وكالات – كتابات :
نشرت صحيفة (الغارديان) البريطانية تقريرًا؛ لـ”إيموغين ويست نايتس”، الكاتبة والصحافية المقيمة في “لندن”، تحدثت فيه عن إعلان مالك شركة (فيس بوك)، “مارك زوكربيرغ”، عن تغيير اسم شركته لتصبح (ميتافيرس)، مُوضحةً ما يمكن أن يحمله هذا التوجه الجديد للشركة من تغييرات على الحياة بكل جوانبها.
عصر رقمي جديد..
ترى الكاتبة أننا نشهد نهاية عصر وبداية عصر جديد، فبعد 17 عامًا، وأرباح بلغت مليارات الدولارات، وبعض الجدل الخافت حول تآكل الديمقراطية، (فيس بوك) يُغيِّر اسمه الآن. فمن الآن وصاعدًا ستُعرف الشركة الأم باسم: (ميتا)؛ لتعكس الحدود الرقمية الجديدة التي حوَّلت الشركة تركيزها إليها، وهي: الـ”ميتافيرس”، أو الواقع الافتراضي.
تقول “نايتس”: إن (فيس بوك) باتت تعلم أنها لم تُعد المفضلة لدينا هذه الأيام؛ إذ تحتوي صفحة (ويكيبيديا) المعروفة باسم: “انتقاد (فيس بوك)”؛ على قائمة طويلة من الانتقادات التي طالت الموقع، بما فيها سجلات حول التهرب الضريبي، وانتهاك حقوق النشر، وصولًا إلى إيذاء موظفيه، والسماح بنشر محتوى ينكر عمليات الإبادة الجماعية.
وكان مؤسس (فيس بوك)، “مارك زوكربيرغ”؛ وشركته منشغلين بتحسين صورتها، خاصة بعد فضيحة “كامبريدغ أناليتيكا”، (فضيحة سياسية كبرى حدثت عام 2018؛ عندما اكتُشف أن شركة “كامبريدغ أناليتيكا” قد جمعت بيانات لملايين الأشخاص من موقع “فيس بوك” دون علمهم لاستخدامها في الدعاية السياسية). ومن الوارد أن تكون إعادة تسمية الشركة بمثابة توضيح لإدراكِهم أن الأمر برمَّته أصبح سامًا، وأن إثارة ضجة – كما حدث مؤخرًا – حول التحقق من صحة المنشورات، وإغلاق مصادر المعلومات المضللة، لن يجدي نفعًا.
“فيس بوك” ليست الأولى في تغيير الأسماء..
وتلفت الكاتبة إلى أن هناك تقليدًا شائعًا بأن تغير الشركات اسمها بعد حدوث فضيحة. وقد غيرت شركة “بلاك ووتر” اسمها مرتين لتُبعد عنها وبال فضيحة قتل مدنيين عراقيين. وأُعيد تسمية شركة التبغ العملاقة، “فيليب موريس”؛ إلى: “ألتريا”، ربما لتجعلك تُفكِّر في مفهوم الإيثار، (ألترويزم باللغة الإنكليزية)، أكثر من التفكير في سرطان الرئة المميت. وتضمنت محاولات التمويه الأخضر لشركة: “بريتش بتروليوم”؛ إعادة تسمية نفسها باسم: “بيوند بتروليوم”.
ويبدو أن (فيس بوك) تُريد قطعة من الكعكة نفسها، مع أن تغيير الاسم حتى الآن هو للشركة فقط؛ وليس لمنصة: (فيس بوك). وفي هذا المجال المزدحم، يُعد عرض فيديو الـ (ميتافيرس)، الذي رافق الإعلان عن تغيير الاسم؛ هو أحد أكثر المواد المرئية المثيرة للإحباط، بحسب “نايتس”. ففي الفيديو يقف “زوكربيرغ” على مرصد وينظر إلى البحر، وقد ظهرت عليه صفات بشرية أكثر من تلك التي يحملها في الحقيقة، بحسب وصف الكاتبة. ثم يُشير بيديه بطريقة مدروسة بعناية، بينما يوضح أن: (ميتافيرس) ستقدم للمستخدمين: “مساحة خاصة” لتزيينها: “بكل ما يرونه جميلًا”.
ثم ينطلق “أفاتار زوكربيرغ”، الذي كان من الممكن أن يرتدي أي شيء من الخيال، لكنه كان لم يزل يرتدي قميصًا أسودَ وبنطالًا من الجينز، وينضم لبعض الأصدقاء في لعبة في الواقع الافتراضي. ثم يقول لرجل آلي يرتدي قناع تنس، وامرأة عائمة، وامرأة نصف شفافة، ورجل أصلع، وهو ينظر حوله إلى غرفة اجتماعات بيضاء: “مَنْ صنع هذا المكان ؟ إنه رائع”. لكن هذه الغرفة في الفضاء، وإن كان هناك درس علمتنا إياه السنوات القليلة الماضية، تستدرك الكاتبة، فهو أنه لا يوجد شيء أحب إلى رجال الأعمال المليارديرات من السفر إلى الفضاء. مذهل !
توجُّس من خطوة “فيس بوك” القادمة..
تواصل “نايتس”؛ أن امتلاك (فيس بوك) لـ (ميتافيرس) يُثير لديها شعورًا عميقًا بالقلق والرهبة. مؤكدة أن ذلك ليس لأنها تعتقد أن الأمر سيكون بمثابة العيش داخل (فيس بوك)، في حصار أبدي داخل متاهة رقمية لأغرب الفيديوهات، ولكن لأنه يبدو أن “زوكربيرغ”؛ ربما كان لديه بالفعل تأثير كافٍ على الواقع، والأمر ليس في حاجة إلى إضافة الواقع الافتراضي أيضًا.
والمحبط أكثر أنه ربما يكون هذا هو المستقبل؛ إذا قال “زوكربيرغ” إنه كذلك. تضيف الكاتبة: لا شك أنني في غضون خمس سنوات سأرتدي سماعة وألعب لعبة (الأونو) مع أصدقائي فوق بركان ثائر، أو أي شيء آخر، بينما نجلس جميعًا في شقتنا المستأجرة التي لا يمكننا تحمل تكلفتها في “بريطانيا” ودون بنزين أو طعام.
ومهما كان الرعب الذي يخبِّئه لنا (ميتافيرس)، إلا أن تغيير اسم الشركة لغسيل سمعة (فيس بوك) يبدو أنه خطوة محكوم عليها بالفشل. فبعض الشركات أكبر من أن يُعاد تسميتها؛ إذ لا يتذكر أحد اليوم أن الشركة الأم لـ (غوغل)؛ تُسمى الآن: “ألفابيت”. وبعض الشركات أيضًا مرتبطة بتدهور كل ما هو جيد وصحيح في العالم.
وتختمت الكاتبة بالقول: ستظل رائحة الورد عطرة مهما تغيَّر اسم الوردة، ولكن على (فيس بوك) أن يفعل أكثر بكثير من مجرد تغيير اسمه؛ لإزالة رائحة الشر المنتشرة في أرجائه.