19 أبريل، 2024 1:33 م
Search
Close this search box.

وفاة “كلود لانزمان” مؤرخ “الهولوكوست” .. طوع فنه لخدمة إسرائيل والاعتقال كان رد الجميل !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – بوسي محمد :

توفي صانع الأفلام والصحافي الشهير الفرنسي، “كلود لانزمان”، الذي اشتهر بفيلمه الوثائقي (Shoah) أي “الهولوكوست”، عن عمر يناهز 92 عامًا، ولم يكشف عن سبب الوفاة بعد.

اشتهر “لانزمان” بكتاباته الثقيلة التي كان يتطرق فيها لقضايا شائكة، وبأفلامه التي طوع جميعها في خدمة “إسرائيل”.

فهو كاتب فرنسي ومنتج سينمائي، وُلد في 27 تشرين ثان/نوفمبر 1925، في “باريس” لعائلة من البورجوازية الصغيرة. درس الفلسفة في “جامعة السوربون”، ثم عمل محاضرًا في “جامعة برلين”.

ناصر “إسرائيل”، بكل جبروتها، في أفلامه، حيثُ أنتج فيلمًا بعنوان (لماذا إسرائيل)؛ عُرض عام 1973 وقيل عنه إنه من أفضل الأفلام التي أُنتجت عن إسرائيل على الإطلاق، وفي عام 1985، عُرض له فيلمه الضخم (شواه) أي “الهولوكوست”؛ الذي ظل يُعد له لمدة عشرة أعوام. ويتناول الفيلم موضوع الإبادة من خلال تسع ساعات من الحوارات واللقاءات مع شخصيات يهودية وبولندية ونازية.

بداية إنجذابه للصهيونية..

إنجذب “لانزمان” نحو الأنشطة الصهيونية في مقتبل عمره، فقد تأثر بفكر “جان بول سارتر” و”سيمون دي بوفوار” الوجودي، وأصبح منذ عام 1952 من المقربين لهما، حيث تعاون معهما في أعمالهما الفكرية وأنشطتهما العامة، كما اهتم بقضايا عديدة داخل “فرنسا” وخارجها. وقد أسس معهما مجلة (الأزمنة الحديثة)؛ وكان من أصغر المساهمين والمحررين بها.

وفي حقبة الستينيات؛ تزايد اهتمام “لانزمان” بالقضايا اليهودية، وخصوصًا مسألة “الهولوكوست” أو وقائع الإبادة النازية لليهود، فترك الصحافة عام 1970 وإتجه نحو الإنتاج السينمائي، الذي طوعه لصالح “إسرائيل” في المقام الأول، حيثُ بدأ تصوير فيلم (Shoah) في عام 1974، وأجرى سلسلة من المقابلات مع الناجين من معسكرات الموت في جميع أنحاء العالم.

يُعاب على الفيلم في أنه لم يُلقي أي ضوء جديد على الظاهرة النازية، أو ظاهرة الإبادة، ويكرر الخط الغربي الذي يحول اليهود على وجه العموم، وليس يهود أوروبا على وجه التحديد، إلى ضحايا ومن سواهم إلى جزارين.

وقد نال “لانزمان” عن هذا الفيلم أهم الجوائز التي تقدمها الجماعة اليهودية في “فرنسا”، وهي جائزة “المؤسسة اليهودية الفرنسية”.

وقال لصحيفة (الغارديان) البريطانية، إنه قاوم زيارة موقع المعسكرات النازية حتى عام 1978. موضحًا، أنه عندما رأى قرية “تريبلنكا”، التي لا تزال موجودة، ذهب للتحدث مع أهالي القرية الذين كانوا شهود عيانً لكل شيء موجودًا.

تعرض “لانزمان” للهجوم، أثناء محاولته لإجراء مقابلة سرية، وتم إدخاله المستشفى لمدة شهر. مع عدم وجود أي لقطات أرشيفية، حتى خرج العمل الضخم، الذي بلغ 560 دقيقة في عام 1985، للنور.

مقالات “لانزمان”.. كثير من الإثارة قليل من المضمون..

انضم “لازمان” إلى مجلس إدارة صحيفة (Les Temps Modernes)، وهي الصحيفة المؤثرة التي أسسها في عام 1945. مع “جان بول سارتر” و”سيمون دي بوفوار”، وأصبح رئيس تحرير الصحيفة بعد وفاة “دي بوفوار”، وبقي في المنصب لبقية حياته.

إنخرط “لانزمان” بشكل كامل في السياسة، حيث كتب مقالات طويلة ومهمة عن “إسرائيل” و”كوريا الشمالية”، وكان أحد الموقعين على البيان رقم (121)، الذي شجب أعمال الحكومة الفرنسية في “الجزائر”.

جاءت فكرة فيلمه (لماذا إسرائيل ؟) من انشغالاته الصحافية والفكرية، وهو أول فيلم وثائقي له، كان يهدف من خلال الفيلم الإجابة على الجوانب العكسيّة المناهضة للاستعمار من زملائه المثقفين اليساريين والتعامل مع ما أسماه “الواقع الإسرائيلي المعقد”. صدر في عام 1973 عندما وصلت البلاد إلى الذكرى الخامسة والعشرين.

في عام 2011، أصبح “لانزمان” ضابطًا كبيرًا في فريق “Legion d’Honneur”، وفي عام 2013، حصل على جائزة “الدب الذهبي” الفخرية من “مهرجان برلين السينمائي”.

زيجات “لانزمات”..

تزوج “لانزمان” ثلاث مرات؛ الأولى من الممثلة، “غوديث ماغري”، وانفصلا عام 1971، ثم تزوج من الكاتبة الألمانية، “أنغليكا شروبسدورف”، وانفصلا عام 1990، وتزوج من عالمة الأوبئة، “دومينيك بيتثيوري”.

انجب “لانزمان” طفلين، “أنغيليك” و”فليكس”، توفي الأخير عن عمر يناهز 23 عامًا، في عام 2017، بسبب السرطان.

كواليس فيلم “Napalm“..

فيلم “لانزمان” الأخير، (نابالم – Napalm)، الذي عرض للمرة الأولى في “مهرجان كان”، عام 2017، استفاد من زياراته السابقة إلى “كوريا الشمالية” كصحافي شاب، حيثُ يروي الفيلم الذي يدور في إطار وثائقي ما شهده كل من العضو الفرنسي في أول وفد أوروبي غربي تمت دعوته بشكل رسمي إلى “كوريا الشمالية” بعد نهاية الحرب الكورية، كما كشف في الفيلم عن علاقته مع ممرضة كورية تدعى، “كيم كون صن”، عملت في مستشفى الصليب الأحمر الكوري بمدينة “بيونغ يانغ”. ثم أكمل بعد ذلك مسلسلاً تليفزيونيًا من أربعة أجزاء بعنوان (الأخوات الأربعة)، ويبحث مرة أخرى تجارب الناجيات من “الهولوكوست”.

لقد كان “لانزمان” يقف في عداد وفد من الكتاب اليساريين توجه في أواخر الخمسينيات إلى هناك، حيث أقام علاقة غرامية عابرة مع ممرضة، وإنتهى الأمر بشكل كارثي عندما ضبطهما مرافقوه، “لانزمان”، في غرفته في الفندق. فكانت صاحبة جمال صاخب وجريء، يأسر كل من يراها، مع أحمر شفاه فاقع، وندبة نابامل تحت صدرها، أحيلت إلى المحكة لتواطؤها مع “لانزمان”، الذي يقول: “طوال الأعوام الخمسين اللاحقة.. لم أتوقف عن التفكير فيها”. حتى إنه استكشف مواقع لتصوير فيلم عن لقائهما القصير وغير المتوقع، عندما عاد بعد أربعة عقود إلى “بيونغ يانغ”، لكنه لم يحاول أن يجدها، وأبرز علاقته معها في فيلمه الأخير (نابالم).

كيف ردت إسرائيل الجميل لـ”لانزمان” ؟

عُرف “لانزمان” بأنه البطل الروحي للجيش الإسرائيلي؛ بسبب مدافعته الشرسة عن حرب إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في مقالاته وأفلامه، لكن يبدو أن هذا لن يشفع له مع أول موقف تعرض له، فقد تعرض المخرج الفرنسي، من أصل يهودي، لموقف حرج في مطار “بن غوريون” بتل أبيب بعد أن اتهمته موظفة بالمطار بالتحرش بها جنسيًا، وبناءً عليه تم اعتقاله في المطار لحين الإنتهاء من التحقيقات.

وكانت الموظفة قد زعمت أنه قام بجذبها وتقبيلها عنوة، في محاولة منها لإرغامها على المثول لرغباته الوحشية، ولكن سلطات المطار برأته من الاتهام بعد تحقيق مطول أجرته معه، استمعت فيه إلى شهادة مراسل صحافي كان بصحبته على الرحلة ذاتها نفى فيه صحة اتهام الموظفة.

وأوضح أن “لانزمان” تلفظ بعبارة رقيقة وجهها لها تخفيفًا لأجواء من التوتر كانت سائدة، قال فيها: “إنك تبدين باهرة الجمال، لو كنت شابًا لغازلتك”.

وعقب الإفراج عنه وصعوده إلى مقعده بالطائرة؛ أبدى “لانزمان” إستياءه جراء ما حدث معه على أرض “إسرائيل”، وتساءل نفسه قائلاً: “هل تصدق أن يحدث شيء كهذا معي، بعد سنوات عمري الـ 86، وكل ما قدمته لإسرائيل ؟!”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب