وكالات- كتابات:
أعادت وفاة البابا “فرنسيس” تسّليط الأضواء على مخطوطة نبوية تعود إلى أكثر من تسعة قرون، تُعرف باسم: “نبوءة البابوات”؛ والتي يُقال إنها تنبأت بهوية خليفته وحتى بعودة السيد “المسيح”.
ويُعتقد أن هذه النبوءة، التي تعود إلى القرن الثاني عشر، قد تم العثور عليها في الأرشيف السري لـ (الفاتيكان). وهي تحتوي على سلسلة من العبارات اللاتينية الغامضة، تُفسّر عادة على أنها تصف باباوات الكنيسة الكاثوليكية، بدءًا من البابا “سيليستين الثاني” عام 1143، وحتى “بطرس الروماني” الذي يُفترض ظهوره عام 2027.
وقد زاد من إثارة الجدل حول هذه النبوءة أن هناك تسعة مرشحين بارزين لخلافة البابا “فرنسيس”، ثلاثة منهم يحملون اسم “بطرس”، وهو ما غذى التكهنات والقلق بشأن مصداقية النبوءة ومآلاتها.
كما عادت المخاوف لتطفو على السطح مجددًا بشأن واحدة من أكثر فقرات النبوءة إثارة للقلق، والتي تُشيّر إلى اقتراب يوم الحساب، حيث يعتقد بعض المسيحيين أن عام 2027؛ قد يشهد المجيء الثاني لـ”المسيح”، الذي يُفترض أن يعود فيه ليحكم على الأحياء والأموات. وتُشيّر النبوءة إلى أن هذا اليوم المصّيري لم يُعدّ يفصلنا عنه سوى أقل من عامين.
وتُنسب نبوءة البابوات إلى القديس “مالاشي”، الذي يُقال إنه كتبها عام 1139 بعد أن رأى رؤيا خلال زيارة له إلى “روما”. وتضم النبوءة (112) عبارة قصيرة وغامضة يُفترض أنها تصف كل بابا من الباباوات الذين سيحكمون “الكنيسة الكاثوليكية” حتى يوم القيامة.
وبحسّب ما جاء في الإدخال الأخير المتعلق؛ بـ”بطرس الروماني”، فإن هذا البابا الأخير سيتولى قيادة الكنيسة في وقتٍ تتعرض فيه لاضطرابات شديدة، وسينتهي الأمر بتدمير مدينة “روما” ونهاية البابوية. وتُشيّر النبوءة إلى أن: “في الاضطهاد الأخير للكنيسة الرومانية المقدسة، سيتولى الحكم بطرس الروماني، الذي سيطعم رعيته وسط محن كثيرة، وبعدها ستُدمر المدينة ذات التلال السبع، وسيحكم القاضي الرهيب الناس. النهاية”.
ورُغم أن البعض فسّروا خطأ أن “بطرس الروماني” سيُخلف البابا “فرنسيس”؛ خلال فترات مرضه المتكررة، فإن آخرين رأوا أن “مالاشي” ربما قصد أن يكون “فرنسيس” هو البابا الأخير.
وقد تركز اهتمام الباحثين الكتابيين على الجدول الزمني الذي رسمته النبوءة، حيث يُعتقّد أن منتصفها تحقق في عام 1585، أي بعد (442 عامًا) من ظهور أول بابا في القائمة، وهو ما يدفع البعض للاعتقاد بأن النهاية ستأتي بعد مرور (442 عامًا) أخرى، أي في عام 2027.
وبينما يُشكك بعض الباحثين في مصداقية النص، ويعتبرونه تزويرًا من القرن السادس عشر، فإن مؤيديه يؤكدون أن “مالاشي” هو من كتبه فعليًا، مستنَّدين إلى دقة وصف الباباوات حتى عام 1590. وبعد هذا التاريخ، أصبحت العبارات أكثر غموضًا، وإن ظلّت بعض الفقرات تُعدّ لافتة في دقتها حتى في الأزمنة الحديثة.
ومن بين تلك العبارات، واحدة تُشير إلى “مجد الزيتونة”؛ (the glory of the Olive)، ويعتقد بعض المؤرخين أنها تنبأت بقدوم البابا “بنديكتوس السادس عشر”، الذي جاء من رهبنة “الأوليفيتانيين”؛ (Olivetans)، وقد شغل منصب البابا من 2005 حتى 2013. كما تضمنت عبارة أخرى: “كسوف الشمس” (eclipse of the sun)، التي يرى البعض أنها تنبأت بمولد البابا “يوحنا بولس الثاني” خلال كسوف شمسي، وهو ما تحقق بالفعل، حيث قاد الكنيسة من عام 1978 وحتى عام 2005.
أما اليوم؛ فتضم قائمة المرشحين المحتملين لخلافة البابا “فرنسيس الثاني”؛ ثلاثة كرادلة يحملون اسم “بطرس”، وهم: “بيتر إردو” من “المجر”؛ المرشح المحافظ البارز، و”بيتر توركسون” من “غانا”؛ المعروف بدوره في قضايا العدالة الاجتماعية؛ و”بيترو بارولين” من “إيطاليا”؛ أحد أكثر المسؤولين خبرة في (الفاتيكان).
وقبل وفاة البابا “فرنسيس”، حاول البعض ربطه بشخصية “بطرس الروماني”، بالإشارة إلى أصوله الإيطالية، واسمه عند الولادة: “جيوفاني دي بيترو دي برناردوني” (Giovanni di Pietro di Bernardone).
وقد نالت نبوءة “مالاشي” اهتمامًا متزايدًا خلال العقود الماضية، حتى أن الكاردينال “سبلمان” من “نيويورك”؛ أبحر في عام 1958 على متن قارب مليء بالخراف في “نهر التيبر”، في محاولة منه لتجسيّد شعار “الراعي والملاح” (pastor et nautor)، المرتبط بالبابا الذي توقعته النبوءة آنذاك.
ورُغم أن النبوءة عُثر عليها قبل أكثر من (400 عام)، إلا أنها عادت لتشّغل الرأي العام من جديد، خصوصًا بعد تعرض البابا “فرنسيس” لأزمتين تنفسيتين في شباط/فبراير الماضي، مما زاد من حدة التكهنات.
وقد ساهم إصدار فيلم وثائقي عام 2024؛ في تعزيز هذه المخاوف، حيث تناول فقرة تُنسب إلى البابا “سيكستوس الخامس”؛ من عام 1585، تقول: “المحور في منتصف علامة” (Axle in the midst of a sign)، في إشارة إلى أن البابا “سيكستوس” كان في منتصف نبوءة “مالاشي”، إذ حكم بعد (442 عامًا) من أول بابا ورد اسمه في القائمة، ما يُفترض أن يُشير إلى نهاية العالم بعد (442 عامًا) أخرى، وتحديدًا في عام 2027، بعد (20) شهرًا فقط من وفاة البابا “فرنسيس”.