28 نوفمبر، 2024 2:35 م
Search
Close this search box.

وقف القتال بين “حزب الله” وإسرائيل بمراقبة أميركية .. هل يمكن أن يصمد أم تدمره قذيفة طائشة ؟

وقف القتال بين “حزب الله” وإسرائيل بمراقبة أميركية .. هل يمكن أن يصمد أم تدمره قذيفة طائشة ؟

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

دخل اتفاق وقف اطلاق النار بين (حزب الله) والاحتلال الإسرائيلي في “لبنان” حيز التنفيذ؛ صباح أمس الأربعاء، وبموجب الاتفاق يلتزم الجانبان بهدنة مدتها (60 يومًا)، وخلال هذه المدة سينسحب مقاتلو الجانبين من جنوب “لبنان”، وتحديدًا المنطقة الواقعة شمال “نهر الليطاني”.

بموجب الاتفاق؛ سيتولى الجيش اللبناني، الذي لم يُشارك في الصراع بين (حزب الله) والاحتلال الإسرائيلي، ملء الفراغ في جنوب “لبنان”.

وستكون قوات حفظ السلام التابعة لـ”الأمم المتحدة”، والتي راقبت الهدنة السابقة، حاضرة أيضًا. ومع ذلك، تبقى أسئلة متعددة عن كيفية ممارسة الجيش اللبناني سلطته في المنطقة.

وتقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلية على أميال عدة في جنوب “لبنان”، ودهمت العديد من البلدات والقرى.

كما استهدف جيش الاحتلال البُنية التحتية العسكرية لـ (حزب الله)، فدمر العديد منها مناطق طالبت “إسرائيل” أهلها بالإخلاء

في أيلول/سبتمبر الماضي؛ صعّدت “إسرائيل” من هجماتها، مستهدفة أكثر من: (1600) هدف في يومٍ واحد.

واغتالت “إسرائيل” العديد من قادة (حزب الله)، ومنهم زعيمه السيد “حسن نصرالله”، وخليفته المفترض “هاشم صفي الدين”.

واتسع نطاق الغزو الإسرائيلي ليشمل جبهة جديدة بالقرب من ساحل “البحر الأبيض المتوسط”. وأصدرت “إسرائيل” أوامر إخلاء لأكثر من (20) بلدة في جنوب “لبنان”.

تضاريس وعرة بجنوب “لبنان”..

اندلعت الاشتباكات بالقرب من مناطق عسكرية مغلقة، حيث حشدت “إسرائيل” قواتها ومعداتها على جانبها من الحدود.

وكانت “مارون الراس”؛ إحدى مناطق القتال التي ذكرها (حزب الله)، وقد شهدت معركة كبيرة خلال الغزو الإسرائيلي لـ”لبنان” في عام 2006.

ويتميز جنوب “لبنان” بتضاريسه الوعرة الممتلئة بالوديان الشديدة الانحدار، وذلك مما يسهل على (حزب الله) اللبناني الدفاع ونصب الكمائن.

منع انهيار الاتفاق أكثر صعوبة..

موقع (أكسيوس) الأميركي؛ وصف وقف إطلاق النار بين “إسرائيل” و(حزب الله) اللبناني بالإنجاز الدبلوماسي صعب المنال، لكنه قال إن منع انهياره قد يكون أكثر صعوبة، في النهاية.

وأضاف أن “الولايات المتحدة” ستُكلّف بالحفاظ على الهدوء على طول واحدة من أكثر الحدود تقلبًا في الشرق الأوسط، بين “إسرائيل” و”لبنان”، أثناء انتقال الرئاسة وفي خِضم أزمة إقليمية أوسع نطاقًا لم تنتهِ بعد.

وتطلّب الاتفاق شهورًا من المفاوضات المعقدة، والتي شارك فيها الرئيس الأميركي المنتخب؛ “دونالد ترمب”، وفريقه الذين سيرثون الاتفاق في الأيام الأخيرة.

وإذا نجح؛ فإن الاتفاق سيُنهي عامًا من إراقة الدماء، ويسمح لمئات الآلاف من الأشخاص على جانبي الحدود بالعودة إلى ديارهم.

مهام شاقة لـ”واشنطن”..

لكن الاتفاق يمنح “الولايات المتحدة” المهامّ الشاقة المتمثلة في مراقبة الانتهاكات، وربما كبح جُماح رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “بنيامين نتانياهو”، الذي تعهّد، حتى قبل الانتهاء من الاتفاق، بالتخلي عنه إذا تجاوز (حزب الله) أحد الخطوط الحمراء الكثيرة.

ولفت الموقع الأميركي إلى أنه بعد يومٍ واحد من إعلان مبادرة وقف إطلاق النار “الأميركية-الفرنسية”؛ في أيلول/سبتمبر الماضي، فاجأت “إسرائيل”؛ “البيت الأبيض”، والعالم باغتيال زعيم (حزب الله) الراحل؛ “حسن نصرالله”.

وبينما لم يذرف الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، وكبار مستشاريه أي دموع على وفاة “نصرالله”، فإن قرار “نتانياهو”؛ إبقاء “بايدن” دون علم خَلَق توترات، كما يزعم مسؤولون أميركيون لـ (أكسيوس).

لكن بحلول منتصف تشرين أول/أكتوبر الماضي، بدأ كبير مستشاري بايدن؛ “أموس هوكستين”، العمل مع كل من “إسرائيل” و”لبنان” لصياغة معايير اتفاق وقف إطلاق النار.

وفي 31 تشرين أول/أكتوبر، قبل أيام قليلة من الانتخابات الأميركية، سافر “هوكستين” إلى “إسرائيل”، والتقى “نتانياهو” الذي قال له، وفقًا لمسؤول أميركي حضر الاجتماع: “أعتقد أن هناك فرصة”.

وقال المسؤول الأميركي: “لقد رأينا في ذلك الوقت تغييرًا في الموقف وتوافقًا في كل من إسرائيل ولبنان بشأن التوصل إلى وقف إطلاق النار”.

وبعد خمسة أيام من الانتخابات، التقى “رون ديرمر”، المقرَّب من “نتانياهو”، “ترمب”، في منتجعه (مار إيه لاغو).

وقال مصدران مطّلعان على المحادثة؛ إن “ديرمر” أخبر “ترمب” بمفاوضات “لبنان” أثناء سيرهما معًا في ملعب “ترمب للغولف”.

ولم يُبدِ “ترمب” أي اعتراضات، بل أشار إلى دعمه عمل “نتانياهو” مع “بايدن” للتوصل إلى اتفاق قبل تنصيبه في 20 كانون ثان/يناير المقبل.

وناقش “ديرمر” اتفاق “لبنان” على مدار اليومين التاليين مع “أموس هوكستين”، ومستشار الأمن القومي؛ “جيك سوليفان”، وكبير مستشاري “بايدن” في الشرق الأوسط؛ “بريت ماكغورك”.

وفي تلك المرحلة، رأى “هوكستين”: “ضوءًا في نهاية النفق”، وقرر إطلاع فريق الأمن القومي لـ”ترمب” على احتمال التوصل إلى اتفاق في غضون أيام، وفقًا لمسؤول أميركي.

نقاط الخلاف..

وكانت إحدى نقاط الخلاف الكبيرة الأخيرة؛ هي ما إذا كانت “إسرائيل” ستتمتع بالحق في الرد على انتهاكات (حزب الله).

ونصحت “فرنسا”؛ القادة اللبنانيين، بعدم قبول هذا البند؛ لأنه سيكون انتهاكًا لسيّادة “لبنان”، وفقًا لمزاعم المسؤول الأميركي، الذي قال، لـ (أكسيوس): “لديه القدرة على إفشال الصفقة بأكملها”.

وقال المسؤول إن وزير الخارجية الأميركي؛ “أنتوني بلينكن”، سحب الرئيس الفرنسي؛ “إيمانويل ماكرون”، جانبًا، في “قمة مجموعة العشرين” في “ريو دي جانيرو”، في 19 تشرين ثان/نوفمبر الحالي، وأخبره بأن الموقف الفرنسي يُعرّض الصفقة للخطر. وفي هذا اللقاء القصير وافق “ماكرون” على أن تتوقف “فرنسا” عن توصيل هذه الرسالة إلى “لبنان”، ونفى مسؤول فرنسي ذلك.

وابتداءً من يوم الخميس الماضي؛ كانت الصفقة مكتملة تقريبًا، لكن بينما كان “أموس هوكستين” يلتقي “نتانياهو”، أصدرت “المحكمة الجنائية الدولية” مذكرة اعتقال ضد الأخير.

وكان “نتانياهو” غاضبًا، خاصة بعد أن قالت “فرنسا” إنها ستنفّذ مذكرة الاعتقال، وانشغل تمامًا بمفاوضات وقف إطلاق النار في “لبنان”.

واستغرق الأمر ثلاثة أيام أخرى؛ ووساطة “بايدن” بين “نتانياهو” و”ماكرون”، وتهديدًا من “أموس هوكستين” بالانسحاب قبل أن تعود المفاوضات إلى مسّارها الصحيح.

وجرى التوصل إلى اتفاق، مساء الأحد، ووافق عليه مجلس الوزراء الإسرائيلي بعد (36) ساعة.

الإشراف والمراقبة..

وفي يوم الإثنين؛ قدَّم “هوكستين” إحاطة ثانية لفريق “ترمب”، وأخبرهم بالالتزامات التي تعهدت بها “الولايات المتحدة” بوصفها جزءًا من الاتفاق – بشكلٍ أساس الإشراف على آلية المراقبة، وتوجيه قدرة “إسرائيل” على الاستجابة للانتهاكات.

وقال مسؤول أميركي: “اتفق فريق ترمب على أن هذا أمر جيد لإسرائيل ولبنان وللأمن القومي للولايات المتحدة، وأن القيام بذلك الآن وليس لاحقًا سينُقذ الأرواح”.

وادعى مسؤول انتقالي في إدارة “ترمب” أن (حزب الله) وافق على الصفقة بعد فوز “ترمب”، لأنه كان يعلم أن شروط الصفقة لن تُصبح أكثر صرامة في عهد “ترمب”.

سيطرة الجيش اللبناني على الجنوب..

ويقول المسؤولون الأميركيون إن الخطوة التالية هي أن ينتقل الجيش اللبناني إلى جنوب “لبنان”، وهي المنطقة التي تفوّق فيها (حزب الله) تاريخيًا، وضمان تحركه شمالًا، وإزالة أي أسلحة ثقيلة متبقية.

وفشل الجيش اللبناني في تنفيذ اتفاق مماثل بعد حرب 2006؛ بين (حزب الله) والاحتلال الإسرائيلي.

وزعم مسؤول أميركي أن الجيش اللبناني، هذه المرة، في وضعٍ أقوى.

وبينما لن تكون هناك قوات أميركية على الأرض في جنوب “لبنان”، فإن الضباط العسكريين الأميركيين سيعملون من السفارة في “بيروت”، بالتنسيق مع المسؤولين الفرنسيين والإسرائيليين واللبنانيين و”الأمم المتحدة”. وسوف يتلقون الشكاوى ويُعالجون الانتهاكات.

والاتفاق يمنح الاحتلال الإسرائيلي ترخيصًا للرد على التهديدات الأمنية المباشرة من الأراضي اللبنانية، لكن المسؤولين الأميركيين يأملون أن يُخفف نظام المراقبة من الحاجة إلى القيام بذلك.

وقال مسؤول أميركي: “نُريد أن تكون لدينا رسائل فورية للتأكد من أنه كلما كان هناك انتهاك خطير، يجري التعامل معه على الفور، وإذا لم يجرِ التعامل معه وتطوَّر إلى تهديد مباشر، فسيتعيّن على إسرائيل معالجته”.

وفي غضون ثمانية أسابيع، سيكون اتفاق هذه الهدنة الهشة على عاتق “ترمب”، وفقًا لـ (أكسيوس).

أهداف متواضعة..

من جهتها؛ ترى صحيفة (فايننشال تايمز)، أن العديد من العوامل غذّت قرار رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي؛ “بنيامين نتانياهو”، النهائي بالتوصل إلى وقف لإطلاق النار بوسّاطة أميركية في “لبنان”، وكانت أهداف حربه ضد (حزب الله) دائمًا أكثر تواضعًا من “النصر الكامل” الذي سعى إليه ضد (حماس) في “غزة”. بحسب مزاعم الصحيفة الأميركية.

لكن في مواجهة العديد من المنتقدين المحليين للاتفاق، بما في ذلك وزراء الحكومة اليمينية المتطرفة ورؤساء بلديات شمال “إسرائيل” وشخصيات معارضة، قدر “نتانياهو” أن أهدافه قد تحققت إلى حدٍ كبير، في حين أن مخاطر المضي قدمًا بالحرب تتزايد، بحسّب الصحيفة.

ضغوط متزايدة على “إسرائيل”..

وفي هذا السيّاق؛ يقول “يعقوب أميدرور”، مستشار الأمن القومي السابق لـ”نتانياهو”؛ الذي يعمل الآن في مؤسسة (غينسا) البحثية في “واشنطن”: “(حزب الله) ليس (حماس). لا يمكننا تدميره بالكامل. لم يكن الأمر مطروحًا على الورق.. لبنان كبير جدًا. و(حزب الله) قوي جدًا”.

وقال إن اتفاق وقف إطلاق النار هذا: “ليس الحُلم الذي كان يحلمه الكثير من الإسرائيليين”. لكن “أميدرور” سلط الضوء على تناقص مخزونات “إسرائيل” من الذخيرة: و”الضغط” على جنود الاحتياط العسكريين الذين كانوا يُقاتلون منذ شهور. وقال: “لا يمكن لإسرائيل تحمل سنة أخرى من الحرب في نطاقها الحالي في الشمال”.

مسؤولون إسرائيليون قالوا إن هدفهم هو العودة الآمنة لعشرات الآلاف من سكان الشمال الذين تم إجلاؤهم بعد أن بدأ (حزب الله) إطلاق النار على “إسرائيل”، في أعقاب هجوم (حماس) في 07 تشرين أول/أكتوبر 2023.

وقال مسؤولون إن هذا سيتطلب دفع مقاتلي (حزب الله) إلى العودة من الحدود “الإسرائيلية –اللبنانية” وتغييّر: “الواقع الأمني” على طول الحدود، بعد أشهر من تبادل محدود نسبيًا لإطلاق النار عبر الحدود مع (حزب الله)، تصاعدت “إسرائيل” في حربها في أيلول/سبتمبر، مما أدى إلى تفجير الآلاف من أجهزة الاستدعاء وأجهزة الاتصال اللاسلكي في عملية سرية جريئة طالت أعضاء (حزب الله) في “لبنان”، تزامنًا مع موجات من الضربات الجوية في جميع أنحاء البلاد، وبعدها بدأت غزوًا بريًا عقابيًا لجارتها الشمالية لأول مرة منذ ما يقرب من عقدين.

قرار مجلس الأمن الدولي (1701)..

ويستّند اتفاق وقف إطلاق النار إلى قرار “مجلس الأمن الدولي”؛ رقم (1701)، الذي أنهى الحرب الأخيرة بين “إسرائيل” و(حزب الله) في عام 2006، لكنه لم ينُفذ بالكامل. ووصف “تامير هايمان”، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الذي يرأس الآن “معهد دراسات الأمن القومي”؛ في “تل أبيب”، الاتفاق المبرم حديثًا بأنه نسخة “مشدَّدة” من الاتفاق القديم.

وقد أوضح مسؤولون إسرائيليون كبار بالفعل أنهم سيأخذون الأمور بأيديهم ويضربون (حزب الله) داخل “لبنان” مرة أخرى إذا انتهكت الجماعة الاتفاق. وفي الواقع، كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار الشامل، زودت “الولايات المتحدة”؛ “إسرائيل”: بـ”خطاب جانبي” منفصل يقنَّن درجة معينة من حرية “إسرائيل” في التصرف عسكريًا، وفقًا لشخص مطلع على الأمر.

إعادة تنظيم “حزب الله” من جديد..

لكن بالنسبة للمسؤولين الإسرائيليين، قد تكون الجائزة الاستراتيجية الحقيقية في وقف إطلاق النار؛ هي احتمال إعادة تنظيم (حزب الله) في “لبنان”.

ووفقًا لشخصين على دراية بمداولات الحكومة الإسرائيلية، لعبت السياسة الداخلية الأميركية دورًا حاسمًا في توقيت ومضمون الاتفاقية.

وعلى الرُغم من معارضتهم، لم يُهدد حلفاء “نتانياهو” السياسيين اليمينيين المتطرفين بالإطاحة بالحكومة بسبب وقف إطلاق النار في “لبنان”؛ على عكس تعهداتهم خلال العام الماضي بالقيام بذلك إذا توصل إلى اتفاق في “غزة”.

وعلى عكس (حزب الله)، قد يتطلب التوصل إلى اتفاق مع (حماس) إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين وإنهاء الحُلم القومي الصهيوني المتطرف بإعادة توطين “غزة”.

في الواقع، بالنسبة للاستراتيجيين الإسرائيليين، ربما يكون الجانب الأكثر أهمية في الصفقة هو أن (حزب الله)، بموافقته على وقف القتال، قد قطع الصلة المباشرة التي أقامها مع (حماس) في بداية الحرب، عندما بدأ إطلاق النار “تضامنًا” مع الحركة في “غزة” وتعهد بالاستمرار حتى انتهاء القتال في الجيب.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة