23 أبريل، 2024 9:58 م
Search
Close this search box.

“يديعوت أحرونوت” : إسرائيل ترتكب خطأ إستراتيجيًا بالاستمرار في شن هجماتها ضد سوريا !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :

تسعى “إسرائيل” بكل السٌبل لإحباط مساعي “إيران” لبسط نفوذها العسكري في “سوريا”، لكن رغم الغارات الجوية الإسرائيلية المتلاحقة، إلا أن “طهران” ماضية في تنفيذ مخططها لبسط نفوذها هناك.

فيما يرى البعض أن “إسرائيل” ستفشل لا محالة في منع “إيران” من ترسيخ وجودها العسكري في “سوريا”. حيث يوضح المحلل الإستراتيجي الإسرائيلي، “أوري غولدبرغ”، في مقاله بصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبرية: إن الغارات الجوية، التي يشنها “سلاح الطيران الإسرائيلي” ضد أهداف إيرانية في “سوريا”، لن تضع حدًا للوجود الإيراني هناك، الذي بات وكأنه أمر واقع.

مؤكدًا على أن “إسرائيل” هي الدولة الوحيدة، من بين جميع الدول المتورطة في “سوريا”، التي تُصر على اللعب بمفردها دون التنسيق مع أحد.

إسرائيل تتبنى سياسة منفردة..

بحسب “غولدبرغ”؛ يُعد الهجوم الإسرائيلي الأخير ضد أهداف في “سوريا”، استمرارًا للسياسة التي تُصر على إتباعها حكومة “تل أبيب”، وما يؤكد ذلك هو قول رئيس الحكومة، “بنيامين نتانياهو”، نيابة عن وزرائه، بأن “إسرائيل” لن تسمح بوجود قوات إيرانية مؤثرة في “سوريا”، لأنها حينئذ ستشكل تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي، مُضيفًا بأن “تل أبيب” ستسعى للتعاون أو التنسيق مع لاعبين آخرين مؤثرين في الشأن السوري، لكنها في نهاية الأمر هي وحدها من ستُحدد عدوها الذي ستتصدى له، وما هي الدولة التي تشكل تهديدًا لأمنها.

كما أن “إسرائيل” هي التي تقرر وحدها، ما هي المخاطر التي تهددها، وهي بمفردها التي ستتصدى بحزم لتلك المخاطر.

كل دولة لها أجندتها الخاصة..

يرى “غولدبرغ” أن تلك السياسة الإسرائيلية المنفردة غير صائبة بالمرة، لأنه لم يعد  في الشرق الأوسط الآن “أشرار” و”أخيار”، بإستثناء تنظيم (داعش).

إذ أن جميع اللاعبين الإقليميين يحاربون من أجل مصالحهم وأجنداتهم الخاصة، فها هي العائلة المالكة بـ”السعودية” تسعى الآن من أجل البقاء، أما الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، فيخشى من تهديد “الأكراد” في “سوريا”.

بينما يتعرض النظام الإسلامي، في “إيران”، لعقوبات اقتصادية قاسية ومُرهقة. وحتى “روسيا”، التي تبدو حاليًا وكأنها هي المنتصر الأكبر في الحرب السورية، تعاني من عدم الاستقرار الاقتصادي، وتبحث عن حل لمشاكلها في الشرق الأوسط.

سمات المشهد السوري..

إن الكفاح من أجل البقاء وضمان المصالح القومية الخاصة، يُعد بمثابة حرب حياة أو موت بالنسبة لكل الأطراف. ومن يريد البقاء والحفاظ على مصالحه بأي ثمن، ينبغي عليه أن يقرأ الواقع المتجدد بشكل مستمر. ومن يشعر بأنه يتعرض لتهديد وجودي، فلا يجب عليه أن يرفض أي خيار للتسوية، أو أي مجال للتعاون أو حتى اللجوء للحسم العسكري بالتعاون مع غيره.

والوضع المخيف المعروف الآن بما يُسمى؛ “الحرب الأهلية في سوريا”، هو النموذج الأمثل الذي يؤكد ذلك، إذ لا يوجد طرف في “سوريا” لا يتعاون مع معظم الأطراف الأخرى بدرجات متفاوتة أو في سياقات مختلفة. حتى أن “القوات الأميركية”، التي لم تغادر “سوريا” بعد، كانت تتعاون مع الإيرانيين أثناء الحرب ضد تنظيم (داعش). وكان الواقع الميداني هو الذي يقتضي ذلك التعاون بأنماطه المختلفة، لأن ما يجري في “سوريا”، منذ زمن بعيد، ليس “حربًا” تقليدية سوف تنتهي بمجرد تحقيق “السلام”.

تساؤلات محيرة..

لقد تعقدت الأمور للغاية؛ لدرجة إستحالة تخيل كيفية تحقيق النصر لأي طرف من الأطراف. فهل سيكون “الأسد” حاكمًا مهيمنًا على كل الأراضي السورية ؟.. وهل لا يزال هنا شيء اسمه “سوريا” ؟..

وعندما تكون “روسيا” هي المنتصرة؛ فهل لن يكون هناك جهاديون ؟.. وعندما سينتصر تنظيم “حزب الله”، هل يعني ذلك أنه سيستدعي قوات إيرانية للتمركز في “سوريا” ثم بعد ذلك في “لبنان” ؟.. لقد بات من الصعب، بل وحتى من المستحيل تحديد معايير النصر والهزيمة. فعلى سبيل المثال؛ هل الرئيس، “ترامب”، والقوات الأميركية خسرا الرهان في “سوريا” ؟.. وهل ما يحدث بالفعل هو انسحاب للقوات الأميركية أم أنها حيلة ناجحة للإبتعاد قدر الإمكان عن المعترك السوري ؟

حتى الإيرانيون أنفسهم لديهم مثل هذا الخلط في المفاهيم، كباقي الأطراف الأخرى المتورطة في الساحة السورية. ولا شك في أن الإيرانيين يريدون ردع “إسرائيل”، لكن ما من شك أيضًا، في أن تحركاتهم تأتي كرد فعل للإجراءات الإسرائيلية. وقد تؤدي الهجمات الإسرائيلية، ضد أهداف إيرانية محددة، إلى إحباط جهود إيرانية محددة أيضًا، لكن لا أحد من تلك الأهداف التي تهاجمها “إسرائيل” سيزيد أو يُنقص من الوجود الإيراني في “سوريا”.

لا هناك مصلحة في القضاء على إسرائيل..

يشير “غولدبرغ” إلى أن الوجود الإيراني في “سوريا” لا يستهدف احتلال أي موقع، ولا يستهدف أيضًا  إلحاق الهزيمة بـ”إسرائيل” أو القضاء عليها. وهذا ينطبق على سياسة “إيران” بشكل عام، وعلى سياستها في “سوريا” بشكل خاص، حيث أن استمرار الوجود الإيراني في المشهد السوري يتطلب من “طهران” بذل كل اهتمامها واستنفاد كل مواردها، وهذا يسري أيضًا على باقي الأطراف.

إذ ليس لأي طرف مصلحة في القصاء على “إسرائيل” من القواعد التي يسيطر عليها في “سوريا”، ناهيك عن أن تلك الأطراف لا تملك أصلاً قدرة القضاء على “إسرائيل”.

إسرائيل تغرد خارج السرب..

إن “إسرائيل” تُهدر فرصة إغتنام الواقع الإستراتيجي، الذي يتشكل الآن في “سوريا”، لأنها تُصر على التمسك بمفاهيم لا علاقة لها بالوضع الراهن – مثل مفاهيم “النصر” أو “الحسم”. وبالتالي، فإنها تجعل خياراتها قاصرة على إتخاذ إجراءات أحادية الجانب، تعتمد في المقام الأول على شن غارات جوية.

غير أن الواقع في “سوريا”، مهما كان صعبًا، يُحتم على جميع الأطراف المشاركة والتعاون، بطرق متعددة من أجل البقاء، لكن “إسرائيل” هي الدولة الوحيدة التي تغرد خارج السرب وتعمل بمفردها وفي التوقيت الذي تشاء.

ومن المؤكد أن “إسرائيل” ليست مضطرة للتصرف على هذا النحو المنفرد، لأنها تعرف كيف تتحاور وتتعاون مع الروس، وكذلك مع الأتراك، بل يمكنها أيضًا التوصل إلى تفاهمات، سواء كانت سرية أو علنية، مع الإيرانيين ومع تنظيم “حزب الله”، بشأن أسلوب العمل في “سوريا”.

إسرائيل ترتكب خطأ إستراتيجيًا..

ختامًا يؤكد “غولدبرغ” على أن الهجمات الإسرائيلية في “سوريا” لن تُضيف شيئًا إلى ميزان القوى الإسرائيلي على المدى القصير، بل إنها ستلحق الضرر به على المدى البعيد، لأن “إسرائيل” تتعمد أن تنأى بنفسها عن النمط المألوف، غير مُدركة بأن “الولايات المتحدة”، التي تدعمها بلا قيد أو شرط، لم تعد موجودة على الساحة السورية.

وبالتالي؛ يجب إقناع أي طرف متواجد على الساحة بإمكانية التعاون مع “إسرائيل”. ولا بد من التأكيد على أن الهجوم الإسرائيلي الأخير – كما الهجمات السابقة – يُعد خطأ إستراتيجيًا سيعود بالضرر على الدولة العبرية في المستقبل القريب.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب