خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في انتصار جديد للثوار العراقيين ووسط اعتراض كبير من الكتل السياسية، وفي مقدمتها الكُردية التي أعلنت انسحابها، مرر البرلمان العراقي، مساء أمس الثلاثاء، قانون الانتخابات الجديد، الذي كان أحد المطالب الرئيسة للاحتجاجات التي تحتجاح البلاد، منذ مطلع تشرين أول/أكتوبر الماضي.
وكان لافتًا في قرار “مجلس النواب” العراقي؛ هو أنه وافق على تشريع القانون الجديد، بكل بنوده، بعد تجاوز النقاط الخلافية.
وسبق وأن أجاز المشروعون العراقيون، الأسبوع الماضي، معظم مواد قانون الانتخابات، لكن بقيت مادتين ضمن القانون محل خلاف بين الأحزاب السياسية.
وتركز الخلاف حول المادتين 15 و16 من قانون الانتخابات، وتتسم هاتان المادتان بأهمية كبرى، كونهما تحددان شكل الترشح وتقسيم “العراق” إلى دوائر عدة وليس دائرة واحدة، كما يطالب المحتجون.
وبهذا الإقرار، يكون الحراك في “العراق” قد حقق مطلبه الثاني؛ المتمثل في إقرار قانون انتخابات جديد، وكان قد حقق مطلبه الأول، في بداية كانون أول/ديسمبر الجاري، عندما أُجبر رئيس الحكومة، “عادل عبدالمهدي”، على الاستقالة.
ويصب القانون الحالي، الذي يخلط النسبية بالأكثرية في مصلحة الأحزاب السياسية الكبيرة، ويديم وجودها في السلطة.
أما القانون الجديد؛ فإنه يتيح الترشح الفردي والدوائر المتعددة، الذي يقول المتظاهرون أنه يضمن صعود أجيال جديدة من الشباب إلى الساحة السياسية، وسيساعد في تغيير الطبقة السياسية الحاكمة في البلاد المهيمنة على المشهد السياسي العراقي منذ 16 عامًا.
وبحسب القانون؛ ستكون “المحافظة دوائر متعددة، وحسب عدد سكان المحافظة على أساس بيانات وزارة التخطيط”.. مؤكدًا أن: “الترشيح سيكون فرديًا”.
وستكون كل محافظة دوائر متعددة، وحسب عدد سكان المحافظة، على أساس بيانات “وزارة التخطيط”، كما سيكون الترشيح سيكون فرديًا.
كما تقضي المادة بإعادة ترتيب تسلسل المرشحين في الدائرة الانتخابية وفقًا لعدد الأصوات التي حصل عليها كل منهم، ويُعد فائزًا من حصل على أعلى الأصوات وفق نظام الفائز الأول؛ وهكذا بالنسبة للمرشحين المتبقين، وفي حال تساوي أي من المرشحين بعدد الأصوات يتم اللجوء إلى القرعة التي تجري بحضور المرشحَين.
أما بالنسبة لمزدوجي الجنسية؛ فقد قال رئيس البرلمان، “محمد الحلبوسي”، في كلمة في ختام التصويت على القانون بأكمله في الجلسة التي نُقلت مباشرة؛ أن هذا الموضوع سيتم إعداد قانون خاص به سيصوت عليه البرلمان، موضحًا أن بعض العراقيين وبسبب ملاحقة النظام السابق لهم قد لجأوا إلى دول أخرى وحصلوا على جنسياتها، لكنه أكد أنه سيتم حظر تولي أي مسؤول عراقي كبير منصبًا سياديًا بدءًا من رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء إذا كان حاملًا لجنسية مزدوجة.
يُقصي جميع الأحزاب الفاسدة..
وفى أول تعليق على تلك الخطوة؛ اعتبر زعيم (التيار الصدري)، “مقتدى الصدر”؛ أن: “قانون الانتخابات الجديد سيُقصي جميع الأحزاب الفاسدة”.
وقال في تغريدة على (تويتر): “تحقق مطلب آخر من مطالب الشعب؛ بعد أن وقفت معه المرجعية والعقلاء والأصلاء وكل وطني شريف من النواب وغيرهم”.
وأضاف؛ أن: “قانون الانتخابات سيُقصي كل الأحزاب الفاسدة، وننتظر بفارغ الصبر أن تكون مفوضية الانتخابات مفوضية نزيهة ومستقلة بحق”.
وتابع: “لن نسمح بغير ذلك.. المجرب الجدلي لا يجرب ومرشح شعب سينتصر”.
ومن جهته؛ اعتبر “صالح محمد العراقي”، المقرب من زعيم (التيار الصدري)، “مقتدى الصدر”، والذي يوصف بوزيره والناطق بأسمه، التصويت على قانون الانتخابات بأنه انتصار للإصلاح.
استبعاد إجراء انتخابات مبكرة..
فيما استبعد النائب عن محافظة “نينوى”، “أحمد الجربا”، إجراء انتخابات مبكرة؛ وذلك بعد تمرير المادة 15 من قانون انتخابات “مجلس النواب”.
وقال “الجربا”، خلال مؤتمر صحافي عقد أمس؛ أن: “الحديث عن إجراء الانتخابات المبكرة أصبح أكذوبة سياسية إبتدعها البعض لتقسيم العراق”.
كما حذر بالقول إن: “المادة 15 من قانون الانتخابات دقت أسفين تقسيم العراق”.
وأضاف “الجربا” أن: “هناك مشاكل إدارية كبيرة بين الأقضية والنواحي، ولذلك التصويت على المادة 15 من قانون الانتخابات سيذهب بالبلاد إلى المجهول ونحو التقسيم”، مؤكدًا على: “إن ذلك يعني عدم إجراء انتخابات مبكرة تحت أي ظرف”.
إشارة واضحة للتلاعب والتزوير..
وفي مؤتمر صحافي عقدته الكُتل الكُردستانية كافة في “مجلس النواب”، أعربت عن اعتراضها إزاء المضي في التصويت على مشروع قانون الانتخابات التشريعية.
حيث قالت رئيس كتلة (الاتحاد الوطني)، “جوان إحسان”، أن: “ما حصل في جلسة اليوم من تمرير القانون وإنتزاعه غصبًا دون توافق ودراسة واستماع للشارع المُطالب بالإصلاح وتشريع قانون لا يُعيد إنتاج النظام نفسه ولا يسمح بتغول الأحزاب المتسلطة ولا يشوه النظام السياسي ويسمح بإجراء انتخابات مبكرة”.
وأضافت أن: “إصرار المشرعين على تجاوز النص الأصلي الذي كان مدرجًا لتطوير الدوائر لتكون على مستوى الاقضية هو إرادة واضحة لعدم إجراء انتخابات مبكرة، لما في ذلك من تعقيدات فنية ومشاكل تتعلق بهوية عشرات الأقضية على مستوى العراق، وكذلك الإصرار على إعتماد العد والفرز الإلكتروني والإعتماد على البطاقة الإلكترونية دون البيومتري؛ إشارة واضحة للتلاعب والتزوير لإرادة الناخبين”.
يُعيد العراق للإنتماءات القبلية والمناطقية..
وأوضحت أن إعتماد الفائز الأعلى بالأصوات هو لحصد الأحزاب المتسلطة لمقاعد المجلس وحرق الغالبية العظمى لأصوات الناخبين وإعادة “العراق” إلى إنتماءات قبلية ومناطقية وقطع الطريق أمام الكفاءات والمستقلين.
واعتبرت الكتل الكُردستانية أن تجاهل إرادة الكُرد والشارع الشعبي المُطالب بالإصلاح وآراء الخبراء والنخبة المختصين؛ هو دفع حقيقي لهذا الشارع نحو مزيد من التمزق والاستبداد بالرأي لإخراج قوانين غير رصينة.
وتابعت أن الكُرد مع إقرار قانون انتخابي يُسهل إجراء الانتخابات بما يحقق التمثيل الحقيقي للناخبين ويمنع استبداد الأحزاب التي تريد فوز مرشحيها بكل الدوائر من خلال أعلى الفائزين.
يُؤسس لنظام الاستبداد..
من جهته؛ قال النائب عن كتلة (الاتحاد الإسلامي) الكُردستاني، “مثنى أمين”، خلال المؤتمر؛ أن مشروع القانون يؤسس لنظام الاستبداد وفرض الإرادات ومحاولة في عدم المضي في إجراء الانتخابات المبكرة.. مردفًا بالقول أن هذا القانون يؤسس أيضًا للمناطقية وسيطرة الأغلبية والإبقاء على الفساد المالي والإداري في البلاد.
ذبح عملية التوافق وهدم العراق الفيدرالي..
كما وصف القيادي بالحزب (الديمقراطي) الكُردستاني، “ريبين سلام”، التصويت على المادة 15 من قانون الانتخابات؛ بـ”ذبح” عملية التوافق.. فيما رأى أن “العراق” الفيدرالي تم “هدمه”.
وقال: “لقد تم ذبح عملية التوافق التي كانت أساسًا لإدارة الدولة والعملية السياسية، منذ عام 2003، وهذه سابقة خطيرة أن يتم التعامل مع القضايا المصيرية عن طريق الأغلبية”.
مشيرًا إلى أن ما ضحى به الكُرد، خلال 70 عامًا؛ وقدموا آلاف التضحيات من أجله تم هدمه بتظاهرات لمدة 60 يومًا مع جل احترامنا لمطالب المتظاهرين.
هدمت المحاصصة.. وتتوقف على تعيين رئيس وزراء..
وفي تعليق منه؛ لـ (كتابات)، قال “هاشم الشماع”، عضو مركز “العراق” للتنمية القانونية، أن تصويت “مجلس النواب” للفقرتين المؤجلتين، 15 و16، يكون بالمجمل هو انتصار كبير للإرادة الشعبية العراقية في ساحات التظاهر، بعد الانتصارين الأوليين باستقالة رئيس مجلس الوزراء والتصويت على قانون المفوضية، الآن أصبح لـ”العراق” قانونًا انتخابيًا يعتمد الدوائر المتعددة والترشيح الفردي وإبعاد مزدوجي الجنسية.
وأوضح أنه على الرغم من وجود بعض السلبيات على هذا القانون، إلا أن هذه السلبيات لا تُضر في جوهرها وفي سير العملية الانتخابية على أن تكون “الأمم المتحدة” حاضرة وبقوة إشرافًا وتوجيهًا للحد من عمليات التزوير التي قد تُمارس من قِبل جهات خسرت مكانها في المشهد العراقي.
وأشار “الشماع” إلى أن هذا المُنجز يُعد الخطوة الأولى لهدم جدار المحاصصة، التي أدخلت البلد إلى المجهول، متوقعًا أنه بعد هذه الخطوة ستتجه الأنظار إلى المادة 64 من الدستور والقاضية بحل البرلمان، ليتسنى تطبيق قانون الانتخابات من خلال الدعوة إلى انتخابات مبكرة، لكن هذه الانتخابات لا يمكن أن تجرى مع غياب شخصية رئيس مجلس الوزراء، وهذه أزمة كبيرة، وعليه لابد من اختيار البديل.