خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في إعتراف عراقي باستمرارية وجود خطر تنظيم (داعش) الإرهابي، خاصة بعد ظهور فيديو “أبوبكر البغدادي” المصور، إنتهز رئيس الوزراء العراقي، “عادل عبدالمهدي”، زيارته لـ”فرنسا”، وأكد على أنه ما زال هناك خلايا نائمة لتنظيم (داعش)، لافتًا إلى أهمية الدور الفرنسي في محاربة الإرهاب وإعادة إعمار البلاد.
وذكر “عبدالمهدي”، في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”، في “باريس”، أمس الأول الجمعة، “لا نخفي أن هناك أعداد كبيرة من الخلايا النائمة لـ (داعش) ما زالت موجودة في العراق”.
وأشار إلى أنه “تم القضاء على (داعش) على الأرض، لكن (داعش) يحاول العودة بكل الطرق؛ وخطاب قائد التنظيم، أبوبكر البغدادي، الأخير يشير إلى استمرار خطر (داعش)”.
وأضاف “عبدالمهدي”، أن: “الدور الفرنسي مهم في محاربة الإرهاب، ونعول على الدور الفرنسي في إعادة إعمار العراق”.
وتابع: “لدينا خارطة طريق جديدة ترسم العلاقة الإستراتيجية بين فرنسا والعراق”.
من جهته؛ قال “ماكرون”، إن: “فرنسا تقف إلى جانب العراق في تعزيز قدراته على محاربة الإرهاب”.
الحرب على “داعش” لم تنته..
وكان منسق مكافحة الإرهاب في “وزارة الخارجية” الأميركية، “ناثان سايلز”، قد قال، الثلاثاء الماضي، إن الحرب على تنظيم (داعش) الإرهابي لم تنته، وإنما دخلت مرحلة جديدة، مؤكدًا على أن “واشنطن” ستلاحق التنظيم وفرعه في كل مكان.
وفي ندوة بمعهد “بروكنز” في العاصمة الأميركية، “واشنطن”، صرح “سايلز”: “(داعش) لا يزال يشكل تهديدًا؛ ولديه القدرة على شن هجمات علينا وعلى حلفائنا”.
وأكد على أن تنظيمي (داعش) و(بوكو حرام)؛ مسؤولان عن مقتل 35 ألف شخص منذ 2012.
وأضاف: “نحقق في التقارير التي تتحدث عن أن أحد منفذي هجوم سريلانكا تدرب في سوريا”.
وكانت صحيفة (وول استريت غورنال)؛ ذكرت أن أحد منفذي تفجيرات “سريلانكا” الإرهابية تدرب لدى تنظيم (داعش) الإرهابي في “سوريا”.
ونقلت الصحيفة، عن أحد المسؤولين المطلعين على التحقيقات، أن “جميل محمد عبداللطيف”، سافر إلى مدينة “الرقة”، في “سوريا”، عام 2014، مؤكدًا المسؤول على أن “التحالف الدولي”، الذي تقوده “واشنطن”، قد إتخذ الكثير من الإجراءات لتجفيف مصادر تمويل تنظيم (داعش).
ومن خلال تصريح المسؤول الأميركي؛ يتضح أن “أميركا” سوف تجد مبررًا لضمان بقائها في “العراق” و”سوريا” فترة أطول.
تهديد أمني يحتاج لإستراتيجية ردع..
وعن ظهور زعيم تنظيم (داعش) الإرهابي، “أبوبكر البغدادي”، في فيديو مسجل وما يمثله هذا الظهور، يقول الخبير العسكري والإستراتيجي، الدكتور “أحمد الشريفي”: “إن هزيمة (داعش) كانت عسكرية، وهذا لا يعني إنعدام التهديد، فما زالت عناصر التنظيم الإرهابي موجودة؛ ولديها القدرة على تنفيذ عمليات، لكن في إطار التهديد الأمني، لذا يجب أن تكون هناك إستراتيجية ردع أمني كرديف لإستراتيجية الردع العسكري المتبناة، والتي أدت إلى إسكات هذا التنظيم في التعرض والظهور المباشر، وهذا الشريط التسجيلي لزعيم التنظيم هو بمثابة خط شروع يتحدث عن تحدي جديد فيه سمات أن الحرب ستنتقل من الحرب العلنية إلى السرية، وستتشكل خلايا نائمة تعتمد مبدأ القيادة المركزية والإدارة اللامركزية، أي سيفتح التنظيم أجنحته في رقعة جغرافية واسعة، وهو تكتيك جديد يعتمد على تفعيل الخلايا النائمة وعلى النظام الخيطي في الخلايا”.
الأسلوب الجديد يعتمد الحرب السرية..
وعن تحذيرات رئيس الوزراء العراقي من الخلايا النائمة للتنظيم، يقول “الشريفي” أن: “ما حدث للتنظيم من عملية تشظي جعل منه تهديد للسلم والأمن الدوليين، فبعد أن كان في رقعة جغرافية ضمن ما تسمى بدولة التمكين، بين العراق وسوريا، فإنه اليوم بات يتحرك في فضاء دولي، وقد أشار رئيس الوزراء إلى أن التحدي صار أكبر ويستلزم تعاون مع العراق، وسبق أن أشارت الولايات المتحدة والدول الأوروبية إلى ذلك، فالتحدي القادم هو التحدي الخطير الذي سيعتمد الحرب السرية والشبحية والتي تكون غير منظورة أمام الجهد الاستخباري والتقني، وستقوم تلك الخلايا النائمة بعمليات نوعية وبدقة عالية تحقق بعدًا عسكريًا وإعلاميًا، ووجود زعيم تنظيم (داعش)، أو عدم وجوده، سوف لن يؤثر على عمل الإرهابيين”.
رسالة لوجود خلايا نائمة وقيادات بديلة..
وعن رسالة زعيم التنظيم من خلال الفيديو المسجل، يقول “الشريفي”: “أعطى زعيم (داعش) الإرهابي، من خلال الزي الذي يرتديه في هذا الفيديو، أن دور التنظيم في سوريا والعراق ما يزال فاعلًا ومؤثرًا وستنشط الخلايا النائمة، ولهذا لم تُكشف الوجوه التي كانت حاضرة مع زعيم التنظيم في الفيديو، فضلًا عن أنه هناك بدائل للقيادات التي تم استهدافها، وهي بدائل مخفية بالنسبة للجهد الاستخباري، والمجال الحيوي للتنظيم بين العراق وسوريا سوف يكون فاعلًا، ولكن هذا لا يعني أن لا يكون للتنظيم في المرحلة القادمة عمليات تمدد وإنشطار عابرة للحدود، فسينفذ في المرحلة القادمة عمليات أوسع وأشمل من المجال الحيوي الذي كان يتبناه”.
رغبة في توسيع رقعته الجغرافية..
مجلة (فورين بوليسي) الأميركية، تقول إن مقطع الفيديو لم يهدف فقط لإظهار أن “البغدادي” لا يزال حيًا يرزق، ولكن كانت الرسالة تطمح لأكثر من ذلك، وتهدف للإعلان عن رغبة التنظيم في توسيع رقعة حدوده الجغرافية.
وتضيف المجلة الأميركية، في تقرير جديد لها نشرته أمس الأول الجمعة، أن “البغدادي” ظهر مصممًا على بدء فصل جديد في تنظيمه الإرهابي، يتخطى فيه الخسارة التي حظي بها في “العراق” و”سوريا”، وتفاخر في الفيديو بولاء عدد من الجهاديين له في “مالي” و”بوركينا فاسو” و”أفغانستان” و”سريلانكا”. وينتهي بإحاطات يقدمها بعض الأشخاص المحيطين به عن فصائل جديدة أجنبية تابعة لـ (داعش)؛ أحدها في “تركيا”.
وترى المجلة الأميركية، أن استمرار ولاء مثل هذه الفروع الجديدة للتنظيم؛ على الرغم من إنهيار الخلافة في “سوريا”، هو فوز كبير للمنظمة، ويدل على أن التنظيم الإرهابي مستعد لتصدير الإرهاب إلى منطقة أوسع من “الهند” إلى غرب “إفريقيا”، وينتقل تفكير التنظيم من الحكم كدولة خلافة إلى العمل كتمرد داخل الدول، وكإشارة على نجاح التنظيم شن أول هجوم له في “الكونغو” و”سريلانكا”، الشهر الماضي.
وتشير المجلة، في تقريرها، إلى إن هذا الإتجاه ليس مفاجئًا؛ فهو يتم العمل به منذ 2016، عندما كانت أساليب وخطابات فروع التنظيم في الدول تشبه بشكل كبير خطابات القيادة المركزية لـ (داعش)، وفي “أفغانستان” بدأت الفروع الإقليمية في التركيز على إيديولوجية تركز على الهجمات الطائفية ضد المسيحيين أو الشيعة، وهو ما يعكس نهج الجماعة في “العراق”، منذ عام 2003، وهذا ما ساعد في السيطرة على هذه التنظيمات في الدول البعيدة بعد إنهيار قيادة التنظيم في “سوريا” و”العراق”.
ولكي تقوم بذلك؛ نشر التنظيم الإرهابي علامته التجارية، التي بناها في “العراق” و”سوريا”، إلى دول أخرى، وشن هجمات ضد الشيعة في “أفغانستان”، وهاجم المدنيين الشيعة في “اليمن”. فكون المرء شيعيًا يجعل المرء هدفًا مشروعًا للجماعة، وهو ما لم يكن معتادًا عليه حتى بالنسبة للتنظيمات الإرهابية الأخرى مثل (القاعدة) و(طالبان)، وسمح إعتناق سياسة العنف الشديدة للتنظيم بالخروج من هزيمته التي مُني بها في “العراق”، عام 2008، والسيطرة على مساحة كبيرة من الأرض، عام 2014، في “سوريا” و”العراق”.
وتقول المجلة الأميركية، إن صعود تنظيم (داعش) الإرهابي، بعد القضاء عليه بشكل جزئي في “العراق” عام 2008، يمثل الطريقة التي يفكر بها قياداته.
يفرغ المنطقة من المنافسين له..
ويحاول تنظيم (داعش) الإرهابي، بشكل كبير، القضاء على منافسيه، وترسيخ نفسه محليًا في الدول البعيدة، ويحاول (داعش) الآن إتباع الأساليب القديمة المتمثلة في اغتيال قادة المجتمع، وشراء المناطق المحلية، وزرع خلايا نائمة لإجراء عمليات سرية، ليس فقط لمحاربة أعدائها، ولكن أيضًا لإفراغ المناطق التي تعمل فيها من أي منافسين محتملين.
وترى المجلة، أن اتساع رقعة التنظيم الإرهابي خارج حدود “سوريا” و”العراق” يشكل فرصة وعائق في نفس الوقت أمام الجماعات المرتبطة به، لأن هذا سيميز تلك الجماعات عن غيرها من منافسيها، وفي نفس الوقت سيوحد الجماعات المحلية ضدها، مشيرًة إلى أن خطة تنظيم (داعش) لترسيخ نفسه محليًا داخل المجتمعات المختلفة هي التهديد الأكثر خطورة الذي يمثله التنظيم اليوم.
يعكس فشل التحالف..
وفي النهاية؛ بحسب (فورين بوليسي)، فإن تسجيل فيديو “البغدادي” يمثل فشل التحالف الذي تقوده “الولايات المتحدة” في القبض عليه وتفكيك منظمته، فهو يوضح مدى الصحة التي يتمتع بها “البغدادي” ومنظمته، ويدحض الشائعات الأخيرة بكونه مريضًا، ويسمح للتنظيم الإرهابي بالتوسع في أماكن جديدة وتجنيد أعضاء جدد.
سيوسع هجماته خلال شهر رمضان..
فيما نشر موقع (ذا إكسيمنر واشنطن) تقريرًا جديدًا يربط بين الهجمات الإرهابية المتفرقة التي نفذها تنظيم (داعش) الإرهابي ضد المسيحيين وتزامنها مع دخول شهر رمضان، حيث تواجد التنظيم على الساحة الفترة الماضية عن طريق بعض العمليات الإرهابية التي قام بها، جعل الجميع يتخوف من استهداف المؤسسات الدينية تحديدًا في رمضان، تلك الخطة القديمة التي يسير عليها التنظيم منذ 2014.
وذكر التقرير أن تنظيم (داعش) قتل أكثر من 250 شخصًا في هجوم منسق في أحد أيام عيد الفصح على مجموعة من الكنائس والفنادق في “سريلانكا”، 21 نيسان/أبريل 2019، بحسب ما نقلته وكالات الأنباء العالمية.
ويؤكد التقرير على إن تلك التفجيرات الانتحارية هي “إطلاق الفتح” ما يندرج تحت حملة الإرهاب، لهذا العام في شهر رمضان بالنسبة للإرهابيين من التنظيم المتطرف.
باحثو موقع (ذا إكسيمنر واشنطن) قالوا إنه من المحتمل أن يحاول تنظيم (داعش) الإرهابي شن هجمات خارجية إضافية ضد المسيحيين خلال شهر رمضان 2019.
وأشار الباحثون، إلى أن هذه الهجمات تتفق مع حملة تنظيم (داعش) الإرهابي الطويلة لإلحاق خسائر بالسكان المدنيين، وبث الخوف، وزعزعة استقرار البلدان خارج حدود الخلافة (المنهارة).
استهداف الفئات السكنية الضعيفة..
وأشار التقرير الصحافي إلى أن تنظيم (داعش) يعتزم إثارة رد فعل عنيف ضد الفئات السكانية الضعيفة حتى من المسلمين أنفسهم بهدف تقسيم المجتمع، وتأجيج التطرف، وتمكين التجنيد مرة أخرى، وهذا ماحدث قبل أيام بعد إحباط السلطات الروسية هجومين على الأقل كان تنظيم (داعش) العقل المدبر لهما.
كما ذكر أحد الباحثين في معهد “هدسون بليز ميستال”، من المرجح أن يستهدف (داعش) المسيحيين، بالنظر إلى تاريخهم ورغبتهم، (الدواعش)، في استهداف أهداف مختلفة ومميزة تحقق الصدمة والذهول والإستنكار وتحمل رسالة قوية إلى الغرب باستمرار التنظيم.
حملة لإعادة بناء علامته التجارية..
فمن غير المرجح أن يكون هذا هو التركيز الوحيد أو الأساس لإستراتيجية (داعش) الإرهابي، فالتنظيم يستثمر في حملة لإعادة بناء علامته التجارية ومداها على مستوى العالم.
لذا؛ ووفقًا لكافة التقارير، فإنّ التنظيم الإرهابي يعمل على استهداف الغرب وتحديدًا المسيحيون في شهر رمضان، إحتفاءًا بعودة “البغدادي” ومحاولة عودته على الأرض بقوة، وستلعب “الذئاب المنفردة” دورًا كبيرًا في هذا الأمر.