29 مارس، 2024 3:37 م
Search
Close this search box.

يتخوفون من انسحاب الأميركان .. سُنة العراق بين خيارين أحلاهما مُر !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – هانم التمساح :

جاء النفوذ المتنامي لـ”إيران”، في “العراق”، من رصيد خسرته “الولايات المتحدة”، التي قادت الغزو في العام 2003 للإطاحة بنظام “صدام حسين”، السُني، الذي قمع الشيعة في فترة حكمه. إذ استنفر ذلك الغزو سُنة البلاد؛ الذين أسسوا في حينه فصائل “مقاومة” ضد القوات الأميركية، قبل اندلاع حرب طائفية عراقية، بين عامي 2006 و2007، أودت بحياة الآلاف.

لكن السُنة، اليوم، يجدون أنفسهم على الضفة الأخرى من المعادلة المطروحة، فبين اتساع النفوذ الإيراني، وبقاء القوات الأميركية، الخيار الثاني هو الأفضل بالنسبة إليهم.

وبعدما كانوا في طليعة “المقاومة” ضد الاحتلال الأميركي للبلاد، بعد غزو العام 2003، بات “سُنّة العراق”، اليوم، الأكثر قلقًا ومعارضة لانسحاب الأميركيين من البلاد، الذين يُنظر إليهم كعامل توازن في وجه تنامي النفوذ الإيراني.

عدم ثقة بالشريك السياسي وخضوعه التام لإيران..

ويُعد المبعث الحقيقي لمخاوف “السُنّة” من انسحاب القوات الأميركية؛ هو عدم ثقتهم بالشريك السياسي، “الشيعي”، الذي يميل إلى تلبية أجندة “إيران” في “العراق”؛ على حساب مصالح باقي المكونات، وحتى على حساب المُعارض العربي الشيعي نفسه.

وبعدما استعادت السلطات العراقية السيطرة على المحافظات السُنية، التي سقطت بيد “تنظيم الدولة الإسلامية”، برزت مخاوف لدى “السُنة”. فقد شهدت تلك المناطق دمارًا كبيرًا بفعل المعارك ضد الجهاديين، الذين سيطروا في العام 2014، على ما يُقارب ثلث مساحة “العراق”. وكان (الحشد الشعبي) و”التحالف الدولي”، بقيادة “واشنطن”، خلال تلك المعارك، في الخندق نفسه ضد “تنظيم الدولة الإسلامية”.

ولا يزال الآلاف من قوات التحالف منتشرين في نحو ست قواعد عسكرية عراقية، كلها في المناطق السُنية أو الكُردية. غير أن الحشد سعى أيضًا إلى تعزيز وجوده في تلك المناطق، الأمر الذي زاد من حساسية السُنة.

وأثار النائب عن محافظة “نينوى” الشمالية، “أحمد الجربا”، مجموعة من التساؤلات، خلال جلسة تصويت البرلمان، قائلاً: “بعد إصدار القرار، هل جيراننا أصدقاؤنا وليس أسيادنا ؟.. أم سنسلم قرار البلد إلى دول الجوار ؟”، في إشارة إلى “إيران”.

ودعا “الجربا”، الحكومة، إلى سحب الفصائل التي تحاول “إبتزاز المحافظات السُنية واستبدالها بقطاعات عسكرية”.

الميليشيات الشيعية تهدد الرئيس !

وفي الوقت الذي يُطالب فيه العراقيون برفع الهيمنة الإيرانية عن مفاصل الدولة، شن (الحشد الشعبي)، الموالي لـ”إيران”، هجومًا على الرئيس العراقي، “برهم صالح”، وهدده بالطرد من “بغداد” في حال لقائه بالرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”.

وهدد المسؤول الأمني لـ (كتائب حزب الله)؛ التابعة لـ (الحشد الشعبي)، “أبوعلي العسكري”، في تغريدة على (تويتر)، الرئيس “صالح”؛ من أنه في حال إجراء اللقاء مع “ترامب” سيكون هناك رد، وهو ما اعتبره ناشطون عراقيون تهديدًا صريحًا للرئيس وضغطًا إيرانيًا مباشرة للإذعان لأجندة “طهران”.

وهاجم ناشطون عراقيون تغريدة “العسكري”؛ معتبرين أن القانون العراقي نص على أن يتبع الحشد إلى القوات المسلحة، لكن على أرض الواقع فإن زعامات الحشد يأخذون أوامرهم من “طهران”، ويمارسون أنشطتهم وفق أجندة محددة مسبقًا.

تصاعد التوترات..

وتصاعد التوتر، بين “واشنطن” و”طهران”، مؤخرًا على الأراضي العراقية، حيث أقدمت “الولايات المتحدة” على اغتيال الجنرال الإيراني النافذ، “قاسم سليماني”، في “بغداد”، ما استدعى ردًا من “إيران”، التي قصفت بصواريخ (باليستية)، قاعدة عسكرية عراقية تستضيف جنودًا أميركيين.

وفي رد فعل غاضب على الضربة الأميركية، عقد البرلمان العراقي جلسة، في الخامس من كانون ثان/يناير الحالي، صوت فيها على تفويض الحكومة إنهاء تواجد القوات الأجنبية في البلاد، بما في ذلك نحو 5200 جندي أميركي.

وقاطع النواب الأكراد وغالبية النواب السُنة الجلسة، رغم اعتبار الفصائل الشيعية حينها أن من يتغيب هو “خائن” يدعم التواجد الأميركي.

وقبيل التصويت، وجه رئيس البرلمان، “محمد الحلبوسي”، السُني، والمحافظ السابق لمحافظة “الأنبار” الغربية، نداءً حماسيًا للنواب لإعادة النظر بالقرار.

وقال إن: “القرار الذي نتخذه الآن، قد لا نتمكن من تغييره بعد ساعة من الآن. الولايات المتحدة لا تهمني. إيران لا تهمني، لا شيء يهمني بقدر العراق”.

ولكل من “الولايات المتحدة” و”إيران” تاريخ طويل في “العراق”، وعلاقات وثيقة مع النخبة الحاكمة. ولـ”طهران”، اليوم، نفوذ واسع عبر قوات (الحشد الشعبي)، التي ضُمت إلى القوات العسكرية الرسمية، وبات جناحها السياسي صاحب التمثيل الأكبر في البرلمان. بينما دعمت “واشنطن”، القوات العراقية، في حربها على “تنظيم الدولة الإسلامية” بالعمليات الجوية والتدريب والتسليح.

ترامب” يهدد بعقوبات على العراق..

ومن جانبه؛ لمح الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، إلى أن العقوبات على “العراق” ما زالت محتملة، وذلك في اجتماع مع الرئيس العراقي، مساء أمس الأربعاء، وهو الأول من نوعه منذ قتلت غارة جوية أميركية قائد (فيلق القدس) الإيراني، “قاسم سليماني”، في “بغداد”، وأزمت العلاقات “الأميركية-العراقية”.

والتقى “برهم صالح”، بـ”ترامب”، على هامش “المنتدى الاقتصادي العالمي السنوي”، في “دافوس” السويسرية، وسط تهديدات من ميليشيات مدعومة من “إيران”؛ تتوعد بالانتقام منه إذا جلس مع الرئيس الأميركي.

وقال “ترامب”، للصحافيين؛ إن “واشنطن” و”بغداد” بينهما “علاقة جيدة للغاية”، وأن البلدين كانت أمامهما “مجموعة صعبة للغاية من الأمور لمناقشتها”.

وردًا على ما إذا كانت الإدارة ما زالت تدرس فرض عقوبات على “العراق”، قال “ترامب”: “سنرى ما يحدث؛ لأن علينا القيام بالأشياء بشروطنا”. وتدخل “صالح” وقال إن البلدين بينهما مصالح مشتركة؛ منها المعركة ضد الإرهاب، والاستقرار الإقليمي واستقلال “العراق”.

وتابع “ترامب”: “ونحن أيضًا مشتركون معهم في أعمالهم بشأن النفط، وسيكون هذا دائمًا مهمًا من منظورهم ومنظورنا. لذا لدينا الكثير من الأمور الإيجابية للحديث عنها”. وجدد “ترامب” دعم بلاده لـ”استقرار العراق، وحرصها على توثيق العلاقات المشتركة وتوسيع حجم التعاون بين العراق والولايات المتحدة، وبما يخدم مصلحة الشعبين”، وثمن “الدور العراقي المحوري في المنطقة”.

وبحث الجانبان: “ملف وجود القوات الأجنبية وتخفيضها في العراق، وأهمية احترام مطالب الشعب العراقي في الحفاظ السيادة الوطنية وتأمين الأمن والاستقرار”.

وردًا على سؤال حول ما إذا كانت هناك خطة لبقاء القوات الأميركية في “العراق”، قال “ترامب”: “خفضنا قواتنا إلى خمسة آلاف. لذا تراجعنا عند مستوى منخفض للغاية، العدد الأقل تاريخيًا. سنرى ما يحدث”.

وقال “صالح” إن: “العراق يحرص على إقامة علاقات متوازنة مع جميع الأصدقاء والحلفاء، وبما يعزز سيادته واحترام قراره المستقل، ويحقق مصالح الشعب العراقي، ومواصلة التطور الاقتصادي وإعادة الإعمار، وعدم السماح أن يتحول العراق إلى ساحة للصراع وتصفية الحسابات”.

وجاء الاجتماع وسط تهديدات من جماعة (كتائب حزب الله) العراقية، المدعومة من “إيران”، والتي حذرت “صالح” من لقاء “ترامب” أو عدم العودة إلى “بغداد”، في بيانات نشرت على الإنترنت. وهددت الجماعة نفسها، النواب، وحذرتهم من التصويت ضد قرار بخروج القوات الأميركية.

وكان هذا أول اجتماع رفيع المستوى، منذ اغتيال “سليماني” ونائب رئيس (الحشد الشعبي)، “أبومهدي المهندس”، قرب “مطار بغداد”، في 3 كانون ثان/يناير 2020. استفز الهجوم المسؤولين العراقيين من كافة الطوائف السياسية، وأدى إلى تمرير قرار غير مُلزم بخروج القوات الأميركية من “العراق”. وردًا على ذلك، هدد “ترامب” بفرض عقوبات على “العراق”، والتي سيكون لها أبلغ الأثر المدمر على اقتصاد البلاد إذا فرضت.

وهناك نحو 5200 جندي أميركي في “العراق”؛ يقدمون استشارة ومساعدة للقوات الأمنية العراقية في المعركة ضد “تنظيم الدولة الإسلامية”.

ونقلت شبكة (فوكس نيوز)، عن مسؤولين عسكريين أميركيين؛ أن (البنتاغون) قد ينشر منظومة دفاع جوي في “العراق”، بعد الهجمات الصاروخية الإيرانية، التي استهدفت قاعدتي (عين الأسد) في “الأنبار” و(حرير) في “كُردستان العراق”.

وشنت “إيران” ضربات بصواريخ (باليستية) على القاعدتين العراقيتين اللتين تضمان قوات أميركية، ردًا على مقتل “قاسم سليماني” و”أبومهدي المهندس”، المصنفان على قوائم الإرهاب الأميركية، بضربة لطائرة أميركية بدون طيار قرب “مطار بغداد”، في الثالث من كانون ثان/يناير الجاري.

وتأتي الأنباء عن نشر منظومة دفاع جوي بعد نقل عدة جنود أميركيين إلى العلاج خارج “العراق”؛ جراء إصابات بإرتجاج في الدماغ من تأثير الصواريخ الإيرانية، التي لم تُسفر عن مقتل أي جندي أميركي.

وقلل الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، خلال كلمة له الأربعاء، في “مؤتمر دافوس” الاقتصادي؛ من خطورة الإصابات التي تعرض لها الجنود الأميركيون جراء الضربات الإيرانية.

وقال “ترامب”: ” سمعت أنهم، (الجنود)، عانوا من صداع وبعض الأمور الأخرى. لكن بإمكاني القول إن الأمر ليس بخطير”.

ولم يُسقط الجيش الأميركي أي من الصواريخ الإيرانية، التي أطلقت على “العراق”، لعدم إمتلاكه منظومة دفاع جوي في المنطقة.

وقالت “واشنطن” إن المسؤولين العراقيين يطلبون في العلن سحب القوات الأميركية، لكنهم لا يطالبون بذلك في الاجتماعات المغلقة.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب