25 أبريل، 2024 12:00 م
Search
Close this search box.

ومازالت الملاذات الآمنة عامرة بأموال فقراء الدول النامية .. كيف يؤمن الفاسدون ممتلكاتهم ومحال إقامتهم بالخارج ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – لميس السيد :

في السابع والعشرين من تشرين أول/أكتوبر الماضي، اُتهم نائب الرئيس ووريث الحكم في غينيا الإستوائية، الدولة الغنية بالنفط في غرب إفريقيا، فى محكمة باريس بغسل الأموال والإختلاس، ما يجعل ممتلكاته العظيمة على المحك، حيث يمتلك “تيودورين أوبينغ” منزلاً بباريس يقدر بـ 200 مليون دولار، ويختاً طوله 220 قدم وأسطولاً من السيارات الفاخرة، والتي وفقاً للسلطات الفرنسية تمثل عائدات الفساد من ثروة بلده النفطية.

وبعد أسبوع من هذه الواقعة، كشفت بيانات من شركتي “آبل باي” البحرية” و”باراديز بيبرز”، عن المعاملات المالية لآلاف الشركات والأفراد في الملاذات الضريبية الموجودة في أماكن مختلفة، بداية من “جزر الكاريبي” وحتى جنوب المحيط الهادئ.

العلاقة بين الطبقة الحاكمة في بلدان العالم الثالث والملاذات الآمنة..

تقول صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية أن قضية النائب الرئاسي الغيني “أوبينغ”، والبيانات التي كشفت عنها شركة “باراديز بيبرز”، يكشفان عن العلاقة الوثيقة بين رجال السلطة الأغنياء في دول العالم الثالث الفاسدة، اللذين يسرقون المواطنين الفقراء وملاذات الضرائب السرية التي تخفي أموال الأغنياء وسيئي السمعة.

تعاني البلدان النامية مثل “غينيا” الإستوائية من أدائها الضعيف في التصنيفات الدولية، مثل مؤشر الفساد لـ”منظمة الشفافية الدولية”، في حين أن الملاذات الضريبية تستقبل بشكل أكبر حجم أموال متزايد من البلدان الغنية والمنظمات الدولية.

من وجهة نظر الصحيفة الأميركية، ترى أن الفهم التقليدي للفساد غير دقيق، حيث أن المعركة الحقيقية تكون ضد التدفقات العابرة للحدود للأموال المغسولة والمراكز المالية الغربية التي تستقبلها، حيث يتم غسل الأموال الفاسدة ومساعدة الناس في إنفاقها.

وبدلاً من من محاولات التفرقة بين البلدان الفاسدة والنظيفة، تؤكد (واشنطن بوست) على ضرورة النظر إلى دور الشبكات العابرة للحدود، التي تخلق علاقة تكافلية بين البلدان المصدرة للفساد والبلدان المضيفة أو بلدان الملاذ التي تتلقى الأموال المنهوبة. الفساد الحكومي ليس مجرد فعل أولي من السرقة، ولكن أيضاً القدرة التي تلحق ذلك الفعل لهؤلاء القادة الفاسدين الذين يقومون بحماية ثرواتهم وممتلكاتهم في الخارج، حيث يمكنهم التمتع بقصورهم وممارسة عمليات الاستهلاك العلني في مدن مثل “لندن، باريس، نيويورك وجنيف”.

سر خدمات المهنيين..

إن غسل عائدات الفساد ليست أمراً يقتصر على الشخص صاحب الأموال فقط، بل إن الطغاة وأسرهم يستعينون بشبكات من المهنيين الدوليين ذوي المهارات العالية، والمتخصصين بشكل جيد في مجال الخدمات المصرفية والقانونية والاستشارية والصناعات ذات الصلة، التي تتجمع في المراكز المالية العالمية. هؤلاء المهنيين يقدمون خدمات ذات قيمة عالية بدمج الأعمال مع الأعمال غير القانونية بشكل يصعب ملاحظته في سبيل استضافة ونقل ومضاعفة ثراوتهم غير المشروعة.

وتشرح الصحيفة الأميركية العمليات التي تمر بها الأموال لـ”غسلها” وتبرئتها من الصفة غير القانونية، حيث أن تحويل مبالغ كبيرة من المال من النقطة (أ) إلى النقطة (ب) غالباً ما يستلزم عمليات بنكية، وعلى مدى عقود، خضعت المصارف لقاعدة “أعرف عميلك”؛ التي تقول من حيث المبدأ أن على هذه المؤسسات واجب فحص الأموال الملوثة والتعرف عليها واستبعادها، ولكن مؤخراً أصبح من غير الواضح مدى فعالية هذا النظام في الممارسة العملية، حيث أن العديد من المعاملات تنطوي على شركات لا يمكن تتبعها، وتخفي بشكل فعال هوية الفرد الحقيقي في موقع السيطرة.

ويعمد الأشخاص الفادسين حكومياُ لعولمة سمعتهم وشخصياتهم، وكذلك أصولهم، من خلال الحصول على الممتلكات الأجنبية، مثل الممتلكات الفخمة لـ”أوبيانغ” في فرنسا. بل ويخلق هؤلاء الأشخاص سوقاً جديدة للإقامة القانونية، والتي كانت تعتمد سابقاً على مكان الولادة والنسب، ولكن مسألة الإقامة حالياً أصبحت من الخدمات القابلة للبيع ويقوم المتخصصون بعمل صفقات بين الأثرياء الجدد من خارج الدول الغربية والبلدان المضيفة لهم لضمان إقامتهم بها.

كان رئيس الوزراء الباكستاني “نواز شريف”، قد أجبر على الاستقالة في تموز/يوليو بعد أن عُرف إمتلاك أسرته عدة ممتلكات فاخرة بشكل سري في لندن، ويذكر أن وزارة العدل الأميركية حددت الشهر الماضي المتورطين الرئيسيين فى اختفاء المليارات من الدولارات من صندوق الثروة السيادية الماليزي “وان. إم. دي. بي”. وتتسارع بلدان مثل “أستراليا، المملكة المتحدة، إسبانيا” والدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي،  بشكل متزايد، على بيع الإقامة لراغبيها في تلك البلدان.

إذا كانت العولمة في التسعينيات، هي بحث الشركات العالمية عن الاستثمار في أماكن جديدة، فإن عولمة العصر الجديد أصبحت إستغلال الفاسدين الحكوميين للعولمة الفردية، ليس فقط بتشغيل رؤوس الأموال في الخارج، بل القيام بعمليات التسوق والبحث لشراء إقامات في بلدان أجنبية ونقل الشركات إلى الخارج، وهذا ما يعني أن العالم بات عليه ليس الإلتفات إلى مؤشرات فساد الدول بل الشبكات العابرة للحدود ومقدمي الخدمات الذين يسمحون للفساد بالتنقل بحرية بين بلدان العالم وتحت غطاء قانوني.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب