26 أبريل، 2024 11:03 ص
Search
Close this search box.

“ياسر عبد الزهرا” : هزيمة داعش الحقيقية في هزيمة فكرتها المعتمدة على الفقر والتميز

Facebook
Twitter
LinkedIn

كتب – محمد بناية :

شاع في الآونة الأخيرة تداول جمل على شاكلة “نهاية العراق” و”نهاية سورية” و”سايكس بيكو جديدة”، في المقابل يتحدث الكثيرون عن استعادة العراق بالكامل وتكوين دولة قوية. ولعل ظهور تنظيم داعش الإرهابي هو سبب طرح مثل هذه القضايا. ولا مفر بحسب الدكتور “عبد الزهرا” من العودة إلى الماضي لاستشراف مستقبل داعش. يقول: “للمرة الأولى عام 2004، وبعد احتلال العراق أسس أبو مصعب الزرقاوي جماعة التوحيد والجهاد معلناً البيعة لأبن لادن. في العام 2006 اقترح الزرقاوي توحيد المجاهدين بدعوى توحيد الكتلة المعارضة للاحتلال. في العام 2011 برز اسم أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش تدريجياً وحاز رتبة القائد الأعلى للمجاهدين. وحين وصل البغدادي إلى زعامة جماعة التوحيد والجهاد عام 2010، حازت جماعته السيادة على سائر الفصائل الأخرى، وذلك لأن البغدادي خطيب مفوه وصاحب كاريزما بخلاف اسبقيته للاستفادة من الفنون الحديثة: فكان يعلن مسبقاً عن عملياته وهاجم مساجد ومراسم العزاء الشيعية كما كانت العمليات الانتحارية لجماعته متعددة الآليات مثل تفجير منطقة الكرادة في بغداد. الملاحظة الأخرى أن هذه العمليات الانتحارية والإرهابية كانت عملياً بلا هدف. وهذه العمليات ساهمت في تحويل البغدادي إلى شخص مرهوب”.

السبب الرئيس وراء تحركات داعش..

شدد الاستاذ بكلية الحقوق والعلوم اليساسية بجامعة البصرة والاستاذ الزائر بجامعة طهران الدكتور “ياسر عبد الزهرا”، عبر الندوة التي عقدها مؤخراً في “مركز الأبحاث العلمية والدراسات الاستراتيجية للشرق الأوسط”، على دور القوى الأجنبية إلى جانب المجالات الداخلية في تحركات داعش ويرى أن العوامل التالية ساهمت في ظهور وانتشار التنظيم:

– التميز في تقديم الخدمات والتسهيلات الخاصة للمدن مثل “بغداد وكربلاء والنجف” في مقابل “الأنبار ونينوا”.

– قانون اجتثاث البعث وسوء استغلال بعض القيادات للقانون.

– تصاعد وتيرة الخلاف الشيعي – السني، والعربي – الكردي.

– حركات مناهضة الشيعة في بعض المناطق, ومناهضة السنة في مناطق أخرى وهو ما أدى إلى التهجير القسري.

– الفساد الإداري للمسؤولين.

– غياب الاستخدام الأمثل للميزانية.

– ضعف الحكومة في تقديم الخدمات للمواطن ولجوء الشعب إلى القبلية.

– التمييز في استخدام الكفاءات.

موضحاً “عبد الزهرا”، تكاتفت هذه العوامل مع غيرها وسمحت للتنظيم بالتجول في العراق. وقد اعترض نخبة أهل السنة والمواطن العادي على مثل هذه التحركات ونظموا المسيرات في “صلاح الدين ودياله ونينوا والأنبار”. في غضون ذلك برزت مشكلة أخرى تمثلت في تعبئة “قوات الصحوات” ضد القاعدة ما ساهم في ارتفاع وتيرة الاعتراضات، وقد اتخذ “نوري المالكي” موقفاً مناهضاً لهم ولم يحتويهم. في نفس الوقت وصفت بعض التيارات المتشددة المعترضين بالقتلة واتهمتهم بالجريمة التاريخية.

تحول الموقف السياسي إلى آخر عقائدي..

طبقاً لرواية الدكتور عبد الزهرا: “باحتلال العراق عام 2003، اتهم السنة في العراق الشيعة بالخيانة والتواطؤ مع الأجانب. هذا الخلاف بين الفصائل هيأ المجال لتدخل دول تركيا – لدعم التيارات الإسلامية – المملكة العربية السعودية – راعي العراق – سوريا وبعض الأطراف الأخرى – مثل قطر التي تدعم التيارات الإرهابية -. وكان المسؤولون السوريون يتخوفون من أن يهدد نجاح التجربة الأميركية في العراق مستقبلهم، ولذا سمحوا لأنفسم بالتدخل في العراق حتى أن السيد “نوري المالكي” سلم قبل ستة أشهر من الحرب على سوريا ملف الجرائم السورية في العراق إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وكانت سوريا تعتزم إيفاد إرهابييها إلى العراق بغرض التخلص منهم واحباط التجربة الأميركية. لكن تغيرت الأوضاع مع اندلاع الأحداث السورية، وتدخل العراق هذه المرة في سوريا وهو ما كان اختياراً خاطئاً في رأيي، لأن العراق لا يملك قدرة التدخل في سوريا”.

حرب داعش النفسية..

يستطرد الاستاذ الزائر بجامعة طهران: “احتل التنظيم مدينة في ربيع 2004 بأقل الخسائر، وانسحبت القوات الحكومية رغم كل ما توفر لها من إمكانيات، لكن أهم أدوات التنظيم للسيطرة على المدينة يتألف من شقين: الاستفادة من سخط السنة بالإضافة إلى ضعف القوات الحكومية وغياب رغبة المقاومة. وبعد دخول داعش للمدينة وقتل 1700 شخص في قاعدة اسپایکر الجوية (بدعوى مساعدة الكفار) وأسر حوالي 5000 سيدة وفتاة وعرض هذه الجرائم على الشبكات المجازية، نجح التنظيم في احتلال أربع محافظات بحيث كان يفصله عن بغداد 10 كيلومتر تقريباً. وبعد ذلك وجراء أعمال داعش الوحشية ضد الشيعة – مثل نبش القبور المقدسة كمرقد حجر بن عدي – أفتى “آية الله السيستاني” بالجهاد، وهي الفتوى التي أطلقتها حوزة النجف قبل 90 عاماً ضد المحتل الأجنبي. وبالفعل توافد ما لا يقل عن 2500000 شخص على جبهات القتال، وتحولت سامراء إلى مركز عمليات وأوقفوا تنظيم داعش بمساعد الخبراء الإيرانيين. في غضون ذلك عمل التنظيم على اجتذاب عناصر جدد من خلال الدعوة الدينية. واستناداً للمادة 16 من وثيقة المدينة صادر التنظيم حريات المواطنين، وأعمل القتل والنهب العام في الايزديين، وعمل على إستئصال شأفة الشيعة، وقام بتخريب المساجد والكنائس والمراقد، وهو ما كان يؤشر إلى أن التنظيم لم يأتي لنشر الرفاهية وإنما كان غرضه الانتقام فقط. ولذا فقد التنظيم زخمه في أقل من عام وتوفق التنظيم الذي كان يدعي أن هدفه التحرر من الحكومة الطائفية وإقامة نظام عادل. ونجح التنظيم في جمع ثروة هائلة ما أهله ليكون أغنى الجماعات الإرهابية على مستوى العالم.

مستقبل داعش: الانسحاب مع التخطيط لعمليات واسعة النطاق بالمدن الكبرى..

يضيف الاستاذ بكلية الحقوق والعلوم اليساسية بجامعة البصرة “د. عبد الزهرا”: “السبل العسكرية لا تصب في صالح داعش. لقد توقفت هذه الجماعة فترة لكن هذا لا يعني أن فكرة داعش على حافة الهاوية. إن تنظيم داعش هو نتاج الفقر والتمييز والتحفيز، ويجب القضاء على هذه الأزمات بحكومة عادلة ومجهزة لإدارة البلاد باسلوب عاقل. في الوقت الراهن تقوم الخطة على استعادة الموصل في غضون الشهور الأربعة المقبلة. وستكون مراحل العمليات على النحو التالي: طبقاً لتجربة تكريت والفلوجة سيتم حصار الموصل لمدة طويلة نسبياً والتضييق على داعش عبر تكثيف الضغوط، حيث تتوقف الأنشطة الاقتصادية في المناطق المحاصرة كلياً. في الوقت نفسه يتم فتح ممرات آمنة لخروج المدنيين، ومن ثم تضيق حلقة الحصار عبر الاستفادة من الحملات الجوية للحلفاء بالتعاون مع قوات الجيش، وفي النهاية تطهير المدينة من الإرهاب تماماً. ولن تستطيع داعش الحصول على ضرائب من العاطلين والفارين وهذا سوف يضعهم في مواجهة مباشرة مع الجماهير. حالياً تستمر داعش في الانسحاب لكن ركزت مؤخراً على المدن المهمة واستهدفتها بتفجيرات واسعة النطاق. والواقع أن المستقبل ليس في صالح داعش، والخلاف الرئيس يدور حول شيئين: كيفية القضاء على الفقر والتمييز في المناطق المدمرة ومن ثم آلية حل الخلاف السني – الشيعي من جهة والعربي – الكردي من جهة أخرى. في غضون ذلك يؤكد “مسعود البارزاني” على الاستقلال وكان يسعى للاستقلال قبل الحرب ضد داعش. لكن المهم الآن هو وحدة جميع القوى لاسيما الشيعية، لكن الحركات التي تغير مواقفها باستمرار مثل قوات السيد “مقتدى الصدر” سوف تؤدي إلى أضرار عميقة”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب