خاص : كتبت – نشوى الحفني :
بدا عدم اعتراف الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، يسبب إزعاجًا داخل الأوساط السياسية الأميركية؛ بل بدأ الأمر في اتجاهه لإشعال أزمة قد تضر بالأمن القومي للبلاد، لهذا حذرت مجموعة من أكثر من 150 من مسؤولي الأمن القومي السابقين، الذين خدموا في عهد “ترامب” والإدارات الجمهورية والديمقراطية السابقة، من أن تأخر الحكومة في الاعتراف بـ”جو بايدن”، كرئيس منتخب، يشكل خطرًا جسيمًا على الأمن القومي.
وفي خطاب أُرسِل إلى إدارة الخدمات العامة، أمس الخميس، حث المسؤولون السابقون، الوكالة، على تسمية “جو بايدن” و”كامالا هاريس”؛ رسميًا كرئيس منتخب ونائب الرئيس المنتخب، حتى يتمكنوا من الوصول إلى المعلومات اللازمة لمعالجة قضايا الأمن القومي الملحة، مثل الإحاطة اليومية للرئيس والقرارات المعلقة بشأن الاستخدامات المحتملة للقوة العسكرية.
ومن بين المسؤولين الذين وقعوا الرسالة، وزير الدفاع السابق، “تشاك هاغل”، والمدير السابق لوكالة المخابرات المركزية ووكالة الأمن القومي، الجنرال “مايكل هايدن”، والجنرال المتقاعد، “ويسلي كلارك”، والنائب السابق لمدير وكالة الأمن القومي، “كريس إنغليس”، والسفيرة السابقة للأمم المتحدة، “سامانثا باور”.
وإضافة إلى العديد من مسؤولي الأمن القومي والدبلوماسيين السابقين في إدارة “ترامب”، بما في ذلك السفير الأميركي السابق في العراق، “دوغ سيليمان”، مدير أول سابق في مكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي، “غافيد علي”، مساعد وزيرة الخارجية السابقة لشؤون مكافحة الإرهاب، “إليزابيث نيومان”، نائب مساعد وزير الأمن الوطني السابق لسياسة مكافحة الإرهاب، “توم واريك”، والسفير الأميركي السابق لدى المملكة المتحدة، “لويس لوكنز”.
وبحسب القانون الأميركي، يتعين على مديرة إدارة الخدمات العامة، “إميلي ميرفي”، المعينة من قِبل “ترامب”، أن تعترف رسميًا بـ”بايدن” رئيسًا منتخبًا قبل أن يُسمح لفريقه الانتقالي بالتعامل مع الوكالات التي سيحتاج إلى مراجعتها، والتي تشمل جهاز الأمن القومي.
ومع استعداد، “جو بايدن”، لدخول “البيت الأبيض”، في أعقاب فوزه بانتخابات الرئاسة، الأسبوع الماضي، يبدو أن الرئيس المنتخب يواجه عقبات تضعها في طريقه إدارة الرئيس الحالي.
احتجاز الرسائل ومنع الإطلاع على التقارير الاستخبارية..
ولا يتوقف الأمر عند عدم الاعتراف بفوز “بايدن” فقط، وإنما طال الأمور أكثر من ذلك، فذكرت شبكة (سي. إن. إن) الإخبارية الأميركية؛ إن إدارة الرئيس “ترامب” تمنع “بايدن” من الإطلاع على عدد كبير من الرسائل التي بعثها إليه زعماء العالم.
ونقلت الشبكة عن مسؤولين في “وزارة الخارجية” الأميركية، أن الرسائل لا تزال محتجزة في الوزارة، ولن يكون بمقدور الرئيس المنتخب قراءتها حتى تسمح الإدارة الحالية بذلك.
هذا التطور يأتي بعد يوم واحد من تقرير أشار إلى أن إدارة “ترامب” تمنع “بايدن” من الإطلاع على التقارير الاستخبارية، التي يحصل عليها عادة الرؤساء المنتخبون خلال الفترة الانتقالية.
وجرى العرف في الولايات المتحدة، أن تتولى “وزارة الخارجية” مساندة الرئيس المنتخب في الاتصالات الخارجية، فتتلقى رسائل دولية ثم ترسلها إليه بدورها.
ولذلك عمدت العديد من دول العالم إلى توجيه الرسائل إلى الوزارة في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، غير أنها لم تتزحزح من مكانها.
وبسبب خطوات إدارة “ترامب”، لجأ فريق “بايدن” إلى إجراء اتصالات بصورة منفردة مع الحكومات الأجنبية، فيما أجرى الرئيس المنتخب مكالمات شخصية مع قادة أجانب.
وتحدث “بايدن” مع رئيس الوزراء الكندي، “غاستن ترودو”، والمستشارة الألمانية، “أنغيلا ميركل”، ورئيس الوزراء البريطاني، “بوريس غونسون”.
وتمت اتصالات فريق “بايدن” الدولي من دون الدعم اللوجيستي والترجمة، التي توفرها وزارة الخارجية للرؤساء المنتخبين في الولايات المتحدة.
وقال مصدر مطلع على المسألة: “إنهم (فريق بايدن) يفضلون الاستعانة بموارد وزارة الخارجية”، وأضاف أنه: “بات يتعين على فريق بايدن التعامل مع تحد غير متوقع، وهو تأمين الاتصالات الدولية”.
انتقال سلس لإدارة “ترامب”..
ولم يقتصر الأمر على حرمان “بايدن” من تلقي الرسائل والمساعدة في “وزارة الخارجية”، إذ يرفض الوزير، “مايك بومبيو”، الاعتراف بفوز “بايدن”، على غرار ما يفعله “ترامب”.
وقال “بومبيو”، في تصريح أثار الجدل: “سيكون انتقال سلس لولاية ثانية لإدارة ترامب”.
ويقول موقع “وزارة الخارجية” الأميركية على الإنترنت؛ إن الفترة الانتقالية التي تبلغ 75 يومًا، تُطلع فيها الإدارة المنتهية ولايتها، الإدارة الجديدة، على العديد من الملفات الحساسة، مثل الأمن القومي والسياسية الخارجية، وهذا يمكن الرئيس المنتخب من اتخاذ قرارات مبنية على معرفة جيدة.
لكن يبدو أن “دونالد ترامب” عازم على تعقيد المرحلة الانتقالية أمام “بايدن”، لجعل بداية ولايته أمرًا صعبًا، غير أن المرشح الفائز شدد على أن خطوات “ترامب” لن تجدي نفعًا.
مواصلة “ترامب” انتقاده لعملية فرز الأصوات..
وواصل “ترامب”، أمس الخميس، توجيه أسهم النقد لعملية فرز أصوات الانتخابات الرئاسية، وذلك في سلسلة تغريدات نشرها على حسابه الرسمي في (تويتر).
وقال “ترامب”، في التغريدة الأولى: “لماذا استغرقت عملية الفرز وقتًا طويلاً في ولاية كارولاينا الشمالية ؟ هل يبحثون عن المزيد من بطاقات الاقتراع لترميم ذلك أيضًا ؟ الآن مع إعادة الفرز، سنفوز بجورجيا أيضًا”.
وأضاف: “لن تسمح ولاية بنسلفانيا وميشيغان لمراقبينا بدخول غرف الفرز. هذا الأمر غير شرعي !”.
وفي تغريدة ثانية، ذكر الرئيس: “حسنًا، لقد رأيت ما يكفي. ماذا سيحدث لهؤلاء الرجال (أندرو ماكابي وجيمس كومي وعصابة البلطجة الخائنة) ؟”.
وكان “مكابي”؛ مديرًا لمكتب التحقيقات الفيدرالي، قبل تقديم استقالته لـ”ترامب”، في آب/أغسطس عام 2017، بينما أقال “ترامب” سلفه، “كومي”، في آيار/مايو من نفس العام.
أما التغريدة الثالثة، فأشار فيها “ترامب” إلى تقرير يقول إنه جرى: “حذف 2.7 مليون صوت لصالح ترامب على الصعيد الوطني.. التقرير يكشف أن 221000 صوتًا في بنسلفانيا تم تحويلها من ترامب إلى بايدن”.
ويتحدث “ترامب”، في هذه التغريدة؛ عن برنامج التصويت “Dominion” الذي استخدم في عملية جمع وإحصاء أصوات الناخبين في بعض الولايات.
وقالت تقارير إعلامية إن البرنامج تسبب في تحويل الأصوات التي حصل عليها “ترامب” لصالح منافسه “بايدن”.
ونفت الشركة الأميركية المصنعة لهذا البرنامج؛ هذه الإدعاءات وقالت، في وقت سابق، إنه لا أساس لها من الصحة. كما وضع موقع (تويتر) علامة: “تحذير”؛ على تغريدة “ترامب” الأخيرة واعتبرها: “ربما مضللة”.
فتح التحقيق في المخالفات الانتخابية..
في سياق متصل، سمح المدعي العام الأميركي، “وليام بار”، للمدعين الفيدراليين، البدء في التحقيق في المخالفات الانتخابية، وهي خطوة دفعت رئيس وحدة جرائم الانتخابات في “وزارة العدل” إلى التنحي عن منصبه.
ومن خلال ما يحدث، تشير كل الدلائل إلى أن “ترامب” سيلجأ إلى كافة الحيل القانونية للبقاء في السلطة، مع استمرار إصراره على رفض نتيجة الانتخابات الرئاسية والتشكيك في فوز “بايدن” بها.
وتجتمع الهيئة الانتخابية، في 14 كانون أول/ديسمبر المقبل، للإدلاء بصوتها بشأن منصب الرئيس، وتستخدم كل ولاية تقريبًا التصويت الشعبي لاختيار ناخبيها.
تعيين الناخبين..
وتجاوز “بايدن” أكثر من 270 صوتًا انتخابيًا في “المجمع الانتخابي”، وهو ما يحتاجه ليصبح رئيسًا.
إلا أن هناك نظرية قانونية طرحها الجمهوريون قبل الانتخابات، مفادها أن المجالس التشريعية الصديقة لحزبهم، في ولايات مثل: “ميشيغن وويسكونسن وبنسلفانيا”، يمكن أن تتجاهل التصويت الشعبي في ولاياتها وتعين ناخبيها، وفقًا لتقرير صحيفة (غارديان) البريطانية.
ويسمح القانون الفيدرالي للمشرعين بالقيام بذلك، إذا: “فشلت الولايات في اتخاذ قرار” بحلول يوم اجتماع الهيئة الانتخابية، لكن لا يوجد دليل على إرتكاب مخالفات في أي ولاية.
فيما قال أستاذ القانون، “ريتشارد هاسن”، إنه: “ليس هناك أي مسار دستوري معقول لترامب للمضي قدمًا للبقاء رئيسًا، باستثناء أدلة جديدة على فشل هائل في نظام الانتخابات في ولايات متعددة”.
قد يتسبب في احتجاجات شديدة..
المتخصصون في الانتخابات يرون أن محاولة استخدام المجالس التشريعية للولاية للإلتفاف على أصوات الناخبين، ربما يتسبب في احتجاجات شديدة، وأزمة حقيقية للديمقراطية في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
وقال أستاذ القانون في جامعة نيويورك، “ريتشارد بيلدس”، إن: “المفارقة أو المأساة، هي أننا نجحنا في إجراء انتخابات سلسة للغاية، مع إقبال قياسي في ظل ظروف صعبة للغاية، ومع ذلك فإن جزءًا كبيرًا من مؤيدي ترامب مقتنعون الآن بأن العملية كانت معيبة”.
مساع لمنع التصديق على النتائج..
وتسعى حملة “ترامب” إلى منع المسؤولين من التصديق على النتائج في “بنسلفانيا وميتشيغن” على الأقل، ولكل ولاية مواعيد نهائية خاصة بها للتصديق على نتائج الانتخابات، التي يتم استخدامها بعد ذلك لتخصيص أصوات الهيئة الانتخابية الخاصة بها.
والجدول الزمني للمصادقة على النتائج مهم، لأن القانون الفيدرالي ينص على أنه: “في حال الإنتهاء من نتائج الانتخابات، بحلول 8 كانون أول/ديسمبر من هذا العام، تكون النتيجة حاسمة”.
وقد تسعى حملة “ترامب” إلى تجاوز الموعد النهائي من خلال تأجيل العملية، وإيجاد مساحة أكبر للمناورة.
وقال “ريتشارد بيلدس”، أستاذ القانون في جامعة “نيويورك”، إنه: “حتى لو كان هذا هو أمل حملة ترامب، فمن غير المرجح أن تتدخل المحاكم”، مشيرًا إلى أن الولايات: “ستبدأ في التصديق على الأصوات في أقل من 10 أيام، ولا يوجد أساس في الدعاوى المقدمة حتى الآن للمحاكم لوقف هذه العملية”.
عائق “حكام” الولايات..
كما أن هناك عوائق أخرى يواجهها “ترامب”؛ أهمها حكام الولايات، ففي “ميشيغن وويسكونسن وبنسلفانيا ونيفادا”، وهي ولايات حاسمة، حكام ديمقراطيون يرفضون الرضوخ للهيئات التشريعية التي يقودها الجمهوريون.
ويقول الخبراء إن القائمة التي يدعمها حاكم الولاية هي القائمة الصحيحة من الناحية القانونية.
وبغض النظر عن طول النزاع، يحدد الدستور موعدًا نهائيًا واحدًا حتى إذا كان العد مستمرًا، حيث تنتهي فترتا الرئيس ونائبه ظهر، يوم 20 كانون ثان/يناير.
وفي هذه المرحلة إذا لم تكن هناك نتيجة نهائية في السباق، فإن رئيسة مجلس النواب، على الأرجح، “نانسي بيلوسي”، ستصبح رئيسة بالنيابة.