وسط توقعات اقتصادية كارثية .. الأزمة في تونس تشتعل و”الغنوشي” يصب الزيت على النار !

وسط توقعات اقتصادية كارثية .. الأزمة في تونس تشتعل و”الغنوشي” يصب الزيت على النار !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

تزداد الأزمة التونسية اشتعالاً، ففي الوقت الذي ينتظر فيه التونسيون حلاً للأزمات، بينما النخب السياسية غارقة في الخلافات.

وشهد وسط العاصمة التونسية، أمس الأول، احتجاجات طالبت بإسقاط النظام السياسي في البلاد و”حركة النهضة” الإخوانية، التي تُعد أبرز دعائمه، مما يرفع بشكل واضح لسقف مطالب الاحتجاجات التي اندلعت قبل أيام.

ويتهم كثيرون في “تونس”، “النهضة”، بمحاولة السيطرة على مفاصل الحكم في البلاد، عبر التحالف مع رئيس الحكومة، “هشام المشيشي”، وإبعاد المقربين من الرئيس، “قيس سعيّد”.

وشهدت “تونس” احتجاجات في مناطق عدة في البلاد، بالتزامن مع الذكرى العاشرة للانتفاضة التي أطاحت بحكم “زين العابدين بن علي”.

وتفاقم الجمود السياسي والتراجع الاقتصادي، مما دفع كثيرًا من التونسيين للتشكيك في ثمار الثورة.

دور رئيس الجمهورية رمزي !

فيما جاءت التصريحات الجديدة لرئيس البرلمان وزعيم حركة النهضة، “راشد الغنوشي”، لتصب مزيدًا من الزيت على نار الأزمة بين مؤسسات الدولة الكبرى..

بحسب تصريحاته، يعتبر “الغنوشي”، دور رئيس الجمهورية، رمزي لا أكثر.. و”تونس”، في حاجة ماسة إلى إقامة نظام برلماني كامل يمنح مقاليد الحكم إلى الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية.

وفي تصريحاته، اعتبر “الغنوشي”؛ أيضًا أن تعطيل انتخاب “المحكمة الدستورية”؛ فتح الباب أمام ما وصفه: “بتأويل الدستور من قِبل رئيس الجمهورية”.

وهو ما يُعيد إلى الواجهة اتهامات أخرى إلى “الغنوشي” نفسه، بمحاولة الدفع باتجاه “محكمة دستورية” على مقاس “النهضة”، وتطويق الرئيس من الناحية القانونية.

فزعيم “النهضة” اقترح، في وقت سابق، خفض النصاب القانوني لـ”المحكمة الدستورية”؛ من 145 صوتًا إلى 109.

ووفق كل المعطيات، هذه نسبة أصوات بإمكان الحركة تجميعها بسهولة لتمرير أسماء تخضع لإملاءاتها أو تابعة لها.

الأزمة في تونس مفتوحة..

ويعني هذا أن الأزمة في “تونس” مفتوحة على كل الجهات، إنسداد سياسي، وشرخ دستوري، وإحتقان شعبي يزداد على وقع كل ذلك.

وفي العام الماضي، ومع تفشي جائحة (كورونا)، إنكمش الاقتصاد التونسي بنسبة أكبر من 8 بالمئة، وزاد العجز المالي إلى ما يزيد على 12 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، مما دفع الدين العام للارتفاع إلى أكثر من 90 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي.

بسبب انتشار الوباء والهزات الاجتماعية..

ويرى الخبير في الشأن الاقتصادي ووزير المالية الأسبق، “حسين الديماسي”، أن الوضع في “تونس”، اليوم، سييء للغاية؛ “وكل المؤشرات المتعلقة بنسق النمو وعجز ميزانية الدولة والميزان التجاري كارثية”.

وذكّر “الديماسي” أنه بالسنوات الأولى بعد الثورة: “عندما كنا نسجل نسبة نمو بـ 1 بالمئة و2 بالمئة؛ كنا ندق ناقوس الخطر وننبه للتداعيات، واليوم نحن نسجل أرقام محبطة تصل إلى -8 بالمئة و-10 بالمئة، لقد ساءت الأمور بشكل عميق”.

وفسّر الخبير ما وصلت إليه البلاد من: “هبوط مطلق في الإنتاج والميزان الاقتصادي”؛ بتأثيرات انتشار الوباء على النشاط الاقتصادي، وأضاف أن: “ما تعيشه البلاد من هزات اجتماعية من حين لآخر جهويًا وفئويًا وقطاعيًا زاد الوضع سوءًا”.

وأوضح الخبير أن المشهد السياسي: “غير المستقر وغير ذي مصداقية وشفافية والتوّتر الدائم بين مختلف السلطات، خاصة التشريعية والتنفيذية، يبقى من أهم الأسباب مما صدّر صورة سلبية للمستثمرين والدائنين في الخارج، كما فقد التونسيون في الداخل كل أمل وثقة في تحسن الوضع في الآجال القريبة والمتوسطة”.

وأكد “الديماسي”: “إننا نعيش وضعًا اقتصاديًا لم تعرف له البلاد مثيلاً، حتى في أحلك الأزمات التي شهدتها في سنوات الاحتلال الفرنسي وسنوات 1978 و1986″؛ بأزماتها الاقتصادية والاجتماعية.

غياب السياسات والرؤى الواضحة..

ويرى المختص في الشأن الاقتصادي، “معز الجودي”، أن الوضع الاقتصادي في تونس: “أصبح كارثيًا تمامًا دون أي مبالغة أو تهويل”.

وأضاف: “كنا حذرنا مرارًا وتكرارًا، طيلة السنوات الماضية، من إنهيار الاقتصاد التونسي ومن خطورة غياب سياسات دقيقة ورؤية واضحة وعدم الإنطلاق في الإصلاحات الضرورية”.

ورجح “معز الجودي”؛ أن الوضع سيزداد سوءًا لغياب برنامج إنقاذ للاقتصاد التونسي، الذي هو في حاجة ملحة الآن إلى برنامج إنقاذ عاجل، وفق تقديره.

وأوضح المحلل الاقتصادي أن المديونية العمومية الخارجية تجاوزت 100 بالمئة من الناتج المحلي الخام، وكذلك المديونية الداخلية من البنوك التونسية بلغت مستويات قصوى.

وتابع: “تحتاج تونس، خلال عام 2021، إلى 18 مليار دينار لسد العجز في الميزانية، بما فيها 16 مليار دينار مديونية خارجية، كما أننا أمام نفقات كبيرة لتسديد ديون سابقة؛ تتمثل في 16 مليار دينار خدمات دين و20 مليار دينار كتلة أجور، مقابل ضعف النمو الذي سجلناه في السنة الفائتة وكان سلبي 8.2- بالمئة، وهو رقم لم نسجله منذ الاستقلال”.

وأكد الخبير الاقتصادي أن: “اقتصاد تونس لم يُعد يصنع الثروة والموارد الكافية لمجابهة الحاجيات والتكاليف. نتوقع أن العجز سيتفاقم أكثر فأكثر في ميزانية الدولة، خلال السنة الجارية، والذي بلغ 14 في المئة، خلال السنة الماضية، وهو ما ينبيء بخطر كبير في غياب الإصلاحات والاستقرار السياسي”.

ومع كل هذه المؤشرات المفزعة ونواقيس الخطر التي يدقها خبراء الاقتصاد في البلاد، يبدو أن “صندوق النقد الدولي” يرفض مواصلة تمويل “تونس”؛ إلا بشروط مجحفة وتمس من السيادة الوطنية، وفق منظمات المجتمع المدني.

وقد أرتكز “صندوق النقد الدولي”، في مقاربته، بأنه بادر بالاستجابة إلى المطالب التونسية، منذ 2013، بينما الحكومات المتتالية لم تحترم تعهداتها من ناحية الإصلاحات المتفق حولها.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة