وصلت لحد التلويح بقطع العلاقات التجارية .. المياه والمخدرات تؤزمان العلاقات بين العراق وإيران !

وصلت لحد التلويح بقطع العلاقات التجارية .. المياه والمخدرات تؤزمان العلاقات بين العراق وإيران !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

من التهريب إلى أزمة المياه.. يُعاني “العراق” من التدخلات الخارجية التي تُهدد بقاؤه، فمؤخرًا اتهم “العراق” من جديد؛ “إيران”، بتغيير مجرى الأنهر إلى داخل حدودها فيما شكل لجنة فنية للتفاوض.

وفي ظل أزمة التغير المناخي التي تطال دول العالم، يقول خبراء إن “العراق” هو من بين الدول الأكثر هشاشة أمام التغير المناخي الذي دق العالم بسببه ناقوس الخطر، هذه الهشاشة تجلت بوضوح في الأشهر الأخيرة، حين مرت على “العراق” عواصف رملية متتالية مع شُحة في سقوط الأمطار وجفاف الأنهر.

المسؤولون العراقيون يرون أن جزءًا من هذه الأزمة سببه “تركيا” و”إيران”، اللتان يتحكمان بكميات المياه التي تدخل “العراق”.

تغيير “إيران” لمجرى الأنهر..

قال “عيسى الفياض”؛ مدير عام الدائرة الفنية في “وزارة البيئة”، إن المشكلة تم تشخيصها منذ سنوات عندما بنت “تركيا” سدًا قلت بسببه نسبة المياه الواصلة إلى “العراق”.

مصدر الصورة: رويترز

موضحًا “الفياض” إنه رغم هذا فـ”تركيا” ليست المشكلة الكبيرة، معتبرًا أن “إيران” التي غيرت مجرى الأنهر ومنعت مياهها من الوصول إلى “العراق”، هي السبب الأساس في النقص الحاصل؛ الأمر الذي أثر على العديد من القطاعات بضمنها الزراعة.

“الفياض” أكد أن ما تقوم به “إيران” مخالف للاتفاقات الدولية، فيما كشف عن قيام “العراق” بتشكيل لجنة من مختلف الوزارات ذات الاختصاص تأخذ على عاتقها ملف المياه والتغير المناخي والتفاوض مع الدول.

لا حل قريب للأزمة..

من جهته؛ قال “أحمد حمدان الجشعمي”، من تجمع “حماية البيئة والتنوع الأحيائي”؛ لـ (يورونيوز)، إن: “على العراق الإسراع في بناء السدود والاستفادة من الجريان الدائم للأنهر”.

“الجشعمي” أكد أيضًا وجوب الاستفادة من مياه الأودية الجافة التي تسيل شتاءً لغرض الرعي والزراعة، مشددًا في ذات الوقت على ضرورة قيام “العراق” بحملة كبيرة لزراعة ملايين الأشجار وإنشاء الأحزمة الخضراء، وهذا ما استبعده “عيسى الفياض”؛ الذي قال إنه لا حل قريب بهذا الخصوص.

الخبير البيئي؛ أكد أن بسبب وجود قوانين رادعة فإن استمرار تجريف الأراضي والبساتين وقلع الأشجار والقتل العمد لأغلب الكائنات الحية يُزيد من التغير المناخي في “العراق”.

تهديد بقطع العلاقات التجارية والاقتصادية..

ومع تفاقم الأزمة؛ هدد النائب الأول لرئيس “مجلس النواب” العراقي بقطع العلاقات التجارية والاقتصادية مع “تركيا” و”إيران”، بسبب قطعهما المياه عن “العراق”، ما أدى إلى انخفاض كبير بمنسوب المياه في نهري “دجلة” و”الفرات”.

وقال “حاكم الزاملي”؛ إن “البرلمان العراقي” ربما لن يكون أمامه حل آخر للرد به على الجارتين سوى تشريع قانون لتجريم التعاملات التجارية معهما، وأضاف: “لا نُريد أن نُجبر في مجلس النواب على إصدار قانون يُجّرم التجارة والتبادل الاقتصادي مع تركيا وإيران”.

وأوضح المسؤول العراقي أن “تركيا” بدأت قطع المياه عن “العراق”؛ بنسبة: 80%، فيما قطعتها “إيران” كليًّا، أي بنسبة: 100%، موضحًا أن “إيران” غيرت مسار أربعة أنهر كانت تصب من أراضيها باتجاه “العراق”، ليكون حجم المياه الواصلة صفر، أما “تركيا” فتُطلق: 20 بالمئة فقط من المياه ليس حبًا بـ”العراق”، وإنما من أجل إنتاج الكهرباء عبر “سد إليسو”.

كما انتقد “الزاملي”؛ “وزارة الخارجية” العراقية، حيث قال: “ليس من المعقول أن الوزارة لم تُعين لغاية الآن سفيرًا للعراق في تركيا، مكتفية بوضع قائم بالأعمال”، وأضاف: “أن الخارجية العراقية ألغت لجنة المياه في السفارة وهي اللجنة الأهم”.

كما رأى أن الخلافات السياسية، وعدم الإلتزام بالاتفاقيات الدولية بشأن الإطلاقات المائية، وكذلك عدم وجود قوانين من الحكومة تضغط على الدولتين قد تسببت بانقطاع المياه.

ولفت إلى أن جارتي “العراق” تمتلكان اكتفاءً ذاتيًا بمناسيب المياه، لكنهما تُصران على قطعها عن العراق، مهددًا بالرد عبر إيقاف: 20 مليار دولار من الأموال التي يدفعها “العراق” للبلدين كتبادل تجاري.

وتابع أن “بغداد” ستوقف هذه الأموال في حال استمرار قطع المياه، كما ستقوم بدعم المصانع المحلية.

مشكلات أخرى بنهري “دجلة” و”الفرات”..

في سياق متصل؛ أكد وجود مشكلات في نهري “دجلة” و”الفرات” تبدأ من “بغداد” إلى المحافظات الجنوبية، موضحًا أن تجاوزات المواطنين طفت على مجرى النهرين.

ودعا “وزارة الموارد” والجهات الحكومية؛ إلى الضغط على “تركيا” و”إيران” للوصول لصيغة حل تُخرج البلاد من هذه الأزمة.

يُذكر أن ملوحة المياه كانت تسببت في الأعوام الماضية، بتحويل آلاف الهكتارات من الأراضي إلى أراضٍ بور، وبدخول مئة ألف شخص إلى المستشفيات في صيف العام 2018.

وعاش “العراق”؛ خلال الأشهر الماضية، أزمة مياه حادة في عدد من مدنه، بعد انخفاض كميات المياه الواردة من “تركيا” و”إيران” بنسبة كبيرة؛ نتيجة بناء العديد من السدود والمشاريع على منابع نهري “دجلة” و”الفرات”.

وبحسب إحصاءات الحكومة، يستهلك سكان “العراق”، البالغ عددهم: 40 مليون نسمة الآن، 71 مليار متر مكعب من المياه.

في حين سيصل في عام 2035؛ عدد السكان إلى أكثر من: 50 مليونًا، ومن المتوقع أن تنخفض المياه السطحية إلى: 51 مليار متر مكعب سنويًا، بعد إكمال كل المشاريع خارج الحدود.

إنشاء سد ترابي على طول الحدود..

علي الجانب الآخر؛ يُحاول “العراق” منع وإيقاف عمليات التهريب عبر “شط العرب”، بينه وبين “إيران”، والتي تزايدت خلال الأشهر القليلة الماضية، قررت قيادة العمليات المشتركة إنشاء سد ترابي يمتد على طول الحدود “العراقية-الإيرانية” في “شط العرب”.

جاء القرار بعد ورود معلومات من قبل الأجهزة الأمنية العراقية؛ تؤكد ارتفاع معدلات التهريب والدخول غير الشرعي عبر “شط العرب” من الجانب الإيراني إلى “العراق” بشكل كبير خلال الأشهر والأسابيع الماضية، الأمر الذي اضطر أكبر مسؤول عسكري في “العراق”، وهو نائب قيادة العمليات المشتركة؛ الفريق الركن “عبدالأمير الشمري”، إلى زيارة المنطقة الحدودية للإطلاع على ما يحدث.

وخلال زيارته للمنطقة؛ طلب “الشمري” من الأجهزة الأمنية والعسكرية البدء بتشييد سد ترابي على الجانب العراقي من “شط العرب”، وغلق: 183 ممرًا في الشط، وإنشاء عدد من الجسور في الأحوازات التي يبلغ عرضها أكثر من: 20 مترًا.

وأكد “الشمري” ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنهاء حالات التسلل والتهريب، والعمل على ضبط الحدود بالشكل المطلوب بين “العراق” و”إيران”.

وأعلن محافظ البصرة؛ “أسعد العيداني”، عقب لقائه “الشمري” وقادة الأجهزة الأمنية في المحافظة، البدء بإنشاء سد ترابي بطول: 109 كيلومترات على امتداد “شط العرب”، لمنع تسلل المهربين وحماية الحدود مع “إيران” بعد ارتفاع عمليات تهريب المخدرات والممنوعات والسلع عبرها.

ويمتد الشريط الحدودي بين “العراق” و”إيران” إلى نحو: 1430 كيلومترًا، بدءًا من مدينة “البصرة” لينتهي بقمم جبلية عند مدينة “السليمانية”؛ بـ”إقليم كُردستان العراق”، وتقع عليه منافذ حدودية شرعية تنظم العلاقات الاقتصادية والأمنية، وأخرى غير شرعية اشتكت منها “بغداد” لتسببها بتهريب البضائع والسلع منذ سنوات، والتأثير سلبًا في الاقتصاد العراقي.

وتُعد الخطوة التي اتخذتها الحكومة العراقية الأولى من نوعها في هذه الحدود المائية المشتركة بين البلدين؛ منذ العام 2003، وعلى الرغم من الدعوات التي شهدتها السنوات الماضية للسيطرة على هذه الحدود بشكل كامل ومنع التسلل منها، فإنها لم تحظ باهتمام حكومي يُذكر في حينها.

عدم الإلتزام بـ”اتفاق الجزائر”..

تعليقًا على قرار إنشاء السد، قال النائب السابق عن محافظة البصرة؛ “وائل عبداللطيف”، إن القرار خطوة صحيحة لوقف تهريب المخدرات الذي يجري من الأراضي الإيرانية إلى “العراق”، مشيرًا إلى وجود اتفاق مع “إيران” يُعرف باسم: “اتفاق الجزائر”، وفيه ثلاث جوانب هي المياه والوضع الأمني والحدودي، لكن الجانب الإيراني لم يلتزم بها، وقال إن هناك أناسًا موالين لـ”إيران”؛ في الوقت الذي يجب أن يكون ولاؤهم للوطن.

وتسعى “إيران”؛ منذ سقوط نظام “صدام حسين” عام 2003، إلى تغيير مسار خط “التالوك”؛ (خط وسط المجرى الرئيس الصالح للملاحة في شط العرب حتى البحر)، للاستحواذ على منشآت اقتصادية عراقية تقع على ضفته، مستغلة حدوث إنجراف في مجرى القناة الملاحية على حساب أراضي العراق لم تتعامل معه سلطات “بغداد” بجدية منذ أكثر من ثلاثة عقود.

وحدد “اتفاق الجزائر”؛ الذي وقع عام 1975، بين “العراق” و”إيران”، الخط الفاصل بين البلدين في “شط العرب”؛ مثل بقية الحدود المشتركة بين البلدين، لكن تراجع السلطات العراقية عن إعادة العمل به بشكل جدي منذ 2003 وحتى الآن؛ بسبب ضغوط القوى الكُردية والشيعية الصديقة لـ”إيران”، والتي لديها ملاحظات مختلفة حوله، أدى إلى تمدد “إيران” على حساب الأراضي العراقية.

مشكلات أخرى مع “إيران” !

وأوضح “عبداللطيف”؛ أن تهريب المخدرات من “إيران” يمتد من منطقة “رأس البيشة”؛ في “الخليج العربي”، إلى محافظة “ميسان”، مستغلاً الفجوات والأماكن التي لا توجد بها سلطة، ويستخدم المهربون الزوارق في هذه العملية، مؤكدًا أن قرار الفريق “عبدالأمير الشمري”؛ بوضع سد ترابي سليم، لا سيما أنه سيجري وضع بوابات رئيسة تنظم الدخول والخروج.

“عبداللطيف”؛ لفت إلى أن عمليات التهريب تجري على طول خط “شط العرب” من منطقة “البيشة” إلى منطقة “المعقل”، حيث يتم رصد زوارق هناك، وصولاً إلى محافظة “ميسان”، بالتعاون مع عراقيين، مبينًا أن خط الحدود مع “إيران” هو أطول خط حدودي لـ”العراق” مع دول الجوار؛ وهو غير مؤمن، وتم تدمير البلد بسببه، مضيفًا أن المشكلات مع “إيران” لا تتعلق بقضية التهريب وحسب، وإنما بمشكلات أخرى مثل دخول الزائرين عبر الحدود بأعداد كبيرة من دون موافقة الدخول؛ كما حدث خلال السنوات السابقة.

تحد من التهريب ولا تمنعه !

المتخصص في الشؤون الأمنية؛ “أعياد الطوفان”، قال إن المنظومات التي تضعها الأجهزة الأمنية لا تقطع ولا تمنع التهريب بل تحد منه، موضحًا أن: “العصابات تُجني من خلال تهريب المخدرات ملايين الدولارات”، وأشار إلى أن: “العراق كان بلد ممر فتحول إلى بلد متعاطٍ بعد أن تفشت ظاهرة الإدمان في البلاد”.

وبيّن “الطوفان” أن هذه الظاهرة خطرة وتجري محاولة القضاء عليها من خلال المجتمع والأجهزة الأمنية من شيوخ العشائر والمواطنين والأجهزة الأمنية، لافتًا إلى أن ما يجري من تهريب مقدم لجرائم أخرى، فمن يقوم بتهريب المخدرات يمكن أن يُهرب الخمور والأعضاء البشرية.

وينص “اتفاق الجزائر”؛ الموقع بين “العراق” و”إيران”، على إجراء تخطيط نهائي لحدودهما البرية بناءً على “بروتوكول القسطنطينية” لسنة 1913، ومحاضر لجنة تحديد الحدود لسنة 1914، وتحديد حدودهما البرية بحسب خط “التالوك”.

ويتضمن الاتفاق أيضًا اللجوء إلى التحكيم الدولي بين البلدين حال الاختلاف في التفسيرات حول خط الحدود “العراقية-الإيرانية”، إذا لم يجر الاتفاق بين الطرفين، أو عند اللجوء إلى دولة أخرى كوسيط وسط أطر زمنية حددها الاتفاق.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة