خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في قرار وصفه الرئيس الأميركي السابق، “دونالد ترامب”، بأنه: “وصمة عار وإحراج لبلدنا”، أيد المجلس الرقابي في شبكة (فيس بوك)؛ حظر حسابه على موقعي (فيس بوك) و(إنستغرام).
لكن المجلس انتقد طبيعة العقوبة، مرجحًا أنها تتجاوز نطاق: “العقوبات العادية”، التي تنتهجها الشركة.
وطلب المجلس، من (فيس بوك)؛ مراجعة قراره: “وتبرير الاستجابة المتناسبة مع الحدث”، والتي يمكن تطبيقها على أي مستخدم عادي.
وقال “ترامب”، في بيان؛ إنه: “تم سلب رئيس الولايات المتحدة؛ حرية التعبير؛ لأن المجانين اليساريين الراديكاليين يخافون من الحقيقة، لكن الحقيقة ستظهر على أي حال وبشكل أكبر وأقوى من أي وقت مضى”.
وأضاف أنه: “يجب على شركات وسائل التواصل الاجتماعي الفاسدة هذه؛ أن تدفع ثمنًا سياسيًا، ويجب ألا يُسمح لها مرة أخرى بتدمير وتقويض عمليتنا الانتخابية”.
وكانت شركة “فيس بوك” قد أوقفت حساب الرئيس الأميركي السابق؛ على موقعي: (فيس بوك) و(إنستغرام)، في كانون ثان/يناير الماضي، عقب أحداث الشغب التي شهدها مقر “الكونغرس” الأميركي.
وقال المجلس الرقابي؛ إن قرار “فيس بوك” الأولي، بحظر حسابات “ترامب” بشكل دائم؛ كان: “غير محدد وبلا معايير”، مرجحًا أن الاستجابة الصحيحة لما حدث؛ لا بد أن تأتي: “متسقة مع القواعد المطبقة على المستخدمين الآخرين للمنصة”.
وطلب من إدارة موقع (فيس بوك)؛ أن ترد على توصياته، خلال ستة أشهر من صدورها.
مطالب بمعاملة المستخدمين بالتساوي..
عضوة المجلس، “هيلي ثروننغ شميدت”، من جهتها، اعترفت بأنّ اللجنة الرقابية: “لم تجد إجابات سهلة”؛ على ما لديها من تساؤلات، مضيفة أنها تشعر بأن (فيس بوك)؛ سوف: “يُقدر القرار” الذي توصلوا إليه.
وتابعت: “نقول لـ (فيس بوك)؛ أن عليه مراجعة ما حدث، وأن يكون أكثر شفافية أثناء تقييم مواقف مماثلة، وأن يعامل جميع المستخدمين على قدم المساواة، وألا يطبق عقوبات تعسفية”.
في المقابل، قال (فيس بوك): “سوف ندرس قرار المجلس، ونتخذ إجراءً واضحًا ومناسبًا”.
كما أصدر المجلس توصيات تتناول كيفية تحسين (فيس بوك) سياساته، ما ردت عليه الشركة بالقول؛ إنها سوف: “تراجع بعناية”؛ تلك التوصيات.
وكان من المقرر أن يُصدر المجلس قراره، الشهر الماضي، ولكن كان عليه مراجعة 9 آلاف حالة من استجابات (فيس بوك) العامة لحالات مماثلة.
محكمة “فيس بوك” العُليا..
جدير بالذكر أن “مجلس الرقابة على فيس بوك”، الذي يُشار إليه أيضًا: بـ”محكمة فيس بوك العُليا”، هو لجنة شكلها، “مارك زوكربرغ”، لكنها تعمل كهيئة مستقلة.
وتتكفل شركة “فيس بوك”؛ بأجور وتكلفة تشغيل المجلس، المؤلف من: صحافيين، ونشطاء حقوقيين، ومشرعين، وأكاديميين.
إطلاق موقع إلكتروني جديد للتواصل..
وأمس، أطلق “دونالد ترامب”؛ موقعًا إلكترونيًا جديدًا: “للتواصل”، يقول إنه سينشر فيه محتوى: “مباشرة من مكتب” الرئيس الأميركي السابق.
وسيتمكن المستخدمون، من خلال الموقع الإلكتروني الجديد؛ من إبداء الإعجاب بالمنشورات، وكذلك مشاركتها على حسابات: (تويتر) و(فيس بوك).
وكان “غيسون ميللر”، كبير مستشاري، “ترامب”، قد قال، في وقت سابق؛ إنه سيتم إطلاق منصة جديدة للتواصل الاجتماعي. وقال؛ في آذار/مارس 2021: “هذه المنصة الجديدة ستكون كبيرة”.
لكن “ميللر”، غرد الثلاثاء؛ على موقع (تويتر)؛ بأن الموقع الجديد لم يكن منصة التواصل الاجتماعي التي كان يروّج لها من قبل.
وقال: “ستكون لدينا معلومات إضافية جديدة على تلك الواجهة في المستقبل القريب جدًا”.
ويُذكر أن الموقع الإلكتروني الجديد أنشأته، شركة “كامبين نيوكليس-” Campaign Nucleus، وهي شركة خدمات رقمية أنشأها، “براد بارسكالي”، مدير حملة “ترامب” الانتخابية السابق.
ونُشرت على الموقع الجديد؛ منشورات عدة كررت الإدعاءات الكاذبة بأن الانتخابات الرئاسية، العام الماضي، كانت مزورة.
وستبقى حساباته على: (فيس بوك) و(إنستغرام)؛ محظورة إلى حين صدور رد رسمي نهائي، من (فيس بوك)، على قرار المجلس، في غضون ستة أشهر على الأكثر.
ولم يعترض المجلس الرقابي، على قرار (فيس بوك) حظر حسابات، “دونالد ترامب”، من حيث المبدأ، إذ أنه يعترف بأن الرئيس السابق خرق قواعد استخدام المنصة.
لكنه تحفظ على كون العقوبة جاءت على خلاف القواعد والمعايير الخاصة بـ (فيس بوك)؛ في العقوبات المعتادة، إذ: “لا يسمح بحظر حساب أي مستخدم لأجل غير مسمى”، عادة.
يجذر لوجهة النظر اليمينية حول وسائل التواصل..
ونشرت صحيفة (الغارديان)؛ مقالاً تحليليًا، كتبه “ديفيد سميث”، من “واشنطن”؛ يقول فيه إن قرار (فيس بوك) سيفتح الباب لعودة “ترامب” مستقبلاً.
ويرى “ديفيد” أن استمرار المنع سيغذي أفكار اليمين؛ بأن وسائل الإعلام الكبيرة ووسائل التواصل الاجتماعي تفرض الرقابة على الأصوات المحافظة، ومنها ما يردده، “ترامب”، على أنصاره؛ بأن هذه الوسائل تمنع أصواتهم.
وسيؤدي إعلان استمرار المنع أيضًا، حسب الكاتب، بأنصار “ترامب”؛ إلى تصنيف وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بأنها عدوة لحرية التعبير.
ويتوقع “ديفيد” أن يعود “ترامب”، إلى (فيس بوك) على المدى الطويل؛ لتحضير انتخابات 2024، إما مرشحًا أو داعمًا لأحد المرشحين.
ويرى أيضًا أن العودة إلى (فيس بوك) أقل أهمية بالنسبة لـ”ترامب”، فهو ممنوع أيضًا من (تويتر)؛ وهو وسيلته المفضلة في التعبير. ولكن (فيس بوك) كان أكثر تأثيرًا في حملته الانتخابية. فقد وفر له الفضاء لجمع الدعم المالي ولحشد أنصاره ونشر المعلومات الكاذبة عن منافسيه.
ويُشير الكاتب إلى أن “ترامب”؛ أنفق 160 مليون دولار، على (فيس بوك)، في حملته الانتخابية، أما منافسه، “جو بايدن”، فأنفق 117 مليون دولار.
رفع الحظر يحمل رهانات كبيرة !
ويضيف الكاتب؛ أن رفع الحظر، عن الرئيس الأميركي السابق؛ يحمل رهانات كبيرة. فقد منع لأنه كتب على (فيس بوك) يُمجد مثيري الشغب الذين اقتحموا مقر “الكونغرس”؛ وهددوا بقتل نائبه، “مايك بنس”. ولا يزال يصف، انتخابات 2020 الرئاسية؛ بأنها كذبة كبيرة، ويحرض أنصاره لاستخدام هذا الوصف.
وقد أرسل هذه التعليقات، بالبريد الإلكتروني فقط، ولكن لو أتيحت له الفرصة لترديد كلامه، على (فيس بوك)، لانتشر انتشارًا واسعًا.
ويُحذر الكاتب؛ من أن غياب “ترامب”، عن مواقع التواصل الاجتماعي؛ قد يوهم الناس بأن الخطر زال تمامًا من المجتمع، في حين أنه موجود من دون “ترامب”. والواقع أنه لا يمكن القضاء على الفكرة، حتى لو كانت خاطئة. والمطلوب منا هو التعايش معها.
مخاطر تهدد “حرية التعبير“..
ونشرت صحيفة (ديلي تلغراف) مقالاً كتبه، “إيان موري”، يرى فيه أن قرار (فيس بوك) استمرار منع “ترامب”؛ يُنذر بمخاطر تهدد حرية التعبير.
وعلى الرغم من أن (فيس بوك) سيراجع قراره في غضون ستة أشهر، فإن أنصار الرئيس الأميركي السابق؛ يجدون المدة طويلة قد تجعل “ترامب”، يقع في المزيد من المشاكل التي قد تؤدي إلى توسيع الحظر، خاصة أن “ترامب” أنشأ موقعًا إلكترونيًا خاصًا به.
ويخشى الكاتب من أن حرية التعبير أصبحت، اليوم، بيد مجموعة من اليساريين، في “وادي السليكون”، بـ”كاليفورنيا”.
ويرى أنه؛ بالنسبة لمن ينتصرون لحرية التعبير وحرية الصحافة، فإن المؤشرات تُنذر بالخطر. فمهما كان رأينا في “ترامب”، فإن محاولة إسكاته، وهو الذي كان أقوى رجل على الأرض، تُثير المخاوف على حرية التعبير.