خاص : ترجمة – محمد بناية :
لم تتكشف نسبيًا كواليس لقاء وزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف”، مع نظيره الألماني، “هايكو ماس”، خلال المؤتمر الصحافي الذي جمع الطرفان.
والحقيقة؛ جاء الحديث خارج، إلى حد ما، عن الأطر الدبلوماسية، لا سيما حيث تعرض وزير الخارجية الألماني لمسألة التدخل الإيراني في المنطقة، والإجابة على هذه التصريحات كأنما تؤشر إلى أننا أصحاب نفوذ في المنطقة؛ وأن هذا النفوذ كان مكلفًا بالنسبة لنا.
من ثم نحن لدينا نفوذ في “العراق” و”سوريا” و”لبنان” و”اليمن”، تمامًا كالنفوذ السعودي في “الإمارات” وسائر دول الخليج الأخرى، أو القواعد الأميركية في “قطر” و”البحرين”. وبالتالي فإننا نتمتع كذلك بالنفوذ في المنطقة، ولقد كانت مناطق نفوذنا السياسية مكلفة جدًا؛ وهو ما يمكن أن نعتبره أداة مؤثرة بين أيدينا نستفيد منها إذا تقرر يومًا أن نجلس إلى طاولة المفاوضات. ونحن باعتبارنا دولة قوية بالمنطقة؛ فإن لدينا نفوذ دبلوماسي كما سائر الدول الأخرى. بحسب “علي بيكدلي”، في أحدث تحليلاته المنشورة بصحيفة (آرمان) الإيرانية الإصلاحية.
الفارق بين اليابان وألمانيا !
أما القضية الأخرى، بالنسبة للوزير “جواد ظريف”، والمتعلقة باتفاقية (إينستكس) فلم يُلتفت إليها بشكل كبير؛ وكأن الحديث دار حول هذا الموضوع في لقاء خاص.
في حين كان من الأفضل أن نكشف عما دار في الكواليس أمام الصحافة والإعلام حتى نلزم “الاتحاد الأوروبي”، وبخاصة دول “بريطانيا وفرنسا وألمانيا”، بتطبيق تعهداتها المنصوص عليها في “الاتفاق النووي”.
وثمة فرق واضح بين، “شينزو آبي”، رئيس وزراء اليابان، و”هايكو ماس”، وزير خارجية ألمانيا، إنطلاقًا من قوة “اليابان” وعلاقاتها الوطيدة مع “إيران” و”الولايات المتحدة”.
ورغم أن “بنيامين نتانياهو”، رئيس وزراء الكيان الصهيوني، كان قد تحدث في وقت سابق مع نظيره الياباني، إلا أن الأخير قام بزيارة “طهران” كوسيط. والحقيقة أن موضوع العلاقات “الإيرانية-اليابانية” طُرح للعلن عقب زيارة الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، إلى العاصمة، “طوكيو”.
مدى أهمية المباحثات مع إيران بالنسبة لـ”ترامب”..
فلقد فشلت السياسات الأميركية حيال “إيران” و”كوريا الشمالية” و”فنزويلا”، ومن ثم يتطلع “ترامب” للوصول إلى نفطة اتفاق مع “إيران” حتى يتمكن من استغلال هذه المسألة في انتخابات 2020.
وتختلف “إيران”، عن “كوريا الشمالية” و”فنزويلا”، من المنظور الجيوإستراتيجي، وهي على جانب كبير من الأهمية. إذ تحظى “إيران” بموقع حساس نتيجة الموقع الجغرافي القريب من الدول العربية، ولو يستطيع “ترامب” سحب “إيران” إلى طاولة المباحثات؛ فسيكون قد حقق نجاحًا كبيرًا في السياسة الخارجية، وبالتالي سيكون لذلكم الأثر تأثير كبير على انتخابات الدورة الثانية، لكن لم يتضح بعد إلى أي مدى قد ينجح، “شيزو آبي”، ومدى تقبل المسؤولين الإيرانيين لتلكم الوساطة.
كيفية استغلال الوساطة اليابانية..
أما الملاحظة الأخرى، والتي تنطوي على جانب تخيلي إلى حد كبير، هي أن “ألمانيا” و”اليابان” قد تجرعتا سموم الهجمات العسكرية الأميركية، إبان الحرب العالمية الثانية، وربما لذلك يتوافد مندوبي البلدين على “طهران” بشكل رمزي.
لكن لا يجب أن نستصغر “اليابان” إلى درجة تصنيفها كإحدى الولايات الأميركية، لأن “اليابان” تتمتع بشعبية دولية؛ ناهيك عن علاقتها مع “إيران”، كما أنها مشتري شعبي لـ”النفط الإيراني”، لكن في الوقت نفسه لا يمكن القول بثقة إن زيارة “شينزو آبي” سوف تكلل بالنجاح.
ونحن على حق؛ وبخاصة في المرحلة الحالية، حيث إستبقت الإدارة الأميركية زيارات وزير الخارجية الألماني ورئيس الوزراء الياباني، إلى “إيران”، بفرض عقوبات جديدة على “قطاعات البتروكيماويات”، في حين لم يكن يتعين على “ترامب” الإقدام على هكذا خطوة.
لكن على الأقل بمقدور مسؤولينا تقديم مجموعة من المقترحات أثناء اللقاء مع “شينزو آبي”، فإن بمقدورنا، في إطار الترحيب به في “إيران”، أن نطلب إليه إخطار “الولايات المتحدة” بشروط التفاوض من مثل عودة “الولايات المتحدة” إلى “الاتفاق النووي”؛ وإن بدت مسألة مستحيلة في ضوء الوضع الراهن، كما يمكن، بحسب تصريحات الدكتور، “حسن روحاني”، رئيس الجمهورية، إلغاء “العقوبات الأميركية” على القطاعات “المصرفية” و”النفطية” الإيرانية؛ وهو أمر مقبول بالنسبة لنا.
والحقيقة من غير المعلوم أي الأبواب المغلقة يواجه “شينزو آبي”، وربما من المتعجل إبداء رأي في تلك المسألة.