خاص : كتبت – نشوى الحفني :
مع اقتراب العملية العسكرية التي سيشنها “الجيش السوري” في “إدلب” وسط هواجس مرتبطة بالأوضاع الإنسانية، خصوصًا أنها تحتضن أكثر من 2.5 مليون مواطن. وبوجود مقاتلين يصل تعدادهم إلى عشرات الآلاف من مختلف الفصائل، مما يرجح أن تصبح المعارك أكثر عنفًا بما أنه لن يكون لدى هؤلاء أي منفذ بإتجاه مناطق سورية أخرى، لأنها المعقل الرئيس الأخير لمسلحي “جبهة النصرة” وأخواتها، وكذلك المعارضة المسلحة المناهضة للحكومة في سوريا.
مخاوف أميركية على مصير “جبهة النصرة”..
وتباكى وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، على المصير الذي ينتظر “جبهة النصرة”، وأعرب لنظيره الروسي، “سيرغي لافروف”، عن قلقه بشأن النشاط العسكري المحتمل في محافظة “إدلب” السورية.
وأعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، “هيذر نويرت”، أن وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، قد أعرب، يوم الخميس الماضي، في حديث هاتفي مع وزير الخارجية الروسي، “سيرغي لافروف”، عن قلقه بشأن احتمال القيام بعمليات عسكرية في محافظة “إدلب” السورية، التي تهيمن عليها “هيئة تحرير الشام” أي “النصرة” سابقًا.
وقالت “نويرت”: “ناقش (بومبيو) التحديات في سوريا، وأعرب عن قلق الولايات المتحدة الشديد بشأن الإجراءات العسكرية المحتملة في إدلب”.
محاولات لتحميل النظام السوري استخدام الكيماوي..
وأضافت؛ أن “بومبيو”، دعا “لافروف” أيضًا لدعم جهود منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأطراف الأخرى “لتحميل السلطات السورية المسؤولية عن استخدام الأسلحة الكيميائية”.
وتنفي السلطات السورية بشكل قاطع استخدام الأسلحة الكيميائية.
إعلان النفير العام ورفع الجاهزية الكاملة..
وردًا على التهديدات المتصاعدة لقوات “الأسد” باقتراب الهجوم على مناطق المعارضة في محافظة “إدلب”، عبر الحشد العسكري والإعلامي من شبكات وإعلاميين موالين للنظام، أعلنت “الجبهة الوطنية للتحرير” النفير العام ورفع الجاهزية الكاملة، لمواجهة تهديدات قوات “الأسد”، والتصدي لـ”الخطر” المحيط للمحافظة.
وقالت “الجبهة”، في بيان لها، الجمعة 24 من آب/أغسطس 2018، “نَحمل ما يصدر عن النظام المجرم وأعوانه من تهديدات وتلميحات باقتراب معركة إدلب على محمل الجد (…) وندعو جميع الفصائل والتشكيلات في المنطقة أن يفعلوا كذلك”.
وتشكلت “الجبهة” نهاية، تموز/يونيو الماضي، من إندماج كبرى الفصائل العسكرية في المنطقة، عدا “هيئة تحرير الشام”، وتتلقى دعمًا من “تركيا”.
“الجبهة” قالت إن مصير المنطقة “أضحى أخطر بكثير من أي تهاون أو مزايدة”، في إشارة إلى التحركات الداخلية والدولية والتصريحات الصادرة عن الأطراف المعنية بالملف السوري.
وفيما يتعلق بالجاهزية العسكرية، أكد البيان على أن مقاتلي “الجبهة الوطنية للتحرير” أعدوا العُدة والخطط العسكرية اللازمة لمواجهة أي هجوم متوقع، واعتبر أن “الدفاع عن الأرض والعرض” هو الخيار الوحيد لفصائل المنطقة.
اجتماع “روسي-تركي” لبحث الوضع..
وشهدت العاصمة الروسية، “موسكو”، الجمعة، اجتماعًا “روسيًا-تركيًا”، على مستوى وزراء الخارجية والدفاع، لبحث الوضع في محافظة “إدلب” شمالي سوريا، دون صدور أي تطمينات تضمن تجميد المعركة.
وتشير التصريحات الروسية إلى إصرار “موسكو” على محاربة “النصرة” في المنطقة.
ورغم التطمينات التركية بعدم حصول أي هجوم عسكري على المنطقة، يتخوف أهالي المنطقة من تكرار نموذج محافظة “درعا” قبل أشهر.
وتعلل “روسيا” تحركاتها بوجود “هيئة تحرير الشام”، (النصرة سابقًا)، في محافظة “إدلب”، وقال وزير الخارجية الروسي، خلال لقائه نظيره التركي، “مولود غاويش أوغلو”، في موسكو، إن “النصرة تحاول السيطرة على المنطقة”.
“جبهة النصرة” العقبة الوحيدة أمام النظام السوري وروسيا..
وتعتبر “تحرير الشام” العقبة الأساسية التي يتذرع بها النظام السوري وروسيا لبدء العمل العسكري تجاه “إدلب”، كونها مصنفة على لوائح “الإرهاب” ومستثناة من اتفاق “تخفيف التوتر”، الموقع بين الدول الضامنة لاتفاق “آستانة”، (تركيا، إيران، روسيا).
وكانت “الجبهة الوطنية”، بالتعاون مع “هيئة تحرير الشام”، قد شنت حملات اعتقالات واسعة قبل أسابيع، طالت خلايا ورؤوس المصالحات المتعاملين مع النظام السوري، خوفًا من مصير مشابه لمحافظة “درعا” جنوبي سوريا.
وتحذر “تركيا” من أي هجوم عسكري يشنه “الأسد” على محافظة “إدلب”، وهددت سابقًا بإنهيار “اتفاق آستانة” في حال تم الهجوم على المدينة المكتظة بنحو أربعة ملايين مواطن، بحسب تقديرات “الأمم المتحدة”.
مقترح روسي لتسوية الوضع..
وخلال اللقاء “الروسي-التركي”، قدمت “روسيا” مقترحًا لتسوية الوضع في شمال غربي سوريا، خاصة محافظة “إدلب”، حسبما أفادت وكالة (إنترفاكس) الروسية.
ولم ترد تفاصيل بشأن المقترح الروسي، لكن وزير الخارجية التركي، “مولود تشاووش أوغلو”، قال إن روسيا وتركيا يجب أن تعملا معًا لفصل جماعات المعارضة عن “الإرهابيين” في محافظة “إدلب”.
وقال في مؤتمر صحافي في موسكو: “هدفنا التخفيف من مخاوف نظرائنا الروس والتخلص من الإرهابيين في تلك المنطقة. يمكننا أن نعمل معًا، لكن يمكن أن نعرض حياة المدنيين للخطر في الوقت الذي نستأصل فيه تلك الجماعات المتطرفة”.
وحذر الوزير التركي من أن شن هجوم مسلح على “إدلب” سوف يؤدي إلى “كارثة إنسانية”.
وقال “لافروف” إن صبر “موسكو” ينفد من المسلحين في “إدلب”، الذين يتهمهم الكرملين باستهداف المواقع الحكومية، فضلاً عن القاعدة العسكرية الروسية هناك.
تجميع المسلحين في “إدلب” لتسهيل القضاء عليهم..
يذكر أنه بناءًا على اتفاقات وقف إطلاق النار، التي كانت “تركيا” شريكًا أساسيًا فيها، تحولت “إدلب” إلى معقل للفصائل المسلحة والمهجرين من المدن الأخرى.
لكن مراقبين يقولون إن هدف تجميع المسلحين في “إدلب” هو تسهيل القضاء عليهم في عملية عسكرية، في مدينة تكتظ بالسكان والمدنيين النازحين.
يتم العمل على مسارين: الإنساني والعسكري..
وعن تحضيرات “الجيش السوري” لتحرير مدينة “إدلب” يقول المحلل السياسي، “كمال جفا”: “أنهى الجيش السوري كل العمليات العسكرية في الجنوب، إن كان في شرق مدينة درعا وشرق السويداء، كما أنهى العمليات في الجبهة الأعقد؛ وهي الحدود السورية مع فلسطين المحتلة، رغم ما تحدثت عنه إسرائيل عن خطوط حمراء، ولكن الحراك الدبلوماسي الروسي المكثف أعطى نتيجة ممتازة، وسيطر الجيش السوري على كامل الجنوب ووصلنا إلى وضع ميداني جديد، واليوم هناك فائض في القوة العسكرية لدى الجيش السوري، وخاصة بعد تحرير القلمون الشرقي والغوطة الشرقية والجنوب السوري، ولم تبق قوات سورية كبيرة إلا في منطقة التنف لمحاصرة القاعدة الأميركية، لذلك فإن فائض القوة العسكرية السورية تم تحويلها من قوات النخبة بالتوجه إلى إدلب وقد تم الإنتهاء من انتشار قوات الجيش السوري حول إدلب، لكن مع هذا الانتشار للقوات السورية تصاعدت التصريحات والتهديدات من دول العدوان الثلاثي، الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، حيث صدر عنها بيان حول جريمة الأسلحة الكيميائية التي رتبتها “المعارضة” السورية ونفذتها، وقالت إنها تحذر الرئيس السوري والقيادة السورية من أي استخدام للسلاح الكيماوي، وهذا التحذير هو عبارة عن ذريعة أميركية، تعودت عليها القيادة السورية والحلفاء، وكل ذلك من أجل إيقاف العملية العسكرية لتحرير إدلب في الشمال السوري، كما دول العدوان بدأت العزف على الوتر الإنساني، لكن القيادة العسكرية السورية، وبالتعاون مع الحليف الروسي، قامت بتقسيم مسرح العمليات والقطاعات بالاتفاق مع تركيا للقضاء على “جبهة النصرة”، التي رفضت تسليم الأسلحة الثقيلة والتفاوض مع الروسي والسوري، وهناك عمل على مسارين، مسار إنساني ومسار عسكري، وهذا يعني أنه لن يتم فتح كل جبهات إدلب دفعة واحدة بسبب الكثافة السكانية في بعض المناطق، وقد أصبحت إدلب سجنًا كبيرًا للجماعات الإرهابية، وسيتم تحريرها تدريجيًا والقضاء أولاً على المجموعات الإرهابية الأخطر في الجهة المحاذية لمدينة حلب”.
تركيا تريد إنهاء الوضع بالعمل على مبدأ خطوة خطوة..
وأضاف “كمال جفا” أن “تركيا” تريد أن تنهي الوضع الشاذ في “إدلب”، بالتعاون مع “روسيا” و”إيران”، والمرحلة الأولى هي المنطقة الجنوبية من مدينة “إدلب”، والعمل على مبدأ خطوة خطوة، والعمل بمسار إنساني ومسار عسكري، ولا مفر من عملية لإنهاء الفصائل الإرهابية، وفي المرحلة الأولى ستشمل العملية المنطقة الممتدة من جنوب مدينة “حلب” وحتى شمال “حماه”، طولها 93 كيلومترًا، وهذه المنطقة إستراتيجية يقع عليها الطريق الدولي “دمشق-حلب”، ومن ثم ستكون هناك عملية “روسية-سورية” للقضاء على الجماعات الإرهابية؛ وعلى رأسها فصائل “الحزب التركستاني”، والتي تطلق الدرونات، و”تركيا” قد تغيرت إلى جهة لملمة وإنهاء الجرح السوري.