وسط توقعات بالمزيد .. اغتيالات الضباط تتزايد وأصابع الاتهام تُشير نحو الـ”بيك آب المنفلتة” !

وسط توقعات بالمزيد .. اغتيالات الضباط تتزايد وأصابع الاتهام تُشير نحو الـ”بيك آب المنفلتة” !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

بات مؤشر اغتيال الضباط العراقيين نحو الارتفاع، في محاولة للترهيب من جانب الفاعلين للعودة إلى نقطة (الصفر)، حيث أعلن مصدر في الشرطة العراقية أن مسلحين مجهولين اغتالوا، صباح أمس، ضابطًا برتبة نقيب مسؤولاً عن مكافحة الفساد، في محافظة “ميسان”، هو ثاني مسؤول يتم اغتياله في جنوب “العراق”.

وصرح النقيب “ماجد حميد”، في شرطة محافظة “ميسان”، الجنوبية، لوكالة (فرانس برس)؛ أن: “مسلحين مجهولين يستقلون سيارة أجرة اغتالوا صباح اليوم، (الجمعة)، النقيب محمد الشموسي؛ قرب منزله”، في مدينة “العمارة”، عاصمة محافظة “ميسان” الجنوبية.

وأشار “حميد” إلى أن: “النقيب الشموسي؛ كان يشرف على أوامر الاعتقالات التي تُصدرها هيئة النزاهة في المحافظة”، لملاحقة متهمين بالفساد، الذي كلف الدولة العراقية: 450 مليار دولار، منذ 2003، نُقل ثلثها إلى خارج البلاد وتساوي نصف العائدات النفطية ومرتين إجمالي الناتج الداخلي للبلاد.

مقتل ضابط بعد اعتقال مطلوبين في تهم فساد..

وفي أيار/مايو الماضي، قُتل ضابط آخر برتبة نقيب، في هجوم مماثل بعد يوم واحد من مشاركته في اعتقال مطلوبين بتهم فساد في المحافظة نفسها، وفق ما أكد مصدر في الشرطة لـ (فرانس برس).

وكان من بين المعتقلين، حينها؛ مسؤولون كبار بينهم مدير دائرة الضرائب في “ميسان”، حسب المصدر نفسه.

وشهدت “ميسان” النائية، التي يغلب عليها الطابع العشائري، خلال الفترة الأخيرة؛ سلسلة هجمات مسلحة، بينها ما تمّ بعبوات ناسفة، ضدّ مسؤولين محليين بينهم قاضٍ، يتابعون قضايا الفساد في المحافظة، وفقًا للمصدر ذاته.

وتقول قوات الأمن في “العراق” إنها تواجه اعتداءات على خلفية محاولاتها فرض القانون في بلد تُهيمن فيه فصائل مسلحة وعشائر، ويحتلّ المرتبة (21) في العالم، في سلم الفساد، حسب “منظمة الشفافية الدولية” غير الحكومية.

قتل 10 ضباط على يد الميليشيات المنفلتة !

وبحسب موقع (صوت العراق)، قُتل منذ مطلع العام الجاري ولحد الآن؛ نحو 10 ضباط في الأجهزة الأمنية والعسكرية على أيدي مجهولين، وذلك بحسب إحصائيات أجراها متخصصون في المجال الأمني، دون ورود أي معلومات عن الفاعلين.

وذكرت مصادر مطلعة، أن العقيد “نبراس فرمان”، وهو مسؤول رفيع في “جهاز المخابرات”، تم اغتياله مؤخرًا عن طريق عجلتين من نوع (بيك آب)، في منطقة “البلديات”، شرقي “بغداد”.

وأطلق ناشطون تسمية: الـ”بيك آب المنفلتة”، في شباط/فبراير الماضي، في استعارة لجملة: “الميليشيات المنفلتة”، المتداولة بين الأوساط السياسية، على العجلة التي لاحقت متظاهرين في ذلك الوقت. وبحسب شهود عيان، فإن هذه العجلات، وهي موديلات حديثة، لا تحمل في أغلب الأحيان لوحات مرورية ولا يُعرف إلى أي جهة هي عائدة.

اختراق الأجهزة الأمنية من قِبل الفصائل المسلحة..

تعليقًا على تلك الاغتيالات، قال “هشام العلي”، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، إنه عقب سقوط “نظام البعث”، في ربيع عام 2003م، واحتلال “العراق” من قِبل قوات التحالف بقيادة “الولايات المتحدة الأميركية”، حصل فراغ أمني وفوضى في “العراق”؛ بسبب حل الجيش العراقي واستهداف كبار قادته وضباطه من قِبل فصائل مسلحة مرتبطة بأجندات خارجية.

وأشار، إلى أن الاستهداف والاغتيالات شملت الكثير من ضباط الشرطة وأجهزت الأمن، فيما اضطر أغلب القادة والضباط إلى الهروب خارج البلد، في تلك الظروف المتأزمة، ذلك ما ساعد على تشكيل منظومة أمنية طارئة بالتوافق من قِبل أحزاب وفصائل مسلحة متنفذة، لذلك نجد انه لا يزال هناك خلل في عمل الأجهزة الأمنية العراقية؛ كونها مخترقة بالأساس من قِبل الأحزاب والفصائل المسلحة التي تعود لشخصيات وزعامات سياسية ودينية وعشائرية، إضافة إلى رجال أعمال مرتبطين بصفقات فساد ضخمة متشابكة مع مصالح سياسية في البلد.

الاغتيالات واجهة للصراعات..

مضيفًا أنه؛ منذ ذلك الوقت أصبحت الاغتيالات واجهة للصراعات السياسية والطائفية والعقائدية، والتي تنشط أحيانًا وتختفي بصورة تذبذبية متأثرة بظهور أزمات أو تقاطع في أجندات أو مصالح معينة؛ حصلت موجة من الاغتيالات أمتدت بين عامي: 2003م حتى 2009، وهي الموجة الأولى الأشد في “العراق”، والتي استطاعت حكومة السيد “المالكي” السيطرة عليها، من خلال سلسلة عمليات عسكرية شملت أغلب المناطق في الشمال والجنوب، وكانت تلك الاغتيالات تجري على أسس طائفية ومادية مرتبطة بصفقات فساد، إضافة إلى تصفية حسابات واستهداف لعلماء وأساتذة جامعات من قِبل جماعات مجهولة.

وأوضح، أنه في عام 2013م؛ إشتعلت موجة جديدة من الاغتيالات؛ بسبب الأزمة السياسية التي تسببت في اعتصامات المناطق السُنية في “العراق”، استمرت تلك الموجة، حتى عام 2017م، حيث قام رئيس الوزراء الأسبق، “حيدر العبادي”، بدعم إجراءات أمنية تخص وزارتي: “الداخلية” و”الدفاع” و(الحشد الشعبي).

وتابع: أنه في تشرين أول/أكتوبر عام 2019م، اندلعت احتجاجات عارمة، شملت العاصمة، “بغداد”، وأغلب المحافظات الجنوبية الشيعية، تلك الاحتجاجات كانت تطالب بالعمل وتحسين الظروف المعيشية والخدمات، إضافة إلى محاكمة الفاسدين، رافقت تلك الاحتجاجات استهداف للمحتجين من قِبل قوات محمية من قِبل قوات الأمن الرسمية، حيث قُتل مئات المتظاهرين بالرصاص الحي من قِبل فصائل مسلحة مدعومة حكوميًا، كما إشتعلت موجة اختطاف واغتيالات شملت الناشطين وبعض الإعلاميين ومنتسبين لمنظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق الإنسان.

الإجراءات الحكومية ستؤدي لمزيد من الاغتيالات !

وقال الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، أن الاغتيالات التي استهدفت المئات، ومن بينهم الباحث الأمني، “هشام الهاشمي”، والذي اُغتيل قرب منزله، العام الماضي، لم تستطع الجهات الحكومية، لحد الآن، تحديد الجهات التي تقف خلفها، وذلك بسبب اختراق بعض الأجهزة الأمنية من قِبل تلك الجهات، ما يُشكل خطرًا كبيرًا على أمن البلد والعملية السياسية، في حال استفزاز تل الجهات من قِبل أية جهة رسمية حكومية.. لكن يبدو أن هناك إجراءات حكومية يسعى إليها السيد “الكاظمي”، رئيس الوزراء الحالي، من أجل إصلاح المنظومة الأمنية في البلد من خلال إجراء بعض التغييرات في القيادات الأمنية وهيكليتها.. وهو أمر ربما سيؤدي إلى وضع أسس صحيحة لضمان أمن البلد وتحجيم دور الفصائل المسلحة إلى حد كبير، لكن مع ذلك يمكننا القول أن الإجراءات الحكومية المنوه عنها سوف تؤدي إلى موجة جديدة من الاغتيالات؛ ربما سوف تطال قادة وضباط كبار وموظفين في الأجهزة الأمنية وبعض الوزارات الأخرى، كونها تتضارب مع مصالح شخصية وأجندات سياسية لفصائل مسلحة وشخصيات متنفذة في “العراق”.

أجندات سياسية وراء اغتيال الضباط..

واستبعد الباحث في الشأن الأمني، “علي البيدر”، وقوف عناصر (داعش) وراء عمليات الاغتيال التي تطال عناصر في الأجهزة الأمنية والعسكرية في الحكومة العراقية، قائلاً إن: “(داعش) أضعف من أن يكون قادرًا على معرفة أسماء وعناوين الضباط في أجهزة حساسة؛ مثل المخابرات”.

ورجح “البيدر”، أن تكون هذه العمليات ضمن: “أجندات سياسية؛ لاستهداف المخابرات”، مشيرًا إلى أنه: “ربما الضحية كان مكلفًا بمتابعة شبكة مخدرات أو فصائل مسلحة في العراق، وحين وصل إلى بعض الخيوط قامت تلك الجهات بتصفيته”.

وأكد الباحث في الشأن الأمني، أن: “جهاز المخابرات غير مُسيس إلى حد كبير، ولذلك قد تشن بعض الدول الإقليمية حربًا ضده، إذا عرقل حركة الجماعات المسلحة التابعة لها في العراق”.

وتوقع “البيدر” تصاعد عمليات اغتيال عناصر الجهاز في الفترة المقبلة.

استبدال رئيس جهاز المخابرات لاتهامه بالتقصير..

من جانبه؛ قال المحلل السياسي، “عباس العرداوي”، في تدوينة على مواقع التواصل الاجتماعي: “يجب إيقاف استنزاف القدرات البشرية لجهاز المخابرات الوطني؛ من خلال التنقلات الجماعية وتسريب البيانات والاتهامات بالاختراق، وأخيرًا الاغتيالات التي تكررت للمرة الثالثة، فهي مؤشرات يجب أن يكون منها موقف”.

وطالب “العرداوي”، “لجنة الأمن والدفاع”، في “البرلمان العراقي”، بتحمل مسؤوليتها وحماية الجهاز، متهمًا، رئيس الجهاز، بالتقصير في أداء وظيفته بحماية عناصر وأفراد الجهاز، واقترح استبدال رئيس الجهاز بأحد قيادات (الحشد الشعبي).

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة