خاص : كتبت – نشوى الحفني :
لا زالت دعوة رئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي”، بإجراء حوار وطني بين مختلف أطياف الشعب، والتي تواكبت مع زيارة البابا “فرنسيس”، للعراق، الذي دعا إلى نشر التسامح ونبذ العنف، محل جدل من مختلف أطياف الشعب العراقي، حيث حظيت بدعم سُني واختلاف شيعي بين مؤيد ومعارض، إلا أنها قوبلت بالرفض من قبل المتظاهرين، بالإضافة إلى ربطها بزيارة “البابا”؛ وهو محل تساؤل الكثيرون.
مراوغة للبقاء في السلطة..
عضو اللجنة المنظمة لتظاهرات العراق، “علي عزيز”، أكد أن دعوة “مصطفى الكاظمي”، لحوار مجتمعي؛ هي مراوغة لكسب الوقت وخداع الشارع من أجل بقائهم في السلطة.
وفي تصريح لوكالة (سبوتنيك) الروسية، قال “عزيز”؛ إن: “الكاظمي؛ أراد بتلك الدعوة منح قبلة الحياة إلى من سطوا على رأس السلطة في العراق، منذ عام 2003، وحتى الآن، ولا يمكن أن ننسى أن رئيس الحكومة الحالي هو جزء من تلك العملية، التي كبلت العراق، منذ ما يقارب العقدين من الزمان، فقد كان رئيس جهاز الاستخبارات، منذ 6 سنوات وإلى اليوم”.
وأضاف “عزيز”: “ننظر إلى تلك الدعوة على أنها دعوة مشبوهة، وليس لها أي مصداقية، لأن الغاية منها هو كسب مزيد من الوقت، بعد أن أيقنوا أن نهايتهم آتية لا محالة، فالثورة لم تنته ولم تخمد وهي نار تحت الرماد بفعل الظروف الصحية والسياسية وعمليات التضييق الشديدة والمتمثلة في التعذيب والاعتقالات والتضييق على الموارد المالية للثوار وابتزازهم”.
مشيرًا إلى أن: “أجهزة النظام تعلم جيدًا ماذا يجري في الشارع وحالة الغليان نتيجة الفقر والقهر، التي تسببت فيها تلك الحكومات وعجزها عن وضع أو إيجاد حلول وفشلها المتواصل، ونحن في اللجنة المنظمة للتظاهرات خرجنا من أجل تغيير العملية السياسية بكل رموزها وأشكالها ومسمياتها بشكل نهائي، جميع هؤلاء يجب أن يحالوا إلى محاكم تقتص منهم وفق قضاء عادل ونزيه”.
الثورة لم تمت..
موضحًا “عزيز”، أن: “الثورة لم تمت، بل أصابها مرض نتيجة اختراق أجهزة المخابرات والأجهزة الأمنية، حيث أن العراق من أكبر الدول التي بها أجهزة أمنية تستهلك نصف ميزانية البلاد، وباقي الشعب لا يجد قوت يومه، نحن مؤمنون بأن النهاية اقتربت لمحاكمة ومحاسبة الفاسدين واستعادة العراق”.
دعوة لحوار مفتوح..
وكان رئيس مجلس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي”، قد دعا، المعارضين، إلى حوار مفتوح وصريح مع الحكومة، على أساس مصلحة البلد وأمنه وسيادته، وبما يحقق تطلعات الشعب.
وقال “الكاظمي”، في بيان بمناسبة ختام زيارة “بابا الفاتيكان” للبلاد، وفقًا لـ (نينا)، الإثنين الماضي؛ إن زيارة البابا “فرنسيس”، بابا الفاتيكان، للعراق حظيت بتأييد وإجماع وطني، وأن رسالة البابا وصلت إلى كل العالم؛ وكذلك الشعب العراقي.
وأضاف أن: “الحوار الإستراتيجي حول ترتيبات التعاون مع التحالف الدولي قائم في الأساس على إيجاد البيئة والتوقيتات لإخراج جميع القوات المقاتلة من أرض العراق، ضمن آليات فنية زمنية متفق عليها”.
لتجميل الصورة أمام العالم !
المراقبون يرون أن تلك الدعوة جاءت بعد خطابات “البابا”، في محاولة من الحكومة لتجميل صورتها أمام العالم، وإرسال رسالة بأنها تسير نحو الاستقرار والديمقراطية، لكن الواقع العراقي مختلف تمامًا، فلا أرضية ولا قدرة لـ”الكاظمي” وحكومته على السيطرة على الميليشيات أو الأحزاب.
بالإضافة إلى ذلك؛ ما أعلنه الثوار عن موقفهم من البداية بأنه لا بديل عن التغيير الشامل ومحاسبة الفساد واسترداد سيادة الدولة، لذا فإن تلك الدعوة لن تراوح مكانها ولا تختلف عن المبادرات والدعوات السابقة التي كان الفشل أهم إنجازاتها، وأنه لا بديل عن الحل الدولي لأن الأزمة بدأت دولية ويجب إنهائها بنفس الطريقة.
محاول لإظهار بغداد متجاوبة مع “بابا الفاتيكان”..
وحول غرض الدعوة في هذا التوقيت، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة “بغداد” والسفير السابق بالخارجية العراقية، الدكتور “قيس النوري”: “من الواضح أن غرض الدعوة في هذا التوقيت، هى محاولة لإظهار أن بغداد تتجاوب مع دعوة بابا الفاتيكان للحوار والتسامح، والتي أطلقها خلال زيارته للعراق، منذ أيام قلائل”.
مضيفًا أن “الكاظمي” لم يُدرك أن الثوار في “العراق” قد أعلنوا مرارًا عن مواقفهم الصريحة بإدانة الحكومة الحالية والأحزاب والقوى السياسية الفاسدة، التي أوصلت البلاد إلى ما هي عليه الآن من تراجع على كافة المستويات، والغريب أن رئيس الوزراء وضع الثوار في دعوته للحوار مع الأحزاب والقوى السياسية، المدانة أصلاً من جانب الحراك في الشارع”.
وأشار “النوري” إلى؛ أن: “هذه الدعوة لا تعدو كونها استهلاك سياسي، لا تحظى بأدنى مستوى من الاستجابة، في ظل الأوضاع المتردية في البلاد، والتي فشلت كل الحكومات السابقة في إيجاد حل لها، الأمر الذي يؤكد لنا أنه لن تكون هناك حلول إلا بإنهاء العملية السياسية التي أوجدها المحتل الأميركي، والتي توظفها إيران عبر أذرعها للإبقاء على نفوذها المتنامي بواسطة ميليشياتها المسلحة وأحزابها الطائفية”.
محاولة لإقناع العالم بسيرهم على نهج الإصلاح..
ويقول أمين سر (جبهة الخلاص العراقي للحرية والسلام)؛ أمين اتحاد القبائل العربية بالعراق، الشيخ “ثائر البياتي”: “لقد سمعنا بدعوة الكاظمي، للحوار بين الأحزاب والمعارضة والمحتجين، من أجل استقرار البلاد، وفي إعتقادنا أن تلك الدعوة هي محاولة لإقناع العالم بأنهم يسيرون على نهج الإصلاح والاستقرار، من خلال ما تم طرحه من قبل بابا الفاتيكان في خطاباته أثناء زيارته للعراق، والتي تحدث فيها عن نزع السلاح والفساد وعودة النازحين والمهجرين وإعمار الإنسان بشكل متوازي مع إعمار البنيان”.
مضيفًا أنه: “لا شك أن الدعوة مبهمة من حيث الطرح، فلم توضح ما المقصود بقوى المعارضة، التي تحدث عنها رئيس الحكومة، وهل هي القوى التي تعمل داخل المنظومة السياسية أم خارجها، كذلك الحال بالنسبة للأحزاب التي يمتلك أغلبها ميليشيات مسلحة”.
فشل التجارب السابقة..
وأشار “البياتي”؛ إلى أن: “العودة لتجارب سابقة؛ أثبتت فشلها كما حدث في مؤتمر شرم الشيخ ومكة وبغداد وأيضًا وثيقة الشرف، التي تم التوقيع عليها، أمر لا نريد الخوض فيه مرة أخرى، لأن الكاظمي لم يوضح الجهات الضامنة لأي اتفاق قادم، إن كان يقصد الأمم المتحدة فهى شاهد زور، طوال الـ 18 عامًا الماضية، على كل الجرائم التي أرتكبت بحق العراقيين سواء كانت سياسية أم غير سياسية، وهو ما يشهد عليه الجميع، هناك تخبط واضح من قبل ساسة العراق في عملهم وما يطرحون من رؤى وأفكار ومشاريع يعلم الجميع أنها لن تر النور كونها تصب في مصلحتهم فقط”.
لافتًا إلى أن: “الفترة الماضية؛ شهدت طرح العديد من المشاريع والمؤتمرات، وجميعها لم يجانبها النجاح نظرًا لأنها لم تستند على أساس حقيقي ولا تتعدى كونها وهم ينخدع به البعض، ويؤازره من في قلبه مرض أو يرتبط بأجندات بعينها، واليوم أثبت ساسة العراق أن العملية السياسية فشلت ولا يمكن إصلاحها بتلك الطريقة، بعد أن فقد الجميع قدرته على إيجاد حل أمثل يضمن حقوق الجميع ولا يمنح أي طرف القدرة على فرض إرادته على بقية الأطراف”.
تساؤلات موجهة لـ”الكاظمي”..
وأكد “البياتي” أن: “العملية السياسية القائمة، منذ 18 عامًا، على المحاصصة وتسلط أطراف على أخرى وفرض الإرادات والأجندات أدخلت البلاد إلى كوارث ونكبات، وفقد من خلالها الاستقرار وقتل وخطف وغيب واعتقل أكثر من مليونين ونصف مواطن، وأكثر من 8 مليون مواطن ما بين لاجيء ونازح ومهجر، ناهيك عن نسبة البطالة التي بلغت أكثر من 40%، وتوقف أغلب القطاعات الصناعية والزراعية، وفشل ببقية القطاعات مثل التعليم والصحة والطاقة وغيرها، وفقدان الخدمات الأساسية في الحياة، علاوة على تحول البلاد إلى قاعدة لجميع التنظيمات الإرهابية المتطرفة، وأصبح مصدر لتلك التنظيمات إلى دول المنطقة والعالم وتبوء المرتبة الأولى في الفساد، والأخطر من كل هذا هو فقدان السيادة واستباحة الأرض من جانب دول العالم والمنطقة”.
وتوجه أمين سر لجنة الخلاص؛ بعدة تساؤلات لـ”الكاظمي”، قال فيها: “هل الحكومة قادرة على فرض القانون على الميليشيات والأحزاب وإستعادة السيادة المنهكة وتأمين المواطنين وإعادة النازحين والمهجرين قسرًا ؟، وما الذي تحقق من الوعود التي قطعها رئيس الحكومة على نفسه قبل وبعد توليه رئاسة الوزراء ؟، لهذا يجب على من يبحث عن تسوية أو حوار أن يكون واضح وصريح وواقعي ومنطقي لكي يتمكن من تحقيق الاستقرار والأمان واسترداد الحقوق والسيادة”.
وأوضح “البياتي”: “لنا موقف ثابت منذ البداية؛ بأن مشكلة العراق بدأت دولية ويجب أن تنتهي بإرادة عراقية ورعاية دولية من خلال الدعوة لعقد مؤتمر دولي تشارك فيه كل الأطراف العراقية ويستثنى منه كل من تلوثت أيديهم بالدماء، سواء كان (داعش) أم الميليشيات”.