدمها للهيمنة على الممر الذي يصل طهران بالبحر المتوسط.
العراق مجرد وسيلة..
تقول الصحيفة الإسرائيلية إن العراق ليست سوى وسيلة, ضمن الخطة التوسعية الإيرانية, حيث تستعين طهران بوسائل أخرى لبسط نفوذها في “لبنان وسوريا واليمن وأفغانستان”, بل وفي أرجاء المنطقة. وهناك شباب عراقيون يدخلون إيران عبر المنافذ الحدودية الجنوبية دون أي تفتيش لكي يتلقون تدريبات عسكرية هناك ثم يتم إرسالهم إلى سوريا للدفاع عن الرئيس “بشار الأسد”.
أما في الاتجاه المعاكس, من إيران إلى العراق, فتعبر الكثير من الشاحنات المحملة بالمنتجات الغذائية والأدوات المنزلية والأثاث بل والمخدرات مما يجعل الأسواق العراقية تعتمد بشكل شبه كامل على إيران. وفي المقابل، لا نجد بضائع عراقية تمر في اتجاه إيران, لأن العراق ليس لديها ما تقدمه لإيران, مما يعني أن العراق باتت تعتمد على إيران كلياً باستثناء النفط. لدرجة أن سيارات القمامة وعمال النظافة في مدينة النجف قد أتوا من إيران بعدما تعاقدت المدينة مع شركة إيرانية خاصة.
ومن الناحية السياسية فهناك عدد كبير من أعضاء البرلمان العراقي المتحالفين مع إيران ويساعدونها على تحقيق أهدافها. كما أن نفوذ إيران في اختيار وزير الداخلية, من خلال بعض الميليشيات وعدد من المعارضين السياسيين الموالين لها، قد مكنها من بسط هيمنتها الواضحة على الوزارات الحكومية والشرطة.
وربما كانت أهم خطوة في هذا الإطار هي قيام البرلمان العراقي بسن قانون يجعل الميليشيات الشيعية جزءاً من قوات الأمن العراقية. وهكذا تمكنوا من تخصيص التمويل العراقي لتلك الميليشيات وضمان الهيمنة الإيرانية على أمن الدولة العراقية.