9 أبريل، 2024 2:46 م
Search
Close this search box.

يتسابق إليه الجميع .. “مسك العصا من المنتصف” طريق “العراق” لحفظ التوازن !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في خطوات غير مسبوقة.. يشهد “العراق” حراكًا دبلوماسيًا دوليًا لم يعهده منذ فترة طويلة، فمنذ بداية 2019، وهي أيام قليلة جدًا زار “العراق”، وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، الذي أتى بعد أسبوع فقط من رحلة “ترامب” إلى “بغداد”، والتي لم يلتق خلالها مع مسؤولين عراقيين، وقد شجبت هذه الزيارة من قِبل أعضاء البرلمان والأحزاب السياسية الرئيسة في الحكومة العراقية، تلاه وزير الخارجية الإيراني، “جواد ظريف”، ثم زار “بغداد”، أمس، ملك الأردن، “عبدالله الثاني”، وفي نفس اليوم زارها وزير الخارجية الفرنسي، “غان إيف لودريان”، فضلاً عن الإعلان عن زيارة قريبة للرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”، وما زال الكثير قادم..

زيارة “ظريف” أعلن عنها قبلها بأسبوعين، على الأقل، إلا أنها أتت بعد الزيارة المفاجئة لوزير الخارجية الأميركي، وهو الأمر الذي أثار العديد من التساؤلات حول الزيارتين، والتي اعتبر البعض أن كل جهة منهما تحاول أن تستقطب “العراق” إلى جانبها، ورغم أن بعض التسريبات حول زيارة “بومبيو” أكدت أن أهم مطالبه كانت الإبتعاد عن المحور الإيراني، لعدم التأذي بـ”العقوبات الأميركية” المفروضة عليه بعد إنتهاء المهلة الأميركية لـ”العراق” لتصريف نفسه بمصادر “الطاقة”، وهو الأمر الغير معقول، حيث تحتاج الحكومة العراقية فترة لا تقل عن العامين لتحقيق الإكتفاء الذاتي، وهو ما يدفعها إلى الاستمرار في الاعتماد بشكل كلي على “إيران”، وهو ما تم تأكيده خلال زيارة وزير الخارجية الإيراني الذي جاء إلى “العراق” في زيارة تستغرق خمسة أيام؛ ظفرت “إيران” في اليوم الأول منها بنصيب الأسد من حصة الاستتثمارات، وهو بمثابة صفعة على وجه “واشنطن” التي تعمل جاهدة للتفريق بينهما.

لإيجاد بدائل عما ستنتجه “قمة وارسو”..

وأشار مراقبون إلى أن زيارة “ظريف”، إلى “بغداد”، التي تسبق موعد “قمة وارسو” بشهر، تأتي كخيار إيراني لإيجاد بدائل عما ستنتجه القمة، التي كان قد أعلن عنها وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، والتي بحسبه ستركز على ما سماه “خطر الإرهاب الإيراني”.

زيارات فرنسية..

أما عن زيارة “لودريان”، الحالية، فبحسب مصدر بـ”وزارة الخارجية” العراقية؛ أنه سيبحث العلاقات الثنائية بين “بغداد” و”باريس”، ومن المقرر أن يلتقي “لودريان” بعدد من المسؤولين العراقيين لغرض تطوير العلاقات في المجال الاقتصادي والأمني.

زيارة ملك الأردن..

وعن زيارة ملك الأردن، التي تُعد الأولى منذ عشرة سنوات، فقد كشفت مصادر سياسية، الاثنين، عن أهم الملفات التي سيبحثها الملك الأردني، “عبدالله الثاني”، خلال زيارته “بغداد”، مشيرة إلى أنها تهدف إلى تعزيز التعاون في مختلف المجالات بين البلدين، خصوصًا في قضايا “الاقتصاد والتجارة ومكافحة الإرهاب”.

وتقول المصادر أنه من المتوقع أن تتناول مباحثات الملك في “بغداد”؛ ملفات مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بعد اتفاق البلدين على إنشاء مدينة صناعية حرة عند معبر “طريبيل” الحدودي، وبحث مشروع مد أنبوب نفط من “البصرة” العراقية إلى ميناء “العقبة” الأردني.

من جانبه؛ قال رئيس الوزراء العراقي، “عادل عبدالمهدي”، خلال مباحثاته مع العاهل الأردني، الاثنين، إن زيارة الملك “عبدالله”، لـ”العراق”، هي حدث كبير ولها صدى على المستويين المحلي والإقليمي، مؤكدًا على أن “الزيارة تُعد شهادة على أن العراق بدأ مرحلة جديدة، ونحن سعيدون وفخورون بها”.

الموقع الإستراتيجي والأهمية الاقتصادية..

عن أسباب هذه التحركات الدولية صوب “العراق”؛ يقول المحلل الإستراتيجي العراقي، “علي فضل الله”، لـ (كتابات)، أن “العراق” من الجهة الاقتصادية كونه أحد مراكز الطاقة العالمية في إنتاج “النفط”، وقد يكون سوق واعد لإنتاج “الغاز”، بالإضافة إلى الأهمية الأمنية كونه المنتصر على تنظيم (داعش) الإرهابي، بخلاف الموقع الإستراتيجي الجغرافي، لهذا كله أصبح “العراق” يشكل أهمية إستراتيجية في محيط الشرق الأوسط، لذا من الطبيعي أن نجد هنالك وفود رئاسيه من دول مختلفة من “الولايات المتحدة الأميركية” والأوروبية؛ وكذلك من آسيا ومن كل دول العالم، بسبب الأهمية الكبيرة لهذا البلد.

محاولات استقطاب المحاور..

وأضاف “فضل الله”؛ أن هناك شيء مهم آخر، وهو تقاطع بين محورين في هذه المنطقة أحدهما الأميركي والآخر المحور الإيراني، ونعتقد أن هذا الصراع قد عزز من أهمية “العراق”، كونه شكل نقطة محورية داخل هذه المنطقة، ومنذ حكومة السيد، “حيدر العبادي”، الماضية قرر أن لا يكون “العراق” طرف في صراع المحاور، لذلك تلك الأطراف تحاول أن تستميل “العراق” من خلال الجهود الدبلوماسية ومن خلال الوفود؛ على أن يكون “العراق” في أحد هذين المحورين، هذا على المستوى الأمني وصراع الإرادات في المنطقة.

للحصول على المشاريع..

وأوضح “فضل الله”؛ أنه على جانب آخر؛ فإن أغلبية الدول الآن تفكر في الدخول للسوق العراقية لأنه يحتاج إلى مشاريع بُنى تحتية ضخمة، فهو الخارج من حرب كلفت “العراق” كثيرًا، ونتيجة الفساد المالي والإداري للحكومات السابقة كان إنعكاسه سلبًا على تنفيذ مشاريع إستراتيجية.. لذلك، اليوم، حكومة السيد، “عادل عبدالمهدي”، تطلق شعار أن تكون حكومة بناء وإعمار. عبر تلك المنطلقات أصبحت الدول تسارع على التنافس للوصول إلى السوق العراقية.. فليس غريبًا أن نجد هذا التدافع من الوفود الكثيرة والكبيرة والمتواترة لزيارة “العراق”؛ من أجل الحصول على المشاريع الإستراتيجية المهمة في كافه المجالات كمجال إنتاج “الطاقة الكهربائية” أو “النفط” وتكريره، بالإضافة إلى المشاريع الصناعية.. وحتى “القطاع الزراعي” في “العراق” عانى كثيرًا؛ لذلك يطمح “العراق” إلى إنعاش هذا المجال، بخلاف “قطاع السياحة” المعطل؛ والذي يشكل أهمية كبيرة كون “العراق” يضم حضارات تاريخية كبيرة وبُعد ديني واسع كونه الحاوي على أصول الديانات السماوية، اليهودية والمسيحية والإسلامية، وبالتالي يكون “العراق” كعبة ومحط أنظار العالم للمرحلة القادمة.

بداية لإستعادة وضعه الإقليمي..

ومن جانبه؛ يرى الباحث السياسي، “كريم بدر الحمداني”، أن: “موضوع الزيارات ليس له علاقة في الدبلوماسية فقط، وإنما عقد صفقات واتفاقات ومعاهدات، وهو مؤشر على أن العراق بدأ يستعيد وضعه الإقليمي كلاعب مهم في الشرق الأوسط، وهناك حِراك يُنم عن حالة معينة في الشرق الأوسط، ويريد أن يسحب العراق إلى جهة ما، أو يريد أن يُحيد العراق، أو أن الموضوع بحاجة إلى عقد معاهدات يمسك العراق فيها العصا من المنتصف، فهو يقع بين محورين مهمين، أحدهما بقيادة روسيا وإيران، والآخر بقيادة الولايات المتحدة، وكل محور يحاول أن يجذب العراق إتجاهه، والكرة اليوم في ملعب الساسة العراقيين”.

تحاول الحصول على موطيء قدم بالعراق..

وأضاف “الحمداني” قائلاً أن: “العراق انتصر على أكبر مخطط إرهابي في العالم، المتمثل بتنظيم (داعش)، وبالتالي يعد ذلك رسالة دبلوماسية وسياسية مهمة، كما أن الدول تقف أمام دولة نفطية مهمة في المنطقة، ولديها ثروات وموقع إستراتيجي مهم، وهذه الدول تحاول أن تُحصل على موطأ قدم لها في العراق”.

لا بديل عن مسك العصا من المنتصف..

وعن المشاكل العديدة التي يعانيها “العراق”، وصعوبة مسك العصا من المنتصف في علاقاته الدولية، يقول “الحمداني”: “ليس أمام العراق خيارات متعددة، والخيار الوحيد هو التوازن في هذه الفوضى العارمة، وغير ذلك ممكن أن يؤدي إلى تقسيم العراق أو تعاد فوضى الإرهاب مرة أخرى، وأمام العراق فرصة كبيرة، حيث أن الدول تبحث عنه، بسبب وجود مشاريع كبرى يجب أن يكون للعراق رأي فيها، ولا خيار أمام العراقيين إلا بمسك العصا من المنتصف”.

موضحًا أن: “العراق دفع ثمن خمسة عشر عامًا بسبب التدخلات الخارجية، والعراق اليوم في نهاية الطريق، ولا يوجد لديه القدرة على إعادة إنتاج نفس الواقع السياسي السابق، حيث تغيرت جميع المعطيات الداخلية والدولية”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب