خاص : كتبت – نشوى الحفني :
بات “السودان” على موعد مع الاستقرار والسلام، وذلك مع استمرارية توقيع الاتفاقيات الجديدة، فكان آخرها، ما وقعته الحكومة السودانية و”الحركة الشعبية لتحرير السودان”، يوم الأحد، على اتفاق مباديء نص على عدد من البنود، من بينها فصل الدين عن الدولة وتكوين جيش واحد في نهاية الفترة الانتقالية.
وتم توقيع الوثيقة من قِبل كل من رئيس مجلس السيادة السوداني، “عبدالفتاح البرهان”، ورئيس الحركة، “عبدالعزيز الحلو”، في مدينة “غوبا”، عاصمة “جنوب السودان”، وبوساطة رئيسه، “سلفا كير ميارديت”.
واتفق الطرفان، بحسب الوثيقة التي تمهد لاستئناف المفاوضات العالقة بينهما، على: “العمل سويًا لتحقيق سيادة السودان واستقلاله ووحدة أراضيه”.
وأكدت الحكومة والحركة أهمية: “التوصل إلى اتفاقية سلام شامل عبر التفاوض، لكي تضع نهاية منطقية للحرب في السودان”، علمًا أن: “الحل العسكري لا يقود إلى سلام واستقرار دائمين”، و”يجب أن يكون التوصل إلى حل سياسي وسلمي وعادل؛ هدفًا مشتركًا لطرفي التفاوض”.
واتفق الطرفان أيضًا على أن “السودان”؛ بلد متعدد الأعراق والديانات والثقافات، لذلك يجب الاعتراف بهذا التنوع وإدارته ومعالجة مسألة الهوية الوطنية، وأن للسودانيين في المناطق المختلفة حقًا: “في إدارة شؤونهم من خلال الحكم اللامركزي أو الفيدرالي”.
تأسيس دولة مدنية ديمقراطية فيدرالية..
وأشار نص الاتفاق إلى أن: “تأسيس دولة مدنية ديمقراطية فيدرالية، في السودان، تضمن حرية الدين والممارسات الدينية والعبادة لكل الشعب السوداني، وذلك بفصل الهويات الثقافية والإثنية والدينية والجهوية عن الدولة؛ وأن لا تفرض الدولة دينًا على أي شخص ولا تتبنى دينًا رسميًا، وتكون الدولة غير منحازة فيما يخص الشؤون الدينية وشؤون المعتقد والضمير، كما تكفل الدولة وتحمي حرية الدين والممارسات الدينية، على أن تضمن هذه المباديء في الدستور”.
العدالة في توزيع السلطة والثروة..
كما اتفق الجانبان؛ على أهمية: “تحقيق العدالة في توزيع السلطة والثروة، بين جميع شعب وأقاليم السودان؛ للقضاء على التهميش التنموي والثقافي والديني، واضعين في الإعتبار خصوصية مناطق النزاعات”، إضافة إلى إدراج: “حقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل والواردة في المعاهدات الدولية، (التي صادق عليها السودان)، في اتفاقية السلام”، والتأكيد على اتخاذ الحكومة: “التدابير اللازمة للإنضمام للمواثيق والمعاهدات الدولية والإفريقية لحقوق الإنسان التي لم تصادق عليها جمهورية السودان”.
جيش قومي مهني واحد..
ونص الاتفاق أيضًا على وجوب أن يكون لـ”السودان”: “جيش قومي مهني واحد يعمل وفق عقيدة عسكرية موحدة جديدة؛ يلتزم بحماية الأمن الوطني وفقًا للدستور”، مشيرًا إلى ضرورة أن تكون عملية دمج وتوحيد القوات عملية؛ متدرجة ويجب أن تكتمل بنهاية الفترة الانتقالية، وبعد حل مسألة العلاقة بين الدين والدولة في الدستور.
وأشار النص إلى أن ما تم الاتفاق عليه، بين الطرفين، يعتبر جزءًا من: “عملية تطوير الوثيقة الدستورية لكي تصبح دستورًا دائمًا بنهاية الفترة الانتقالية”.
وقف دائم لإطلاق النار..
وثبتت الوثيقة اتفاق الحكومة و”الحركة الشعبية لتحرير السودان”؛ على: “وقف دائم لإطلاق النار عند التوقيع على الترتيبات الأمنية المتفق عليها؛ كجزء من التسوية الشاملة للصراع في السودان”.
الوساطة ملتزمة بتكملة ملف السلام..
وأشاد “سلفا كير”، باتفاق إعلان المباديء، مؤكدًا إلتزامه، كرئيس للوساطة، بتكملة ملف السلام السوداني.
وأضاف، في كلمة له بمناسبة التوقيع: “تشيد بروح المسؤولية التي تحلت بها الأطراف وموافقتها على استئناف جولات التفاوض لوقف الحرب والمعاناة، وما تم يُعتبر خطوة كبيرة تستحق الدعم والإشادة”، بينما شكر “الحلو”، “البرهان”، على موقفه الذي وصفه بالشجاع، بعد التوقيع على هذا الإعلان.
وتنطلق جولة المباحثات المباشرة، بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية شمال/عبدالعزيز الحلو، في 20 نيسان/إبريل المقبل، بـ”غوبا”.
“توت قلواك”، رئيس لجنة وساطة جنوب السودان في ملف السلام السوداني، قال إن الجولة تبحث القضايا التي تم التوقيع عليها، أمس الأول.
أساس للتوافق على مشروع وطني..
ورحب رئيس الوزراء، “عبدالله حمدوك”، بتوقيع إعلان المباديء، ووصفه: بـ”بادرة شجاعة ودليل على توفر الإرادة الصلبة لدى كل السودانيين – مدنيين وعسكريين – لاستكمال المرحلة الثانية من سلام السودان، عقب اتفاقية غوبا واتفاق أديس آبابا”.
وأكد “حمدوك” الحرص على أن تتصل الجهود وتستمر وصولاً إلى اتفاق سلام شامل وعادل لا يستثني أحدًا، ويكون أساسًا للتوافق على مشروع وطني “سوداني-سوداني” نقدمه لشعبنا، خصوصًا في معسكرات النزوح واللجوء.
يضع حدًا للإحتراب..
من جانبها؛ رحبت “الجبهة الثورية السودانية”، بتوقيع إعلان المباديء، واعتبر “الهادي إدريس”، عضو مجلس السيادة الانتقالي رئيس الجبهة، توقيع إعلان المباديء؛ خطوة في الاتجاه الصحيح، واستكمالاً لمسيرة السلام ولاتفاق “غوبا” لسلام السودان.
وعبرت “الجبهة الثورية” عن ثقتها؛ بأن ما ورد فيه من مباديء ستؤسس لتفاوض بناء ومنتج بين الطرفين، وستمهّد للوصول لاتفاق يعزز السلام، ويضع حدًا للإحترابات، ويضمن الأمن والاستقرار، ويسهم في نجاح الفترة الانتقالية.
ترحيب حزبي “الأمة” و”التجمع”..
ورحب “حزب الأمة القومي”، بإعلان المباديء، وقال إن الإعلان يُمثل خطوة إيجابية مهمة لاستكمال مطلوبات السلام ووقف الحرب وتحقيق الأمن والاستقرار.
من جهته، رحب “التجمع الاتحادي”، بتوقيع إعلان المباديء، وقال إنه يُمثل خطوة في تحقيق السلام الشامل في كافة ربوع البلاد، داعيًا، الحكومة، إلى سرعة التواصل مع، “عبدالواحد محمد نور”؛ لإلحاقه بقطار السلام.
خطوة إيجابية داعمة لعملية السلام..
وأعلنت “مبادرة أهل المصلحة”، بولاية “النيل الأزرق”؛ ترحيبها بتوقيع إعلان المباديء، ووصفته بالخطوة الإيجابية والداعمة لعملية السلام.
كما رحب “التحالف السوداني”، بقيادة الجنرال “خميس عبدالله”، بتوقيع الإعلان، واعتبره خطوة مهمة في طريق تحقيق السلام الشامل.
يُكرس لعلمانية الدولة..
فيما أبدى “حزب المؤتمر الشعبي”، الذي يرأسه خال المعزول، “البشير”، رفضه التام للاتفاق، مشيرًا إلى أنه يكرس لعلمانية الدولة.
يُمهد لإلتحاق حركات أخرى بالعملية السلمية..
تعليقًا على توقيع الاتفاق، اعتبر المحلل الإستراتيجي العسكري، “أمين إسماعيل”، التحاق “الحركة الشعبية شمال”، بقيادة “الحلو”، بقطار السلام؛ هو في حد ذاته إنجاز كبير لما تتمتع به الحركة من ثقل كبير، كما سيمهد لإلحاق “حركة تحرير السودان”، بقيادة “عبدالواحد محمد نور”، بالعملية السلمية.
وعلى الجانب الآخر، يقول “إسماعيل”: “إن أي اتفاق سلام مستقبلي كامل مع، الحركة الشعبية، بقيادة الحلو، سيتطلب ضرورة وضع ترتيبات أمنية واضحة وفاعلة، نظرًا لأن الحركة تمتلك قوات ضخمة وجيدة التدريب والتجهيز، حيث كانت تتبع للفرقة التاسعة قبل انفصال الجنوب؛ وبقيت في مكانها في كاودا بجنوب كردفان”.
خطوة تأخرت كثيرًا..
في هذا السياق؛ قال مدير تحرير صحيفة (الوطن) السودانية المستقلة، “عبدالوهاب موسى”؛ إن: “إعلان المباديء مع الحركة الشعبية؛ خطوة تأخرت كثيرًا، وهي مهمة جدًا في هذا التوقيت، وداعم أساس للسلام، خاصة أن الحلو لديه أكبر قوة عسكرية على الأرض، بما يمهد لسلام حقيقي”.
واتفق مع سابقه في أن: “الاتفاق يضع، الحركة الشعبية جناح عبدالواحد النور، في حرج لاتخاذ خطوة مماثلة، خاصة أنه ليس لديه موانع كثيرة، بالتالي فإن كل الأطراف السودانية تمشي الآن على بساط واحد نحو السلام، وقد رحبت بهذا الاتفاق معظم القوى السياسية ذات التأثير”.